ترجح الأسواق أن يواصل البنك المركزي الأوروبي المسار السائد عالمياً نحو تخفيف السياسة النقدية بخفض أسعار الفائدة الأسبوع المقبل، وهي الخطوة التي قال صناع السياسات قبل شهر واحد فقط إنها مستبعدة.
يرى خبراء الاقتصاد أن الخفض الثالث بربع نقطة مئوية من المرجح أن يبشر بتسارع خفض أسعار الفائدة لفترة أطول من جانب مسؤولي المركزي الأوروبي، الذين يسعون إلى تخفيف وطأة الضربة التي تلقاها اقتصاد منطقة اليورو نتيجة ارتفاع تكاليف الاقتراض لفترة طويلة، حيث يعاني من تباطؤ في الوقت الحالي.
قد يتم الاستيضاح من رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، في المؤتمر الصحفي الذي يلي اجتماع يوم الخميس بالقرب من العاصمة السلوفينية ليوبليانا، حول مسار خفض الفائدة المستقبلي، وحول التغيرات الملموسة منذ اجتماع سبتمبر.
مع وجود فارق أصغر من المعتاد يبلغ خمسة أسابيع فقط بين القرارات، ومع عدم توفر الكثير من البيانات الجديدة، يبدو أن المسؤولين يتخلون عن حذرهم الأخير المتعلق بالضغوط التضخمية، والمرتبطة بشكل أساسي ببيانات المسح التي تشير إلى انكماش في اقتصاد القطاع الخاص. إذ حركت مثل هذه التقارير مؤشرات الأسواق المالية، وأثارت الزخم بشأن خفض متوقع على نطاق واسع بعد أن أيد صناع السياسات إلى حد كبير التعديل في الرهانات.
كان التحول مفاجئاً. في قرار 12 سبتمبر، استبعد المسؤولون تقريباً الخفض في أكتوبر. وبعد أيام، أعلن محافظ البنك المركزي السلوفاكي بيتر كازيمير: “سنحتاج بالتأكيد إلى الانتظار حتى ديسمبر” قبل اتخاذ خطوة أخرى لأن “المعلومات الجديدة الشحيحة” ستكون متاحة بحلول السابع عشر من أكتوبر.
حالياً، يُعدُّ كازيمير الصوت الوحيد الذي يعارض علناً أي خفض للفائدة يوم الخميس، رغم أن صقوراً آخرين قد ينضمون إليه خلف الكواليس.
أما بالنسبة لما سيحدث بعد ذلك، يعتقد خبراء الاقتصاد في الوقت الحالي أن البنك المركزي الأوروبي سيسرع من خفض تكاليف الاقتراض إلى مستوى لا يقيّد الاقتصاد بحلول نهاية عام 2025، وفقاً لمسح “بلومبرج”.
وفي مكان آخر، قد تُظهر البيانات الصينية أن الاقتصاد يواصل أداءه دون المستوى المستهدف، وستتخذ البنوك المركزية الأخرى من جنوب شرق آسيا إلى تشيلي قرارات بشأن أسعار الفائدة. يتوقع أن يتباطأ التضخم في المملكة المتحدة أخيراً دون 2%، كما يُنتظر الإعلان عن جائزة نوبل في الاقتصاد في ستوكهولم يوم غد الاثنين.
الولايات المتحدة وكندا
من المنتظر أن تمنح التقارير الأميركية إحساساً بمدى الزخم الذي اكتسبه المستهلكون والمصنعون وبناة المنازل مع اقتراب الربع الأخير من العام. ويُتوقع أن تظهر البيانات الصادرة يوم الخميس نمواً ثابتاً في مبيعات التجزئة يؤكد على عادات الإنفاق الاستهلاكي المرنة.
تشير توقعات الناتج المحلي الإجمالي لبنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً إلى وتيرة أسرع في الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، ما يدعم النمو الاقتصادي القوي في الربع الثالث.
وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يُظهر تقرير بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الخميس تراجعاً في إنتاج المصانع، ليلقي الضوء على تعثر قطاع التصنيع. ومن المحتمل أن يشير تقرير بناء المساكن في اليوم التالي إلى هدوء في أعمل تشييد المنازل.
قد يكون تأثير إعصار “هيلين” على البيانات الاقتصادية لشهر سبتمبر متواضعاً نظراً لوقوعه في وقت متأخر من الشهر. رغم ذلك، فمن المتوقع أن يتسبب إعصارا “هيلين” و”ميلتون” في دفع بيانات شهر أكتوبر للانحراف.
