صندوق النقد الدولى توقع انخفاض معدلات البطالة فى مصر على مدار السنوات الخمس المقبلة إلى 6.7%
قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن استمرار الأوضاع الاقتصادية التى صاحبت الفترة بين فبراير 2011 إلى مايو 2013 كان سيؤدى حتمًا إلى أوضاع أكثر خطورة للدولة المصرية ككل، على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، ولذا كانت استجابة الدولة المصرية لتلك التحديات فى عام 2015.
وأضاف رئيس الوزراء، خلال كلمته بالمؤتمر الاقتصادى مصر – 2022، أنه كان لدى الدولة المصرية وقتها خياران، إما أن تتبع سياسة الحلول الوسطية والمُسكنات، وكان ذلك سيكون له ما يبرره حينها، فالدولة كانت تموج باضطرابات شديدة تجعل من الصعب الحديث عن إصلاح اقتصادي، وإعادة هيكلة الدعم، والدخول بقوة فى مشكلات مزمنة منذ 40 أو 50 عاماً، وما يستتبعه من كُلفة سياسية واقتصادية واجتماعية، حيث كان يمكن لأى فرد أن يقول إن الأسهل لنا هو اتباع هذا الحل على الأقل لفترة مؤقتة حتى نتجاوز تلك الأوضاع.
وأشار إلى أن الدولة كان لديها الخيار الآخر وهو الأصعب، الذى قال عنه المُفكر جمال حمدان، وهو أن نقتحم ونُوجد حلولا راديكالية وجذرية لمشاكل مُزمنة منذ عقود فى مصر، وكان لها كُلفة سياسية واقتصادية، ولكن كان لدينا هدف وهو “أين نأمل أن تكون مصر فى المستقبل”، ولذا تم عقد مؤتمر عام 2015، بعنوان “مصر المستقبل”، الذى ناقش 3 محاور، هي: استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وتنفيذ المشروعات القومية ، وتحسين بيئة الاستثمار.
وفى ضوء ذلك، استعرض رئيس مجلس الوزراء المحاور الثلاثة، مشيراً إلى أن الدولة المصرية بدأت خطوة الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها فى عام 2016، فى ظروف كانت تجعل من الصعب اتخاذ مثل هذا القرار، وبدأت منذ حينها نسب نمو الاقتصاد المصرى فى التصاعد، رغم أن هذه الفترة شهدت بدء ظهور جائحة كورونا فى عام 2020، والتى استمرت لمدة عامين، ثم أعقبها الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، ومع ذلك، فقد سجل الاقتصاد المصرى السنة المالية الماضية فى يونيو 2022، نسبة نمو بلغت 6.6%، وكان متوسط النمو خلال الفترة كلها 5.3%، بالمقارنة بـ4.4% فى الفترة السابقة، و2.3% فى السنوات ما قبل 2015-2016.
وفى هذا السياق أشار مدبولى إلى تقرير البنك الدولى الصادر هذا الشهر، والذى توقع ـ برغم كل التحديات الراهنة ـ أن تحقق مصر معدل نمو فى حدود 4.8% فى عام 2022-2023 كأعلى معدل نمو بين أهم اقتصاديات الشرق الأوسط وأفريقيا.
كما لفت رئيس الوزراء إلى أنه برغم الزيادة السكانية، والتى بلغت 21 مليون نسمة، خلال السنوات العشر الماضية، والتى تعادل حجم المواليد فى 6 دول أوروبية كبرى، إلا أن نصيب الفرد من الناتج ارتفع من حوالى 2700 دولار إلى ما يقرب من 4 آلاف دولار فى العام 2021.
وأشار إلى أن البنك الدولى أعد دراسة مهمة جداً، بعنوان “ماذا لو”، والذى تناول حال مصر لو استمرت هذه المعدلات، موضحاً أننا شهدنا فترة انخفضت بها معدلات الخصوبة، أو الإنجاب، وذلك خلال فترة بداية سنوات الألفية الجديدة، واستمرت لفترة معينة، حيث كنا قد بدأنا من معدل خصوبة أو إنجاب للمرأة 3.5 طفل، ثم بدأ ينخفض، وكان من المتوقع ـ لو استمرت الأمور على استقرارها ـ أن نصل الآن إلى ما دون الـ2 طفل فى هذه الفترة، ولكن منذ 2011 عاد هذا المنحنى إلى التصاعد، وأصبحنا اليوم فى معدل يصل لنحو 2.8 طفل.
وأضاف مدبولى أنه تم وضع مقارنة فى هذه الدراسة، تقول بأنه إذا كانت مصر قد توقف عدد سكانها فى 2020 عند 92 مليونا بدلاً من 102 مليون، كان من الممكن أن يحدث ارتفاع كبير جداً فى مستويات الاقتصاد، والادخار المحلي، وزيادة نصيب الفرد من الناتج، وتحقيق مكاسب تراكمية بمتوسط 57 مليار جنيه كل سنة فى الفترة من 2020 إلى 2030.
ونوه رئيس الوزراء إلى أن صندوق النقد الدولى من جانبه توقع برغم كل التحديات، أن يرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فى مصر إلى 4800 دولار بحلول عام 2025، كنتيجة للمشروعات التى تنفذها الدولة، والتى أسهمت فى تحقيق أعلى معدلات للتشغيل منذ 30 عاما، ولذا تمكنت الدولة من خفض معدل البطالة إلى أدنى مستوى رغم ارتفاع قوة العمل مع الزيادة السكانية، ففى عام 2013 بلغت نسبة البطالة 13% وكانت قوة العمل وقتها 28.4%، وفى عام 2021 حققنا نسبة بطالة 7.2% بينما تقترب قوة العمل من 30 مليوناً، حيث تم بذل جهد مُضاعف ونجحنا فى خفض مُعدل البطالة، واستوعبنا أيضاً الزيادة السكانية التى حدثت خلال هذه الفترة.
ولفت مدبولى إلى أنه بمقارنة أرقام البطالة لدينا مع دول أخرى شبيهة فى الظروف، وذلك خلال الفترة من 2011 إلى 2021، فإن أغلب الدول ارتفع معدل البطالة بها بسبب الأزمات العالمية، ولكن مصر تمكنت من خفض معدل البطالة لديها، وتوقع صندوق النقد الدولى بأن تنخفض معدلات البطالة فى مصر إلى ما دون الـ7% على مدار السنوات الخمس المقبلة لتنخفض إلى 6.7%.
وأكد رئيس الوزراء أن مشروعات الأمن الغذائى التى نفذتها مصر، ساعدت فى حفظ الاستقرار، ودفع عجلة الاقتصاد المصري، ومن ثم مكنتنا من خفض التضخم القائم بسبب بدء الأزمة العالمية، وأزمات سلاسل الإمداد، وبدء ارتفاع معدلات التضخم فى النصف الثانى من العام 2021، ومع ذلك كان التضخم لدينا أقل من نسبة 10% خلال النصف الثانى من العام 2022.
وقال رئيس الوزراء: لدينا نقطة مهمة جدا لا ينتبه لها الكثيرون، أننا تمكننا من خلال مشروعات الاستصلاح الزراعى أن نضيف فى سنة واحدة 250 ألف فدان جديدة تمت زراعتها بالقمح، ونتيجة لذلك فقد وصلت المساحة المنزرعة بالقمح هذا العام إلى 3.5 مليون فدان، واستطعنا من خلال مشروع الصوامع أن نحافظ على مخزون استراتيجى من القمح المحلى يجعلنا ـ حتى الآن ـ لدينا احتياطيات تكفى لنحو 5.5 شهر، مشروعات كبيرة تستثمر فيها الدولة المصرية مثل الدلتا الجديدة وشرق العوينات وتوشكى وهدفها كلها إضافة رقعة زراعية لنحقق مرة أخرى تحسين أرقامنا فى الاقتصاد ونقلل من عجز فاتورة استيراد القمح والحبوب.
وفيما يخص الدَّيْن، أوضح رئيس الوزراء، أننا كنا قد وصلنا إلى نحو 103% فى العام 2016-2017، وبدأنا فى أخذ مسار تنازلي، حيث وصلنا قبل أزمة كورونا إلى نحو 81%، وكان من المتوقع خلال عامين أن يتراجع إلى ما دون 75%، لنصبح كأى دولة مستقرة وليس لديها مشكلة دين ولكن جاءت أزمة كورونا التى مر بها العالم، وكان لدى الدولة إصرار كبير على المحافظة على مقدرات الاقتصاد المصري، وحدث ارتفاع فى قيمة الدين، وذلك بالتزامن مع اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، ومع ذلك لدينا خطة تستهدف العودة إلى المسار التنازلى للدين كإجمالى الدين من الناتج المحلي، وذلك على مدار السنوات الخمس القادمة.
وأضاف رئيس الوزراء أنه فيما يتعلق بالدين الخارجي، فإن حجم الدين الخارجى بالنسبة للناتج المحلى الاجمالي، منذ بداية الثمانينات وحتى أوائل التسعينات، وصل إلى 150% من الناتج المحلى الإجمالي، مشيراً إلى أنه فى هذا التوقيت وتحديدا فى عام 1991، تم الاتفاق مع نادى باريس وعدد من الدول العربية الشقيقة، وبموجبه تم تخفيض حجم دين خارجى كبير لمصر، حيث تم الاتفاق على إسقاط ما مجموعه 43 مليار دولار، من خلال برنامج زمنى يتم تنفيذه حتى الآن، لافتا إلى أن جزءا من هذا الاتفاق عبارة عن مبادلة الديون بالاستثمارات، وهو ما يتم تنفيذه مع عدد من الدول الأوروبية، موضحا أن حجم الدين الخارجى طبقا لآخر التقارير الخاصة بهذا الشأن يصل إلى نحو 34.5% من الناتج المحلي.
وأكد أن التحدى ليس رقم الدين بالنسبة للناتج المحلى الاجمالي، وإنما المشكلة الحقيقية فى رقم الدين الخارجى للصادرات من السلع، وكذا خدمة الدين للصادرات والسلع، وهو ما نتجاوز فيه الحدود الآمنة حالياً، قائلاً: “بالتالى دورنا كدولة مع مجتمع رجال الأعمال والقطاع الخاص يتحدد فى كيفية العمل على عودة هذه الأرقام للحدود الآمنة لمصر”.
وتناول رئيس الوزراء، خلال العرض التقديمي، موقف الدين الخارجى فى مصر، ومقارنته مع موقف الدين الخارجى لعدد من الدول النامية التى ينمو اقتصادها بشكل متسارع، ونسبته إلى اقتصادات هذه الدول، موضحاً أنه تم رصد نتيجة مفادها أن الدول الناشئة تلجأ إلى التمويل بالاقتراض فى فترة من فترات نموها الاقتصادي، سعياً لضخ المزيد من الاستثمارات، وتحقيق التنمية المنشودة، ومع استقرار الاقتصاد تكون لديها القدرة على استعادة المسار التنازلى للدين الخارجي، مشيراً إلى أنه يوجد العديد من الدول التى نفذت هذا النهج، ومنها دول فيتنام، وتركيا، والبرازيل، والهند مع الفارق فى حجم السكان.
كما أشار إلى أنه ليس من الضرورى ربط سعر العملة بقوة الاقتصاد، قائلاً: “على العكس.. فهناك دول تسعى إلى تخفيض قيمة عملتها مقابل الدولار كإجراء لتقوية الاقتصاد، وزيادة حجم الصادرات، ودفع عجلة الانتاج والاستثمار”، مؤكدا أنه وفقاً لخبراء الاقتصاد فإن المشكلة ليست فى سعر الصرف، وإنما المشكلة تكمن فى كبح جماح التضخم، مشيرا إلى أن هناك دولا من الممكن أن تلجأ لتخفيض سعر عملتها كإجراء يجعل اقتصادها أكثر تنافسية.
ولفت رئيس الوزراء إلى أنه بالرغم من حجم الدين، إلا أن هناك مؤشرا مهما جداً وهو أن الدين الخارجى لمصر 73% منه يُعد دين متوسط وطويل الأجل، وهو ما يعنى أن أمامنا فترة طويلة لسداد تبعات هذا الدين.
