قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، إن الحكومة تستهدف الانتهاء من مراجعة ميثاق وطنى لدعم ريادة الأعمال بحلول الربع الأول من عام 2025، مع البدء فى تفعيل العديد من الحوافز والإجراءات التى يتضمنها، لدعم بيئة الشركات الناشئة وتعزيز دور القطاع الخاص فى الاقتصاد.
أضافت المشاط، خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر حابى السنوى السادس، أن هذا الميثاق يأتى كجزء من جهود الدولة لتهيئة بيئة داعمة لريادة الأعمال، مشيرة إلى أنه يتم صياغته بالتعاون مع ممثلى القطاع الخاص وعدد من الجهات الحكومية ذات الصلة، منها وزارة المالية، وهيئة الرقابة المالية، ووزارة الاتصالات، ووزارة التعليم العالى.
وأوضحت المشاط، فى مقابلة صحفية أجراها أحمد رضوان، رئيس تحرير والرئيس التنفيذى لجريدة حابى، أن الميثاق يهدف إلى وضع إطار تنظيمى شامل يتضمن توصيات القطاع الخاص بشأن التشريعات، واللوائح، والحوافز التى تساهم فى تحسين بيئة العمل للشركات الناشئة، كما يعمل على تعزيز الابتكار وربط ريادة الأعمال بالأهداف التنموية للدولة، خاصة فى القطاعات ذات الأولوية مثل التكنولوجيا والطاقة المستدامة.
وأكدت أن الحكومة تركز من خلال الميثاق على وضع آليات للحفاظ على الكفاءات الوطنية وسط المنافسة الدولية والإقليمية الشديدة، مشيرة إلى أهمية تعزيز الموارد البشرية وريادة الأعمال كركائز أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
الحكومة تستهدف زيادة الاستثمارات بقطاع ريادة الأعمال إلى 5 مليارات دولار
وأوضحت المشاط أن مصر تطمح لأن تكون مركزًا إقليميًا لريادة الأعمال فى أفريقيا، مستفيدة من موقعها الجغرافى وتطور بيئة الأعمال فيها.
كما أكدت أن هذا الميثاق سيسهم فى جذب الشركات الناشئة الأفريقية للعمل من مصر، مع توفير حوافز وإصلاحات تدعم توسع هذه الشركات فى الأسواق الإقليمية والدولية.
تمكين القطاع الخاص من أولويات الحكومة
وقالت إن الحكومة المصرية شرعت فى تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادى وهيكلى متعدد الأبعاد، يشمل مختلف أوجه النشاط الاقتصادى، حيث وضعت نصب أعينها تمكين القطاع الخاص كهدف رئيسى لا غنى عنه، من أجل تقليل التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى، وزيادة معدلات التنمية الشاملة والمستدامة.
وتابعت المشاط: “ساهم استمرار الصراعات والتطورات فى العديد من مناطق العالم، بالإضافة إلى تباطؤ التجارة العالمية وتشديد الأوضاع المالية، والأثار السلبية والتغيرات المناخية، فى زيادة المخاطر المحيطة بالاقتصاد العالمي، هو ما أسفر عن تباطؤ التوقعات للنمو فى عام 2024 إلى 2.4%، للعام الثالث على التوالي، مقابل 2.6% فى العام الماضي”.
وأكدت المشاط، أن الحكومة تضع على رأس أولوياتها تمكين القطاع الخاص ليكون الشريك الأساسى فى تحقيق النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة.
وأشارت إلى أن الدولة تعمل بشكل منهجى على تعزيز دور القطاع الخاص من خلال سياسات تتسم بالمرونة والديناميكية، مؤكدة أن قانون التخطيط الجديد يمثل نقلة نوعية فى هذا الاتجاه، حيث يتيح فرصًا واسعة للقطاع الخاص للمشاركة الفعالة فى تنفيذ برامج التنمية المختلفة.
الحكومة تُلزم القطاعات المختلفة بتحديد أولوياتها ضمن حدود الإنفاق
وأوضحت أن سقف الاستثمارات العامة قد وُضع لضمان استدامة الانضباط المالى وتقليل الاعتماد على الموازنة العامة، مع إفساح المجال أمام القطاع الخاص لتولى دور ريادى فى استكمال المشروعات الكبرى.
وأكدت أن الحكومة تُلزم القطاعات المختلفة بتحديد أولوياتها ضمن حدود إنفاق محددة، لتتيح المزيد من الفرص أمام الاستثمارات الخاصة، بما يعزز التناغم بين الجهود الحكومية والخاصة لتحقيق الأهداف التنموية.
