بعد عامين على إصدار الرخصة الذهبية؛ يتطلع مستثمرون ومحللون، إتاحتها لجميع المشروعات، بدلا من اقتصارها على مشروعات بشروط محددة، فى محاولة لتنشيط حركة الاستثمار وتسريع وتيرة تأسيس الشركات الجديدة.
يأتى ذلك رغم إعلان الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة مؤخرًا، رفضها مئات الطلبات الراغبة فى الحصول على الرخصة الذهبية لعدم مطابقتها للشروط، فى حين بلغ الحاصلون عليها حتى الآن نحو 31 مشروعًا، حسب بيانات الهيئة.
يتوقع المستثمرون، أن يسهم إتاحة الرخصة لجميع المشروعات، فى الوصول إلى ألف رخصة خلال الربع الأول من العام المقبل، وهو الرقم الذى لم يتحقق حتى الربع الثالث من العام الجارى لعدم مطابقة المشروعات للشروط، وفق بيانات حكومية.
والرخصة الذهبية أو «الموافقة الواحدة» تساعد المستثمر فى تسريع وتيرة إجراءات الحصول على التراخيص للمشروعات الصناعية والبنية التحتية الجديدة بدءا من تخصيص الأراضى واستخراج تراخيص البناء، وحتى تشغيل المشروع وإدارته.
وتمنح للشركات التى تؤسس لإقامة مشروعات المشاركة بين القطاع الخاص والدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام فى أنشطة (المرافق العامة والبنية التحتية – الطاقة الجديدة والمتجددة – الطرق والمواصلات – الموانئ – الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات).
وفى يونيو 2022 منحت هيئة الاستثمار أول رخصتين ذهبيتين لمصنع الضفائر الكهربائية التابع لشركة يازاكى اليابانية، وشركة صناعة الأسمدة الإماراتية سى إف سى جروب، وفق بيان الهيئة.
هلال: منح الرخصة لجميع القطاعات يعزز فرص تعميق الصناعة المحلية
قال محرم هلال رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، عضو المجلس الأعلى للاستثمار، إن مجتمع الأعمال توقع مع بداية إطلاق الرخصة الذهبية قبل عامين طفرة فى أعداد المشروعات الجديدة، لكنها وحتى الآن لم تحقق المستهدف الذى وضعت لأجلة.
أضاف لـ”البورصة”، أن عدد المشروعات الحاصلة على الرخصة الذهبية محدود للغاية، لذا على وزير الاستثمار حسن الخطيب مراجعة آلية منح الرخصة الذهبية، بغرض إتاحتها لجميع المشروعات، لأن الهدف الأساسى منها هو التيسير وتسهيل الإجراءات على المستثمر.
أشار إلى أن شركات فى قطاعات كثيرة تستغرق وقتًا يصل إلى 8 أشهر للحصول على التراخيص الصناعية، ومصر فى مرحلة فاصلة تحتاج فيها إلى تسريع الإجراءات لتوطين المنتجات المستوردة لرفع الضغط على الدولار.
ودعا وزير الاستثمار إلى فتح حوار مجتمعى مع المستثمرين ورجال الأعمال حول مقترحاتهم، بشأن ملفات الاستثمار والتحديات التى تواجه القطاع وكيفية حلها.
أوضح أن عودة عمل وزارة الاستثمار، يساعد فى الترويج للفرص الاستثمارية المتاحة فى السوق المصرى، متوقعًا نموًا كبيرًا فى حجم المشروعات الجديدة، والتوسعات الداخلية للمشروعات القائمة فى حال منحت الرخصة لقطاعات أوسع.
وشهد التعديل الوزارى عودة وزارة الاستثمار بين الحقائب الوزارية بعد مرور أكثر من 4 سنوات على إلغاءها فى ديسمبر 2019، حيث تولى الدكتور مصطفى مدبولى شئون الاستثمار آنذاك إلى جانب مهام منصبه كرئيس لمجلس الوزراء، فى محاولة لدفع عجلة العمل والإنجاز بملف الاستثمار عبر وضعه تحت الإشراف المباشر.
عيسى: منافسة الدول المجاورة على جذب الاستثمارات يحتاج إلى تحرك حكومى قوى
قال على عيسى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن توحيد سعر الصرف بعد التعويم الأخير، ساهم فى استقرار السوق وحفز مستثمرين على استئناف خططهم وأعمالهم التوسعية، وكان ينبغى على الحكومة استغلال هذا الأمر فى جذب أكبر قدر من الاستثمار الأجنبى المباشر فى أى قطاعات.
أضاف لـ “البورصة”، أن الرخصة الذهبية دافع جيد للاستثمار، لكن اقتصار منحها على قطاعات وشركات محدودة ليس إيجابيًا، فى ظل تنافسية الدول المجاورة وهى السعودية والمغرب على جذب الاستثمارات الأجنبية.
أوضح أن الجمعية أعدت مذكرة لإرسالها إلى وزارة الاستثمار بشأن مراجعة بعض القرارات المعرقلة لنمو الاستثمارات الداخلية، بالإضافة إلى المطالبة بإتاحة الرخصة الذهبية لجميع المشروعات.