وكشف رئيس الوزراء عن أنه على مدار خمس سنوات على التوالى استطاعت مصر أن تحقق فائضا أوليا، وهو ما يعنى أنه بعد تنحية خدمة الدين جانباً، فإن الإيرادات تغطى المصروفات وتزيد، مشيراً إلى أن هذا الفائض يسهم فى تخفيض حجم الدين، مؤكداً أن مصر تصر بمختلف اتفاقياتها مع صندوق النقد الدولى على الاستمرار فى تحقيق الفائض الأولي، موضحاً كذلك أن مصر من بين الدول القليلة جداً التى حققت فائضا، فى ظل التحديات والأزمات العالمية المتلاحقة، وهو ما يؤكد استعادة الاقتصاد المصرى لمستوى استقراره.
وسرد رئيس الوزراء ما أصدرته المؤسسات والوكالات الأجنبية من تقارير فيما يتعلق بتصنيف الاقتصاد المصري، خلال الفترات بين عامى 2011، و2022، ومن بين تلك المؤسسات، مؤسستا “موديز”، و”فيتش”، مشيراً إلى أن مؤسسة “ستاندرد آند بورز” أبقت مؤخراً على تصنيف مصر فى التصنيف الائتمانى كما هو، مع وجود نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى قدرة الاقتصاد المصرى فى هذا الصدد، مضيفاَ أن صندوق النقد الدولى توقع أن يصل معدل نمو الاقتصاد المصرى إلى 5.9 % خلال عام 2022.
وفيما يتعلق بمحور المشروعات القومية، أوضح الدكتور مصطفى مدبولى أهمية استعراض شكل اقتصادنا السابق والحالي، وما إذا كانت الدولة المصرية فى احتياج لكل المشروعات القومية المٌنفذة والجارى تنفيذها أم لا، حيث تنص أدبيات الاقتصاد العالمي، أنه فى أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية من طبيعة القطاع الخاص أن يتخوف من المشاركة وضخ استثماراته، وبالتالى يُحجم عن التوسع فى الاستثمار، ومن ثم فإنه عند وقوع أى أزمة طارئة تنص الأدبيات على أنه لابد أن تتدخل الحكومات بشكل مباشر؛ لدعم أنشطة الاقتصاد وتقليل تبعات الصدمات الاقتصادية على الأفراد والشركات.
وأضاف مدبولي: الحقيقة أن مصر وجَّهت جزءا كبيرا من استثماراتها، ليس فقط للرواتب والدعم، بالرغم من أنه لا يزال يشغل جزءا كبيرا من الدعم المقدم، ولكن لأول مرة كان هناك توجه لدفع عملية الاستثمارات العامة خلال هذه الفترة، حيث تم توجيه أكثر من نصف هذه الاستثمارات لقطاعات البنية التحتية، والنقل، والتعليم، والصحة، حيث كانت الدولة فى هذه الفترة بحاجة إلى إعادة بناء، وكان لابد من إنفاق استثماري، إذ أن ظروف الدولة المصرية فى هذه الفترة لم تكن تشجع القطاع الخاص فى أن يدخل فى هذه الاستثمارات، وحتى فى ظل الظروف الطبيعية، ليس من دور القطاع الخاص الدخول بقوة فى الاستثمارات فى البنية الأساسية، بينما هو دور أصيل على الدولة وأحيانا يكون بمشاركة القطاع الخاص، ولذا فإن الدولة المصرية نفذت مشروعات قومية كبرى، باستثمارات تجاوزت الـ7 تريليونات جنيه، لافتا إلى نقطة مهمة جدا وهى أن أكثر من 90% من هذه الاستثمارات نفذتها شركات القطاع الخاص، وبالتالى استفاد هذا القطاع من أنه لم يكن لديه القدرة على تمويل المشروعات، ولكن الدولة المصرية من خلال الإنفاق العام والاستثمارات العامة، دفعت عجلة عمل القطاع الخاص، وذلك على مستوى عشرات الآلاف من شركات القطاع الخاص، التى قامت بتشغيل الملايين من العمالة، حيث يمثل سوق القطاع الخاص 78% من قوة العمل، وبالتالى لنا أن نتخيل أنه إذ لم تتدخل الدولة بهذه الاستثمارات فى ظل عدم قدرة القطاع الخاص على ضخ استثمارات نتيجة للظروف فكيف كان سيصبح شكل الاقتصاد المصري.
وقال رئيس مجلس الوزراء: فى عام 2015، تم الإعلان عن مشروعات تنموية كبرى ضمن مؤتمر “مصر المستقبل” عام 2015، والتى عكست قدرة الدولة وإرادتها على تنفيذ ما تعهدت به؛ ففى عام 2015، كان لدى مصر عجز يومى بـ6 آلاف ميجاوات فى الطاقة الكهربائية المولدة عام 2014، ونتيجة لتوقيع بعض المشروعات الخاصة بالكهرباء، أصبح لدى مصر أكثر من 13 ألف ميجاوات فائض فى القدرات المتاحة بالشبكة القومية الموحدة للكهرباء فى عام 2022، وتأتى أهمية الفائض انعكاساً للرغبة فى تقوية البنية التحتية من الكهرباء، والتى تعمل على جذب المستثمرين لأطول فترات ممكنة تصل حتى 20 سنة قادمة.
وكذلك تم الانتقال من قدرة توليد طاقة كهربائية متاحة بـ28 ألف ميجاوات عام 2013-2014، إلى 59 ألف ميجاوات عام 2021-2022، أى 110% زيادة فى قدرات التوليد الكهربائية المتاحة فى مصر، وفى هذا الوقت تم توقيع اتفاقية لإنشاء محطة طاقة شمسية فى إطار خطة الدولة لتوليد 2000 ميجاوات من محطات الطاقة الشمسية، وهو بمثابة حلم لإنشاء محطة طاقة شمسية، وفى عام 2022 تم تنفيذ مشروع “بنبان” للطاقة الشمسية، وهو رابع أكبر مشروع طاقة شمسية فى العالم، فى هذه المرحلة، ومن المتوقع أن الوصول إلى ثانى أو ثالث أكبر مشروع فى العالم مع إدخال المراحل القادمة للمشروع.
