أصبح “دويتشه بنك”، أخيراً، جاهزاً للمضي قدماً بعد ستة عشر عاماً من إبرام آخر صفقة كبرى له.
فمنذ أن بادر الرئيس التنفيذي السابق جو أكرمان للاستحواذ على بنك التجزئة “بوستبانك”، قبل ثلاثة أيام من انهيار مصرف “ليمان براذرز هولدينجز”؛ ظل “دويتشه بنك” متردداً بشأن كيفية التعامل مع هذه الخطوة.
وازدادت الأمور تعقيداً بسبب مشاريع تكنولوجيا المعلومات الفاشلة والدعاوى القضائية التي رفعها مساهمو “بوستبانك”.
والآن، يستعد الرئيس التنفيذي كريستيان سوينج، لإغلاق هذا الفصل من تاريخ البنك بعد الاتفاق على دفع حوالي 350 مليون يورو لمجموعة من مستثمري “بوستبانك” السابقين لتسوية حقوقهم المالية التي زعموا أنهم لم يحصلوا عليها كاملة أثناء الاستحواذ.
وبينما لم تتوصل مجموعة صغيرة أخرى من المستثمرين إلى تسوية بعد، من المتوقع أن ينهي حكم قضائي مقرر صدوره في أكتوبر معظم الدعاوى القضائية المتبقية.
في وقت سابق من هذا العام، نجح “دويتشه بنك” في إنهاء الأعمال المتراكمة الناجمة عن مشروع نقل بيانات “بوستبانك” الذي فشل وتسبب في قطع الخدمات المصرفية الأساسية عن آلاف العملاء العام الماضي.
وهذا الخطأ أجبر سوينج على الاعتذار علناً وكلفه جزءاً من مكافأته. ولم تظهر أية قضايا جوهرية جديدة منذ مارس، بحسب متحدث باسم البنك.
كانت الدعاوى القضائية الخاصة بالمستثمرين ومشكلة نقل بيانات تكنولوجيا المعلومات أكبر مشكلتين متبقيتين من صفقة “بوستبانك”، التي كانت تهدف في الأصل إلى تحقيق توازن في اعتماد “دويتشه بنك” على عمليات التداول.
وصرح أكرمان آنذاك بأن دمج البنكين سيجعل أكبر بنك مقرض في ألمانيا “غير قابل للمساس”.
تداعيات الأزمة المالية
لكن الوضع تغير بشكل جذري عندما أنهت الأزمة المالية العصر الذهبي للخدمات المصرفية الاستثمارية، بينما تسببت أسعار الفائدة المنخفضة بشكل قياسي في تراجع دخل البنوك من الإقراض.
كما تعثرت خطة استخدام الودائع الضخمة الخاصة بعملاء “بوستبانك” الأفراد كمصدر تمويل رخيص لعمليات التداول بسبب اعتراضات تنظيمية.
قرر “دويتشه بنك” لاحقاً بيع “بوستبانك”، مما أدى إلى إلغاء مشروع كبير لدمج أنظمة تكنولوجيا المعلومات بين البنكين، ثم ألغيت عملية البيع عندما فشل المقرض الألماني في العثور على مشترٍ، مما اضطره إلى بدء إعادة هيكلة جديدة.
وأدت التكاليف المرتبطة بمشكلة تكنولوجيا المعلومات إلى تحويل الموارد من مشاريع أخرى. وفي الوقت نفسه، دفعت مخصصات الدعاوى القضائية البالغة 1.3 مليار يورو البنك في الربع الأخير إلى التخلي عن تعهده بإعادة شراء المزيد من الأسهم هذا العام.
ويراجع “دويتشه بنك” الآن هذا القرار، إذ تتيح له تسوية الأمور مع “بوستبانك” إطلاق جزء من احتياطاته المالية المخصصة لهذه القضية.
وأشار سوينج، إلى أن الصفقة المتعثرة أثرت سلباً على كيفية تقييم “دويتشه بنك” لعمليات الاستحواذ المستقبلية.
قضى الرئيس التنفيذي الحالي معظم حياته المهنية في “دويتشه بنك”، وكان له دور حاسم في تنفيذ استراتيجية “بوستبانك” عندما كان رئيساً لوحدة التجزئة وإدارة الثروات بين عامي 2015 و2019.