طرأت منذ مارس الماضى تغيرات كثيرة على الساحتين العالمية والمحلية انعكست فى النهاية بظلالها على المستهلك فى رفع أسعار السلع المختلفة، فضلا عن نقص بعضها الآخر فى السوق.
وخاض المستهلك خلال الثمانية أشهر الماضية رحلة البحث عن البدائل للمنتجات التى اعتاد على شرائها وزادت أسعارها، واختفى بعضها الآخر، وذلك سواء بالبحث عن مثيل للمنتج بنفس مواصفاته وجودته يحمل علامة تجارية أخرى لكن بسعر أقل، أو بديل مختلف فى الجودة والمواصفات لكن يؤدى غرضه بقدر الإمكان، لتحقيق المعادلة الصعبة لتوفير احتياجاته بنفس راتبه.
وترصد «البورصة» تغير ثقافة الاستهلاك للأفراد من خلال قصص لأفراد خاضوا تجربة البحث عن بدائل أو الاستغناء عن بعض المنتجات، أو حتى تقليل شراء منتجات، كما مازالوا يواصلون رحلتهم بالتزامن مع تحرير سعر الصرف، وتوقعات بتغيرات مستمرة فى أسعار المنتجات المختلفة.
«أصبحت قناصة للفرص أبحث دومًا على العروض على السلع الغذائية فى السلاسل التجارية وأفاضل بينها، حتى أصل إلى أفضل سعر وأشترى» بهذه الكلمات بدأت شيرين حلمى حديثها لـ«البورصة».
وتشير إلى أنها غيرت منتجات الألبان التى اعتادت على شرائها لسنوات طويلة نتيجة ارتفاع أسعارها إلى 24 جنيها لعبوة اللبن الطبيعى الطازج زنة 750 جراما، فيما اتجهت إلى الاعتماد على اللبن المعلب، ويتراوح سعر العبوة، سعة لتر واحد بين 18 و20 جنيها.
وأشارت شيرين، إلى أنها تشترى كميات من المنتجات الغذائية حال انخفضت أسعارها، وكذلك الأمر عندما تذهب إلى سوق الخضر، إذ تشترى كميات من الطماطم عندما تهبط أسعارها، وتصنع فى منزلها الصلصة، فيما تلجأ إلى شراء الطماطم سوى للسلطة فقط فى ظل ارتفاع أسعارها، كما استغنت تمامًا عن الصلصة الجاهزة.
وتابعت: «استغنيت عن صنع الحلوى فى المنزل، إذ تستهلك صناعة الحلوى فى المنزل كميات كبيرة من السكر والسمن فضلا عن الدقيق والبيض. والأفضل الاستفادة من البيض فى صنع فطور صحى بدلا من استهلاكها فى صناعة حلوى خصوصا فى ظل ارتفاع كافة المكونات التى تدخل فى صنع صينية كيك أو بسبوسة».
العلامات التجارية لم تعد رنانة بالنسبة للبعض
وقالت شيماء محمود ربة منزل، إنها لم تعد تجذبها أسماء العلامات التجارية بقدر ما تبحث عن منتج مناسب بجودة تؤدى غرضها، إذ اعتادت شراء خل لشركة شهيرة ونفس الأمر بالنسبة للملح.. لكنها تشترى حاليًا أى نوع طالما يؤدى غرضها.
المنظفات..التحول السريع بين البدائل
وأشارت شيماء محمود، إلى أن المنظفات تعتبر من أكثر المنتجات التى بحثت بها عن بدائل وغيرت إلى أكثر من منتج على مدار الأشهر الماضية فى ظل الزيادات المستمرة فى السعر، للتحول بسلاسة من منتج لآخر بناء على خوضها للتجربة أو بسؤال أحد المقربين، أو حتى بسؤال عن بدائل عبر منصات التواصل الاجتماعى.
أوضحت أنها كانت تعتمد على شراء «فانش» فى غسيل الملابس لتتحول إلى «كلوركس ألوان»،فيما أصبحت تعتمد على كلور أبيض «كلوريد» كبديل لمنتج «كلوركس أبيض» بعد ارتفاع سعره.
