عانت ألمانيا من ركود اقتصادي لأكثر من عام، نتج عنه ارتفاع في تكاليف الطاقة أدى إلى فشل التعافي الهش لاقتصاد البلاد بعد الوباء.
تظل التوقعات الاقتصادية قاتمة، إذ تشير التوقعات المشتركة لمراكز الأبحاث الاقتصادية الرائدة في البلاد إلى إمكانية انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6% خلال العام الحالي، وفي الربيع قالوا إنه سينمو بنسبة 0.3%.
صرح أوليفر هولتيمولر، من معهد هالي للأبحاث الاقتصادية، إن الصناعة الألمانية واستهلاك القطاع الخاص يتعافيان “بشكل أبطأ مما كنا نتوقع في الربيع”.
وقال الباحثون إن التضخم المرتفع بشكل مستمر يؤذي المواطنين العاديين، وإن ارتفاع أسعار الفائدة أضعف قطاع البناء، كما أن انعدام اليقين الناجم عن سياسات الطاقة غير المنتظمة التي تنتهجها الحكومة يُفسد الأجواء في مجالس الإدارة الألمانية.
كان هناك بصيص أمل واحد، وهو القوة الشرائية الألمانية، الذي تقول مراكز الأبحاث إنه آخذ في النمو.
كما انخفضت أسعار الطاقة من أعلى مستوياتها في عام 2022، وارتفعت أسعار الصادرات بقوة، الأمر الذي يشير إلى نجاح الشركات في تمرير زيادات الأسعار إلى عملائها الدوليين، حسب ما نقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
مع ذلك، كان ارتفاع الأجور هو العامل الأهم، إذ يُتوقع ارتفاع الدخل بشكل عام، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى العلاوة الأساسية للباحثين عن عمل التي قدمتها الحكومة في أواخر العام الماضي وزيادة المعاشات التقاعدية المقررة لعام 2024.
تعليقًا على الأمر، قال ستيفان كوثس، مدير معهد “كايل” للاقتصاد العالمي، إن “الأجور والدخل التحويلي مثل مدفوعات الإعانات سترتفع بشكل كبير في النصف الثاني من عام 2023 ثم بشكل أكبر في العام المقبل، وهذا يعني تدفق قوة شرائية أكثر إلى الأسر الخاصة وهذا بدوره سيعزز قطاعات الاقتصاد المرتبطة بالاستهلاك”.
وأظهرت الأرقام الصادرة في أغسطس أن الأجور الألمانية ارتفعت بوتيرة سنوية قياسية بلغت 6.6% في الربع الثاني، وهو أعلى معدل زيادة منذ بدء السجلات في عام 2008.
هذا الأمر عزز نمو الأجور السنوية الألمانية فوق معدل تضخم أسعار المستهلك في البلاد للمرة الأولى منذ عام 2021، ويبدو أن دخل الأسر بدأ أخيرًا في اللحاق بتكاليف المعيشة.
وقال كوثس إن “الاستهلاك الخاص كان ضعيفًا للغاية، وقد تسبب ذلك في مشاكل حقيقية في الماضي، خاصة مع بداية العام، لكن هذا يتغير الآن”.
كما يبدو أن الضغوط التضخمية تتراجع أيضاً، مع انخفاض المعدل السنوي إلى 4.3% في سبتمبر، وهو أدنى مستوى له منذ عامين، بعد أن بلغ 6.4% في أغسطس.
يقدم مهرجان “أكتوبر فيست” للعام الحالي دليلاً على المزاج المشرق، فقد حضر قرابة الـ3.4 مليون شخص المهرجان، أي أكثر بـ100 ألف شخص عما كان عليه في عام 2019، عندما أنفق الزوار مبلغًا هائلاً قدره 1.25 مليار يورو على المشروبات والطعام وجولات الملاهي.
يذكر أن المهرجان اجتذب مليون زائر في عطلة نهاية الأسبوع الأولى، مقارنة بـ700 ألف فقط خلال العام الماضي.