رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية قال إن القطاع مليء بالاحتيال وغسيل الأموال
عادت السوق الصاعدة للعملات المشفرة مرة أخرى، فعملة “بيتكوين” ارتفعت إلى 42 ألف دولار يوم الإثنين الماضى، وهو أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من 20 شهرًا، مسجلة ارتفاعًا كبيرًا تجاوز 150% حتى الآن هذا العام، وعوضت بيتكوين بذلك خسارتها لأكثر من 60% من قيمتها فى عام 2022.
وآثار صعود العملات المشفرة مرة أخرى موجة من الدعوات المتفائلة، إذ يتوقع المتمرسين فى الصناعة الآن أن تتجاوز العملة 100 ألف دولار بحلول نهاية عام 2024، وما لا يقل عن 750 ألف دولار بحلول عام 2026، ولم تكن بيتكوين وحدها التى قفزت، إذ ارتفعت كل من “دوج كوين” و”سولانا” و”كاردانا” بمعدلات مكونة من رقمين أيضًا.
كما هو الحال مع أى أداة، فإن توصيات الاستثمار فى العملات المشفرة تتوقف على إيجاد سرد مقنع، ولكن على عكس الأصول الأخرى، ليس للبيتكوين قيمة جوهرية، ولا يدعمها أى شيء.
وقد يجادل البعض بأن الذهب لا يختلف كثيرًا، ومع ذلك، فقد تم الوثوق بالمعدن اللامع كمخزن فعال للثروة لآلاف السنين، وقد ثبت أنه يوفر بعض الحماية فى وقت هبوط الأسواق وأوقات عدم اليقين العالية – ما يرقى إلى مكانته كتحوط.
لا يمكن قول الشيء نفسه عن البيتكوين، فعدم الاتساق هو السمة المميزة للعملة المشفرة، وجل ما تقدمه العملة المشفرة فى النهاية هو فرصة للتكهن باتجاهات السوق.
وتستند الدعوات المؤيدة للعملات المشفرة والداعية للاستثمار فيه على 3 عوامل، الأول هو عودة شهية المخاطرة للأسواق المالية، بعدما أصبح المستثمرون فى الأسابيع الأخيرة، على اقتناع متزايد بأن بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى قد وصل إلى نهاية دورة رفع أسعار الفائدة، وأن خفض الفائدة سوف يحدث فى وقت أقرب مما تشير إليه التوقعات، ومع وفرة السيولة، وانخفاض توقعات أسعار الفائدة، فإن المراهنة على شيء أكثر مضاربة يبدو جذابا.
ويميل ارتفاع أسعار البيتكوين إلى توليد جنون الشراء، كالقنبلة الموقوتة التى تنفجر من تلقاء نفسها، لكن يزعم المراهنون على الارتفاع أيضًا أن الأمر هذه المرة أكثر من مجرد ضجيج.
العامل الثانى الذى يستندون عليه هو أن إغلاق معظم القضايا الجنائية البارزة التى ظلت معلقة على سوق العملات المشفرة خلال العام الماضى هو بمثابة لحظة تطهير.
ففى الشهر الماضى، نجحت الولايات المتحدة فى مقاضاة سام بانكمان فريد، الرئيس التنفيذى السابق لشركة “إف تى إكس” بتهمة الاحتيال، فى حين اعترفت “بينانس”، أكبر بورصة عملات مشفرة فى العالم، بضلوعها فى التهم المتعلقة بغسل الأموال وانتهاك العقوبات.
وأخيرًا يتوقع المتفائلون بالعملات المشفرة أن بوادر موافقة تنظيمية أمريكية لإطلاق “بلاك روك” وشركات أخرى لصناديق الاستثمار للتداول الفورى فى بيتكوين، ستقود موجة من منتجات صناديق العملات المشفرة المدعومة من قبل مديرى الأصول الرئيسيين، ويزعمون أن التبنى المؤسسى الأوسع من قبل لاعبين جادين يمنح العملة المشفرة مصداقية.
لكن قضية الشراء والاحتفاظ مليئة بالثغرات، إذ أن صراعات العملات المشفرة مع القانون لم تنته بعد، إذ لاتزال السلطات تقوم بمعايرة اللوائح بحذر وتستمع إلى القضايا القانونية.
وقال جارى جينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية، مؤخرا إن القطاع ملئ بالاحتيال والإفلاس وغسيل الأموال.
وقد تجذب تطبيقات العقود الفورية لبيتكوين من الصناديق المتداولة، المزيد من المستثمرين الذين يسعون إلى التعرض للعملات المشفرة ولكنهم يخشون السرقة وخسارة العملات المعدنية فى المحافظ الرقمية والبورصات.
لكنها لا تحمى المستثمرين من تقلبات العملات المشفرة، ويمكن رؤية ذلك فى صناديق “جراى سكيل” الخاصة التى تتبع العملات المشفرة، وتتداول بمضاعفات سخيفة لقيمتها الأساسية.
وبالنسبة لمعظم مديرى الأصول، تعد صناديق الاستثمار المتداولة أيضًا مجرد وسيلة أخرى لتحصيل الرسوم من المستثمرين الذين يسعون إلى التعرض للعملات المشفرة، أكثر منها دعم لفئة الأصول نفسها.
ما تبقى من مبررات التفاؤل إذن هو الحجة الواهية القائلة بأن هناك بعض الرغبة فى المضاربة، وأن عملة البيتكوين هى أصل مضارب، تمامًا كجوهر “نظرية الأحمق الأكبر” للمستثمرين: فكل ما تحتاجه لتحقيق الربح من الاستثمار، هو العثور على شخص أبله بما فيه الكفاية لشراء الأصل بسعر مرتفع، سيستمر حتى يحدث انهيار، ولقد انهارت عملة البيتكوين من قبل؛ بالتأكيد سوف تفعل ذلك مرة أخرى.
المصدر: افتتاحية “فاينانشيال تايمز”