أظهرت المناقشات التى جرت فى جلسات المؤتمر العالمى لشركة شنايدر إلكتريك، الذى عقد مؤخرا فى مدينة برشلونة الإسبانية، التحديات التى تفرضها زيادة الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعى فيما يتعلق بالانبعاثات الكربونية.
وتقدر “شنايدر إلكتريك”، أن استخدام الذكاء الاصطناعى سيستهلك ما بين 15% و20% من إجمالى استهلاك الطاقة فى مراكز البيانات بحلول عام 2028.
وسلط المؤتمر الضوء على اتجاهات الصناعة وفرص النمو المستقبلية، ورؤى تطور مراكز البيانات فى ظل ثورة الذكاء الاصطناعي.
قالت ناتاليا ماكاروشكينا، نائب الرئيس الأول لقطاع الطاقة المؤمنة للعمليات الدولية بشركة شنايدر إلكتريك، خلال جلسة تحت عنوان “الذكاء الاصطناعى وتأثيره على مراكز البيانات”، إن التوقعات والإحصائيات لا تعكس الواقع بشكل دقيق فيما يتعلق بسرعة نمو الذكاء الاصطناعى (AI) وتأثيره الاقتصادى، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050 سيكون هناك 100 مليار جهاز مرتبط بإنترنت الأشياء.
لكنها تعتقد أن وتيرة التقدم فى هذا السياق ستكون أسرع، مضيفة أنه إذ كان هناك 25 مليار جهاز مرتبط بإنترنت الأشياء حتى عام 2020.
وأضافت أن معدل النمو السنوى للبيانات الكبيرة يقدر بـ61%، ومن المتوقع أن تشهد ارتفاعًا لتصل إلى 175 زيتابايت بحلول 2025 من 50 زيتابايت فى 2022.
كما سلطت الضوء على التأثير الاقتصادى الإيجابى المحتمل للذكاء الاصطناعى، بما فى ذلك توفير الطاقة البشرية وزيادة الكفاءة، إذ أكدت على أن الذكاء الاصطناعى أصبح جزءًا لا يتجزأ من التقدم الاقتصادى، وأن وقفه لم يعد خيارًا مطروحًا، مشيرة إلى أن التقديرات توضح أن الذكاء الاصطناعى سيضيف 16 تريليون دولار للاقتصاد العالمى، وهو ما يمثل 14% زيادة فى حجم الاقتصاد بحلول 2030، وفقا لإحصائيات.
وذكرت أن استخدام الذكاء الاصطناعى يتطلب استهلاك عالى جدًا للطاقة، واستهلاك الطاقة للبحث عن كلمة واحدة سيكون حوالى 0.3 كيلووات ساعة فقط، أما فى حالة استخدام نظام GPT على سبيل المثال، لتحليل موضوع ما وجمع كل المعلومات المتاحة عنه، يكون استهلاك الطاقة أكثر بعشر مرات مقارنة بالبحث البسيط عن كلمة أو ترجمتها، وهذا يعتمد على حجم النظام المستخدم، سواء كان نظامًا صغيرًا أو متوسطًا، لذا فإن استهلاك الطاقة يزداد بعشر مرات فى حالة عملية التحليل البسيطة التى تتضمن جمع المعلومات من مصادر مختلفة.
وقالت إنه خلال السنوات العشر الماضية، عندما كنا نتحدث عن نماذج اللغة الكبيرة (LLM)، لم يكن هناك سوى 25 نظامًا معروفًا، لكن فى العامين الماضيين فقط تم إنشاء 100 نظام جديد، وهو ما يبرهن على أن مسار التطور الخاص بالذكاء الاصطناعى متسارع بشكل كبير.
ولفتت إلى أن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى الجديدة أدى إلى زيادة كبيرة فى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون لدى شركات الإنترنت الكبرى خلال السنوات الخمس الماضية، حيث وصلت النسبة إلى ما بين 40 و50%.
وأوضحت أنه على الرغم من تطوير 100 نموذج لغة كبير خلال العامين الماضيين، إلا أن 8% فقط منها يتم استخدامها حاليًا. ومع ذلك، من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 20% من إجمالى استهلاك الطاقة فى مراكز البيانات خلال السنوات الأربع القادمة.
وتحدثت ماكاروشكينا، عن جهود “شنايدر إلكتريك” لمكافحة تغير المناخ من خلال تصميم مراكز بيانات مبتكرة خالية من انبعاثات الكربون، وتركز الشركة على الاستدامة من خلال تحسين كفاءة البنية التحتية الخاصة بها مع تقليل استهلاك الطاقة، مؤكدة على التزام الشركة بمكافحة تغير المناخ، مشيرة إلى أن تجاوز العالم لعتبة 1.5 درجة مئوية فى ارتفاع درجة حرارة الأرض يمثل تهديدًا كبيرًا.
