سعد الدين: توافر الملاءة المالية يدعم خطط الشركات للاستحواذ على كيانات أخرى
ما بين الرغبة فى التوسع وزيادة حجم الأعمال، أو أمل البقاء فى السوق بعد التعثر المالى، يشهد قطاع العقارات المصرى مؤشرات على زيادة صفقات الاندماج والاستحواذ بين شركات التطوير العقارى خلال الفترة المقبلة.
وقال مطورون عقاريون لـ”البورصة”، إن الظروف الاقتصادية التى مر بها القطاع العقارى خلال الفترة الماضية دفعت عدد من الشركات للتفكير فى الاستحواذ على كيانات أخرى مستغلة استقرار سعر الصرف، الذى ساهم فى سهولة تقييم الأصول، كما واجهت شركات أخرى أزمات نقص السيولة وعدم القدرة على استكمال مشروعاتها.
قال أسامة سعد الدين، المدير التنفيذى لغرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات المصرية، إنه من المتوقع زيادة وتيرة الاندماج والاستحواذ بين الشركات العقارية خلال الفترة المقبلة، بدعم من توافر الملاءة المالية الكبيرة لدى عدد من الشركات الراغبة فى التوسع بالقطاع.
وأضاف سعد الدين، أن هناك شركات عقارية لديها خبرة وملاءة مالية جعلتها قادرة على تخطى التحديات، فيما تأثرت الشركات العقارية المتوسطة والصغيرة بشكل بالغ.
وأوضح أن غرفة التطوير العقارى تدخلت وحصلت على موافقة مجلس الوزراء ووزارة الإسكان على عدد من المقترحات التى تساعد الشركات العقارية على تجاوز التحديات.
وأشار إلى أن عدد المقترحات المقدمة من غرفة التطوير العقارى إلى الحكومة بلغ نحو 10 مقترحات، وتم الموافقة على 8 مطالب منها إرجاء أقساط الأراضى وزيادة النسبة البنائية بالمشروعات.
فكرى: التطورات الاقتصادية كانت أكبر من التوقعات
وقال علاء فكرى، رئيس مجلس إدارة شركة “بيتا إيجيبت للتنمية العمرانية”، إن الوضوع المالى للشركات العقارية شهد عدة اضطرابات خلال عامى 2023 و2024.
وأضاف فكرى: “الفترة من 2023 وحتى أوائل العام الجارى تعتبر استثنائية للسوق العقارى، حيث تميزت بالمتناقضين: الإقبال الشديد والتردد والإحجام عن الشراء”.
وأوضح أن هذه الفترة تميزت بالتهافت على شراء العقارات بسبب انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، ما جعل العقارات ملاذًا آمنًا لحفظ قيمة الأموال، ولكن واجه المشترون أزمات فى استكمال أقساط المشروعات أو عدم توافر مشترين فى حالة إعادة البيع.
وقال فكرى، إن الشركات العقارية تتجه للاستحواذ أو الاندماج وفقًا لرؤيتها ومركزها المالى، والشركات الكبرى لديها رغبة فى التوسع خلال الفترة الحالية، وتوجد شركات أخرى تعثرت ولديها رغبة فى التخارج أو الحصول على شريك جديد للمساهمة فى استكمال مشروعاتها.
غرفة التطوير العقارى تتقدم بمقترحات لـ”الوزراء” لتنشيط صادرات العقارات
وتابع فكرى: “من المجحف إرجاع التعثرات التى تواجهها الشركات العقارية الصغيرة إلى عدم الخبرة، ولكن التطورات الاقتصادية كانت أكبر من التوقعات بكثير ففى الغالب يتم وضع نسبة 10% تحوط للتضخم ولكن من غير المتوقع أن تصل النسبة إلى 300%”.
وأضاف أن الحوافز التى منحتها الحكومة لشركات الاستثمار العقارى تعتبر جيدة جدًا ولكنها غير كافية، وذلك فى ظل استمرار التحديات الاقتصادية التى تواجه العاملين فى القطاع العقارى.
وأوضح أن شركات التطوير العقارى المتضررة بشكل كبير هى التى لم تمتلك القدرة على وضع رؤية اقتصادية ثابتة تستمر لمدة 3 شهور، خاصة مع الارتفاعات المتتالية التى شهدتها أسعار مواد البناء خلال تلك الفترة.
الشناوى: الصفقات المحلية والأجنبية حالة صحية وتدعم استمرار النمو
وقال أحمد الشناوى، رئيس مجلس إدارة شركة “أدفا للتطوير العقارى”، إن صفقات الاندماج والاستحواذ بأشكالها المحلية والأجنبية تمثل حالة صحية وتدعم استمرار نمو القطاع العقارى.
وأضاف أن المشكلة تكمن فى الشركات التى تتخارج بشكل نهائى من السوق نتيجة لعدم امتلاكها القدرة والملاءة المالية لاستكمال مشاريعها وبالتالى عدم الوفاء بمواعيد التسليم مع العملاء.