من بين مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي الذين سيتحدثون الأسبوع المقبل: كريستوفر والر، ونيل كاشكاري، وماري دالي.
وبالتحول شمالاً، يراقب بنك كندا المزيد من علامات تباطؤ التضخم الأساسي في قراءة سبتمبر، بعد أن وصل المعدل الرئيسي إلى الهدف البالغ 2% في أغسطس الماضي.
مع ذلك، فحدوث مفاجأة صعودية صغيرة لن تثني صناع السياسات عن مسارهم في تيسير السياسة النقدية، وقد صرحوا بأنهم يتوقعون بعض الصعوبات في طريقهم لتحقيق المعدل المستهدف على نحو مستدام.
آسيا
ستظل الصين في دائرة الضوء طوال الأسبوع، خاصة يوم الجمعة مع صدور بيانات النمو، والتي من المرجح أن تظهر أن الاقتصاد يواصل توسعه لكن دون هدف الحكومة الصينية البالغ 5% لهذا العام.
ستؤكد البيانات السبب وراء قيام السلطات بإجراءات تيسيرية جريئة أواخر الشهر الماضي، كما قدمت دفعة أخرى من الدعم يوم السبت.
ستصدر بكين مجموعة من البيانات الشهرية، بما في ذلك الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة لشهر سبتمبر، إلى جانب بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث. ربما يشير الاستثمار العقاري انخفاضاً بمعدل مزدوج الرقم للشهر الخامس على التوالي.
بدأ الأسبوع بصدور بيانات التضخم الاستهلاكي في الصين، اليوم الأحد، والذي أظهر زيادةً بنسبة 0.4% على أساس سنوي، وهو أقل من متوسط التوقعات البالغ 0.6%، في حين انخفضت أسعار المنتجين بنسبة 2.8%، مسجلةً تراجعاً لمدة عامين كاملين.
وفي مكان آخر بآسيا، تصدر هيئة النقد في سنغافورة بيان سياستها يوم الاثنين، في حين تشهد منطقة جنوب شرق آسيا، يوم الأربعاء، موجة من إجراءات البنوك المركزية.
وفي مانيلا، من المتوقع أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة المرجعية وسعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة بمقدار ربع نقطة مئوية لكل منهما، في حين قد يبقي بنكا تايلندا وإندونيسيا على سياساتهما النقدية دو تغيير.
يُتوقع أن ترتفع أسعار المستهلك في اليابان لشهر سبتمبر بشكل أسرع من هدف بنك اليابان للشهر السابع والعشرين على التوالي، وتصدر في أستراليا بيانات التوظيف يوم الخميس والتي قد تعكس استمرار ضيق سوق العمل.
من المحتمل أن يتسارع نمو اقتصاد سنغافورة في الربع الثالث، وفقاً لإجماع التقديرات للبيانات التي ستصدر يوم الاثنين. ومن المقرر أن تصدر بيانات التجارة في الصين واليابان وإندونيسيا والهند وسنغافورة وماليزيا، كما ستصدر نيوزيلندا بيانات أسعار المستهلك للربع الثالث.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
إلى جانب قرار البنك المركزي الأوروبي، ستكون المملكة المتحدة محل متابعة رئيسي، حيث من المقرر إصدار بيانات الأجور والتضخم ومبيعات التجزئة.
ومع إشارة محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي إلى أنه قد يكون منفتحاً على نهج تيسيري أكثر جرأة، فإن البيانات ستقدم لمحة عما إذا كانت أسعار المستهلك أصبحت مناسبة على نحو كاف لتطبيق مزيد من التيسير.
يتوقع خبراء الاقتصاد أن تظهر بيانات التضخم ضعفاً في سبتمبر إلى ما دون هدف 2% لأول مرة منذ أبريل 2021.
وفي منطقة اليورو، سيصدر مسح مؤشر الثقة الألماني للمستثمرين (ZEW) في وقت تتكيف فيه حكومة ألمانيا مع توقعاتها الجديدة، حيث تعترف بأن أكبر اقتصاد في أوروبا يُحتمل أن ينكمش هذا العام.
أما في إيطاليا، فمن المقرر أن تقدم الحكومة الميزانية بحلول مساء الثلاثاء قبل الموعد النهائي للاتحاد الأوروبي. ومن المقرر أن تقدم كل من وكالتي التصنيف الائتماني “فيتش” و”ستاندرد آند بورز” تحديثات محتملة بشأن إيطاليا بعد إغلاق السوق يوم الجمعة.
