المهدى: تقليص عجز الموازنة يتطلب توسيع القاعدة الضريبية وتخفيض الاستثمار
شهدت المجموعة الاقتصادية تغييرات واسعة النطاق فى تشكيل الحكومة الجديدة، بعدما أسندت إليهم مهام جديدة باستثناء محافظ البننك المركزى، فى وقت تنفذ فيه البلاد خططًا للإصلاحات المالية والنقدية والهيكلية.
شملت التغييرات خروج وزيرة التخطيط ودمج الوزارة مع وزارة التعاون الدولى تحت رئاسة رانيا المشاط، كما تولى أحمد كجوك، منصب وزير المالية خلفًا لمحمد معيط الوزير السابق، بعدما قضى نحو 9 أعوام نائبًا للوزير لشئون السياسات المالية.
ومن بين التغييرات البارزة دمج وزارة النقل مع وزارة الصناعة، وإسنادها لكامل الوزير وزير النقل فى الحكومة السابقة، وعودة وزارة الاستثمار ودمجها مع قطاع التجارة الخارجية فى وزارة واحدة يتولاها حسن الخطيب، صاحب الخبرة فى مجال الاستثمار المباشر وبنوك الاستثمار.
وبعد أن أصبح وزير قطاع الأعمال السابق محمود عصمت، وزيرًا للكهرباء، تم تعيين المهندس محمد الشيمى، بدلًا منه وزيرًا لقطاع الأعمال.
وشهد التشكيل الجديد تعيين كريم البدوى وزيرًا للبترول خلفًا لطارق الملا، وأسندت وزارة التموين والتجارة الداخلية إلى رئيس الهيئة القومية للبريد السابق، شريف فاروق خلفاً لعلى المصيلحى، وعين مدبولى الوزير السابق للطيران شريف فتحى، وزيرًا للسياحة خلفًا لأحمد عيسى.
وينتظر المجموعة الاقتصادية الجديدة عدد من التحديات أبرزها استكمال الإصلاحات المخططة مع صندوق النقد الدولى، والذى يدور حول 3 محاور أساسية أهمها الحفاظ على مرونة سعر الصرف والانضباط المالى وزيادة مساهمة القطاع الخاص وخفض مساهمة الدولة فى الاقتصاد.
وقال على متولى، محلل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إحدى شركات الاستشارات في لندن، إنه يتعين على الحكومة الجديدة إعادة ترتيب الأولويات، فى ظل الانعكاسات السلبية لأزمة البحر الأحمر على الصادرات وإيرادات قناة السويس، ما يحتاج اهتمامًا بالغًا وحُسن إدارة.
وأضاف أن الحكومة تواجه تحديات على رأسها، تحقيق الاستقرار الاقتصادى من خلال وضع خطة تحافظ على الاتجاه التنازلى لمعدلات التضخم، والالتزام بسياسات تُدعم استقرار سعر الصرف، إلى جانب العمل على زيادة معدلات نمو القطاع الخاص وتعزيز مناخ الاستثمار، وحُسن التعامل مع أزمة الديون وإدارة المخاطر الخارجية.
وتابع أنه على الرغم من أن تلك السياسات ضرورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادى على المدى الطويل، إلا أن توقيتات تلك السياسات أدى إلى حالة من عدم اليقين فى السوق، ومن المنتظر أن تقدم الحكومة الجديدة برنامجها للبرلمان خلال 20 يومًا.
ورجح متولى، أن يتضمن البرنامج الجديد مبادرات تعزز نمو القطاع الخاص، وإبراز دور صندوق مصر السيادى وخطة الطروحات الحكومية للحد من دور القطاع العام.
ويرى أن إعادة وزارة الاستثمار مُجددًا، يؤكد على تركيز الدولة على جذب رأس المال الأجنبى، ودعم مبادرات الاستثمار المحلية، وهو أمر ضرورى للنمو الاقتصادى وخلق فرص العمل.
وأرجع دمج بعض الوزارات إلى نية الحكومة التصدى للبيروقراطية وتحسين الكفاءة الإدارية وتعزيز تنسيق السياسات وفعالية التنفيذ، وخاصة في القطاعات الاقتصادية الحيوية للنمو.
وقال أحمد عبدالنبى رئيس إدارة البحوث فى شركة مباشر لتداول الأوراق المالية، إنه يجب وضع استراتيجية طويلة المدى تعالج التحديات المستمرة للاقتصاد المصرى، لتذليل التحديات بفاعلية، خاصة أن هناك بالفعل تحديات مستمرة على مدى سنوات مثل عجز الموازنة.
وأضاف أن العمل على تحقيق النمو الاقتصادى وتهيئة مناخ أعمال يساعد الشركات على النمو المستمر من الحلول الاستراتيجية التى من شأنها تقليص عجز الموازنة عبر تعزيز الإيرادات الضريبية بالتبعية.
قالت عالية المهدى عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، إن أبرز التحديات التى تواجه وزارتى “المالية” و”التخطيط” هو العمل على خفض عجز الموازنة، عبر ترشيد المصروفات الحكومية وتعظيم إيرادتها، لتتمكن من تقليص الاقتراض الداخلى والخارجى.
وأضافت المهدى أن أكثر بنود المصروفات يُمكن ترشيده على المدى القريب هو “الاستثمارات العامة”، خاصة أنه من الصعب استهداف تخفيض بند “الدعم” أو “الأجور” أو “خدمة الدين” لأنها تعتبر التزامات ثابتة.
وترى أنه كان من الأفضل أنه تتولى وزارة المالية إدارة البند الخاص بالاستثمارات الحكومية بدلًا من وزارة التخطيط حتى تُديره وفقًا لمستهدفاتها.
وأشارت إلى أنه يجب تعظيم الإيرادات من خلال توسيع المجتمع الضريبى، واستهداف الفئات التى لا تتحمل ضرائب تتناسب مع أرباحها وأنشطتها، مثل الأطباء، والمحامين والمهندسين، مُشيرة إلى أن التركيز على الاقتصاد غير الرسمى ليس الحل الأمثل، لأن معظمه يتكون من المشروعات الصغيرة التى تدخل تحت الإعفاء الضريبى.
قال هشام حمدى نائب رئيس قسم البحوث فى شركة النعيم القابضة، إن الوزارات الجديدة تواجه 3 تحديات رئيسية، على رأسها عجز الموازنة العامة، والتى تنعكس على أغلب القطاعات الاقتصادية، لاسيما معدلات التضخم التى بلغت مستويات مرتفعة.
وأشار إلى أن استقرار سعر الصرف، يُعد من أهم التحديات التي يواجهها السوق في الوقت الحالي، مؤكدًا أن تلك الأزمة لاتزال تلقى بظلالها بالقطاع المصرفى حتى بعد إتمام مصر لصفقة رأس الحكمة.