وتابع الشناوى: “هناك شركات تخارجت بالفعل وأخرى مهددة بالتخارج وليس لديها سبيل سوى البحث عن فرص اندماج أو عن آليات أخرى لاستكمال المشروعات ومنها الحصول على أراضى لتطوير مشروعات جديدة توفر لها سيولة مالية”.
وأوضح أن شركات التطوير العقارى شهدت متغيرات كبيرة ومفاجئة بعد ارتفاع سعر الدولار، ما أدى إلى ارتفاع أسعار مواد البناء، حيث بدأت الشركات فى تطوير مشروعات وبيعها بأسعار لا تغطى تكلفة استكمال المشروعات أو الدخول فى مشروعات جديدة.
البستانى: معظم الشركات استطاعت تعويض الخسارة
وقال محمد البستانى، رئيس جمعية مطورى القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، إن السوق العقارى يضم شركات مستقرة ماليًا وتمتلك مخزونًا من الوحدات غير المباعة بمشروعاتها تساعدها فى تجاوز أزمة فارق التسعير، بالإضافة إلى شركات تعثرت، وأخرى فى طريقها للتعثر ولا تمتلك سيولة لاستكمال المشروعات.
وأضاف البستانى، أن السوق العقارى لا يضم أعدادًا كبيرة من الشركات المتعثرة، ومعظم الشركات استطاعت الاستمرار وتعويض الخسارة وذلك عن طريق تقليل الإنفاق والسيطرة على ارتفاع التكلفة.
وأوضح أنه يمكن اللجوء إلى الاندماج أو التحالف مع شركات أخرى لزيادة قوة الشركة والحصول على مشروعات جديدة، وتابع: “العديد من الشركات غير المعروفة قامت بالاندماج والشراكة فى تنفيذ المشروعات”.
سمير: نقص السيولة يهدد بعدم استكمال المشروعات
وقال محمد سمير، الرئيس التنفيذى لشركة إيليت للاستشارات التسويقية والتجارية، إن شركات التطوير العقارى تشهد أزمة كبيرة لأن المطور يلعب دورين وهما التطوير والتمويل، رغم عدم امتلاكه ملاءة مالية لذلك ويعتمد فى مصادره المالية على مقدمات الحجز التى يتم تحصيلها من العملاء وأقساط الوحدات.
وأضاف سمير، أن هذه الطريقة المالية غير متعارف عليها عالميًا، إذ يتبع المطور منظومة التمويل العقارى مثل البنوك وشركات التمويل العقارى التى توفر له التمويل ويتم سداد قيمة الوحدة على مدة زمنية طويلة.
وأوضح أن شركات التطوير العقارى تواجه خلال هذه الفترة مشكلة نقص السيولة التى تنذر بعدم استكمال المشروعات وتأخير مواعيد التسليم للعملاء.
جاد: عمليات الدمج والاستحواذ غير مرتبطة بالضرورة بالأزمة الاقتصادية الحالية
وقال محمود جاد، رئيس إدارة البحوث بشركة العربى الأفريقى الدولى لتداول الأوراق المالية والسندات، إن عمليات الاندماج والاستحواذ غير مرتبطة بالضرورة بالأزمة الاقتصادية فهى قائمة طوال الوقت، وارتفعت وتيرتها خلال السنوات الماضية مع التطورات الاقتصادية المتعاقبة.
وأضاف جاد، أن الأزمة الحالية تعد محفزا كبيرا لتحريك الصفقات من أجل تكامل المصالح، أو تسهيل توسع الشركات فى قطاعها، أو لسد النقص فى السيولة لدورة المال التى تتعرض لها بعض الشركات العقارية نتيجة ارتفاع تكلفة المشروعات.
“التطوير العقارى” تطالب بحوافز للمشاركة فى تنفيذ “الإسكان الاجتماعى”
وأوضح أن الوضع الحالى يشجع على المزيد من صفقات الاستحواذ أو الاندماج سواء فى صورة استثمارات أجنبية أو استثمارات محلية نتيجة استقرار سعر الصرف ووضوح المشهد بشكل عام على عكس ضبابية العام الماضى فى تقييم الأصول، بالإضافة إلى انخفاض سعر الجنيه الذى يعد عامل جذب للاستثمارات الخارجية عند شراء الأصول.
وأشار جاد، إلى أن المستثمر المحلى يستطيع اللجوء للاندماج أو الاستحواذ فى تنفيذ مشروعات خاصة عند توافر التسعير الجاذب.
وقال إن الشركات المتعثرة لن تكون جاذبة لفرص الاندماج أو الاستحواذ إلا عند وجود مزايا تشجع شركات أخرى على إتمام الصفقة مثل امتلاكها لأصول كالأراضى غير المستغلة أو محفظة مشروعات كبيرة.