عند ذِروَتِها شمِلت أصولُ “سيجنا” مبنى كرايسلر الشهير بنيويوك ومتاجر سلفردجز الفاخرة في لندن إلى جانبِ العديد من المتاجِر والعَقارات حولَ أوروبا والولاياتِ المتحدة، ولكنْ في النهاية اتّضحَ أن المجموعةَ كانت مبنيةً على أسُسٍ هشّة انهارت مثقلةً بديونٍ ضخمة مختبئةٍ في هَيكلٍ مالي ٍمعقّد صمَّمَهُ رجلُ الأعمال رينيه بينكو.
يهدد انهيارُ “سيجنا” مصارفَ عالميةً أقرضَت الشركةَ الملايين ويَضرِبُ مستثمرينَ مشهورين اقتنَعوا بخُدعة بينكو، كما أَن الإفلاسَ يعني تجميدَ مشروعاتٍ عَقاريةٍ ضخمة ويَطرَحُ أسئلةً حولَ مصيرِ أصولِ الشركة مثلَ متاجِر سلفرجز في لندن.
نشأ رينيه بينكو في عائلةٍ متواضِعة في النمسا في أواخِر السبعينات وأسَّسَ شركةَ “سيجنا” في 2000. وتورَّط في عامِ 2012 في قضيةِ تهرُّبٍ ضريبي، ورغم صدورِ حُكمٍ ضدَّهُ استهدف َعائلاتٍ أوروبيةً ثرية أغراهُم بحَفلاتِ عشاءٍ باهِظة وفرصةِ الاستثمار في عَقاراتٍ تاريخية، ونجحت الحيلةُ وتدفّقت الاستثماراتُ من بنوكٍ أوروبية وشركاتٍ مرموقة مثلَ ليندت لصناعةِ الشكولاتة.
ويرُجِعُ البعضُ نجاحَ بينكو إلى استراتيجيةٍ خبيثة ضخَّمَت من قيمةِ مِحفَظَتِهِ العَقارية بشكلٍ مُصطَنَع حيث كانت “سيجنا” تلعَبُ دورَ شركة ِالمؤجِّر والمستأجِر في آن واحد ما سمحَ لها بتحويلِ أرباحِ المتاجر إلى وَحدةِ العَقار.
في عامِ 2012 استحوذَت “سيجنا” على متاجِر كاردستاد الألمانية، وفي 2019 اخترقَ بينكو السوقَ الأمريكية باستحواذِه على مبنى كرايسلر الشهير بقيمة 150 مليون دولار مع شريك مالي، وبحلولِ عامِ 2020 وصلت قيمةُ الأصولِ لدى “سيجنا” إلى أكثرَ من 18 مليارَ يورو، ولكنْ مع اتّساع ِ حجمِ المجموعةِ وضَربةِ الجائحة أشهَرت المتاجرُ الألمانية إفلاسَهَا في عامِ 2020.
وعلى الرغمِ من ذلك، استحوذَ بينكو عامَ 2021 بالاشتراكِ مع عائلة شيراثيفات التايلاندية على متاجِر سلفردجز البريطانيةِ الشهيرة، كما أنه أطلقَ شركةَ تجزِئةٍ رياضية في الولاياتِ المتحدة.
لكنْ في عامِ 2022 جاءت ضربةٌ ثلاثيةٌ قاتلة، حيث اقتحم المراقبون في النمسا مقرَّ الشركةِ ضمنَ تحقيقاتِ فساد، وأشهرت متاجرُ جاليريا الألمانية إفلاسها، وطلبت وحدةُ الرياضةِ الأمريكية مساعدةً ماليةً ضخمة.
وتوالت المشكلات خلالَ العام الماضي، وحاولت “سيجنا” التخلُّصَ من بعضِ الأصول وفشِلت في تأمينِ قرضٍ لمواصلةِ تطويرِ برُجٍ ضخْم في هامبورج، وأشهرت شركةُ الرياضة الأمريكية إفلاسَها، وتخلّفت “سيجنا برايم العَقاريةُ” عن سَداد قرضٍ بقيمة 200 مليونِ يورو، ما أشعلَ سلسلةَ إفلاساتٍ في شبكةِ الشركةِ المعقّدة المكونةِ من أكثرَ من 1000 كِيان مالي.
وينتظرُ المستثمرون الفاتورةَ النهائية وسطَ تقاريرَ بوصولِ انكشافِ البنوكِ الأوروبية إلى 7.7 مليار يورو بحسبِ “جي بي مورجان” منها بنوكُ جوليس بير، ورافايسن، وعشراتُ البنوك الأخرى.
كما يقدّر جي بي مورجان إجماليَ استحقاقاتِ الشركة بأكثرَ من 13 مليار يورو.