لقد تضاءل تدافع الشركات الناشئة وحيدة القرن فى سيليكون فالى، وباتت قلة فقط.
وأفادت شركة رأس المال الاستثمارى “كاوبوى فينشرز” أنه من بين 532 شركة ناشئة أمريكية بتقييمات تزيد على مليار دولار فى عام 2023، 60% منها تم تسعيرها آخر مرة بين يناير 2020 ومارس 2022 عندما كانت سياسات أسعار الفائدة الصفرية تدعم التقييمات.
لقد تغير الزمن، وباتت أسعار الفائدة المرتفعة مجرد جانب واحد من بيئة الأعمال والسوق الأكثر تحديًا على نطاق واسع والتى تجعل شركات الأسهم الخاصة أكثر انتقائية بشأن الشركات التى تستهدفها فى محافظها الاستثمارية.
وبات العثور على طريق نحو التميز التشغيلى والربحية للشركات التى سيتم ضمها للمحافظ هو العمل الشاق الذى يعيش من أجله مديرو الأسهم الخاصة.
فشركات الأسهم الخاصة لا يمكنها الاستحواذ على شركة لا تبيعها بسعر معقول. ومن الطبيعى أن يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتمكن أصحاب الشركات الناشئة من استيعاب التقييمات الأكثر واقعية فى ظل أسعار الفائدة العادية وبيئة الأعمال.
وقد ساهم ذلك فى ارتفاع الأموال التى التزم بها المستثمرون ولكنها لا تزال لم يتم ضخها إلى ما يقرب من 4 تريليونات دولار، وفقا لتقديرات شركتى بلاك روك وبريجين.
ومن الواضح أن الأموال التى لا يتم استخدامها لا تحقق عوائد، ومع استمرار القيود المفروضة على الخروج من الاستثمارات القديمة بسبب الجفاف فى الاكتتابات العامة الأولية، تُحكى القصص عن الكيفية التى تواجه بها الأسهم الخاصة معضلة تتألف من اختلالات غير قابلة للمعالجة.
فعدد كبير للغاية من عمليات الاستحواذ القديمة تحت الإدارة؛ والمستثمرون الذين يطلبون إعادة رأس المال للوفاء بالتزاماتهم، وتحاول شركات الأسهم الخاصة جمع تمويلات جديدة.
هذا يبدو وكأنه معادلة حرجة، وبالنسبة للمتفائلين، فإن الأمر لا يعدو أن يكون مسألة شراء القليل من الوقت حتى يتبلور “الوضع الطبيعى الجديد”.
ولكن هذا يتطلب تخفيفاً كبيراً للسياسة النقدية، وتحقيق استقرار السوق من دون الركود، وإعادة فتح نافذة الاكتتابات العامة الأولية.
وفى الوقت نفسه، هناك مجموعة من المتشائمين فى مجال الأسهم الخاصة، الذين يرون أن الشركات التى تم تقييمها آخر مرة قبل مارس 2022 تشبه إلى حد كبير الزومبى – كما أن تكتيكات شراء الوقت تؤدى إلى تفاقم مخاطر ما يعتبرونه الرافعة المالية المفرطة.
وتشمل استراتيجيات التأخير هذه ما يسمى بقروض صافى قيمة الأصول، والتى تستخدم الأصول الاستثمارية للصندوق كضمان لجمع الأموال.
أعتقد أن كلا وجهتى النظر يخطئان الهدف، لنبدأ بالمخزون الفعلى من الأموال المُتعهد بها غير المستثمرة فهى فى الواقع مبلغ كبير من المال. ولكن كنسبة من إجمالى أصول رأس المال الخاص الخاضعة للإدارة – والتى تقدرها شركة أبولو بأكثر من 13 تريليون دولار – فإن رأس المال غير المستثمر اليوم نحو 30%، وهى ليست نسبة غير مسبوقة.
وهى فى الواقع أصغر نسبيًا مما كانت عليه فى عام 2019 عند حوالى 40%، هو فى الواقع علامة على تزايد جاذبية رأس المال الخاص كفئة من الأصول.
وحتى مع تقييد عمليات الخروج، يرغب المستثمرون فى تخصيص المزيد من الأموال لأن العوائد تبرر ذلك.
وقد يكون هذا الطلب أعلى مما يبدو، فالعديد من المستثمرين مقيدون بحدود صارمة وتعسفية للاستثمار فى هذا القطاع، كما أن عمليات الخروج المربحة لا تعتمد على بيئة الاكتتاب العام القوية.
من وجهة نظري، يعد الخروج من الشركات ضمن المحفظة الاستثمارية من خلال البيع للمشترين الاستراتيجيين أكثر جاذبية خاصة بعد إجراء تحسينات تشغيلية وتجارية.
ومن المقرر أن ينمو هذا المسار بشكل كبير فى عام 2024.
وتشير الاتجاهات الجديدة فى الاقتصاد، مثل إعادة التشكيل الجيوسياسية وظهور جيل جديد من الذكاء الاصطناعي، إلى فترة من إعادة الهيكلة الكبيرة حيث ستعمل الشركات على إعادة تنظيم أصولها وقدراتها.
وبشكل عام، فإن التحول السريع نحو المزيد من التدقيق فى نماذج الأعمال والعائد على الاستثمار هو دليل على أن أيام الانتظار لمدة عقد أو أكثر حتى تتمكن شركات التكنولوجيا من تحقيق الأرباح قد ولت،وهذه أخبار جيدة.
ولعل الأموال الأكثر تكلفة التى تؤدى إلى المزيد من الطلبات لتبرير التقييمات من خلال أداء الأعمال تشكل ضغطاً صحياً على مديرى الأسهم الخاصة.
وفى الوقت نفسه، سيتم دفع المستثمرين إلى التدقيق بعناية أكبر فى مصادر عوائد أسهمهم الخاصة وفهم مقدار الأداء الذى يأتى من الرفع المالي، ومن التوسع المضاعف للتقييم، والأهم من ذلك، من تحسين الأعمال التشغيلية.
وهذا كله يقودنى إلى الاعتقاد بأن ما ينتظرنا فى الاستثمار فى الأسهم الخاصة لن يكون مجرد تكرار لما حدث فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين. أعتقد أنه يبدو أفضل.