محلل: هناك حاجة لشراء الوقت باستثمارات المحافظ المالية لحين تعافى التحويلات والسياحة
مع رفع الفائدة بشكل مفاجئ باتت الأنظار تتجه نحو الأموال الساخنة، وإنها سبب رئيسى لذلك المستوى من التشديد النقدى، رغم أن الاعتماد عليها كان سبب أحد أكبر أزمات العملة فى مصر مع خروج المليارات عقب حرب روسيا وأوكرانيا فى أيام قليلة.
ويُشجع ذلك الاتجاه أن تكلفة التحوط ضد مخاطر التخلف عن السداد لمصر تراجعت إلى 5.72% للعقود أجل 5 سنوات، فيما بات يتوقع المتداولون انخفاض الجنيه فى العقود أجل عام بنحو 11% ليصل إلى نحو 55 جنيها.
وتعانى الموازنة العامة للدولة بالفعل من فاتورة ديون ضخمة اقتربت من تريليون جنيه فى أول 7 أشهرمن العام المالى، وتمثل نحو 100% من إيرادات الدولة خلال تلك الفترة.
وتوقعت “فيتش” قبل رفع الفائدة أن تتجاوز فاتورة الفوائد نحو 50% من الإيرادات الحكومية فى السنة المالية المقبلة، وهو مستوى مرتفع للغاية مقارنة بالدول الأخرى المصنفة من قبل وكالة فيتش.
وقدر محلل اقتصادى، أن حجم التدفقات بما فى ذلك رأس الحكمة يكفى فقط لغلق الملفات المعلقة وليس لاستيعاب مستويات الطلب الأعلى من الطبيعية بسبب المضاربة.
وأشار إلى أن مصر قد تكون بالفعل بحاجة لجذب استثمارات محافظ الأوراق المالية لشراء بعض الوقت وتثبيت دعائم الاقتصاد لحين تعافى التحويلات والسياحة.
وذكر أن الأعباء المترتبة على التعويم ستكون ضغوطها أكبر وأسرع من التعافى فى التدفقات، وأن الشهادة المتناقصة للبنك الأهلى ومصر تشير إلى أن الرؤية على المدى القصير أن تلك المستويات لن تكون مبررة بمجرد احتواء التضخم خاصة على أساس شهرى.
واستبعد أن تنعكس بشكل كامل على الدين الحكومى مشيرًا إلى أن على الأغلب الفائدة سترتفع من 1% إلى 2% فى ظل أنها بالفعل تجاوزت 30%.
بدير: رفع الفائدة والعائد الموجب يهدف لجذب استثمارات المحافظ المالية
وقالت منى بدير، محلل اقتصادى، إن رفع الفائدة جاء أكبر بكثير من توقعاتها برفع 2% خلال 2024، وإنه يعكس رغبة البنك المركزى فى التحول لمستويات عائد حقيقية ليست فقط موجبة بل جاذبة، بهدف جذب استثمارات المحافظ المالية.
أضافت أن تلك الخطوة ضمن اتجاه المركزى للتحول بشكل دائم لنظام سعر صرف مرن بعدما استطاع جمع سيولة كافية لجعله انتقال سلس.
تعتزم وزارة المالية رفع توقعاتها لأسعار الفائدة على أدوات الدين المحلى “سندات وأذون الخزانة” بمتوسط 5% ليصل إلى 28.5% فى موازنة العام المالى القادم 2024-2025 بحسب مصادر حكومية لـ”البورصة”.
كيف لا تكرر مصر أزمة الأموال الساخنة؟
وأوضح أن “المالية” تستهدف زيادة إصدارها من سندات الخزانة عن أذون الخزانة فى العام المالى القادم بهدف إطالة عمر الدين.
وكانت التقديرات الأولية وقت إعداد موازنة العام المالى الحالى تتوقع أن يصل متوسط سعر الفائدة على أذون الخزانة والسندات الحكومية عند 18.5%، إلى أن وصلت إلى 23.5%، وذلك بسبب الإجراءات التى قامت بها السلطات النقدية ممثلة فى البنك المركزى برفع أسعار العائد بواقع 800 نقطة أساس أربع مرات فى خلال الفترة من يوليو 2022 حتى ديسمبر 2024، بالإضافة إلى رفع معدل الفائدة بمعدل 2% فى الأول من فبراير الماضى.