وقالت إن “شنايدر إلكتريك” تقدم استراتيجيات شاملة لتصميم مراكز البيانات المستدامة، وتتمحور عروض الشركة على ثلاثة عناصر رئيسية، هى استراتيجية المعالجة، والبنية التحتية، والأثر البيئى.
تبريد مراكز البيانات في عصر الذكاء الاصطناعي
من جانبه، حذر ماوريتسيو فريزيرو، مدير إدارة ابتكار وتطوير تقنيات التبريد، قطاع الطاقة المؤمنة لدى شنايدر إلكتريك، خلال جلسة بعنوان “الحفاظ على برودة مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي”، من التحديات المتزايدة التى تواجه تبريد مراكز البيانات فى عصر الذكاء الاصطناعى، مؤكدًا على ضرورة تطوير استراتيجيات تبريد ذكية ومستدامة لمواكبة الطلب المتزايد على القدرات الحاسوبية.
وأشار فريزيرو إلى دور التبريد المحورى فى تشغيل مراكز البيانات، حيث لا يمكن لأى خادم أو جهاز العمل بدون نظام تبريد فعال، موضحًا أن تزايد كثافة الخوادم وقدراتها الجديدة يزيد من الاعتماد على أنظمة تبريد فعالة لضمان التشغيل الأمثل.
التحدى الأكبر، بحسب فريزيرو، يكمن فى التوسع فى استخدام الذكاء الاصطناعى، ويوضح أن الذكاء الاصطناعى يعتمد بشكل كبير على وحدات معالجة الرسومات (GPUs) التى تستهلك طاقة أكبر وتحتاج إلى تبريد أكثر فعالية مقارنة بالخوادم التقليدية، كما لفت فريزيرو إلى ضرورة عدم إغفال البنية التحتية الحالية لمراكز البيانات خلال التحول إلى الذكاء الاصطناعي.
ففى الوقت الذى يشهد فيه الذكاء الاصطناعى نموًا هائلًا، لا تزال هناك حاجة ماسة إلى تشغيل الخوادم التقليدية.
وقال إن الشركة لديها فريزيرو ثلاثة عناصر أساسية فى استخدام التبريد السائل، وهى أنظمة تبريد سائل للخوادم، وتتوفر تقنيات مختلفة لتبريد السائل على مستوى الخادم، بما فى ذلك تبريد الشريحة مباشرة أو تبريد الخادم بالكامل، إضافة إلى إدارة حرارية فعالة، حيث تلعب إدارة الحرارة دورًا رئيسيًا فى استدامة نظام التبريد السائل، ويشمل ذلك آليات التخلص من الحرارة بكفاءة، إلى جانب توزيع سائل التبريد، إذ يعتبر توزيع سائل التبريد بكفاءة عبر مركز البيانات عنصرًا مهمًا لضمان فعالية النظام بأكمله.
“شنايدر إلكتريك” تتصدر قائمة الشركات الأكثر استدامة فى العالم
فى حين سلطت شهين ميران نائب الرئيس لتطوير الأعمال، قطاع الطاقة المؤمنة فى شنايدر إلكتريك، الضوء خلال جلسة بعنوان “الطاقة والذكاء الاصطناعي: عصر جديد لمراكز البيانات؟” على الحاجة إلى إعادة التفكير فى إدارة الطاقة لمراكز البيانات استعدادًا لتبنى تطبيقات الذكاء الاصطناعية، والتى تتطلب مراكز بيانات تتمتع ببنية تحتية حديثة، حيث تحتاج هذه المراكز إلى إعادة صياغة نهج إدارة الطاقة بالإضافة إلى قدرتها على إدارة البيانات بفعالية.
وأوضحت ميران، أن الاستثمار الحالى فى مجال الذكاء الاصطناعى يركز على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعى الكبيرة، والتى يتم تدريبها فى منشآت مركزية ضخمة، إلا أن الاستخدام الفعلى لهذه النماذج سيحدث على حافة الشبكات فى بيئات مختلفة تمامًا عن بيئات التدريب، متوقعة أن ما يقارب 50% من عمليات الذكاء الاصطناعى ستُجرى على حافة الشبكات Edge بحلول عام 2028 مقارنة بـ5% خلال 2023.
من جانبها، استعرضت أليسون ماتى، مسئول الاستدامة، لمنصة « EcoStruxure IT » بشركة شنايدر إلكتريك، خلال جلسة بعنوان « تأثير الذكاء الاصطناعى على الاستدامة» أهمية الدور المتنامى لمدراء أنظمة المعلومات (CIO) فى تحقيق الاستدامة داخل المؤسسات، وذلك من خلال إدارة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات بكفاءة أكبر واستخدام التقنيات الجديدة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، موضحة أن مسؤولياتهم لم تعد تقتصر فقط على تنفيذ التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعى، بل أصبحت تشمل أيضًا إدارة مراكز البيانات وغرف الشبكات وغرف الخوادم.