بينما يبذل المجتمع المدني جهودا جبارة للإسهام في تحقيق التنمية على جميع المستويات، فإنه يواجه إشكاليات تراجع معدلات التمويل، والتي تمثل أبرز التحديات حالياً.
وساعد القطاع على إقامة شبكة حماية اجتماعية ، تتداخل مع الجهود التى تقدمها الدولة سواء فى برامج الحماية الاجتماعية النقدية للدولة أو برامج التمويل ودعم السلع.
قالت نهى طلعت أمين عام سر التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموي السابق، إن المجتمع المدنى ومنظماته فى مصر يحظى بدور فعال ومؤثر على مدار عشرات السنين.. الأمر الذى دفع القيادة السياسية قبل عامين لإعلان 2022 عام المجتمع المدنى، نظرًا لأهمية الدور الذى قام به فى عملية التنمية الشاملة فى مصر.
أضافت، أن تطور البناء التشريعي بالمجتمع المدنى فى مصر خصوصا بعد عودة مناقشة آخر قانون لمجلس النواب الذى يحمل رقم 70 لعام 2017، وتم استبداله بقانون 149 لعام 2019 ، ساعد على إشهار عدد كبير من الجمعيات الأهلية فى مصر، وتقنين أوضاعها كى تكون شريكا أساسيا مع القطاع الخاص الحكومي فى تنمية الدولة.
وأوضحت طلعت أن شبكات الحماية الاجتماعية تتدخل لمكافحة الفقر متعدد الأبعاد بأشكاله المختلفة ، سواء عن طريق مكافحة المرض وتقديم خدمات صحية من خلال المستشفيات الخاصة بهم ووحدات الرعاية الصحية الأولية وتقديم المعونات الشهرية النقدية.
ولدى الجمعيات الأهلية برامج يتشابه مضمونها مع برنامج تكافل وكرامة، من خلال صرف معاشات شهرية ومنظمة يتم اعطائها للأسر غير القادرة على العمل.
ولفتت إلى أن تواجد الجمعيات فى تقديم كل أشكال المساعدات الاجتماعية، ساعد على إقامة شبكة حماية اجتماعية متكاملة ومتداخلة بشكل كبير مع الجهود التى تقدمها الدولة سواء فى برامج الحماية الاجتماعية النقدية للدولة أو برامج التمويل والدعم على السلع بالتكامل مع جميع ما يقدمه المجتمع المدني، خلق ثراء فى منظومة الحماية الاجتماعية فى مصر قادرة على مساعدة المصريين على تخطى عدة أزمات أهمها أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وجميع الصراعات الإقليمية السابقة.
المدير التنفيذى لـ”مرسال” تشيد بالتعاون مع التحالف الوطنى للعمل الأهلى خلال رمضان
وأكدت أن تداخل شبكة جهود الجمعيات الأهلية مع شبكة الحماية الاجتماعية للدولة ، يحظى بجهد مبذول، ومازال يحدث سعى لمزيد من التطور.
كشفت طلعت، أن أبرز التحديات التى تواجه المجتمع المدنى تتعلق بتراجع معدلات التمويلات لأن مؤسسات المجتمع المدني تعتمد على التمويل بشكل كبير الذى يأتي من التبرعات من داخل مصر أو في صورة منح خارجية.
وهذا التراجع في تدفقات التمويل ناتج عن الأزمات الاقتصادية الأخيرة سواء المحلية أو العالمية التى أصابت المواطنين فى عمليات الإنفاق الشهرية.
وتابعت أن شروط المنح أصبحت شروطا متعسفة لأن بعضها يحمل علامات استفهام فيما يخص الأمن القومي، وهو ما يؤدى إلى التأخر في قبولها.
ولم يعد اعتماد المجتمع المدني على مصادر التمويل المتنوعة ما بين دعم داخلي من الأفراد والمجتمع المحلي ودعم من الخارج، يحقق استدامة كما كان يحدث من قبل، وهو من أكبر العوائق التى تواجه المجتمع المدنى.
ويمثل ارتفاع أسعار الخدمات بشكل غير مدعوم، ثانى تحديات المجتمع المدني التى تتمثل فى ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز والمياه والإيجارات خصوصا أنه مجتمع غير هادف للربح.
وهذا التحدي من المطالب التى يجب النظر إليها، إذ تم تقديم طلب بتعديلات على القانون 149 فى الحوار الوطني فيما يخص مواد الضرائب والجمارك والإعفاءات الجمركية على الأجهزة الطبية وجميع المنتجات المستوردة اللازمة لتشغيل المشروعات.
