أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة تدعم جهود مصر في إصلاح اقتصادها لكي يصبح أكثر تنافسية وديناميكية، معلنا عن تمويل أمريكي إضافي يقدر بـ129 مليون دولار للاستثمار في مئات المنح التعليمية العليا، وتشجيع ريادة الأعمال، وتحسين الصحة في المناطق الريفية.
وقال بلينكن ـ في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبدالعاطي في القاهرة، اليوم ـ “إن العلاقات مع مصر مهمة بالنسبة للولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى، ويمكن تحقيق الكثير سويا، كما لاتزال شريكة لا يمكن الاستغناء عنها”.
وأشار إلى أهمية المباحثات التي أجراها في مصر وفي إطار الحوار الاستراتيجي المشترك، لافتا إلى أن الحوار الاستراتيجي يؤكد التزام مصر والولايات المتحدة بالاستمرار في تعزيز العلاقات بطريقة تركز على خدمة شعبي البلدين، كما أعرب عن تقديره للدكتور بدر عبد العاطي وفريقه على هذه البداية الجيدة، حيث تم تحقيق التقدم في الكثير من الأولويات، بما في ذلك التنمية والحوكمة والاقتصاد.
وأضاف بلينكن: “معا نحقق التقدم الاقتصادي ونوسع الفرص الاقتصادية للمصريين والأمريكيين، ونساعد النساء ليصبحن من رائدات الأعمال، كما سنعمل على توسيع الاستثمار الخارجي المباشر ليتعدى الألف شركة أمريكية موجودة في مصر”.
وأوضح أنه في واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر، تم استضافة اللجنة الاقتصادية الأمريكية المصرية المشتركة من أجل تنمية التعاون الاقتصادي، فضلا عن تشجيع مشاركة القطاع الخاص أيضا، منوها إلى أنه خلال الشهر المقبل سوف يستضيف الممثل التجارى الأمريكي جولة من المحادثات للتعرف على خطوات إضافية لتعزيز العلاقات التجارية لمساعدة مصر على اجتذاب المزيد من التجارة والاستثمار.
وقال بلينكن “إنه بناء على دور مصر القيادي في مؤتمر المناخ واستضافتها لمؤتمر (cop27) فسنعمل على الاستمرار فى تسريع عجلة التحول إلى الطاقة النظيفة، وسوف ننظر هذا الأسبوع فى مشاريع الهيدروجين وتوليد الطاقة الشمسية، وهناك قدرات هائلة لاستخدام التقنية المتجددة”.
وشدد على أن هذه الاستثمارات ضرورية من أجل إطلاق قدرات مصر، كما أن لجنة التعليم ستقوم بتأسيس كثير من المدارس لتعليم العلوم والتكنولوجيا بما يغطي كل الجامعات حتي يتمكن الشباب من الإعداد للمستقبل، كما نوه إلى أن هناك ممثلا عن ثلاث جامعات أمريكية مهمة سيقوم في وقت لاحق اليوم بفتح حرم جامعي لهم في مصر، ما يعطي الطلاب المصريين الفرصة للحصول على تعليم أمريكي ببلدهم مصر.
وشدد وزير الخارجية الأمريكي على أن بلاده تعمل على تعزيز جهود مصر في الحفاظ على تراثها وآثارها، بما في ذلك إدراج معبد “أبيدوس” على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي.
وأوضح بلينكن أن المباحثات تطرقت إلى سبل تعزيز التعاون الأمني طويل الأمد بين مصر والولايات المتحدة، منوها إلى أن مصر دائما ما تقدم مساهمات في مجال حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية أو السودان، وغيرها من المناطق، كما لاتزال شريكة لا يمكن الاستغناء عنها في السعى للوصول إلى هدنة في غزة تعيد الرهائن، وتخفف من معاناة السكان في غزة وتؤسس لسلام طويل الأمد.
ولفت إلى أنه تم بحث أهمية الوصول لتحقيق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتأكيد على الاستمرار بالسعي لتحقيقها مع النظراء، مشددا على أن الهدنة ستكون أفضل طريقة لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة وتخفيف المخاطر على الاستقرار الإقليمي.
وأشار إلى أن الولايا المتحدة تعي جيدا المخاطر التي تشعر بها مصر جراء التواترت الإقليمية، والتي من بينها استمرار الحوثيين بدعم من إيران في مهاجمة التجارة العالمية في البحر الأحمر، وهو ما كلف مصر نحو خمسة مليارات دولار من العائدات الضائعة.
واستطرد: “لقد لعبت مصر دورا حيويا في الصراع في السودان، وهو أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وبالعمل مع شركائنا في السعودية والإمارات وسويسرا والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة حققنا كثيرا من التقدم خلال الشهر الماضي، وتم فتح معابر تسمح بعبور المساعدات الإنسانية، لكن هذا التقدم مهدد الآن بسبب حملة جديدة من قوات الدعم السريع في الفاشر تسببت في مقتل ونزوح الآلاف من الأشخاص”.
وأضاف: “على قوات الدعم السريع ضرورة اتخاذ كل الخطوات لحماية أرواح الأبرياء واحترام التزاماتها لحماية المدنيين، كما على القوات المسلحة السودانية إيقاف قصفها العشوائي للمدنيين.. وعلينا جميعا القيام بالمزيد لإنهاء هذه الحرب البشعة والبناء على ما حققناه في جدة.. وفي الأسبوع المقبل، وخلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، سوف أقدم عرضا لفتح ممر إنساني لحماية المدنيين وإيقاف العدائيات”، معربا عن شكره لمشاركة وقيادة مصر لهذا الجهد وسخاء الشعب المصري في استضافة مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين.
وشدد وزير الخارجية الأمريكي على الدور المهم الذي تلعبه مصر في تحقيق الاستقرار في ليبيا، وهو ما تهتم به الولايات المتحدة سعيا لحل الخلافات التي تقع بين الفرقاء هناك.. واختتم تصريحه بالقول: “هذه هي بعض وليست كل القضايا التي ناقشناها في هذه اللحظة المليئة بالتحديات، والتي تؤكد على أهمية شراكتنا مع مصر، فحوار اليوم مهم جدا ليس فقط لأنه يذكرنا بما هو على المحك، ولكن بما هو ممكن تحقيقه لشعبينا وللمنطقة”.