عزا مصرفيون تراجع عدد البنوك ذات الأهمية النظامية إلى 3 بدلاً من 5 فى يونيو 2023 إلى عدة أسباب، منها نمو المحافظ الائتمانية لبعض البنوك نتيجةً لتحريك سعر الصرف، ما ساهم فى زيادة أصولها، وكذلك طرح منتجات مرتفعة العائد بما أدى لتركز مدخرات العملاء فى عدد أقل من البنوك.
وبحسب تقرير الاستقرار المالى، تحتل البنوك ذات الأهمية النظامية حصة كبيرة فى قائمة المركز المالى للقطاع المصرفى فى مصر، حيث بلغت حصتها 62.5% من إجمالى المركز المالى للقطاع فى يونيو 2023، و65.3% من إجمالى محفظة قروض العملاء والبنوك.
كما استحوذت على 67.1% من إجمالى الاستثمارات المالية وأذون الخزانة، وتمثل 61.1% من إجمالى الودائع، وساهمت بنسبة 51.4% من صافى أرباح القطاع المصرفي.
![لماذا تراجع عدد البنوك النظامية فى السوق المصرى؟ حصة البنوك](https://d2tm09s6lgn3z4.cloudfront.net/2024/07/حصة-البنوك.jpg)
وتتمتع تلك البنوك برقابة أكثر صرامة من غيرها، بسبب تأثيرها الكبير فى السوق أو بسبب تشابك علاقاتها مع البنوك الأخرى.
قال أحمد شوقى، الخبير المصرفى، إن توسيع دائرة البنوك ذات الأهمية النظامية يعتمد على قدرتها على تحقيق نمو فى محفظة التمويلات والودائع والاستثمارات والأصول.
أوضح أن تراجع عدد البنوك ذات الأهمية النظامية ليس سلبيًا بالنسبة للسوق، بل سيزيد من التنافسية بينها خلال الفترة المقبلة حتى تعود لدائرة الأهمية والتأثير مرة أخرى.
اختبارات الضغط: البنوك يمكنها الصمود أمام التحديات الاقتصادية الصعبة
وأوضح أن تحريك سعر الصرف من أسباب تراجع عدد البنوك ذات الأهمية النظامية، حيث تضخمت المحافظ الائتمانية لبعض البنوك التى تقوم بالإقراض بالعملات الأجنبية، مما أثر على الأصول وأدى إلى خروج بعض البنوك من دائرة الأهمية.
وارتفع سعر صرف الدولار إلى 30.93 جنيه فى يونيو 2023 مقابل نحو 24.73 جنيه بنهاية ديسمبر 2022.
وأشار إلى أن بعض البنوك التى تسعى لأن تكون مؤثرة فى السوق المصرى ستحتاج إلى التوسع فى الإقراض بالعملات الأجنبية لزيادة نشاطها وحجم أعمالها، وزيادة أصولها، فضلاً عن التوسع فى تقديم الخدمات المصرفية كالاعتمادات وخطابات الضمان، لأنها تحقق ربحية عالية للبنك.
عبد العال: البنك المركزى يكثف رقابته على البنوك ذات الأهمية النظامية
قال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصرى الخليجى، إن البنك المركزى يفرض قيودًا أكثر صرامة على البنوك ذات الأهمية النظامية، لأن لها تأثيرًا قويًا على سلامة القطاع المصرفى.
وأضاف عبد العال أنه كلما توسعت تلك البنوك وتعددت أنشطتها، كلما زادت مخاطرها المحتملة، لذا يفرض البنك المركزى عليها حدًا أدنى لمعدل كفاية رأس المال أعلى من الحد المطبق بالفعل فى السوق.
وذكر تقرير الاستقرار المالى أن البنوك ذات الأهمية النظامية يتم تحديدها باستخدام أربعة مؤشرات رئيسية، وهي: حجم البنك، ودرجة الارتباط بالبنوك المحلية، ومدى توافر البدائل للخدمات المالية المماثلة، ودرجة تطور وتعقد الأنشطة.
ويطلب المركزى من البنوك ذات الأهمية النظامية معدلات أعلى لكفاية رأس المال، كما تخضع اختبارات ضغط بشروط أصعب من غيرها.
فهمى: الشهادات الادخارية مرتفعة العائد ساعدت على تركز العملاء وودائعهم
قال ماجد فهمى، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية الأسبق، إن فوائد الشهادات فى بنكى مصر والأهلى كانت الأعلى فى السوق، وكانت متاحة لكل شرائح العملاء، ما أدى إلى تركز ودائع العملاء فى هذين البنكين للاستفادة من منتجاتهما، وشجع العملاء على الاقتراض منهما والاستفادة من منتجاتهما.
وأضاف فهمى أن الاقتصاد المصرى يعيش حاليًا فترة استثنائية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة التى تُضعف نشاط الائتمان، إلى جانب عدم قدرة بعض البنوك على منح معدلات فائدة مرتفعة على منتجاتها، ما يجعلها تخرج عن دائرة المنافسة والتأثير، مما ينشط البنوك القادرة على طرح أعلى فوائد فى السوق.