أشار إلى أهمية توطين الصناعة المصرية فى كل المجالات الممكنة، عبر تحفيز الاستثمار بشكل أكثر جدية لخفض فاتورة الواردات، فقطاع الزراعة، يستورد نحو 90% احتياجاته.
وتسآءل عيسى، عن سبب حرمان الشركات الجديدة التى تنشأ بغرض تلبية احتياجات السوق من الحصول على الرخصة الذهبية، لعدم مطابقتها للشروط وواحدًا منها على سبيل المثال هو أن تؤسس الشركة بغرض تصدير 50% من منتجاتها إلى الخارج سنوياً، خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات من تاريخ بدء مزاولة النشاط.
ووفق هيئة الاستثمار فإنه ضمن ضوابط وشروط الرخصة الذهبية، أن يتخذ شكل شركة مساهمة أو شركة ذات مسئولية محدودة، وألا يقل رأس المال المصدر للشركات المساهمة، ورأس المال للشركة ذات المسئولية المحدودة، عن 20% من التكاليف الاستثمارية للمشروع بخلاف الالتزام بتقديم ما يفيد الملاءة المالية لتنفيذ المشروع.
قال محمد المرشدى رئيس جمعية مستثمرى العبور، رئيس غرفة الصناعات النسيجة باتحاد الصناعات المصرية، إن مصر تعمل على تحسين سمعة الاستثمار فى الأسواق الخارجية لجذب أكبر حصيلة دولارية من هذا المصدر، ويعكس هذا الأمر الشركات العاملة فى السوق المحلى.
لفت إلى أن الرخصة الذهبية تمنح فى جميع الدولة العربية، ومنحها لجميع المشروعات بات ضرورة ملحة للوصول إلى الخطط المستهدفة.
الشريف: لابد من حوار مجتمعى حول جدوى منح الرخص الذهبية للمشروعات القومية
يرى عاطف الشريف رئيس البورصة المصرية الأسبق والشريك والمؤسس لمكتب الشريف للاستشارات القانونية، أن التشريعات واللوائح الخاصة بالرخصة الذهبية وضعت بشكل لا يحقق الغرض الرئيسى من إطلاق الرخصة، موضحًا أنه يجب إعادة النظر فى التشريعات واللوائح الخاصة بالرخصة لتحقيق الهدف الأساسى منها.
ووفقاً لهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة فإن المشروعات الحاصلة على الرخصة الذهبية تُظهر تنوعًا قطاعيًا وجغرافيًا واضحًا، حيث تتوزع المشروعات بين قطاعات النقل والسياحة والإسكان والتجارة الداخلية والصناعات الغذائية والطاقة النظيفة والاستثمار البيئي، كما تتوزع بين خمسة أقاليم، هى القاهرة والإسكندرية وقناة السويس وشمال الصعيد وجنوبه.
ودعا الشريف إلى عدم قصر إصدار الرخص الذهبية على المشروعات الكبيرة، ويجب إصدارها أيضاً للمشروعات الرائدة أو المشروعات الخاصة بالقطاعات المستهدف تنميتها مثل قطاع الصحة على سبيل المثال.
وأشار إلى أنه يجب على اللجنة المختصة بإصدار الرخصة الذهبية أن تقوم بعمل حوار مجتمعى أو جلسة استماع خاصة بالمستثمرين لمعرفة حاجاتهم من الرخصة وأوجه التيسير الممكن تقديمه لهم.
ومنذ إتاحتها الرخصة الذهبية عام 2022، بلغ عدد الشركات التى حصل عليها 31 شركة، أبرزهم العربى جروب للتنمية الصناعية والتجارية، ومصر للهيدروجين الأخضر، وحسن علام للخدمات اللوجستية، وبلوم للتطوير العقارى وسامسونج إليكترونيكس مصر، والشركة الوطنية المصرية لصناعات السكك الحديدية.
وقال الشريف أن وجود وزارة معنية ومتخصصة بأمور الاستثمار يجعلنا نأمل بأن نجد تطورات كبيرة فى مجال الاستثمارات وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
نافع: تطبيق الحوكمة بعد منح الرخصة أفضل من حجبها عن المشروعات الجديدة
وقال مدحت نافع، الخبير الاقتصادى أستاذ الاقتصاد فى جامعة القاهرة، أن تعميم الرخصة الذهبية لجميع المشروعات ضرورى، وبعد ذلك يأتى دور الحوكمة مع بدء عمل النشاط، وعليه يتم محاسبة أو وقف تراخيص كل من يخالف اللوائح.
وأشار إلى أن التحديات لا تكمن فقط فى رخصة إنشاء شركة ولكن تكون للسماح ببدء مزاولة العمل أو النشاط، موضحاً أن الغرض من الرخصة هو التسهيل على المستثمرين وليس التضييق عليهم.
وأوضح أن من ضمن التحديات التى يمكن أن تواجه المستثمرين الأجانب ليس إصدار التراخيص وإنما تكلفة الطاقة وتكلفة التمويل.
وأشار نافع إلى أنه يجب أن يكون الدور المنوط بوزارة الاستثمار هو النظر للمشروعات الكبيرة مثل رأس الحكمة وتدشين مشروعات تخدم تلك المشروعات الكبيرة، لأن لجوء المشاريع لاستيراد احتياجاتها سيضغط بشكل كبير على ميزان المدفوعات.