وأضافت أنها كانت تشترى أنواع عدة من المنظفات لمسح الأرضيات لعلامات تجارية مشهورة.. لكن فى ظل الارتفاعات المستمرة فى أسعار المنظفات أصبحت تمثل عبئا على ميزانية المنزل، كما أصبحت اكتفى بالكلور فقط لمسح الأرضيات، والمسحوق لغسيل الملابس ولم أعد استخدم منعم الملابس.
ولفتت إلى لجوئها لشراء الشبة وصنع مزيل للعرق فى منزلها بدلا من شراء العبوة بعد وصول سعرها إلى 48 جنيها، فيما تشترى بـ10 جنيهات شبة تكفيها لأشهر.
أضافت أن منتجات كثيرة لا يمكن الاستغناء عنها للاستخدام الشخصى لكن البحث عن بدائل لهذه المنتجات يخفف من حدة زيادة السعر.. وأحيانًا بعد خوضها لتجربة استبدال منتج معين تعود له مرة أخرى فى حال كانت جودة المستبدل رديئة، لكنها ترشد فى استهلاكه.
ولفتت إلى أنها لجأت مؤخرًا إلى صنع الصابون السائل فى المنزل، وذلك بالاعتماد على وصفة شاهدتها على الإنترنت لتنتج نحو 5 لترات من الصابون بنفس جودة المنتجات الكبرى بتكلفة 20 جنيها، فيما كانت تشترى عبوة لتر بنحو 48 جنيها.
تراجع الطلب على البط والأوز والديك الرومي
وفى جولة لجريدة «البورصة»، على أسواق اللحوم البيضاء، قالت أمل العمدة، ربة منزل، إنها اتجهت إلى شراء الدواجن البيضا بديلا عن الدواجن البلدية التى اعتادت شراءها فى السابق، كما استغنت عن شراء الديك الرومى ذى الثمن الباهظ على حد قولها.
وأضاف متولى أحمد، صاحب ورشة نجارة، أنه لن يقبل أبداً على شراء الحمام أو البط أو الأوز خلال الفترة الراهنة، ولكنه يشترى الدواجن الحمراء أو البيضاء نظراً لانخفاض أسعارها مقارنة بباقى الطيور.
اقرأ أيضا: 12 مجزرًا تورد احتياجات «القابضة الغذائية» من الدواجن المحلية
وتعليقاً عن توجهات المستهلكين، قال ثروت الزينى، نائب رئيس اتحاد منتجى الدواجن، إن نمط استهلاك المواطنين تأثر بارتفاع أسعار الفائدة %2، وارتفاع أسعار السلع والخدمات مقابل ثبات الدخول.
وأضاف الزينى لـ«البورصة»، أن المواطنين استبدلوا شراء الديك الرومى بشراء الدواجن البيضاء فى الوقت الحالى، نظراً لانخفاض أسعارها عن باقى أصناف الطيور.
عزوف عن الفطريات والفواكه الغالية.. والاكتفاء بالأساسية
عزف جانب من المستهلكين، عن شراء الفطريات والفاكهة مرتفعة الثمن والتى يراها البعض أنه يمكن الاستغناء عنها ومنها فطر عيش الغراب «الماشروم» والتفاح، والاكتفاء بالمحاصيل الأساسية منخفضة السعر كالبطاطس والثوم والبصل والطماطم، إذ لا يستطيع أى منزل أو مطعم الاستغناء عنهم.
قالت شيماء محمد، ربة منزل، إنها تهتم بشراء البطاطس والثوم والطماطم والبصل والبطاطا لكونهم أساس المنزل المصرى، فهى تهتم بأولويات الطهى، عن شراء الثمار الغالية ومنها الكريز وتلك المستوردة من الخارج كالتفاح والخوخ.
وأكدت زينة أحمد، مدرسة، أنها لم تشترى المحاصيل التى ترتفع فى السوق المحلى فجاءة، بل تشترى المحاصيل المتوافرة بأسعار منخفضة، موضحة أنها تبتعد عن شراء البامية على سبيل المثال إذا ارتفع سعرها، وتشترى أى ثمار أخرى منخفضة السعر مثل البطاطس إلى أن ينخفض سعر البامية مرة أخرى.