وفى عام 2015، أيضاً تم توقيع العديد من الاتفاقيات مع شركات التنقيب عن الغاز، ومنها شركة “بريتش بتروليوم” البريطانية، وشركة “إيني” الإيطالية، وغيرها من الشركات، ومع الإرادة القوية للمصريين، نجحنا فى اكتشاف حقل “ظهر”، وكان من المخطط لدخول هذا الحقل الخدمة من أربع إلى خمس سنوات، ولكن مع إصرار القيادة السياسية أن يدخل هذا المشروع الخدمة فى أقصر وقت ممكن، تم ضخ استثمارات أكثر، ودخوله بالفعل الخدمة، حتى أصبحنا فى المركز الخامس إقليميا فى إنتاج الغاز، بحجم إنتاج سنوى 58.5 مليار متر مكعب عام 2022.
وفى هذا الصدد، عقب الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على ذلك بالتأكيد أنه لولا ترسيم الحدود مع كل من قبرص واليونان على البحر المتوسط، ومع السعودية على البحر الأحمر، ما تم اكتشاف حقل ظُهر، ولم نكن نستطيع استقطاب شركات للعمل على التنقيب، وقال سيادته: “لو ما كانش حقل ظهر موجود دلوقتى مصر زمانها مطفية”، فلولا اكتشافات حقل ظهر كنا تكبدنا مليارى دولار شهريا لتوفير الغاز لمحطات الكهرباء، وبالأسعار الحالية لتكبدنا 10 مليارات دولار فى الشهر الواحد لتوفير الغاز لتشغيل المحطات الكهربائية، أى 120 مليارا سنويا، وكان الأمر كله بفضل الله وحده”.
كما أكد سيادته أن الدولة قامت بعمل كل ما فى وسعها لتذليل كافة العقبات لتشغيله، وتحريك الآلاف من معدات الحفر ليتم التجهيز والرصف الخرسانى ليتم إنشاء معمل التكرير، وكل عنوان من العناوين التى يشرحها رئيس الوزراء وراءه حكاية، مضيفا أن ساعات العمل فى هذا الحقل بلغت 25 ألف ساعة عمل بلا توقف من سيادته ومن الدولة لإنجاز مثل هذا المشروع، وما حدث من الله وبالله.
ثم واصل الدكتور مصطفى مدبولى شرحه ليتناول صادرات مصر البترولية التى قفزت خلال سنة واحدة بمعدل 109%، مشيرا إلى أنه فى العام الماضى حققنا لأول مرة فى تاريخنا، صادرات بنحو 18 مليار دولار، وهنا نتحدث عن الصادرات البترولية والصناعات البتروكيماوية، بالمقارنة بالسنة السابقة لهذا العام، وكان المعدل 8.6 مليار دولار.
وأكد رئيس الوزراء أن هذا التوقيت شهد بداية حلم العاصمة الإدارية الجديدة، التى يعقد بها اليوم هذا المؤتمر الاقتصادي، ففى عام 2015 تم عرض “ماكيت” هذا المشروع، واليوم يمكن للجميع التجول فى أرجائه لرؤية ما تحقق خلال هذه الفترة من انجاز فى العاصمة الجديدة.
ولفت مدبولى إلى أن مؤتمر العام 2015 شهد كذلك مناقشة عدة أفكار وأطروحات من بينها انشاء خطوط نقل ذكية وصديقة للبيئة، أصبحت اليوم على الأرض مثل مشروعات القطار الكهربائى الخفيف، والمونوريل، والقطار الكهربائى السريع، كما قامت الدولة منذ هذا التاريخ بتدخل كبير فى احدى المشكلات التى طرحها مؤتمر عام 1982 وهى استفحال ظاهرة العشوائيات والعشش، والنقص فى الإسكان لمحدودى الدخل، كما تدخلت الدولة المصرية فى مشروعات النقل، مستعرضاً فى هذا الصدد تقريرا للبنك الدولى صدر فى 2014، أشار إلى أن خسائر مصر سنوياً فى القاهرة الكبرى فقط، نتيجة للازدحام المروري، تبلغ 8 مليارات دولار، وتوقع ـ مع استمرار نفس الظروف ـ أن تصل تلك الخسائر فى 2030 إلى 18 مليار دولار، إذا استمر الوضع الكارثى للزحام المروري، وبالتالى كان من الضرورى أن تتدخل الدولة، كما تناول مدبولى نتيجة دراسة للجايكا صدرت عام 2009 توقعت أن تتحول القاهرة إلى جراج كبير عام 2020 إذا لم يتم إيجاد منظومة محاور وطرق تخدم القاهرة الكبرى.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة أنشأت شبكة طرق لا تقتصر على القاهرة الكبرى، تتضمن 7 آلاف كم من الطرق، وتطوير لـ10 آلاف كم أخرى، بإجمالى 17 ألف كم، بما يستوعب زيادة السيارات وضمان السيولة المرورية، والتى نلمسها اليوم فى طرق مصر، لافتاً إلى أن الأصعب على أى دولة والأكثر كُلفة وجهداً، أن نُصلح منظومة “خَربة”، والأسهل دوماً أن أنشىء شيئا جديدا، ولذا نواجه تحديا حقيقيا عند توسعة طريق وسط كتلة سكانية ومناطق غير مخططة، ويتم صرف مليارات الجنيهات لتعويض الأهالي، لمجرد أن نُصلح المشكلة، مضيفاً أن تطوير الطرق لا يقتصر على القاهرة الكبرى، بل يمتد لكافة المحافظات، مع تشغيل وسائل نقل جماعى حضارية، ونشهد مع قرب مؤتمر COP27 التوسع فى وسائل النقل العامة الخضراء والحديثة، حيث نستثمر فى انشاء شبكة حضرية تخدمنا لسنوات قادمة، مؤكداً أننا لا نتبع أسلوب المسكنات، بل نحل المشكلات للأجيال المستقبلية.
