قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إن مشروع “رأس الحكمة” لا يمثل بيعا للأصول وإنما شراكة، نحصل بمقتضاها على جزء من المبلغ فى البداية، كما أننا سنشارك المطور طوال مدة المشروع بنسبة من الأرباح، وهذا من أعظم الطرق لتعظيم الاستفادة من أصول الدولة.
وأضاف رئيس الوزراء، أن استثمار الأصول الموجودة فى أى دولة هو أمر مهم للغاية، ويحدث فى كل دول العالم، خاصة فى منطقة الشرق الأوسط، حيث يُقاس نجاح أى دولة بقدرتها على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وشهد رئيس الوزراء، اليوم، مراسم توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر من خلال شراكة استثمارية، بين وزارة الإسكان، ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية، و”شركة أبوظبى التنموية القابضة” بدولة الإمارات، لتنفيذ مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالى الغربى.
ويصل إجمالى استثمارات مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة إلى 150 مليار دولار، وتتضمن الصفقة حصول مصر على مقدم من قيمة الأرض بقيمة 35 مليار دولار، بالإضافة إلى حصة من أرباح المشروع تصل نحو 35%.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة ترجمة حقيقية لتنفيذ ما جاء فى وثيقة سياسة ملكية الدولة، رغم ما يثار فى أحيان كثيرة أن الحكومة لا تأخذها على محمل الجدية، موضحا أن مثل هذه المشروعات تعتبر أحد الحلول المهمة لمسألة عدم توافر العملة الصعبة، ولاسيما أن مصر لا تتمتع بثروات طبيعية كبيرة، وبالتالى أحد مظاهر النجاح هو كيفية تعظيم الاستفادة من الأصول الاستثمارية لدينا.
وتعقيبا على تساؤل بشأن ما الذى ما يمكن أن يجنيه المواطن المصرى البسيط من تلك الصفقة، أكد الدكتور مصطفى مدبولى أن هناك حجما كبيرا من الأموال والنقد الأجنبى الذى سيتدفق إلى مصر جراء الصفقة، والذى سيسهم فى حل أزمة السيولة الدولارية التى نشهدها، وبالتالى تحقيق الاستقرار النقدي، ومن ثم كبح جماح التضخم وخفض معدلاته، خاصةً من خلال خطة الإصلاحات الهيكلية التى تقوم بها الدولة.
كما أوضح رئيس الوزراء أن الصفقة التى تم إعلانها اليوم من شأنها أن تساعد أيضًا فى القضاء على وجود سعرين للعملة فى السوق المصرية، كما أنه فى ظل حجم الاستثمارات المُمثل فى ذلك المشروع الضخم سيتم خلق ملايين من فرص العمل؛ حيث تحتاج مصر إلى أكثر من مليون فرصة عمل جديدة سنويًا؛ لذا تحتاج الدولة إلى تكرار مثل تلك المشروعات.
وفى الوقت نفسه، لفت الدكتور مصطفى مدبولى فى الإطار ذاته، إلى أن ذلك المشروع من شأنه وضع مصر على خريطة السياحة العالمية وضمان السياحة كمصدر مستدام للعملة الأجنبية.
وتلقى رئيس الوزراء سؤالا حول الحوافز الكبيرة المقدمة للمستثمرين من خارج مصر، وماذا يمكن أن تقدم الحكومة للمستثمر المحلي؟، موضحا أن هذه الصفقة تتم فى إطار القوانين المصرية، حيث أن شركة أبو ظبى للتنمية القابضة تستفيد من نفس قوانين الاستثمار والحوافز التى وضعتها الدولة المصرية للمستثمرين المحليين.
وحول سؤال يتعلق بما تضمنه بيان مجلس الوزراء أمس والذى أشار إلى أن هذه الصفقة هى مقدمة لصفقات أخرى، وما إذا كان من الممكن التعرف على ملامح هذه الصفقات، قال “مدبولى”: مصر تتمتع بسواحل كبيرة للغاية سواء على ساحل البحر الأحمر أو البحر المتوسط، ونحن نرسى بهذه الاتفاقية الاستثنائية التاريخية غير المسبوقة آلية واضحة لأى استثمار أجنبى مباشر يرغب فى تكرار نفس النموذج لأنه يحقق استفادة مشتركة.
وأضاف أن مخطط التنمية العمرانية حدد مجموعة من المدن والتجمعات سواء على ساحل البحر الأحمر أو ساحل البحر المتوسط، والتى من شأنها أن تكون تكرارا لمثل هذه النوعية من المشروعات، هذا الى جانب مجموعة أخرى من المشروعات التى تقوم الدولة بالتجهيز لطرحها فى طرح عالمى، وجميعها من المشروعات ذات مستوى من العيار الثقيل.
كما تلقى رئيس الوزراء استفسارا يخص العوائد من المشروع، وكذا العوائد من الاتفاق الوشيك مع صندوق النقد الدولى، وكيفية تأثير ذلك على استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصرى فى السوق الموازية، وبالتالى الانعكاسات المباشرة لذلك على الواقع الاقتصادى، فأوضح رئيس الوزراء أنه فى ضوء المناقشات ودراسة الموضوع من خلال محافظ البنك المركزى ووزير المالية وكذلك إلى جانب المناقشات على هامش قمة دبى للحكومات، وكذلك اللقاءات التى تمت مع المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى وكذا البنك الدولى والاتحاد الأوروبى وكل شركاء التنمية، نستطيع أن نقول أننا أنجزنا أو نحن على خطوات قليلة جدا من إتمام الاتفاق مع الصندوق ومع البنك الدولى والاتحاد الأوروبى.
وأكد أن من شأن كل هذا بالإضافة إلى هذه الصفقة توفير القدر الكافى من العملة الأجنبية للدولة المصرية حتى نتجاوز هذه الأزمة، وتكون بداية جديدة للاقتصاد المصرى فى ظل الأزمة العالمية غير المسبوقة التى تواجهنا.