رقمنة القطاع وزيادة أعداد المتطوعين سيدعمان أداء الجمعيات بشكل كبير
ولفتت طلعت، إلى أن جهود المتطوعين تحتاج مزيدا من التنظيم أيضًا، بالإضافة إلى ضرورة تنسيق الجهود بين الجمعيات كي لا يحدث تكرار فى إعطاء الخدمات، أوتضارب فى الخدمات المقدمة للمواطنين، وأصبح وجود قاعدة بيانات، ضرورة ملحة للعمل على ترشيد استهلاك الموارد.
قالت أمين عام سر التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، إن الجمعيات لاتزال غير قادرة على الشعور بأثر ملموس فى عملية التنمية الشاملة، لأن الجهود التى تقدم من المؤسسات هي جهود تستهدف بالأساس علاج أعراض وليست أمراض .. لذلك كى نشعر بأثر ملموس فى حياة الأسر يجب أن تكون التدخلات فى إطار خطة تنمية شاملة.
وتابعت: “ثمة افتقار فى معلومات الجمعيات التى ترسم خططها واستراتيجيتها على أسس سنوية، مع عدم إدراكها التوجه العام للدولة”.
كشفت طلعت، أن نقص المعلومات وعدم تداولها من الأزمات التي تواجه الجمعيات .. والتغلب عليها سيحدث فارقا كبيرا فى الأداء ، وسيجنب المانحين مشقة إجراء استقصاء وبحث اجتماعى .. وهذا لن يحدث دون وجود رقمنة وزيادة عدد المتطوعين لتحديد أولوية لاحتياجات الأسر.
وفى بعض الأحيان تغيب “العدالة في التوزيع” بسبب اتساع النطاقات الجغرافية التى تعمل بها الجمعيات بجانب صعوبة تداول المعلومات، بالإضافة إلى أن هناك أسرا تكون أكثر احترافية فى تقديم طلب مساعدة من الجمعيات الأهلية عكس أسر عديدة فى بعض المحافظات لا تسعى للحصول على أى دعم.
والجمعيات الأهلية كلما احتاجت لزيادة المتبرعين فهى تشارك معهم القيمة المضافة التى تمت بسبب التبرعات، مؤكدة أن الإعلانات والسوشيال ميديا ساعدا على نشر الوعى بين المواطنين قبل صرف أى تبرعات، بالإضافة إلى الطرق القانونية التي لها علاقة بالمراجعة الحتمية لميزانيات الجمعيات من المصروفات والإيرادات، وجاءت كشرط لتمكن الجمعيات من جمع تبرعات جديدة فى العام التالى بعد انتهاء صلاحية التقرير والمراجعة السنوية.
تعاون بين “الزراعة” و”تحالف العمل الأهلي” لدعم المزراعين ضمن “حياة كريمة”
أكدت طلعت وجود رقابة بحكم القانون ملزمة بالتنفيذ، ويترتب عليها تجديد ترخيص جمع المال حال حدوث شك فى نشاط الجمعية بطريقة صرف الأموال للمستحقين، بجانب وجود رقابة شعبية ذاتية من المتبرعين على الجمعيات التي تجمع تبرعات وهو ما يفضى لوجود متابعة جيدة وتقييم وافى لأداء الجمعية.
والهجوم الذي يشن على الجمعية الواحدة يؤثر على باقى الجمعيات لأن المتبرع يأخذ انطباعا واحدا على القطاع سواء أكان سلبيا أو ايجابيا.
وتحتاج الجمعيات للتواصل الحى والمستمر مع جمهور المتبرعين من خلال عرض النشاطات التي تم تنفيذها على أرض الواقع من خلال التبرعات والجهود المقدمة ومدى تأثيرها على الأسر.
أكدت أمين عام سر التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى ، أن تقديم بعض الجمعيات لنفس الخدمات سواء التأمين الصحى أو خدمات مشابهة لـ “العلاج على نفقة الدولة” ياتى بسبب صعوبة تداول المعلومات، مشيرة إلى أن هناك جمعيات عديدة وخاصة من الجمعيات اللامركزية التى توجد فى المحافظات لا تعرف الجهود والتطورات التي تقدمها المبادرات الرئاسية.
وتحتاج الجمعيات إلى التواصل مع القطاع الحكومي، كى تتمكن من الاطلاع على جميع الجهود التي تقدمها المبادرات الرئاسية، لأن القطاع الحكومي هو الأحرص على نجاح منظومة المجتمع المدنى من خلال إقامة مبادرات أو منصة موحدة للإعلان عن جميع الخدمات المجانية التى تقدمها الدولة كالخدمات الصحية.