أرباح «الرومى» تجذب صغار المستثمرين
تسبب ضعف الموسم السياحى؛ نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، فى تراجع الطلب على الأجبان من قِبل الفنادق والقرى السياحية، وهو ما دفع معامل الألبان إلى تخزين إنتاجها لحين عودة الطلب المحلى أو تصديرها إلى الدول العربية.
قال محمد حميدة، صاحب أحد معامل تصنيع الألبان بمحافظة كفرالشيخ، إنَّ أغلب المعامل تعتمد على موسم السياحة لتسويق إنتاجها من الجبنة الرومى والبيضاء فى الظروف العادية.
أضاف لـ«البورصة»، أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا كان لها رأى آخر من خلال انخفاض أعداد السائحين بشكل كبير، وهو ما دفع المعامل إلى تخزين منتجاتها لحين وضوح الرؤية فى السوق أو إيجاد بدائل تسويقية.
ويمثل السيّاح الروس والأوكران نحو 35% من السياحة الوافدة إلى مصر سنوياً، بحسب بيان صادر عن وزارة السياحة.
واستبعد «حميدة» أن تتضرر الأجبان الرومى من عملية التخزين التى تصل إلى 7 أشهر. فكلما طالت فترة تخزينها ارتفع سعرها وكانت الرغبة فى شرائها أكثر من قبل المستهلكين الأعلى دخلاً.
وتُباع الجبنة الرومى الطازجة بـ90 جنيهاً للكيلو، فى حين يتراوح سعر الجبنة القديمة من نفس النوع التى تخزن لفترة تصل إلى 6 أشهر بسعر 120 ـ 150 جنيهاً للكيلو.
ويعود التفاوت فى السعر إلى الجودة وطريقة التخزين بشكل جيد يمنعها من التعفّن.
اقرأ أيضا: صناعة الألبان.. قفزات أسعار الأعلاف ومستلزمات الإنتاج المستوردة تحتاج تدخلاً سريعاً
وبالرغم من تراجع مبيعات الأجبان بسبب صعوبة التسويق، فإنَّ معامل تصنيع الألبان هى حلقة التصنيع التى لا تتوقف؛ بسبب تدفق الألبان الطازجة بشكل يومى من قِبل الموردين.
أضاف «حميدة»، أن الألبان من أكبر كيانات الصناعات الغذائية التى توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة؛ نظراً إلى كثرة العاملين فيها، بدايةً من المنتجين مروراً بالتاجر الوسيط ثم معامل الألبان، وبالتالى يستخدم المنتج فى تصنيع الجبن أو يتم توريده إلى جهات تصنيع أخرى بعد فرزه.
وطالب وزارتيّ الزراعة والصحة بتوفير تمويلات بفوائد مخفضة لتطوير المعدات المستخدمة فى التصنيع، للتوافق مع الجودة التى تسعى الحكومة إلى تطبيقها فى مشروع مراكز تجميع الألبان المستهدف إنشاؤه فى جميع القرى والمحافظات خلال الفترة المقبلة.
ووقعت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، والبنك الزراعى المصرى، بروتوكول تعاون، فبراير الماضي، بهدف توفير الدعم اللوجستى والفنى والمالى لمراكز تجميع الألبان.
ويستهدف المشروع تشجيع صغار المربين وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة لإنشاء وتطوير مراكز تجميع الألبان التقليدية لتصبح مطابقة للمواصفات والمقاييس العالمية لضمان جودة إنتاج الألبان ووصولها للمستهلك النهائى بجودة عالية، إذ يقدم البنك الزراعى قروضاً بفائدة 5% سنوياً ومتناقصة للأفراد والشركات الراغبين فى إنشاء أو تطوير مراكز تجميع الألبان.
وقال طارق المفتى، صاحب معمل ألبان نور الهدى، إنه يبحث عن توفير سيولة من خلال صغار المستثمرين فى الجبن الرومى، لتخزين المنتج أيضاً ثم تسويقه فى الدول العربية المجاورة أو الخليجية.
اقرأ أيضا: التكاليف ترفع أسعار الألبان ومنتجاتها
أضاف لـ«البورصة»، أن بعض الأفراد يفضلون استثمار أموالهم فى الجبنة الرومى بدلاً من وضعها بالبنوك وانتظار الفوائد، وذلك عن طريق شراء الجبنة الرومى طازجة ثم تخزينها فى ثلاجات مخصصة لحين بيعها محلياً أو خارجياً.
وأوضح «المفتى»، أنه كان يعتمد على الأسواق الخارجية فى تسويق صنفين فقط؛ هما الجبنة الرومى الأعلى جودة والبيضاء الصفيح، لكن التغيرات التى أحدثتها الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى تراجع طلبات الشراء بشكل مؤقت.
وأشار إلى أن بدء انحسار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية يعجّل بانتعاش حركة السياحة، وبالتالى رواج مبيعات الأجبان التى تنتجها المعامل، متوقعاً تزايد كميات الألبان المنتجة خلال موسمى الشتاء والربيع المقبلين، ما يتطلب من المعامل التخلص من جميع المنتجات المصنعة القديمة لبدء تخزين أخرى جديدة.
ويرتفع إنتاج اللبن خلال فصلىّ الشتاء والربيع بنسبة تتراوح بين 65 و75% من إجمالى الإنتاج السنوى من الألبان، بحسب دراسة لمركز الدراسات الاقتصادية.
وقال حسن رؤوف، صاحب وحدة تجميع ألبان بإحدى قرى محافظة كفرالشيخ، إن عدداً كبيراً من معامل الألبان اتجه إلى بدائل عديدة لإنعاش المبيعات، وبالتحديد المعامل التى لا تمتلك سيولة مالية كبيرة تمكنها من تخزين أطنان من المنتجات المصنعة، وبعض المعامل لجأت إلى تصنيع الأجبان الرومى المجنسة، وهى عبارة عن سمنة «شورتنج» ولبن طازج ولبن بودرة، وذلك لانخفاض سعرها ومناسبتها جميع الشرائح الاستهلاكية.
ولفت إلى أن نسبة الربح فى تصنيع الجبن المجنسة قد يصل إلى 40% من قيمة المنتج حال اعتمادها على عمليات التصنيع التقليدية، أما حال اعتمادها على الألبان فقط فإن معدل الربح ينخفض لـ10 و15%.
وبالرغم من منع وزارة الصحة وهيئة المواصفات والجودة، تصنيع هذا النوع من الجبن، فإنَّ بعض المعامل تراها حلاً لتحقيق هامش ربح فى ظل ارتفاع أسعار مدخلات الصناعة، مثل الأيدى العاملة والكهرباء والنقل بجانب ارتفاع سعر اللبن الطازج.
وأشار إلى أن صناعة الألبان فى مصر من أهم الصناعات التحويلية لاستيعابها عدداً كبيراً من العمالة ودخولها فى عمليات تصنيعية أخرى.
وبحسب دراسة نشرها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، يشكل قطاع الصناعات الغذائية أكبر مولد لفرص العمل من بين الصناعات التحويلية، ويعمل به حوالى 25% من إجمالى المشتغلين فى القطاع الصناعى.