وأوضح مصدر فى أسواق الدخل الثابت أن رفع معدلات الفائدة بنسبة 6% يشجع على زيادة الطلب من الأجانب على أدوات الدين الحكومى، ما يرفع حجم المال الساخن القادم من الخارج كما حدث فى 2016، ويرى أن عطاءات اليوم الخميس على أذون الخزانة ستحدد الاتجاه العام للأسعار بعد رفع الفائدة، متوقعأ ألا تتعدى الـ35%.
وكان متوسط عطاءات الخميس الماضى على عوائد أذون الخزانة لأجل 182 و364 يوم تشير إلى متوسط أسعار الفائدة 28.84% و29.91% على التوالى.
ماذا سيحدث للدولار والأسعار بعد صفقة “رأس الحكمة”؟
ولتأثير رفع معدل الفائدة على التكلفة التى تتحملها الخزانة العامة أشارت “المالية” فى تقرير لها أن رفع أسعار الفائدة المحلية بنحو 1% مقارنة بما هو مستهدف سيؤدي إلى ارتفاع فاتورة مدفوعات الفوائد بنحو 80 مليار جنيه مما سيؤثر سلبيا على عجز الموازنة.
وتستهدف الحكومة على المدى المتوسط خفض دين أجهزة الموازنة من 95.7% من الناتج المحلى فى يونيو 2023 ليصل إلى ما يقرب من 84% من الناتج المحلى بحلول يونيو 2028، حيث من المتوقع أن يؤدى هذا الخفض التدريجى فى معدلات الدين إلى تحقيق استدامة المالية العامة.
“الأهلى فاروس”: تدفق استثمارات المحافظ المالية قد يؤدى لتهدئة عوائد سندات الخزانة على المدى المتوسط
وقالت بحوث “الأهلى فاروس”، إن تعويم الجنيه وغلق الفجوة بين سعر الصرف الرسمى والموازى بشكل عام جيد لتحفيز النشاط الاقتصادى، طالما كان البنك المركزى قادر على تلبية الطلب المتعلق بأغراض الإنتاج.
وتوقعت أن يستمر اتجاه انخفاض التضخم خلال معظم 2024 فى ظل الأثر الإيجابى لسنة الأساس الذى بدأ فى الربع الأول من العام الحالى، وأن يكون للعائد الحقيقى الموجب أثر إيجابى على الجولة الثانية للتضخم.
لكنها أشارت إلى وجود بعض السلبيات تتمثل فى ارتفاع أسعار جزء ملحوظ من السلع يتم تسعيره إداريًا، وفق السعر الرسمى ما يؤدى لتغذية التضخم مع انخفاض سعر الصرف.
وقالت إن التشديد النقدى العنيف الذى جاء أكبر من توقعاتهم سابقًا برفع 2% قد يؤدى لتعزيز السيولة فى سوق الدين الحكومى بما يسهم فى تهدئة العوائد على المدى المتوسط، خاصة حال استعاد مستثمرين الأجانب المحافظ المالية ثقتهم فى العملة المحلية، حيث يمكن للتشديد النقدى العنيف أن يعطى انطباعًا بهدوء نسبى قد يسود السياسة النقدية فى الفترة المقبلة ما يشجع على تسارع استثمارات الدين فى الوقت الحالى.
لكن “الأهلى فاروس” توقعت أن ترتفع فوائد مدفوعات الدين بالعملة الأجنبية بعد انخفاض سعر الصرف، بجانب ارتفاع تكاليف دعم السلع الاستراتيجية مثل السولار والقمح.
وأشارت إلى أن البنك المركزى عليه توفير الالتزامات بالعملة الأجنبية للدين الخارجى، والسيولة اللازمة لمعالجة تكدس البضائع فى الموانئ بخلاف الطلب اليومى الذى تحتاجه لمواجهة الاحتياجات الجارية، كى يقضى على السوق السوداء وأن استمرار إجراءات الترشيد المشددة سيؤدى لنتائج عكسية.