وأوضح أن التركز الشديد فى الإقراض والإيداع فى 3 بنوك مسألة عابرة ستتغير مع تحسن الأوضاع وتراجع أسعار الفائدة، وعدم وجود حاجة لطرح أوعية ادخارية تفوق مستوى السوق.
![لماذا تراجع عدد البنوك النظامية فى السوق المصرى؟ قروض غير](https://d2tm09s6lgn3z4.cloudfront.net/2024/07/قروض-غير.jpg)
وتُمثل أصول بنكى مصر والأهلى 55.6% من إجمالى أصول القطاع المصرفى، وفقًا للقوائم المالية الصادرة عن البنك المركزى المصري.
وفى النصف الأول من العام الماضى، تجاوزت قروض البنكين 3 تريليونات جنيه، والودائع بلغت 5.6 تريليون جنيه.
وطرح البنكان فى يناير 2023 شهادتي ادخار بفوائد 25% و22.5%، وكانت تلك أعلى عوائد فى السوق آنذاك، ووصلت حصيلة الشهادتين إلى 460 مليار جنيه، واستمر طرحهما لمدة شهر تقريبًا.
هل تكون الرخصة الرقمية فرصة لعودة البنوك الأوروبية إلى مصر مجددا؟
وأشار فهمى إلى أن التوسع فى افتتاح فروع جديدة من بقية البنوك والتنوع فى المنتجات وتعزيز جودتها يسهم فى جذب عملاء جدد، ويُفكك التركز الشديد فى بنكين أو ثلاثة فقط.
وأظهرت القوائم المالية ليونيو 2023، أن عدد فروع بنك مصر يبلغ 820 فرعاً ووحدة مصرفية، بينما لدى البنك الأهلى 643 وحدة مصرفية داخل مصر.
ووصل إجمالى عدد الفروع المصرفية فى مصر إلى 4638 فرعًا فى يونيو 2023، وفقًا للبيانات الرسمية من البنك المركزي.
الدماطى: انتشار الفروع يعزز التركز فى عدد محدود من البنوك
وقالت سهر الدماطى نائب رئيس بنك مصر سابقًا إن البنوك الأكثر انتشارًا والأقدر على الوصول لأكبر عدد من العملاء هى البنوك ذات التأثير الأهم فى السوق، مثل بنكى مصر والأهلى المملوكين للدولة.
وأضافت أن توسيع دائرة البنوك ذات الأهمية النظامية يتطلب من البنوك التركيز على تحقيق الانتشار اللازم للوصول للعملاء فى المناطق البعيدة، والتى تفتقر إلى تنوع الخدمات المصرفية، ويمكن أن تستفيد البنوك التقليدية من رقمنة الخدمات لتحقيق الانتشار، مع العلم أن هذه الخطوة لن تحقق نتائج فورية.
![لماذا تراجع عدد البنوك النظامية فى السوق المصرى؟ مؤشرات السلامة](https://d2tm09s6lgn3z4.cloudfront.net/2024/07/مؤشرات-السلامة.jpg)
وأوضحت الدماطى أن تركز الأهمية فى 3 بنوك فقط لا يشكل خطرًا على القطاع المصرفى، نظرًا لأن بنكى مصر والأهلى، المملوكين للدولة، لديهما تاريخ طويل فى السوق يزيد على 100 عام، ويعتبران ذراعين للبنك المركزى المصرى فى تنفيذ سياسته، مثل طرح الشهادات الادخارية بالعوائد المرتفعة لتحكيم أسعار الكوريدور والتضخم.
ومؤخرًا رفعت وكالات التصنيف الائتمانى الثلاثة الرؤية المستقبلية لبنوك الأهلى ومصر والتجارى الدولى التى يُعتقد إلى حد بعيد أنها البنوك ذات الأهمية النظامية.
وقالت وكالة “فيتش ريتينج” إنها رفعت النظرة المستقبلية لرسملة بنكى الأهلى ومصر إلى إلى مستقر من سلبى لتعكس انخفاض الضغوط على القاعدة الرأسمالية فى 2024 و2025 على خلفية توافر السيولة فى البلاد بالعملة الأجنبية بما يدعم استقرار سعر الصرف والربحية القوية للبنوك.
وفى مايو الماضى، تحول عجز صافى الأصول الأجنبية إلى فائض يزيد على 14 مليار دولار بعد تسلم مصر قيمة صفقة رأس الحكمة بالكامل وتدفق استثمارات بقيمة 24 مليار دولار، بخلاف زيادة استثمارات الأجانب فى الأذون والسندات المحلية.
وأعطت “فيتش” بنكى الأهلى ومصر وزن نسبى 4 فى مؤشر الاستدامة لتعكس تأثرهما باستراتيجية الحكومة وأنشطة الأعمال عبر طرح شهادات مرتفعة العائد، وهو ما يكون له تأثير على التصنيف الائتمانى عبر زيادة تكلفة الأموال وخفض صافى هامش الفائدة.