أكد مسئول بإحدى الشركات بقطاع تكنولوجيا المعلومات بالإسماعيلية والقريبة من وادى التكنولوجيا أن المشروع الذى خططت له الدولة منذ أكثر من 18 سنة يحتاج وضع رؤية واضحة له وإعادة دراسة للمخطط وآليات تنفيذه، لتحويله إلى واقع حقيقى، غير مستبعدين أن يتحول إلى وادى سيليكون مصرى خاصة أن موقعه متميز.
وطالب المسئولين الحكوميين بتوضيح المزايا التى سيتمتع بها مستثمرو المشروع وكذلك الخامات المتوافرة بالمنطقة مع تحديدها بشكل علمى دقيق، وشرحت الشركة المصرية لتكنولوجيا الإنترنت رؤيتها عن وادى التكنولوجيا وآليات تنفيذه وما ينقصه لتحويله إلى واقع حقيقى، وذلك خلال حوار فريق العمل بها مع «البورصة».
قال الدكتور عمرو محمد، مدير الاعمال وأحد مؤسسى الشركة المصرية لتكنولوجيا الإنترنت أن انشاء وادٍ للتكنولوجيا بمصر ليس بالامر السهل ولكنه ممكن فى الوقت ذاته، مرجعا ذلك إلى المتطلبات التى يحتاجها انشاء مثل هذا الوادى والتى لا تتوقف عند المبنى والبنية التحتية فقط، بل يحتاج مواصفات خاصة، حيث يجب أن يتواجد بالقرب من مصادر طبيعية للمواد الخام حتى تتمكن الشركات من استغلالها والعمل على تحويلها إلى صناعات حقيقية.
اضاف عمرو محمد أن هذا التصور لاستغلال ثروات سيناء قد تم التفكير فيه منذ 18 عاماً حينما تم وضع المخطط القومى لتنمية سيناء والذى لم ينفذ حتى الان، ولم يتم تطوير المخطط منذ وضعه، وهى إحدى المشاكل التى تواجه إنشاء الوادى فى الوقت الحالى والتى تتلخص فى عدم تطور الرؤية الحكومية الخاصة بانشاء الوادى.
وأشار إلى امتلاك رمال سيناء عدداً وافراً من الخامات المهمة التى تدخل فى الصناعات عالية التقنية، مشدداً فى الوقت ذاته على ضرورة عدم الاعتماد فقط على المواد الخام وإنما يجب الاستناد أيضاً على الموارد البشرية بالمنطقة القادرة على الابتكار.
أضاف أن من ابرز المشاكل التى تواجه انشاء الوادى هى عدم وجود رؤية واضحة من جانب المسئولين الحكوميين عن المشروع، من حيث نوع الصناعات التى ستقام به، والمزايا التى سيستفيد منها المستثمر باستغلاله لموقع «وادى التكنولوجيا».
أشار إلى مشكلة أخرى تتعلق بعملية التخطيط لإنشاء الوادى وهى الاعتماد على موارد الدولة فى إنشائه وهو ما يتعارض مع مفهوم التكنولوجيا والتى تهدف إلى وضع حلول ذكية لاستغلال الامكانات المتاحة، حيث لم يتم وضع خطط لاستغلال الطاقة الشمسية بالمنطقة لإمداد الوادى بالكهرباء بدلاً من الكهرباء المدعمة ما يوفر الملايين سنويا للدولة، كذلك لم يخطط لحفر آبار لاستغلال المياه الجوفية بالمنطقة وتوفير تكاليف توصيل المياه عبر شركات المياه للأهالى.
وقال إن جميع المدن التكنولوجيا القائمة حول العالم اعتمدت على فكرة جديدة مبتكرة وحلول غير تقليدية، محذراً من الاستمرار بنفس العقلية الحكومية فى تنفيذ المشروع ما قد يتسبب فى فشله.
حذر من الاستناد إلى الخبرات الاجنبية فى انشاء وادى التكنولوجيا مشيرا إلى عدم إمدادهم لنا بالتكنولوجيا المستقبلية أو «المتوقعة»، حيث تتطور التكنولوجيا خلال فترات صغيرة وتختفى أنواع منها بظهور تكنولوجيا جديدة، وهو ما يجب مراعاته عند إنشاء المصانع بمنطقة وادى التكنولوجيا لتتواكب مع التكنولوجيا المتوقع أن تستخدم مستقبلا.
شدد على ضرورة إنشاء ميناء جاف للوادى لتدعم عمليات التصدير، طالب باشراك الشباب فى وضع الرؤية للمشروع لانهم هم الاجدر بوضع الرؤية الحالمة للمشروع.
من جانبه يرى دكتور بهى الدين محمد المدير التنفيذى للشركة المصرية لتكنولوجيا الإنترنت أن مفهوم التكنولوجيا يعنى نقل فكرة علمية إلى منتج مفيد، وتختلف اشكالها من منتج نهائى او منتج مرحلى، او تكنولوجيا قائمة بذاتها كمعلومات ووثائق وخبرات، وتنتقل هذه التكنولوجيا بالتجارة مع انتقال المنتج أو الوثائق.