وقال حاتم نجيب، نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة، إن نمط استهلاك المواطن المصرى تغير خلال الفترة الحالية، إذ تراجعت القوة الشرائية على المحاصيل التى وصفها بالاستفزازية والتى تضم الكريز والكيوى وأناناس الشجر، والتفاح المستورد، والخوخ المستورد، والأفاكادو.
أضاف نائب رئيس الشعبة، أن المنزل المصرى والمطاعم لا يمكن لهم الاستغناء عن شراء البصل والثوم والطماطم بشكل عام، ولكن يمكن الاستغناء عن شراء الثمار مرتفعة الأسعار.
شراء السلع الأساسية على حساب الملابس
تغير تفكير ونمط استهلاك المواطنين لاستهلاك الملابس الجاهزة، فترتيب الأولويات يتضمن دائما تأمين الطعام والعلاج، ثم شراء ملابس جاهزة سواء شتوية أو صيفية.
ومع ارتفاع الأسعار، لجأ مستهلكون لشراء نصف كمية الملابس التى كانوا اعتادوا شرائها كل موسم.
وللتعرف على تغير نمط استهلاك المواطنين للملابس الجاهزة، قالت سمية عبد القادر، ربة منزل، إنها أصبحت لا تشترى لنفسها ملابس إلا قليلا.. واتجهت لشراء ملابس لأطفالها، مضيفة أنها استبدلت شراء الملابس من متاجر منطقة وسط البلد إلى متاجر منطقة العتبة الشعبية لانخفاض أسعارها.
اقرأ أيضا: “التموين”: أسعار الأرز في الأسواق 12 جنيها للكيلو
وأكدت وفاء مدحت، صيدلانية، أنها تشترى ما تحتاجه من الملابس فقط حالياً، ولا تشترى كميات كثيرة مثل السابق، لافتة إلى أنها يمكن أن تجدد ملابسها القديمة وترتديها مرة أخرى.
وعلقت سماح هيكل، عضو مجلس إدارة شعبة الملابس الجاهزة، وقالت إن المواطن حاليا يرتب أولوياته الأهم فالمهم فالأقل أهمية حسب درجة احتياجه.
وبالتالى يوفر المواد الغذائية أولا، والدروس ومصروفات المدارس، وتأمين علاج الأسرة، ثم الاحتياجات الضرورية من الملابس.
وأضافت هيكل، أن هناك عدد من المستهلكين عزفوا عن شراء ملابس الموسم الجديد، والاكتفاء بملابس العام الماضى، أو شراء نصف كمية مشترياتهم من الملابس.
حفاضات الأطفال وتحقيق المعادلة الصعبة
وقالت سارة السيد، ربة منزل وأم لطفلين، إنها على مدار 5 أشهر لجأت إلى تغيير نوع حفاضات الأطفال لطفلها بين أكثر من 5 شركات، بعدما اعتادت استخدام نوع واحد لطفلها لأكثر من عام، فى ظل قفزات أسعار هذه المنتجات.
ولفتت إلى أن انخفاض الجودة ولجوء بعض العلامات التجارية الأشهر فى السوق إلى تقليل حجم ومقاس المنتج، جعلها تلجأ للبحث عن منتجات بديلة، بعدما أصبح المنتج أقل فى الجودة ومرتفعا فى السعر.
واشارت إلى أنها اعتادت خلال رحلة البحث، شراء كمية صغيرة ولم تلجأ إلى شراء عبوة كاملة، وحال كان المنتج ملائما لبشرة طفلها اشترت العبوة الكاملة.
واضافت أنها وجدت منتجات بجودة عالية وسعر مناسب لكن سرعان ما تختفى فى السوق، مما جعلها مجبرة على التحول لبديل جديد.
وأوضحت أن الشركات لجأت إلى توفير عبوات اقل فى العدد لكنها تحسب تكلفة الواحدة وبناء على ذلك تشترى المنتج، إذ ارتفع سعر القطعة الواحدة من 2.30 جنيه إلى 3 جنيهات.
وهى تعتمد حاليا على منتج آخر سعر القطعة الواحدة فيه 2.5 جنيه، وهو أقل سعر فى السوق على حد قولها.