كما استعرض مدبولى مؤشرات مصر وترتيبها بين الدول فيما يخص مجالى البنية الأساسية والطرق، موضحاً أنه قبل عام 2014، كان ترتيبنا فى البنية التحتية 125 وفى الطرق 118، أما اليوم أصبح ترتيبنا 52 فى البنية التحتية، و28 فى شبكة الطرق، وهذا يوضح حجم الجهد الذى تحقق من أجل وضع مصر فى مصاف الدول التى نستحق أن نكون فى مصافها.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة المصرية تصدت أيضاً لتحدى الاسكان والتنمية العمرانية، موضحاً أن حجم ما تحقق من مدن جديدة حتى 2015 كان 24 تجمعا عمرانيا، مستأذناً رئيس الجمهورية فى أن يطلب من المستشار حنفى الجبالي، رئيس مجلس النواب، العودة لمضبطة مجلس الشعب عامى 1977 و1978 حيث وقف وزير الاسكان فى هذا الوقت “حسب الله الكفراوي” يدافع عن فكرة إنشاء المدن الجديدة، السادات والعاشر من رمضان و6 أكتوبر والشروق والعبور وبرج العرب، ولكنه واجه انتقادات تتعلق بأولويات هذا التوقيت، وطلب النواب اصلاح الموجود فقط، دون داعى للإنفاق فى هذه المدن الجديدة، فى الوقت الذى أخذ الوزير يدافع حينها عن هذه المدن ويعتبرها مُستقبل مصر، فالعمران القائم من المستحيل إصلاحه والأفضل أن نعطى فرصة للأجيال المستقبلية للسكن فى مدن نظيفة ومخططة جيداً، وتساءل رئيس الوزراء: لنا أن نتخيل ماذا لو أن الدولة لم تنفذ هذه المدن الجديدة نتيجة للانتقاد؟.
وأوضح مدبولى أن هذه المدن الجديدة تستوعب اليوم أكثر من 12 مليون نسمة، وبها كل صناعة مصر، وكان مصير تلك الأعداد سيكون السكن فوق الأراضى الزراعية أو فى صورة عشوائيات وعشش أخرى، مضيفاً أن الخطوات التى تنفذها الدولة حالياً، تحاول استيعاب معدلات النمو السكاني، فمنذ عام 2015 تبنى الدولة أكثر من مليون وحدة سكنية، كما تقوم بإنشاء 30 مدينة جديدة من مدن الجيل الرابع أو المدن الذكية، وفى سبيل القضاء على المناطق العشوائية والمناطق غير الآمنة، التى كانت دائما ما تظهر فى الأفلام الدرامية، وتٌوضع كوصمة عار على جبين مصر، تم وضع استثمارات جارية ومنفذة بقيمة 425 مليار جنيه؛ للقضاء عليها وتحقيق حياة آدمية لقاطنيها، وفى هذا الصدد أشار رئيس الوزراء، إلى أخر هذه المناطق التى تم تطويرها وهى منطقة سور مجرى العيون “منطقة المدابغ”، وهى فى صدد اكتمال إنشائها، حيث أصبحت العشوائيات والمناطق غير الآمنة من الماضي، وأصبح مكانها هذا الشكل الحضاري، وبهذا نفذت مصر واحدة من أكبر مشروعات الإسكان، لمختلف فئات الشعب، الإسكان لمحدودى الدخل، والإسكان المتوسط.
وأشار رئيس الوزراء إلى مدينة العلمين الجديدة، وكيف كانت فى عام 2017، وما أصبحت عليه اليوم عام 2022، وعدة مدن أخرى، مثل المنصورة الجديدة، وما تم بها من طفرة عمرانية، وبخاصة جامعة المنصورة الجديدة، وهى تستقبل طلابها للعام الدراسى الجاري، ومدينة الجلالة، وجامعة الجلالة، والمنشآت الكبيرة الموجودة بهذه المدينة، فى فترة زمنية قصيرة، حيث حققت مصر طفرة إنشائية وعمرانية كبيرة جداً، أتاحت لها الحصول فى خمسة مشروعات فى مسابقة التحكيم العالمية، كأفضل أعمال إنشائية على مستوى العالم لعام 2022.
كما أوضح رئيس الوزراء، أنه وبالتزامن مع التوسع العمراني، كثفت الدولة جهودها لتحقيق التنمية البشرية، وتحسين جودة الخدمات الأساسية، فى ضوء بناء الإنسان المصري، حيث تضاعفت الاستثمارات العامة الموجهة لقطاع التعليم، مشيراً إلى حجم الفصول التى كان يتم بناؤها حتى عام 2014 بلغ 5.6 ألف فصل، وفى عام 2021 فقط تم بناء 21 ألف فصل، وكذلك يتم إنشاء مدارس جديدة، ويوجد أكثر من 56 ألف مدرسة، يتم العمل على صيانتها وتجديدها وإحلالها، ضمن منظومة تعليمية كبيرة، وحجم إنفاق كبير، وبالتالى ونتيجة لحجم الزيادة السكانية، فإن الدولة بحاجة إلى نحو 20-25 ألف فصل، يتم بناؤها لاستيعاب هذه الزيادة، بالطبع مازال هناك تحديات تواجه الدولة، إلا أنه يتم العمل على مجابهتها وحلها.
واستعرض الدكتور مصطفى مدبولي، أنه حتى عام 2015 كان لدى الدولة المصرية، 49 جامعة، 23 حكومية و26 خاصة، وفى هذه الفترة حتى عام 2022 تم إضافة 39 جامعة أخرى، سواء حكومية أو خاصة أو تكنولوجية أو أهلية، جدير بالذكر أن المعدلات العالمية تنٌص على أنه لكل مليون نسمة ينبغى أن يتوافر فى مقابلها جامعة، وبناء على المعدلات الحالية بمصر ونحن بصدد الاقتراب من 89 جامعة، فإننا نقترب من تلك المعدلات العالمية.