وأضافت أنه بالتوازي مع المنهجية الجديدة في خطة العام المالي المقبل، فإن الوزارة تُتابع تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الجاري 2024-2025، أخذًا في الاعتبار الالتزام بسقف الاستثمارات العامة الذي حدده مجلس الوزراء لأول مرة، والمقرر بقيمة تريليون جنيه، ولذا فإن حجم الاستثمارات الكلية في هذا العام تبلغ 2 تريليون جنيه تقريبًا، منها تريليون جنيه استثمارات عامة، و987 مليار جنيه استثمارات خاصة بنسبة 49.7%.
ونوهت بأن سقف الإنفاق الاستثماري إلى جانب دوره في تمكين القطاع الخاص فإنه يخفض عجز الموازنة العامة للدولة.
خطة شاملة للإصلاح الهيكلى
وأضافت أن الوزارة تتبنى خطة شاملة للإصلاح الهيكلي، تقوم على ثلاثة محاور رئيسية: أولاً، تعزيز صمود الاقتصاد الوطنى فى مواجهة الأزمات.
ثانيًا، رفع مستويات التنافسية فى القطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال تطوير التشريعات وتحديث اللوائح التنظيمية.
ثالثًا، تسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر مع إيلاء اهتمام خاص بدعم القطاع الخاص، سواء المحلى أو الأجنبي، ليكون رافعة أساسية لهذا التحول.
منظومة تمويلية شاملة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة
وفيما يتعلق بمحور التمويل التنموي، شددت المشاط على أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب منظومة تمويلية شاملة تتجاوز حدود التمويل الحكومى التقليدي، لتشمل القطاع الخاص بصفته شريكًا محوريًا.
وأشارت إلى أن مشروعات الطاقة الخضراء باتت نموذجًا ناجحًا لهذا النهج، حيث تمكنت مصر من تخصيص تمويلات بقيمة 12 مليار دولار للقطاع الخاص لهذه المشروعات خلال السنوات الأربع الماضية، مع التركيز على زيادة مساهمة القطاع الخاص فى تصميم وتنفيذ هذه المشروعات الحيوية.
وأكدت أن علاقات مصر القوية مع مؤسسات التمويل الدولية تتيح فرصة غير مسبوقة لتوفير التمويلات الميسرة التى تدعم القطاع الخاص وتساعد على تنفيذ السياسات التنموية بشكل فعّال.
وأضافت أن الوزارة تعمل على تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية لضمان عدم تكرار المشروعات، بما يحقق كفاءة الإنفاق ويسهم فى توجيه الموارد المتاحة نحو أولويات التنمية الحقيقية.
وأوضحت أن الوزارة تركز على إعداد إطار محلى لتمويل سياسات التنمية، يقوم على المزج بين الموارد المحلية والتمويل الميسر، بما يتيح بيئة تمويلية مستدامة تعزز من قدرة القطاع الخاص على قيادة عجلة التنمية.
وأضافت أن الهدف الرئيسى لهذه الجهود يتمثل فى تحويل القطاع الخاص إلى المحرك الأساسى للنمو الاقتصادي، بعيدًا عن الاعتماد المفرط على الإنفاق الحكومي، مع ضمان استمرارية الجهود التنموية بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.
وأكدت على أهمية تبنى مقاربة شاملة للإصلاحات الهيكلية، ترتكز على التعاون الوثيق بين جميع الأطراف المعنية، بما فى ذلك القطاع الخاص المحلى والدولي، ومؤسسات التمويل الدولية، لضمان تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تواكب طموحات الدولة وتطلعات أبنائها.
نمو اقتصادى متسارع مسعى مصر للخروج من التحديات
وقالت إن مصر تسعى إلى تحقيق نمو اقتصادى متسارع كسبيل للخروج من تحديات الدول متوسطة الدخل، وهو ما يتطلب تطبيق سياسات مبتكرة تركز على تعزيز ريادة الأعمال وتفعيل دور القطاع الخاص.
وأوضحت المشاط، أن النمو الاقتصادى المتسارع لا يتطلب فقط تحقيق زيادة فى الناتج المحلى الإجمالي، وإنما ضمان استدامة تسارع هذا النمو، وهو ما يتحقق من خلال سياسات داعمة لريادة الأعمال وتطبيقات التكنولوجيا الحديثة.