%85 من المستثمرين يرون أن اتباع معايير الاستدامة يثرى المحافظ المالية
قال اتحاد أسواق المال العربية فى تقرير له، إن أسواق المال تلعب دورًا محوريًا فى تسهيل التحول الأخضر، وفى حال توفر عوامل الشفافية والوضوح فى المعلومات، والعدالة فى ممارسات السوق، ستوفر بيئة مثالية لسوق الكربون، والذى بدوره سيساعد العديد من المشروعات الخضراء على الظهور، كما سيسهل تداول شهادات الكربون دون وجود معوقات أو تأخيرات فى تنفيذ عمليات التداول.
وأضاف الاتحاد، أن دول الشرق الأوسط بحاجة لتوظيف التطورات التكنولوجية، وتطوير البنية التحتية لها، حتى تستطيع الأسواق تحسين قدرتها على قياس ومراجعة التأثير البيئى للانشطة المقدمة، مشيرًا إلى أنه لتحقيق ذلك يجب أن يحدث تعاون مستمر بين المؤسسات المالية، ومزودى التكنولوجيا فى المنطقة.
وأشار إلى أن المشاريع الخضراء قادرة على مساعدة الشركات فى إصدار شهادات كربونية، والتى لها أهمية مزدوجة للشركات، تظهر فى قيمها بمحو آثار الانبعاثات الكربونية التى سببتها المؤسسة، وبذلك تستطيع أن تستمر فى التزامها نحو المسئولية البيئية، والأهمية الأخرى تتثمل فى الإمكانية التى تتيحها للشركات لتقوم ببيع الشهادات الكربونية لمؤسسات أخرى.
دول الشرق الأوسط تتخذ خطوات فعلية نحو التحول للأخضر
وأكد أن دول الشرق الأوسط بدأت باتخاذ خطوات فعلية نحو للتحول الأخضر وخفض الانبعاثات الكربونية تماشيًا مع اتفاقية باريس للمناخ، ومن بين الخطوات الفعلية قيام سوق دبى المالى بإصدار برنامج تجريب لتداول شهادات الكربون، بالإضافة إلى تدشين البورصة المصرية أول سوقًا طوعيًا لتداول شهادات الكربون فى أفريقيا.
وأضاف الاتحاد، أن المملكة العربية السعودية أيضًا وضعت آليات لتعويض وموازنة غازات الاحتباس الحرارى، وسلط الضوء على الخطوات التى يجب أن تتخذها الحكومات، والتعديلات التشريعية اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، بجانب الطرق المختلفة التى يمكن أن توظف بها الابتكارات التكنولوجية.
وأشار إلى أن مركز التعاون الخليجى قدم مجموعة من الإرشادات لترويج التمويلات والاستثمارات الخضراء فى المنطقة، والتى لاقت شعبية متزايدة خلال الفترة الأخيرة فى دول الخليج، فارتفعت الاستثمارات الخضراء أعلى قيمة لها عند 8.5 مليار دولار فى السندات والصكوك الخضراء فى عام 2022.
سوق دبى المالى يضع آلية جديدة للحد من عمليات غسل الأموال الأخضر
وتابع، أن مجموعة دبى تضم تشكيلاً من المؤسسات المالية للتعاون على إقامة مبادرات للتمويل الأخضر، والتركيز على جعل أسواق مال أكثر توافقا مع معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، لمواصلة تحقيق الأهداف المرجوة من خلق أسواق تبرز فيها الشفافية، وتقوم بحماية المتعاملية فيها، بالإضافة إلى الحد من ظاهرة الغسل الأخضر “green washing”.
وكشف أن البورصات عالمياً اتخذت هى الأخرى مجموعة من الخطوات المشابهة، فعلى سبيل المثال يتيح سوق لندن الطوعى للكربون، للشركات والصناديق، جمع تمويلات للاستفادة منها فى مشاريع تعالج مشاكل التغير المناخى، بينما ستقوم بورصة طوكيو بطرح شهادات دولية، بجانب شهادات “J-credits”، التى يتم تداولها بالفعل، بينما أصدرت بورصة إندونيسا شهادات كربون محلية للمتعاملين داخل البلاد.
وأضاف أن إصدار السندات الخصراء، والتى تهدف لتمويل المشاريع الصديقة للبيئة، شهد قفزات فى قيمته على مستوى العالم، إذ سجل إصدار السندات الخصراء عالميا مستويات تاريخية، متخطية حاجز 480 مليار دولار فى عام 2022.
وذكر التقرير أن الأمم المتحدة أطلقت “تحالف مالكي الأصول نحو صافي انبعاثات صفرى net zero asset owners alliance” فى 2019، والذى يضم مجموعة من المؤسسات الاستثمارية المؤثرة، والتى تلتزم بتحويل محافظها الاستثمارية نحو الاستثمارات الخضراء صفرية الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، حيث تقدر قيمة الاستثمارات فى التحالف بنحو 9.5 تريليون دولار فى أصول تحت الإدارة.
وأضاف التقرير أن مجموعة من الدول العربية أبرزها السعودية والإمارات تقوم بمجموعة من الاستثمارات فى مشاريع الطاقة المتجددة، حيث أعلنت الإمارات المتحدة التزامها باستثمار نحو 163 مليار دولار فى الطاقة النظيفة بحلول عام 2050.
وكشف التقرير، أن نحو 85% من المستثمرين يعتقدون أن موافاة معايير الاستدامة يؤدى إلى عوائد أفضل، ولإثراء المحافظ المالية، مشيرا إلى أن الشركات تستطيع أن تساهم فى عمليات التحول الأخضر بشكل كبير، إذا قامت بتركيز استثماراتها فى المشاريع الخضراء التى تعطى أولوية للحماية البيئة، والرفاهية الاجتماعية، بجانب الحكومة الأخلاقية، متثملاة فى مشاريع مجتمعية، واخرى للطاقة المتجددة.
ويرى التقرير أن المجتمع المدنى، يلعب هو الآخر دورًا كبيرا للتحول الاخضر، من خلال قدرته على محاسبة المؤسسات المساهمة فى الانابعاثات الكربونية، ونشر الوعى بأهمية قضايا الاستدامة بواسطة حملات توعوية مختلفة، فمبعنى آخر يمتلك المجتمع المدنى القدرة على أن يكون الرقيب على أى مخالافات قد تنشأ، بينما يحرص على أن تلتزم المؤسسات بدورها فى تحقيق أهداف الاستدامة.
وقال التقرير إن الرحلة نحو الوصول إلى انبعاثات كربونية صفرية فى المنطقة يتطلب التزامًا جماعيًا من قبل كل الأطراف المعنية فى المجتمعات، وهو ما يشمل الحكومات والمؤسسات المالية والشركات، التى يجب أن تتعاون مع بعضها لتحقيق أهداف الاستدامة، وأن الأولوية يجب أن تعطى للأنشطة التى تحاول مجابهة مخاطر التغير المناخى، نظرا للخطورة الشديدة التى يسببها على مستوى العالم، وضرورة وجود حلول عاجلة لتلك المخاطر.