وبالانتقال نحو الجنوب، يُتوقع أن تظهر البيانات في إسرائيل يوم الثلاثاء تسارع التضخم، والذي تجاوز بالفعل الهدف الرسمي بين 1% إلى 3%، وسط انخراطها في معارك على أكثر من جبهة. ويتوقع المحللون ارتفاع معدل التضخم إلى 3.7% في سبتمبر من 3.6% قبل شهر.
وفي جنوب أفريقيا، سيصدر بنك الاحتياطي الفيدرالي مراجعته نصف السنوية للسياسة النقدية، والتي تقدم إرشادات بشأن التضخم وتوقعات الأسعار. وسيتحدث المحافظ ليسيتجا كغانياغو خلال هذا الحدث.
يراقب المستثمرون في نيجيريا معدل التضخم السنوي لشهر سبتمبر لمعرفة ما إذا كان سيواصل تراجعه، حتى مع تزايد الضغوط على الأسعار نتيجة لارتفاع تكاليف الوقود والفيضانات المدمرة. ويبلغ معدل التضخم حاليا 32.2%.
وفي ناميبيا، من المقرر أن يخفض البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي، البالغ حالياً 7.5%، بمقدار 25 نقطة أساس يوم الأربعاء تماشياً مع التخفيض الذي أجرته جنوب أفريقيا الشهر الماضي. يرتبط الدولار الناميبي بالراند، ما يعني أن السياسة النقدية في ناميبيا تتبع غالباً إجراءات بنك الاحتياطي في جنوب أفريقيا.
يُرجح أن يبقي البنك المركزي التركي يوم الخميس سعر الفائدة عند 50% في اجتماعه السابع على التوالي. تباطأ التضخم من 75% في مايو إلى 49% في سبتمبر، لكن المسؤولين الأتراك يريدون رؤية مزيد من التراجع قبل أن يفكروا في تخفيف السياسة النقدية. ويعتقد بعض المحللين أن صناع السياسات سيؤجلون خفض الفائدة حتى عام 2025.
وفي مصر، من المرجح أن يبقي البنك المركزي سعر الفائدة عند 27.25% بعد أن أظهرت البيانات تسارع التضخم للشهر الثاني على التوالي في سبتمبر. “غولدمان ساكس” كان من بين البنوك التي تتوقع حالياً تأخير خفض تكاليف الاقتراض في مصر حتى أوائل العام المقبل.
أميركا اللاتينية
تشيلي تشهد اجتماعاً لأخذ قرار بشأن أسعار الفائدة، ومن المرجح أن تؤدي بيانات التضخم الأبطأ من المتوقع إلى خفض معدل الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 5.25%. وبذلك ترتفع دورة تخفيف البنك المركزي إلى 600 نقطة أساس، مع احتمال إجراء خفض آخر بمقدار 75 نقطة أساس بحلول نهاية 2025.
ومن بين أخبار البنوك المركزية الكبرى الأخرى بأميركا اللاتينية، يتوافق التيسير في بيرو إلى حد كبير مع التوقعات، في حين أن الإجراءات في البرازيل وكولومبيا والمكسيك أكثر تواضعاً من إجماع التقديرات. وستصدر السلطات النقدية في تشيلي والبرازيل وكولومبيا استطلاعات تحظى بمتابعة كبيرة. وبالإضافة إلى خبراء الاقتصاد والمحللين، تجري تشيلي أيضاً مسحا للتجار، من المقرر أن يصدر يوم الاثنين.
ارتفع معدل البطالة في عاصمة بيرو إلى 6.1% في أغسطس، وقد يرتفع مرة أخرى في قراءة سبتمبر المقرر صدورها يوم الثلاثاء. رغم ذلك فالبطالة تقترب من أدنى مستوى لها بعد الوباء مع استمرار الاقتصاد في إضافة الوظائف.
كذلك، تصدر كولومبيا يوم الثلاثاء بيانات أغسطس للإنتاج الصناعي والإنتاج التصنيعي ومبيعات التجزئة. كانت جميع قراءات يوليو إيجابية، ما يعد ارتفاعاً جماعياً هو الأول من نوعه منذ 17 شهراً.
قد تظهر قراءات الناتج المحلي الإجمالي في البرازيل وكولومبيا وبيرو أن الاقتصادات الثلاثة تواجه رياحاً معاكسة في يوليو بعد إغلاق النصف الأول من العام بمؤشرات إيجابية.