أشار المدير التنفيذى بالشركة إلى أهمية الاستثمار بوادى التكنولوجيا لما له من أثر إيجابى على شبه جزيرة سيناء، ودوره فى زيادة وتسريع النمو، تحسين التنافسية بالأسواق العالمية إضافة إلى رفع مردودية الاستثمار، وزيادة الانتاجية.
شدد بهى الدين على أن الموقع الذى تتميز به مصر بالقارة الافريقية والمنطقة العربية يساعدها على إقامة «وادى سيليكون» آخر، مدعوما بالتوقيت الحالى والذى يعد مناسبا جدا لاقامة واد للتكنولوجيا بمصر نظرا للتطور الذى تشهده مصر حاليا بالقطاع الذى يساعد على قيام الوادى، نظرا لوجود شبكة جيدة من الاتصالات وحزمة مرنة من القوانين وكذلك حوافز استثمارية وموارد بشرية.
وفقا لتصريحات دكتور وليد غلوش، مدير التكنولوجيا وأحد مؤسسى الشركة المصرية لتكنولوجيا الإنترنت مصر تحتاج نوعين من البشر لإقامة وادى التكنولوجيا المستثمرين والمهووسين بالتكنولوجيا.
والذين لا يهتمون بنواحى الترفيه بقدر ما يهتمون بوجود الأذكياء، حيث يحتاجون إلى الجامعات ومعاهد البحث, يحتاجون إلى من يتبادلون معه الخبرات، يحتاجون لكل ما يثير شهيتهم للابتكار، يحتاجون إلى التحدى مع أقرانهم للوصول إلى نتائج غير تقليدية. هذا هو الفرق بين المناطق التكنولوجية الموجودة فى كل العالم ومنطقتى وادى السيليكون وبنجالور، وهو الفرق ذاته بين تقليد التكنولوجيا والإبداع التكنولوجى وبين شعوب تمتلك المعرفة وشعوب تستورد المعرفة.
اما المستثمرون، فينقسمون إلى ثلاثة أنواع اولهم الذين يستثمرون بالبنية التحتية وهذا النوع لن يستفيد من تصدير التكنولوجيا وانما ببيع القطع الجاهزة للمستثمر الثانى وهو مستثمرو العقارات والذى يستثمر بالقطع الجاهزة بالبنية التحتية ولديهم القدرة الكافية لبناء المدن الذكية التى تناسب شركات التقنية والتى تجذب النوع الثالث من المستثمرين، وهى شركات التقنية التى لن تزعج نفسها بالبناء وانما تحضر معداتها مباشرة للعمل فورا، موضحا أن الدور الحكومي ينحصر فقط فى تنظيم العلاقة بين جميع الاطراف.
أشار عمرو محمد، مدير الأعمال بالشركة إلى أن مشروع وادى التكنولوجيا المزمع انشاؤه حاليا بدأته الحكومة بشكل معكوس، حيث بدأت بالنوع الثالث من المستثمرين وهى شركات التقنية، حيث تطرح عليه الارض وهو يتكلف عناء البناء واكتشاف الامكانيات المتاحة بالمنطقة ومواردها والمواد الخام بها وكل ما يستفيد به هو الارض بسعرها المنخفض.
اضاف انه يجب توفير البيئة الذكية لمساعدة الشركات على جذب الموهوبين فى أعمالهم لتضمن مردوداً جيداً لاستثماراتهم، بشرط أن تكون البيئة الذكية فى جميع نواحى الحياة من شوارع ومبان ما يسهل ادارتها مركزيا عبر شبكة الانترنت وتوفير الاتصالات الصوتية والمرئية وتوفير حلول نقل البيانات والذى ينعكس على توفير الطاقة.
على صعيد خدمات تقنية المعلومات المقترحة بالوادى وفقا لرأى فريق الشركة تتضمن انترنت عالى السرعة، الانظمة الهاتفية «IP»، التغطية اللاسلكية «واى فاى ـ واى ماكس» مركز المعلومات المركزى، انظمة الانذار والمراقبة، التوقيع الالكترونى، نظام الامن «CCTV»، المبانى الذكية.
وعن الانشطة المقترحة للوادى يرى بهى الدين أن هناك 6 انشطة أساسية يمكن الاستفادة بها بوادى التكنولوجيا، اولها نشاط لتصنيع منتجات عالية التقنية فى مجالات محددة، القيام باعمال البحث والتطوير والانشطة المعملية وتطوير النماذج الاولية، وتقديم خدمات تجارية بتقنية عالية، وتقديم استشارات فنية وادارية وقانونية وتسويقية، وتقديم خدمات التعليم والتدريب، تأسيس حاضنات الاعمال التقنية.
بالرغم من كل ما يُقال عن توجه الدول العربية نحو تقنية المعلومات، وإنشاء مدن للإنترنت، وتجمعات تقنية، إلا أننا لا نزال بعيدين عن القيام بتجارب مماثلة للتجربة الهندية، ونحن نحتاج بناء مجتمع قادر على الابتكار لا التقليد، مجتمع يمتلك المعرفة، يمتلك مقومات القوة التى ستجعلنا دولاً متقدمة وليست نامية.
خاص البورصة