تعمل ثلاث شركات صينية متخصصة في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية والمواد المرتبطة بها ، على جذب المستثمرين واقتناص تمويل جديد يتجاوز 10 مليارات دولار، في وقت تعزز فيه البلاد هيمنتها على سلاسل الإمداد العالمية للتكنولوجيا النظيفة.
اختتمت شركة “كونتيمبراري أمبريكس تكنولوجي” الصينية، أكبر صانع للبطاريات في العالم، مؤخراً ثاني أكبر صفقة في أسواق رأس المال العالمية خلال العام الحالي، بينما اندفعت موجة من شركات البطاريات وشركات عناصر الأرض النادرة لتلبية الطلب المتزايد.
تجاوز إجمالي الأموال التي جمعتها ثلاث مجموعات صينية- وهي “كاتل” و”تيانكي ليثيوم” و”هوايو كوبالت”- مئات الملايين من الدولارات التي أنفقتها واشنطن وحلفاء الولايات المتحدة، بما فيهم أستراليا وكوريا الجنوبية، لتقويض تفوق الصين في هذا القطاع.
قال نيل بيفريدج، كبير المحللين في “بيرنشتاين” بهونج كونج، إن “الصين تحاول وضع نفسها في الصدارة بالنسبة لأجهزة التكنولوجيا النظيفة، كونها المورد الأقل تكلفة وصاحبة أعلى حصة في السوق، وهذه منافسة جيوستراتيجية هائلة بين الصين والغرب”.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن مصانع الصين تستحوذ على نحو ثلاثة أرباع إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية العالمية وتتحكم في 90% من حصة السوق الخاصة بمعالجة عناصر الأرض النادرة المستخدمة في البطاريات، وهو مستوى هيمنة يشبه هيمنتها على صناعة الطاقة الشمسية.
أطلقت شركة “كاتل”، وهي مورد مهم لشركة “تسلا” وشركات صناعة السيارات الصينية المحلية مثل “جيلي”، طرحاً خاصاً بقيمة 45 مليار رنمينبي “أي ما يعادل 6.7 مليار دولار” الأسبوع الماضي، بسعر 410 رنمينبي للسهم.
وبالإضافة إلى عملية بيع الأسهم الضخمة الأخيرة، جمعت شركة “كاتل” نحو 13 مليار دولار منذ إدراجها في بورصة شينزن 2018، بحسب حسابات “فاينانشيال تايمز” وبيانات “ريفينتف”.
حرص المستثمرون الأجانب على المشاركة، حيث استحوذ كل من “جيه بي مورجان” و”باركليز” و”مورجان ستانلي” و”ماكواري” و”إتش.إس.بي.سي” على جزء من الأسهم المطروحة، وهو ما يمثل نحو 32%.
تهدف شركة “تيانكي ليثيوم” المدرجة في بورصة شينزن، وهي واحدة من أكبر منتجي الليثيوم الكيماوي لبطاريات السيارات الكهربائية بالعالم، إلى جمع ما بين مليار دولار و2 مليار دولار في إدراج ثانوي في هونج كونج، وفقا لمستثمر مقرب من الشركة.
وذكرت “ديلوجيك” أن عملية جمع الأموال ستكون الأكبر في بورصة هونج كونج على مدى العام الحالي، حتى عند أدنى نطاق.
تخطط شركة “هوايو كوبالت” المدرجة في هونج كونج، وهي مورد صيني كبير آخر للمواد الخام، لجمع 17.7 مليار رنمينبي عبر طرح خاص، وستُستخدم معظم الأموال لتوسيع الإنتاج في مشروع مشترك في إندونيسيا، حيث تعالج النيكل، وهو مادة مهمة لبطاريات السيارات الكهربائية.
يُنتج أكثر من 90% من الليثيوم المستخدم في صناعة البطاريات في العالم من مصافي التكرير في الصين، التي تعالج أيضاً الأغلبية العظمى من الكوبالت والنيكل، ومواد أخرى مهمة للبطاريات، بحسب شركة “ترافيجورا”.
كان الغرب بطيئا في الاستجابة لسيطرة الصين على السوق، فقد وقعت وزارة الدفاع الأمريكية في يونيو الجاري صفقة بقيمة 120 مليون دولار مع شركة “ليناس راير إيرثس” المدرجة في بورصة أستراليا لبناء واحدة من أولى منشآت فصل عناصر الأرض النادرة الثقيلة الأمريكية.
وفي فبراير، قدمت الحكومة الأسترالية قرضاً بقيمة 100 مليون دولار لشركة “هاستينجز تيكنولوجي ماتيريلز” لتطوير منجم لعناصر الأرض النادرة ومصنع تكرير في غرب أستراليا.
في ظل نمو الطلب على المركبات الكهربائية، يتوقع ارتفاع سعة البطاريات العالمية 40% سنوياً حتى 2025، لتصل إلى 3252 جيجاوات في الساعة، ارتفاعاً من 823 جيجاوات في الساعة في عام 2021، وفقا لتوقعات برنشتاين.
لا شك أن حصة الصين في سوق بطاريات السيارات الكهربائية ستنخفض بشكل طفيف، مع تقديم الولايات المتحدة وأوروبا إعانات سخية لبناء مصانع أقرب إلى صُناع السيارات، لكن يتوقع أن تظل عند نحو الثلثين بحلول 2025.
في الوقت نفسه، يتوقع توسع البصمة الأوروبية من 15% إلى 20%، والولايات المتحدة من 8% إلى 12%، وينتظر أن تحتفظ شركة “كاتل” بحصتها في السوق العالمية البالغة 20% حتى 2025.