وبالنسبة للرعاية الصحية، تمت مضاعفة حجم الإنفاق العام على القطاع الصحي؛ لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن واستيعاب الاحتياجات المتزايدة، مستشهدا بما تم لإعادة بناء مستشفى سوهاج، ومستشفى أبو تيج، وهناك العديد من المستشفيات الأخرى التى يتم تطويرها ضمن خطة الحكومة، بالتزامن مع التأمين الصحى الشامل، ووجود العديد من المبادرات الكبرى التى تبنتها الدولة، مثل مبادرة القضاء على فيروس سي، ومبادرة الكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي، ومبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة، وحملة 100 مليون صحة، ومبادرة مكافحة التقزم والسمنة للأطفال، كل هذه المبادرات أحدثت طفرة كبيرة فى الواقع الصحى للمصريين، والتى جعلت منظمة الصحة العالمية عقب تصريحها مسبقاً بأن مصر هى أعلى دولة فى العالم فى الإصابة بفيروس سي، أن تصرح بـ”تعد الحملة القومية للقضاء على فيروس سى سبقاً صحياً يسجله التاريخ عن الإنجازات الصحية فى مصر؛ حيث تعتبر مبادرة 100 مليون صحة مثلاً يحتذى عالمياً عن كيفية مواجهة واستهداف الأمراض”.
ومع ذلك، فإن الحماية الاجتماعية موجود وبقوة، ففى هذا العام 2022-2023 تم تخصيص 239 مليار جنيه، للمعاشات والسلع التموينية، ومعاشات التضامن الاجتماعي، وتكافل وكرامة، وحتى عام 2015، كانت مشكلة الخبز أحد التحديات الكبرى، بالإضافة إلى مشكلة الجمعيات، ولكن فى خلال 7 سنوات، لم تعد هناك مشاكل خاصة بالخبز، وذلك فى إطار النظام الرقمى وسٌبل صرف التموين لكل المواطنين، وأيضا كان يوجد مشاكل أسطوانات الغاز حتى عام 2015، لكن اليوم وبعد التوسع الكبير فى توصيل الغاز الطبيعى للمنازل، أصبح هناك مخازن لأسطوانات ومستودعات البوتاجاز، ولعل لكل هذا تكلفة مالية هائلة على الدولة، ولكن تقدم الدول يُقاس بإشباع الحاجات الأساسية لمواطنيها.
وفى إطار الحديث عن برنامج “تكافل وكرامة” وصل الدعم لعدد 5 ملايين أسرة بما يعادل تكلفة تقدر بنحو 25 مليار جنيه، ومشروع “حياة كريمة”، حيث كانت قرى مصر مٌهملة لعشرات السنين، وكان الأمر أشبه بحلم لهم فى توصيل الصرف الصحي، أو حتى مياه الشرب النظيفة والمرافق الأساسية، وكانت تقديراتنا هذا المشروع بنحو 700 مليار جنيه، ولكن سوف نتجاوز هذا الرقم، لأنه لا بديل عن الانفاق فى هذا المشروع ، لأننا بصدد 60 مليون مصرى يستحقون حياة آدمية لائقة، وكل المشروعات التى تم تنفيذها يشعر بها المواطنون، وبحجم الانجاز وسرعة العمل فى المشروعات.
وأشار رئيس الوزراء، إلى وجود العديد من أساليب السخرية مسبقاً، على عدم الثقة فى الدولة وعدم مصداقية الالتزام بالمواعيد الخاصة بالمشروعات، إلا أنه أصبح هناك اتجاه معاكس، يوضح مدى الالتزام الآن من جانب الدولة فى سرعة تنفيذ هذه المشروعات، والدولة تتابع عن كثب هذه الأمور، وذكر أن بعض الامور تنبٌع بسوء نية وتشكيك فى المجهودات التى تنفذها الدولة، ووجه رسالة وبخاصة للشباب بضرورة عدم الانسياق وراء الشائعات، وعدم اتباع الأمور التى تشكك فى الحكومة وحجم المشروعات المنفذة.
وقال رئيس الوزراء: “احنا كمصريين اصبحنا نشتكى من سرعة تنفيذ المشروعات.. بدلا من الشكوى فى الماضى من عدم تنفيذها”، وتساءل الدكتور مصطفى مدبولي، ماذا لو لم تنفق الدولة المصرية على المشروعات القومية خلال فترة من عام 2015 حتى الآن، وتراجعنا وتم تسيير الأمور بالحلول المسكنة، كيف سيكون شكل الاقتصاد المصري، موضحا أنه تم اعداد سيناريو بالتعاون مع مجموعة من الخبراء، حيث تضمن هذا السيناريو مختلف التحديات والازمات العالمية والصدمات التى واجهت مصر خلال الفترة الماضية، إلى جانب الواقع الفعلى والذى شمل جهود الدولة فى ضخ المزيد من الاستثمارات العامة، وما صاحب ذلك من نمو، وماذا لو لم تنفذ المشروعات القومية التى ساهمت فى اقامة بنية اساسية، إلى جانب دورها فى اتاحة المزيد من فرص العمل، مؤكداً أن هذا السيناريو أظهر أن الاقتصاد المصرى كان سيكون بالسالب خلال السنوات الاخيرة.
وأوضح رئيس الوزراء أن أوجه المعاناة تضمنت تبعات الاصلاح الاقتصادي، وكذا الازمات الدولية المتلاحقة، بداية من أزمة فيروس كورونا، وصولا للأزمة الروسية الأوكرانية، مؤكدا أن الاقتصاد المصرى فى ظل هذه التحديات كان سيظل بالسالب على مدار الثلاث سنوات الماضية، فى دولة تنمو بنحو 2 مليون نسمة سنوياً، مشيرا إلى أنه فى ظل هذه الأجواء فإن معدل البطالة كان سيصل إلى نحو 15.4%، مقابل 7.2 % معدل بطالة اليوم، قائلاً: “هذا هو واقع الاقتصاد المصرى حال عدم تنفيذ المشروعات القومية”.
وفيما يتعلق بتحسين بيئة الاستثمار، أشار رئيس الوزراء إلى أن هذا الملف يُعد من أصعب الملفات التى تواجهه أى دولة، قائلاً:” لا نتكلم على مشروعات يتم تنفيذها.. ولكن نتكلم عن بيئة وثقافة تأصلت عند الدولة المصرية، ومن ذلك البيروقراطية وتداخل الاجهزة والمنظومة التشريعية، إلى جانب الأمور الأخرى التى من الممكن أن تواجهها أى دولة لإحداث إصلاح حقيقي”.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه تم العمل على أربعة محاور لتحسين بيئة الاستثمار، حيث شمل ذلك الإطار التشريعى والمؤسسى الداعم، وهو ما أكد عليه صندوق النقد الدولى خلال عام 2015، لافتا فى هذا الصدد الى ما تم اصداره من قوانين تدعم بيئة الاستثمار ، مؤكدا أن هذه التشريعات تُعنى بميكنة وتسهيل الاجراءات، إلى جانب خفض المدة الزمنية للحصول على الموافقة والتراخيص.
