كشفت بيانات مؤشر مديرى المشتريات، الصادر عن مجموعة «إس أند بى جلوبال»، تسارع انخفاض الطلب فى مصر، خلال فبراير الماضى، مع تصاعد موجة زيادات الأسعار، ما انعكس بدوره على الإنتاج.
وسجل مؤشر مديرى المشتريات 47.1 نقطة فى شهر يناير، وهو أقل من المستوى المحايد عند 50 نقطة، مقابل 48.1 فى يناير الماضى بتراجع نقطة كاملة.
وأشارت البيانات إلى تدهور قوى فى أحوال القطاع غير المنتج للنفط؛ حيث إنَّ الدراسة الأخيرة كانت الأدنى منذ 11 شهراً، وأضعف من متوسط الدراسة على المدى الطويل.
يقيم المؤشر حجم المبيعات والأسعار والإنتاج، ويقدم نظرة عامة على ظروف التشغيل فى اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط.
وذكرت البيانات أن شهر فبراير كان الأدنى فى معدل الإنتاج والطلبات الجديدة منذ أوائل عام 2023.
وأرجع المؤشر التراجع إلى نقص العملة، والانخفاض الحاد فى مبيعات العملاء، والذى أدى لارتفاع سريع فى تكاليف المشتريات، وزيادة تكاليف الإنتاج وأسعار المنتجات؛ حيث سجلت أعلى معدلات أسعار خلال 13 شهراً.
وأوضح أن عدداً من الشركات شهدت زيادة فى تكاليف مستلزمات الإنتاج، خاصة مع ارتفاع تكاليف الشحن وتفاقم أزمة نقص العملة الأجنبية والذى سببه تعطل الشحن فى البحر الأحمر.
وذكر أن أوضاع الطلب والإنتاج والتوظيف تدهورت بدرجات كبيرة فى حين ارتفعت أسعار مدخلات الإنتاج بأسرع وتيرة منذ بداية 2023.
وتابعت: «لجأت الشركات بشكل عام إلى تمرير تكاليف المشتريات المرتفعة إلى عملائها، ما أدى إلى ارتفاع سريع فى أسعار البيع والتى كانت الأعلى خلال 14 شهراً».
وأضافت أن تضخم الرواتب سجل أعلى مستوياته منذ شهر يناير الماضى ولكنه كان معتدلاً بشكل عام.
وأوضحت أنه فى ظل تدهور معدلات الطلب، خفضت الشركات مستويات إنتاجها بشكل متسارع فى شهر فبراير.
وكانت وتيرة الانكماش الأكثر حدة خلال ما يزيد قليلاً على عام.
وأشارت تعليقات الشركات المشاركة فى الدراسة إلى تعطل الشحن وضعف السياحة؛ بسبب الحرب فى فلسطين، والذى أثر على النشاط التجارى.
وذكرت البيانات، أن انخفاض متطلبات الإنتاج أدى إلى انخفاض نشاط الشراء بأكبر معدل فى خمسة أشهر مع استمرار الشركات فى تجنب الاحتفاظ بالمخزون الزائد، وبالمثل انخفض نشاط التوظيف فى القطاع الخاص غير المنتج للنفط فى منتصف الربع الأول.
وأشارت أحدث البيانات إلى انخفاض متواضع فى أعداد القوى العاملة كان هو الأسرع منذ شهر أكتوبر الماضى، وقالت الشركات إن وجود تسريح للعمالة وعدم استبدال الموظفين الذين تركوا وظائفهم.
وقدمت الشركات توقعات ضعيفة نسبياً للنشاط التجارى خلال الأشهر الـ12 فى شهر فبراير، فى ظل توقعات بأن الظروف الاقتصادية ستظل صعبة فى المستقبل المنظور.
ومع ذلك، تحسنت درجة الثقة بشكل طفيف مقارنة بشهر يناير، وكانت متوافقة بشكل عام مع المتوسط الذى شهده المؤشر خلال عام 2023 ككل.
قال ديفد أوين، خبير اقتصادى أول فى مجموعة إس أند بى، إن الاقتصاد غير المنتج للنفط فى مصر يعانى بشكل ملحوظ فى شهر فبراير، حيث وجد عالقاً فى خضم الأزمة الإقليمية الأوسع.
وتابع: «وفقاً لتقارير حكومية، فقد أدى انقطاع الشحن فى البحر الأحمر إلى انخفاض إيرادات قناة السويس إلى النصف تقريباً حتى الآن فى عام 2024، والذى أشارت بيانات مؤشر المشتريات لشهر فبراير إلى أنه كان له تأثير كبير على تدفقات العملات الأجنبية وضغوط التضخم».
وأضاف أن أكثر من ثُلث الشركات التى شملتها الدراسة أشارت إلى ارتفاع فى تكاليف المشتريات فى شهر فبراير، وربطت معظم التعليقات ذلك بارتفاع قيمة الدولار الأمريكى فى السوق غير الرسمى.
وذكر أن تضخم أسعار الإنتاج والمنتجات وصل إلى أعلى مستوياته منذ 13 شهراً، ما زاد الضغوط على القدرة الشرائية للعملاء.
وأوضح أن انخفاض المبيعات الناتج عن ذلك هو كان الأسرع منذ شهر مارس الماضي، فى حين تقلص النشاط بشكل متسارع أيضاً، وتشير التقارير الواردة من بعض الشركات المشاركة فى الدراسة إلى أن النشاط السياحى يعانى أيضاً بسبب الحرب فى فلسطين، وأن الموردين المحليين واجهوا عقبات بسبب انقطاع الشحن.
وأشار أنه على الرغم من انخفاض معدل التضخم الرئيسى فى مصر ثمانى نقاط مئوية خلال الأشهر الأربعة الماضية تشير أحدث النتائج إلى أن معدل التضخم قد يتسارع من جديد فى المستقبل القريب.
وتابع: «كما يبدو أن من المرجح أن تسارع معدل التضخم من الممكن أن يطيل أمد الانكماش ويضعف من ثقة الشركات، لكن توقعات الشركات للعام المقبل ظلت معتدلة، فى حين يشير الانخفاض المتسارع فى تشغيل العمالة والمشتريات إلى أنها تخطط لخفض طويل الأمد فى الإنتاج».