يسلط الصراع في الشرق الأوسط، الضوء على واحدة من أعمق نقاط الضعف في شبكة الإنترنت بالبحر الأحمر.
ومعظم حركة الإنترنت بين أوروبا وشرق آسيا تمر عبر كوابل تحت البحر ، تتجمع في مضيق في الطرف الجنوبي منه.
هذا النقطة الضيقة طويلة المدى معرضة لمخاطر البنية التحتية للاتصالات بسبب حركة السفن المزدحمة، مما يرفع احتمالية أن تسقط مرساة بطريق الخطأ وتصيب كابلاً.
أدت هجمات المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن إلى جعل المنطقة أكثر خطورة، حسب ما نقلته “وول ستريت جورنال”.
وجاءت أحدث علامة تحذير في 24 فبراير، عندما توقفت فجأة ثلاثة كابلات إنترنت بحرية تمر عبر المنطقة ، عن الخدمة في أسواقها، ولم يؤد العطل إلى قطع الاتصال بأي بلد، ولكن أدى إلى تدهور خدمة الويب في الهند وباكستان وبعض مناطق شرق أفريقيا، حسبما قال دوج مادوري، مدير تحليل الإنترنت في شركة “كينتيك” لأبحاث الشبكات.
ولم يتضح على الفور سبب الانقطاع، في حين أشار بعض خبراء الاتصالات إلى سفينة روبيما التي هجرها طاقهما بعد تعرضها لهجوم الحوثيين في 18 فبراير، وكانت السفينة المعطلة تنجرف في المنطقة لأكثر من أسبوع حتى بعد أن أسقطت مرساتها لتغرق في وقت لاحق.
وأصدرت وزارة الاتصالات المدعومة من الحوثيين في صنعاء بياناً، تنفي فيه مسؤوليتها عن فضل الكابلات البحرية، وأكد البيان أن الحكومة حريصة على إبقاء جميع كابلات الاتصالات البحرية بعيدة عن أي مخاطر محتملة، ولم تعلق الوزارة على هجوم روبيمار.
وقالت شركة “سيكوم”، ومقرها مويشيوس، وهي الشركة المالكة للكابلات، والتي تمتلك أحد الخطوط المتضررة، إن إصلاح الكبل يتطلب قدراً لا بأس به من التنسيق اللوجستي.
وقالت رئيسة التسويق كلوديا فيرو، إن الإصلاحات يجب أن تبدأ في وقت مبكر من الربع الثاني، رغم أن التعقيدات المتعلقة بالتصاريح والاضطرابات الإقليمية وظروف الطقس قد تؤثر على هذا الجدول الزمني.
وقالت فيرو: “يعتقد فريقنا أنه من المعقول أن تكون الكابلات قد تأثرت بسبب المرأة.. لكن هذا لم يتم تأكيده بعد”.
وتجعل السرعة البطيئة لسفن مد الكابلات ، من إنشاء خطوط جديدة بالقرب من المياه المتنازع عليها مهمة خطيرة ومكلفة.
وارتفعت تكلفة تأمين بعض سفن مد الكابلات بالقرب من اليمن في وقت سابق هذا العام، إلى حوالي 150 ألف دولار يومياً، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
وتزيد النزاعات في اليمن التي استمرت لما يقارب عقد من الزمن الأمور تعقيداً، ويسيطر المتمردون الحوثيون على جزء كبير من البلاد على طول البحر الأحمر، في حين تسيطر حكومة البلاد المعترف بها دولياً على الشرق.
وقامت الشركات التي تبني كوابل في المنطقة بطلب تراخيص من الجهات التنظيمية على كلا الجانبين من الصراع، لتجنب إثارة غضب أي من السلطات، وفقاً لمصادر مطلعة على المسألة.
وإلى جانب ذلك، تهدد التكلفة المتزايدة لممارسة الأعمال الجهود التي يبذلها عمالقة التكنولوجيا لتوسيع الإنترنت، ويمر نظام “بلو رامان”، المدعوم من قبل “جوجل”، وكابل “2 أفريقيا” الخاص بـ”فيسبوك” عبر المنطقة، ولا يزال قيد الإنشاء.
ومن المقرر أيضًا أن يقوم مشروعان آخران تدعمهما شركات الاتصالات ببناء خطوط عبر البحر الأحمر.
وتتحرك معظم حركة البيانات العابرة للقارات عبر الإنترنت عن طريق البحر وفقاً لشركة أبحاث الشبكات “تيلي جيوجرافي”، ويمكن أن تكون الكابلات البحرية أبسط وأقل تكلفة.
أبلغ مشغلو الكابلات عن حوالي 150 خطأ في الخدمة سنويًا، معظمها بسبب الأضرار العرضية الناجمة عن الصيد وسحب المرساة، وفقًا للجنة الدولية لحماية الكابلات، وهي مجموعة صناعية مقرها المملكة المتحدة.
وقال رايان ووبشال، المدير العام للجنة الدولية لحماية الكابلات، “إن وجود مسارات بديلة حول المناطق المزدحمة مثل البحر الأحمر كان دائمًا أمرًا مهمًا، رغم أنه ربما يتضخم في أوقات الصراع”.
وقد فكرت العديد من شركات الإنترنت في طرق تنويع اتصالاتها بين أوروبا وإفريقيا وآسيا.
على سبيل المثال، يمكن للطرق عبر المملكة العربية السعودية أن تلتف حول المياه المحيطة باليمن تمامًا.
لكن العديد من الهيئات التنظيمية الوطنية تفرض رسوما عالية أو تفرض عقبات أخرى تجعل الالتزام بالمسارات المجربة والحقيقية أكثر جاذبية.
وقال ووبشال: “إن الصناعة، كما هو الحال مع أي صناعة، تتفاعل مع الظروف المفروضة عليها، والتوجيه في المياه اليمنية هو نتيجة لذلك”.