الفرز الثالث للسيراميك بدلاً من الأول
يتجه المستهلكون حاليا إلى شراء سيراميك الفرز الثانى وربما الثالث بدلاً من الفرز الأول، للاستفادة من الفارق السعرى بينهما.
كذلك لجأ آخرون لشراء بدائل السيراميك مثل الأنواع الحديثة الأقل سعراً من السيراميك.
وتواصلت «البورصة» مع محمود على، موظف حكومى، فقال إنه يجهز شقة ابنه، وقرر أن يشترى سيراميك الفرز الثالث، خصوصا أن الفرق بين الفرزين الأول والثانى بسيط، مؤكداً أن الفرز الثانى يتميز بالجودة.
وأفادت هبه محمد، مدرسة، أنها حاليا تجهز شقة الزوجية ولا تفضل شراء السيراميك وإنما تريد شراء الباركية، من خلال الاختيار بين عدد من الأنواع الحديثة ظهرت مؤخرًا للأرضيات وثمنها أرخص من السيراميك.
وقالت هبه مهران، المدير العام لشركة أوشن ترانس للاستيراد، إن المستهلك غير نمط شراءه للسيراميك ويعتمد على الفرز الثانى بدلاً من الأول لقرب الأسعار بينهما.. إلا أن الأنواع الحديثة من الأرضيات أثرت على قرار شراء المستهلك للسيراميك نظراً لانخفاض أسعارها وزاد الإقبال عليها خلال الفترة الحالية.
منتجات الأدوات الصحية
لا يبحث المستهلك فى قطاع الأدوات الصحية عن المنتج غالى الثمن وإنما الذى يوفر احتياجاته وفى ذات الوقت يتميز بالجودة.
قال محمد عزمى، بائع فى أحد المحال، إنه يجهز شقة الزوجية حالياً، كما يشترى الأدوات الصحية حالياً متوسطة السعر ولا يشترى المنتجات منخفضة السعر نظراً لعدم جودتها.
وأضاف محمد هانى، موظف حكومى، أنه يشترى الأفضل من الأدوات الصحية والذى يمتاز بجودة عالية.. لكنه لا يشترى الأدوات الصحية باهظة الثمن رغم تميزها بتكنولوجيا عالية، خصوصا أنه لا يحتاج خلاطات المياة التى تعمل باللمس ولكن يمكن شراء أى منتج يتيح المياه وحسب.
وقال فوزى عبد الجليل، رئيس شعبة الأدوات الصحية، إن بعض الأشخاص يعتمدون على شراء الخلاطات الحديثة المرتبطة بالتكنولوجيا والتى تعمل باللمس، كما يشترى المنتجات الأدوات الصحية الغالية رغم ارتفاع أسعارها حالياً نظراً لجودتها، لافتاً إلى أنه لم يحدث استبدال لنمط الاستهلاك مطلقاً فى قطاع الأدوات الصحية.
وتابع عبد الجليل، أن المنتجات «السوبر لوكس» هى الأكثر مبيعاً خلال الفترة الحالية، فالمواطنون يشترون ديورافيت «تواليت» مثلاً عن أى منتج مصرى محلى، مؤكداً أن نسبة استهلاك المنتجات عالية الثمن سجلت %35 خلال الوقت الراهن.
الاستغناء عن المعلبات وتصنيعها فى المنزل
قالت سحر عثمان، ربة منزل، إنها تعد الطحينة والصوصات والحلويات والكيك ووجبات «التيك أواى» فى المنزل بدلاً من شرائها من الخارج من أجل التوفير، كما تجهز الزبادى والعصائر والمربات فى المنزل أيضًا.
وأوضحت سمية أحمد، موظفة، أنها تستخدم الخل بدل منعم الملابس لأن المنعم ضار على صحة الأطفال، لافتة إلى أن الخل بديل جيد عن المنظفات الكيمائية.
وتابعت أمل محمد، ربة منزل، أنها تستخدم البوتجاز بدلاً من «الكاتيل» وماكينة القهوة وذلك لترشيد استهلاك الكهرباء.
أعد الملف- فاطمة أبو زيد