رفعت وكالة “ستاندرد آند بورز” في تقرير تصنيفها الائتماني الثاني لسلطنة عُمان إلى “BBB-” من “BB+” مع نظرة مستقبلية مستقرة، نتيجة تحسن الأداء المالي للدولة.
وذكرت وكالة الأنباء العمانية، اليوم السبت، أن مؤشر التصنيف “BBB-” لدى وكالة ستاندرد آند بورز يعد أولى درجات مؤشر الجدارة الاستثمارية عند تقييم التصنيف الائتماني ويمثل بيئة استثمارية آمنة، حيث عادت سلطنة عمان لهذه الفئة من التصنيف بعد انخفاض دام قرابة 7 سنوات (منذ عام 2017) جراء تأثيرات الأزمات الناتجة عن انخفاض أسعار النفط العالمية وجائحة كورونا (كوفيد-19)، واستغرقت سلطنة عمان سنتين ونصف من الالتزام في تطبيق الإجراءات لتستعيد هذا التصنيف.
وقالت الوكالة، في تقريرها الصادر أمس، “إن تحسن التصنيف الائتماني يعزى إلى استمرار إجراءات تحسين المالية العامة من خلال المبادرات والإجراءات التطويرية في الجوانب المالية والاقتصادية، وإجراءات إعادة الهيكلة الحكومية التي أسهمت في إعادة التوازن المالي بين الإيرادات والإنفاق العام كما هو مخطط له في الخطة المالية متوسطة المدى وبدء تحقيق فوائض مالية، إلى جانب التزام الحكومة بخفض الدين العام للدولة، وحوكمة الشركات الحكومية وخفض مديونيتها.وتمكنت الحكومة نتيجة ارتفاع متوسط أسعار النفط وتحقيق النتائج الايجابية جراء الإجراءات المالية المتخذة، من تقوية المركز المالي للدولة وإتاحة المرونة للتعامل مع أي صدمات خارجية مفاجئة”.
وتوقعت الوكالة أن تحقق الميزانية العامة للدولة في سلطنة عمان فوائض مالية معتدلة بنسبة 1.9% خلال الفترة 2024-2027، على افتراض أن يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 80 دولارا أمريكيا للبرميل خلال الفترة 2025-2027، والذي من شأنه أن يسمح للحكومة بمواصلة خفض مستوى الدين العام وبناء الاحتياطيات المالية.
كما توقعت الوكالة بأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (بالأسعار الثابتة) بنحو 2% سنوياً في المتوسط خلال الفترة 2024-2027، وسيؤدي ارتفاع متوسط الإنتاج النفطي حتى عام 2027 إلى استمرار تحفيز نمو القطاع غير النفطي بنحو 2% سنوياً.. كما توقعت الوكالة بأن يسجل الحساب الجاري فوائض المالية في المتوسط بنسبة 1.2% من الناتج المحلي الاجمالي خلال الفترة 2024-2027.
وأوضحت أن سلطنة عمان ملتزمة بخفض إجمالي الدين العام، حيث من المتوقع أن يصل إلى معدل 29% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2027.. وفي الوقت نفسه، أشارت إلى أن متوسط حجم الأصول النقدية السائلة ستبقى عند معدل 36% من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2027.
كما أشارت الوكالة، في تقريرها، إلى أنه من المتوقع أن يظل التضخم معتدلاً بمتوسط نحو 1.4% سنوياً خلال الفترة 2024-2027، بعد وصوله إلى معدل منخفض عند 0.9% في عام 2023.
ومن جانب آخر، توسع نمو الائتمان الممنوح إلى القطاع الخاص بنسبة عالية بلغت 4.9% في عام 2023، ومن المتوقع أن تستمر بيئة الائتمان ملائمة مما يدفع نمو عمليات الإقراض بنحو 5% إلى 6% سنوياً.
وأوضح التقرير أن الجهود الحكومية في إدارة الشركات الحكومية منذ عام 2020 أسهمت بشكل واضح في تقوية قواعد الحوكمة وتعزيز الكفاءة التشغيلية وتحسين الأوضاع المالية بارتفاع معدل ربحية الشركات وانخفاض معدلات المديونية، كما أسهم إنشاء شركة تنمية طاقة عمان EDO وشركة الغاز المتكاملة IGC في تحسين هيكل الحسابات المالية الحكومية عبر إظهار صافي الإيرادات الحكومية بعد خصم المصروفات الخاصة بإدارة قطاعي النفط والغاز.
وذكر التقرير أن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان قد يشهد مزيدا من التحسن خلال العامين القادمين في حال استمرار التزام الحكومة في إدارة المالية العامة للدولة وفق ما هو مخطط له بزيادة الايرادات غير النفطية ورفع كفاءة الإنفاق العام، والتي من المؤمل أن تستمر هذه الاجراءات في الدفع بنمو الناتج المحلي الإجمالي مدعوماً بزخم مستمر في نمو أنشطة القطاعات غير النفطية، إضافة إلى استمرار التدابير الرامية إلى تعزيز تأسيس ونمو الشركات والمشاريع التي تدعم أنشطة وعمليات التنويع الاقتصادي، بجانب المبادرات الخاصة بتطوير قطاع سوق رأس المال.
وقال وزير المالية العماني سلطان بن سالم الحبسي “إن تقرير وكالة “ستاندرد آند بورز” برفع الجدارة الائتمانية لسلطنة عمان يؤكد بأن الحكومة ماضية في طريقها نحو تحقيق الأهداف الوطنية لإعادة التوازن المالي والوصول إلى الاستدامة المالية، وأن هذا التصنيف يعزز الثقة في متانة الاقتصاد وقدرته على النمو والتوسع الاقتصادي مصحوباً بالنتائج الايجابية للإجراءات المالية التي تم إقرارها على مدى السنوات الماضية، من بينها إصدار قانون الدين العام الذي أسهم في رفع الثقة بمنهجية عمل وزارة المالية وقواعد حوكمة الشركات الحكومية، إضافة إلى تحسين البيئة الاستثمارية”.
وأكد أن الحكومة ملتزمة بالاستمرار في تعزيز مؤشرات المالية العامة والاستفادة من الفوائض المالية المتحققة في زيادة المكاسب المنعكسة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وأن النتائج المتحققة جاءت بتعاون كافة الوحدات الحكومية والشركاء من القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.