ولفت رئيس الوزراء إلى اهتمام الدولة بملف تسوية المنازعات، والجهود المبذولة فى هذا الصدد، ومن ذلك تفعيل اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار، وإقامة وحدة بمجلس الوزراء، للتعامل مع مشاكل المستثمرين، إلى جانب التوسع فى اقامة مراكز خدمات المستثمرين ، وتدشين خريطة الفرص الاستثمارية، مؤكداً أن هذه الجهود مجتمعة، تستهدف الدولة من خلالها تحسين بيئة الاستثمار، موضحاً أن امامنا شوطا طويلا فى هذا الصدد.
وأشار رئيس الوزراء إلى ما صدر سابقا عن البنك الدولي، من أن مصر تُعد من بين أعلى دول المنطقة فيما يتعلق بزمن الحصول على التراخيص، بمعدل يصل إلى 173 يوما، لافتاً فى هذا الصدد إلى ما تم اتخاذه من إجراءات وقرارات، بحيث لا يتجاوز زمن الحصول على الرخصة 20 يوم عمل، هذا إلى جانب تفعيل الرخصة الذهبية، وكذا ميكنة إجراءات الإقرارات الضريبية، ومنظومة التقاضى عن بعد، فضلا عن تطوير المحاكم الاقتصادية، قائلاً:” اتخذنا العديد من الخطوات فى هذا الملف”.
وفيما يتعلق بمنظومة إدارة الأراضي، وخاصة المتاحة لقطاع الصناعة، منها والمشكلات المتعلقة بتسعير تلك الأراضى واتاحتها، أوضح رئيس الوزراء أنه تم إعداد حصر لما تم تخصيصه من أراض صناعية، حيث وصل إجمالى ما تم تخصيصه إلى 30 مليون م2، بعضها بدون مقابل فى مختلف محافظات الجمهورية، وخاصة مناطق الصعيد، لافتا إلى أن الحصر أوضح أن الأراضى التى تم تنميتها حقيقة وصلت إلى 3 مليون م2 فقط، أى ما يعادل 10% فقط.
ولفت رئيس الوزراء إلى ما تم طرحه من شكاوى ومشكلات، خلال اللقاءات التى عقدت مع العديد من رجال الاعمال والمستثمرين، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، فى هذا الصدد، حيث تضمنت تلك الشكاوى عدم وجود مرافق بالأراضى المخصصة للصناعة، وما يتعلق بأسلوب طرحها على الراغبين فى الحصول عليها، وكذا ما يتعلق بتسعيرها، مشيرا إلى ما تم اتخاذه من قرارات بشأن الحصول على هذه الأراضي، سواء بالتملك أو عن طريق حق الانتفاع، إلى جانب تولى هيئة التنمية الصناعية بالنيابة عن المستثمر اصدار مختلف التراخيص الخاصة بالتشغيل، فضلا عن أهمية وجود تخصيص فورى، لتنفيذ توسعات للمصانع القائمة، أو اقامة مشروعات استراتيجية جديدة، وخاصة المتعلقة بالمشروعات الخضراء، كمشروعات الهيدروجين الاخضر، منوها إلى ما تم وضعه من آلية متكاملة للتخصيص الفورى للاراضى المطلوبة لتنفيذ مثل هذه المشروعات.
وأشار رئيس الوزراء إلى القرار الصادر بشأن تسعير مختلف الاراضى الصناعية على مستوى الجمهورية، لافتا كذلك إلى حزم الحوافز التى تم اطلاقها خلال الفترة الماضية تشجيعاً لقطاع الاستثمار، وخاصة ما يتعلق بتفعيل قانون حوافز الاستثمار ، والحوافز الخضراء، وصناعة السيارات والاستراتيجية الخاصة بها، فضلا عن الحوافز الاضافية غير الضريبية، وكذا حوافز الاستثمار فى القطاع الصحى ، لتنظيم قواعد الاستحواذ والاندماج، إلى جانب إعفاء 19 قطاع صناعيا من الضريبة العقارية، وأن الدولة ستتحمل هذه الضريبة لمدة ثلاث سنوات.
وفيما يتعلق بتعزيز المنافسة، أوضح رئيس الوزراء أن هناك شكاوى بانعدام المنافسة الحيادية ومزاحمة القطاع الخاص فى عدد من القطاعات، لذا، يطالب القطاع الخاص برؤية واضحة من الدولة إزاء دورها فى الاقتصاد؛ لذلك أعدت الدولة وثيقة سياسة ملكية الدولة التى تؤسس لموضوعات “ما هو دور الدولة وتواجدها فى الفترة القادمة، وتعظيم الحياد التنافسي”.
وأشار مدبولى أيضا إلى أن الحكومة جعلت الإشراف المباشر لجهاز حماية المنافسة؛ لرئيس الوزراء، لضمان عملية الحياد التنافسي، وهذا ما تتضمنه وثيقة سياسة الملكية التى من المقرر أن تُناقش غدا فى أولى جلسات المؤتمر.
وأوضح رئيس الوزراء أيضًا أن الدولة حرصت أيضًا على تطوير البنية الأساسية والمناطق الحرة والمناطق الصناعية؛ لتتيح كل ذلك للقطاع الخاص، كما سلكت الدولة مسلكًا صعبا ولكنه مهم للغاية، وهو بناء وإنشاء 17 مجمعًا صناعيًا و5 آلاف مصنع، بحيث يتسنى للمستثمر الصغير الحصول على المصنع مباشرة، وكذا رخصة التشغيل بدون الإجراءات البيروقراطية، ونتيجة لذلك قالت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية إن الدولة ركزت فى الفترة السابقة على العديد من الإصلاحات لتحسين تلك الظروف.
