مستثمرو السندات يسعون للتحوط ضد مخاطر السداد بأعلى وتيرة منذ أكتوبر 2023
أثار صدور بيانات التوظيف الأمريكية يوم الجمعة مخاوف الجميع من ركود اقتصادي متوقع حدوثه في بدايات العام المقبل.
ووفر الاقتصاد الأمريكى نحو 36% وظائف أقل من المتوقع مكتفيًا بنحو 114 ألف وظيفة، ما ألقى بظلاله على أسواق الأسهم التى تراجعت بشكل جماعى فيما ارتفعت السندات.
وفي نهاية الأسبوع، شهدت سوق الأسهم الأمريكية أسوأ انخفاض لها لمدة يومين منذ مارس 2023.
وكان مسؤولو البنك المركزي قد توقعوا سابقًا خفضًا واحدًا لأسعار الفائدة في عام 2024، وفقًا للتوقعات المتوسطة الصادرة في يونيو.
وأشارت وكالة “بلومبرج” إلى قلق السوق بشأن الضعف الاقتصادي، إذ يسعر المتداولون الآن تخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية بأكثر من نقطة مئوية هذا العام.
وبحسب أداة “فيدووتش” فإن 78% من المستثمرين يرون خفض 25 نقطة أساس فى سبتمبر بعدما كان 25% فقط يرون ذلك، فى حين يتوقع 22% خفض بنسبة 0.5%.
وأرجع بنك جى بى مورجان فى ورقة بحثية الأسباب المحتملة للتقلبات في السوق، إلى الرواية الناشئة بأن “الاحتياطي الفيدرالي متأخر في اتخاذ الإجراءات” ما أدى لضعف أكثر من اللازم فى سوق العمل وأرقام التصنيع، بجانب التوترات في الشرق الأوسط، وعدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بجانب تقارير الأرباح.
وأبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 5.25% إلى 5.5% لكنه ألمح إلى خفض أسعار الفائدة في سبتمبر.
وبحسب بيانات بلومبرج تتجه فيه الشركات الأمريكية فى الربح الثانى نحو تسجيل أدنى ارتفاع عن التوقعات منذ الربع الرابع من 2022.
وجاءت نتائج الأعمال لبعض الشركات الكبيرة أيضًا مخيبة مع إعلان شركة إنتل، وهي رائدة التكنولوجيا الأميركية، عن أرباح ضعيفة وتوجيهات أضعف، وهبطت أسهمها نحو 25% في يوم واحد، وهي الآن أقل بنسبة 50% هذا العام,
وانخفضت أسهم أمازون بنحو 9% بسبب فشلها في تحقيق الأرباح وتوقعاتها لأرباح ضعيفة بشأن أعمالها في مجال التجزئة.
ويظهر تقرير التوظيف، أيضًا أن زيادة الأجور السنوية الشهر الماضي كانت الأقل خلال أكثر من ثلاث سنوات، ودفع بعض المؤسسات المالية في وول ستريت، بما في ذلك بنك أمريكا للأوراق المالية، إلى تقديم توقعاتهم لخفض الفائدة من ديسمبر إلى سبتمبر.
ويتوقع جولدمان ساكس ثلاث تخفيضات في معدلات الفائدة هذا العام بدلاً من اثنتين فقط قبل البيانات، بحسب رويترز.
“لا يبدو هذا كأنه بداية ركود اقتصادي، حيث ينخفض الطلب عن العرض”، بحسب تارا سينكلير، مديرة مركز الأبحاث الاقتصادية بجامعة جورج واشنطن، بحسب رويترز.
أضافت سينكلر:”ولكنه لا يزال يمثل ضعفًا. لدى الاحتياطي الفيدرالي الأدوات اللازمة لمعالجة هذا الضعف.”
وقال بريان بيثون، أستاذ الاقتصاد في كلية بوسطن: “لو كان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قد رأوا هذا التقرير، لكانوا قد خفضوا معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس هذا الأسبوع. لا يوجد أي مبرر لمواصلة فرض مستوى مرتفع من التشدد النقدي على الاقتصاد”.
وقالت وكالة “بلومبرج” إن المستثمرين فى الديون يسعون لتأمين أنفسهم ضد تخلف الشركات عن سداد سنداتها في ظل تزايد المخاوف بشأن صحة الاقتصاد الأميركي والمستهلك الأوروبى.
وارتفعت تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد لعدد من السندات عالية الجودة في أمريكا الشمالية بأكبر قدر منذ أكتوبر، ووصلت أحجام التداول في مؤشر مقايضة الائتمان الافتراضي (CDX.NA.IG)، الذي يقيس تكلفة الحماية ضد التخلف عن السداد لسلة من السندات عالية الجودة في أمريكا الشمالية، إلى أعلى مستوى يومى له خلال حوالي خمسة أشهر يوم الجمعة، وفقًا للبيانات المجمعة من بلومبرج.
وأضافت الوكالة أنه غالبا ما تكون المشتقات الائتمانية هي أولى الأدواتى التي تظهر علامات الضعف في حالة تباطؤ السوق، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن بيع السندات قد يستغرق وقتًا أطول.
وزاد المتداولون من مشترياتهم من أدوات التأمين بعد أن أثارت سلسلة من بيانات سوق العمل الضعيفة مخاوف من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي انتظر طويلا لخفض أسعار الفائدة.
كما شعر مديرو الأموال بالانزعاج من الأرباح المخيبة للآمال من شركات التكنولوجيا والمستهلكين الذين خفضوا انفاقهم على كل شيء من الوجبات السريعة إلى حقائب اليد الفاخرة.
“الضعف الاقتصادي وتأثيره على الأرباح في المستقبل هو الخطر غير المسعر في الأسواق في رأينا” بحسب ما نقلت وكالة بلومبرج عن رافائيل ثوين، رئيس استراتيجيات أسواق رأس المال في تيكوه كابيتال.
أضاف :”قد ينتهي هذا بالتأثير على فروق الائتمان (الفارق بين العائد على السندات ذات الجودة العالية والعائد على السندات ذات الجودة المنخفضة، الذي يعكس مستوى المخاطر)، في وقت لا تزال فيه التقييمات بعيدة عن الرخص”.
كتب – محمود الحسينى وفرح طارق: