شدد رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي على أنه داعم لنهج الخفض التدريجي لمعدلات الفائدة الرئيسية، معتبراً أن البنك المركزي ليس في “عجلة من أمره” لكي يقدم على خفض جديد للفائدة في ظل اقتصاد قوي، محذراً من “مسار وعر” لكبح جماح التضخم في البلاد.
وأشاد مسؤول السياسة النقدية الأول في الولايات المتحدة، جيروم باول، بأداء الاقتصاد العالمي بوجه عام، ووصفه بأنه أداء “جيد بشكل ملحوظ”، لافتاً إلى حدوث “تقدم مهم” في مسيرة السيطرة على زيادات الأسعار.
ونقلت صحيفة “فايناشيال تايمز” عن باول ملاحظته بأنه في ضوء صلابة الاقتصاد ومرونته، ليس هناك حاجة ملحة لتخفيف السياسات النقدية على وجه السرعة، بل إنه أطلق تحذيراته بأن هناك مزيداً من العمل يتعين بذله لخفض التضخم على كل المستويات وإعادته إلى سقف المعدل المستهدف من المركزي الأميركي عند 2%.
وقال باول في كلمة له بولاية دالاس “الاقتصاد لم يرسل أي إشارات تعكس حاجتنا إلى الإسراع بخفض أسعار الفائدة، فالقوة التي نشهدها راهناً في الاقتصاد تتيح لنا القدرة على مقاربة اتخاذ القرار بعناية.”
وعلى وقع كلمات باول، قفز عائد سندات الخزانة لأجل عامين- الذي عادة ما يقتفي أثر توقعات معدلات الفائدة- بنحو 0.08% مسجلاً 4.36% في تعاملات ما بعد الظهيرة في بورصة نيويورك للأوراق المالية.
كان مجلس الاحتياط الفيدرالي أقدم، في الأسبوع الماضي، على خفض معدل الفائدة الرئيسي بربع نقطة مئوية لتصل إلى 4.75%، لتقترب بذلك من المعدل المستهدف من البنك عند 4.25 في المائة.
يتمثل التحدي الرئيس أمام الاحتياط الفيدرالي في تجنب إجراء كبح سريع لأداء الاقتصاد حتى يمنع حدوث زيادة جوهرية في مستويات البطالة، لكنه في الوقت نفسه يود إبطاء النمو بما يكفي لتأكيد أن التضخم قيد السيطرة.
عكست أحدث تقارير مؤشر أسعار المستهلك، التي صدرت الأربعاء الماضي، مدى ارتباك مسار تحقيق المعدل المستهدف لمجلس الاحتياط بـ2% وإمكانية استمراره، إذ يقول باول من جهة أن “مسيرة الرفع تلاقي مطبات في المستقبل أكثر مما توقعناه”، في وقت يقول إن اتجاه الهبوط بوجه عام “لا يزال متواصلاً”.
وتعرض الصحيفة اتجاهات التضخم في الولايات المتحدة مشيرة إلى أنه بعد انخفاض معدلات التضخم بأكثر من المتوقع على مدار أشهر عديدة سابقة، زاد المعدل المحتسب على أساس سنوي إلى 2.6 في المائة في أكتوبر، وذلك في أعقاب ما شهدته الأسعار “الجوهرية”، للسلع الأكثر تقلباً، الغذاء والطاقة، من زيادة بنسبة 0.3 في المائة، على مدار الأشهر الثلاثة السابقة المتتالية.
أما على صعيد التضخم الأساسي- الذي يقيس أسعار الخدمات ولكنه يستبعد أيضاً التكاليف ذات الصلة بالسكن- فقد تحرك لأعلى في أكتوبر وأصبح يسجل حالياً 4.4 في المائة، على أساس سنوي.
وكان باول أفاد في كلمته أنه يتوقع أن يواصل التضخم تراجعه، “رغم أنه في بعض الأحيان يسير على طريق وعر.”
كان اقتصاديون أميركيون حذروا من المقترحات الاقتصادية، التي طرحها الرئيس المنتخب دونالد ترامب كالتعريفات الجمركية وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وتوقعوا أن تتسبب في تفاقم الضغوط التضخمية.
ولدى سؤاله حول كيفية تأثير ذلك على قرارات مجلس الاحتياط الفيدرالي، قال باول إن البنك المركزي سوف يكون “حذراً بشأن تغيير سياسته حتى يتوافر لدينا مزيد من اليقين.”
وقال إن تأثير التعريفات الجمركية “لن يكون واضحاً حتى نرى السياسات الفعلية”، مشدداً على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سوف “يحتاط في حكمه.”