وأكد رئيس الوزراء أنه فى أخر سنة، طبقًا للبنك المركزي، عاد الاستثمار الخارجى المباشر، لأول مرة، إلى أرقام كبيرة اقتربت من 9 مليارات دولار، لكن بالرغم من ذلك هناك مشكلة فى التواصل مع مجتمع رجال الأعمال، فرغم تلك الإجراءات والإعلان عنها، أوضح مدبولى أنه من خلال استطلاع رأى تم إجراؤه مع 2500 منشأة صناعية خلال اليومين السابقين على المؤتمر، اتضح أن أغلب هذه المنشآت ليست على علم بكل هذه الإجراءات التى اتخذتها الدولة، وبالتالى أشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى الحاجة إلى آلية لزيادة التواصل مع هؤلاء، والاطلاع على الإجراءات، ويمكن من خلال الجلسات الحوارية الاتفاق على منظومة يطلع منها المستثمر والمصنعين على كل الإجراءات التى تتخذها الدولة.
وطرح مدبولى تساؤلا يدور حول: “إحنا رايحين على فين؟”، وفى ضوء ذلك أوضح رئيس الوزراء أنه فى السنوات العشر الأخيرة مرت مصر بـ5 أزمات اقتصادية طاحنة، لكن رغم ذلك اصبحت مصر فى مركز قوى على نحو استثنائي، مكَّنها فى فترة كورونا من مقاومة الأزمة والنجاح فى الخروج منها ولكن بتكلفة كبيرة. كما حققت الدولة نسب نمو موجبة مقارنة بالدول المثيلة لها، ففى النصف الأول من 2021/2022 حققت مصر نسبة نمو 9% لأول مرة فى تاريخها.
لكن أوضح مدبولى أن الأزمة الروسية الأوكرانية جاءت وسببت ضغوطًا كبيرة جدًا على العالم وبالتالى مصر، حيث شهد العالم أعلى معدلات للتضخم، وتشديدات السياسة النقدية، وارتفاع أسعار الفائدة، وهروب رؤوس الأموال، وتفاقم معدلات المديونية على مستوى العالم، وبالتالى كانت مصر حريصة على رصد ما يكتب عنها فى الصحف والمؤسسات الدولية، وبالفعل تم رصد 1424 تقريرا ومقالا عن مصر.
وأشار مدبولى إلى أنه تم إجراء استطلاع رأى مع 1600 منشأة من مجتمع الأعمال، أكدوا أن أهم مشاكلهم تتمثل فى “معوقات التصدير والاستيراد، تيسير الإجراءات، زيادة فرص التصدير، زيادة الإنتاج المحلي، إعادة فتح المصانع”.
ثم أوضح رئيس الوزراء أننا يمكن أن نلخص أزمتنا الاقتصادية فى مصر فى مجموعتين من التحديات هما: تحديات فرضتها الأزمة: ومنها السيولة النقدية الأجنبية، والتضخم، وارتفاع الأسعار، وزيادة الدين الخارجي، ونقص مستلزمات الإنتاج. ويُتطلب التركيز على تلك التحديات حتى يتسنى الخروج من الأزمة على المدى القصير. وتحديات هيكلية مزمنة: بعضها يرجع لعام 1982، وتتمثل في: ارتفاع معدلات الزيادة السكانية، وانخفاض مشاركة القطاع الصناعى رغم التقدم الكبير وزيادة التصدير، والدين الخارجي، واستمرار عجز الميزان التجاري، وتضاؤل نسبة الاستثمار الأجنبى بالمقارنة بالناتج، وتذبذب مشاركة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادي. وستخصص جلسات خلال المؤتمر لكل تحد من تلك التحديات.
وأوضح رئيس الوزراء أن هدف الدولة من خلال الجلسات أن يعرض كل مسؤول رؤيته مع ترك المجال الأكبر لكل الخبراء السياسيين والاقتصاديين؛ للمساعدة فى التوافُق على خارطة طريق واضحة لجميع تلك المشكلات.
كما أكد مدبولى أن الدولة لديها مستهدفات تتمثل في: زيادة الصادرات لكى تصل إلى 100 مليار دولار، وزيادة إيرادات السياحة لتصل إلى 30 مليار دولار، فضلا عن برنامج جديد مع صندوق النقد الدولى الذى نضع اللمسات الأخيرة له، ووضع آليات متنوعة لتعظيم مشاركة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادي، وتوفير حزمة من الحماية الاجتماعية لكى تستمر الدولة فى حماية المتأثرين بأى أعباء اقتصادية وستتم مناقشة ذلك فى إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى سبل التغلب على الأزمات، والمستهدفات الخاصة بالتوسع فى تمويل المشروعات القومية، من خلال آلية الشراكة مع القطاع الخاص.
وأوضح أن الدولة يقينها الآن أننا قمنا بالبنية الأساسية اللازمة، وبالرغم من أن هناك مشروعات قومية على الطريق ونحتاجها، فإننا نطرح من خلال هذا المؤتمر وهذه المنصة الفرصة للقطاع الخاص أن يشارك بقوة فى المشروعات، وهذا ما سيتم مناقشته من خلال العديد من جلسات المؤتمر، كما سيكون هناك جلسة خاصة بتطوير البورصة والأسواق المالية، وتعميق الصناعة وتوفير مستلزمات الإنتاج، والعمل على إلغاء الاعتمادات المستندية خلال الفترة القصيرة المقبلة كما وجه الرئيس، وكيف نمكن القطاع الخاص أكثر، والعديد من الإجراءات التى ستناقشها الدولة المصرية بقوة خلال المؤتمر.
واختتم رئيس الوزراء كلمته قائلاً: “لدينا رؤيتنا، وهدفنا من هذا المؤتمر ليس الجدال حول الماضي، ولكن الاستماع والتوافق سوياً على خارطة طريق واضحة للمستقبل، نبدأ فى تنفيذها خلال الفترة القادمة، فيما يخص أهم قطاعات الاقتصاد المصري، وتترجم إلى خطط تنفيذية تسهم فى استمرار واستقرار دولتنا، لتتبوأ المكانة التى تستحقها بين الدول المتقدمة”.