يُظهر تحليل أجراه مستشارو الهجرة التابعين للحكومة أن المهاجرين الذين يأتون إلى بريطانيا بتأشيرات العمل المهني، يسهمون في المالية العامة بما يقارب 15% أكثر من متوسط العاملين المولودين في المملكة المتحدة.
وبحسب التقرير السنوي الصادر عن لجنة استشارات الهجرة، حقق الشخص العادي القادم بتأشيرة عمل ماهر في عام 2022-2023 مساهمة صافية تبلغ حوالي 16,300 جنيه إسترليني لصالح المالية العامة في السنة الأولى، مقارنةً بـ14,400 جنيه إسترليني يحققها العامل البريطاني العادي.
تُبرز هذه الأرقام التوازنات المرتبطة بالسياسات المشددة للهجرة التي تتبعها حكومة حزب العمال.
فرغم تقييدها لسياسات التأشيرات التي أدخلتها الإدارة المحافظة السابقة، إلا أن تقليص العمالة الماهرة المهاجرة قد يؤدي إلى انخفاض الإيرادات الحكومية في ظل الظروف المالية الصعبة، حسب ما ذكرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وتسعى وزارة الخزانة للحفاظ على الباب مفتوحاً أمام المهاجرين المهرة لسد الفجوات في سوق العمل، بينما تؤكد وزيرة الداخلية إيفيت كوبر على ضرورة الاعتماد على العمالة البريطانية في المقام الأول.
وحذر قادة قطاع البناء هذا الشهر من أنهم يفتقرون إلى العمال لبناء 1.5 مليون منزل تعهدت الحكومة بتشييدها.
يأتي التقرير وسط جدل حاد حول الهجرة في المملكة المتحدة، حيث يتبنى كل من حزبي العمال والمحافظين نهجاً متشدداً في محاولة لمواجهة التهديد السياسي من اليمين الشعبوي.
وأظهر التقرير أن متوسط مساهمة البريطاني، بما يشمل العاملين، والمتقاعدين، وغير النشطين اقتصادياً والملتحقين بالتعليم، يبلغ حوالي 800 جنيه إسترليني سنوياً للخزانة العامة، أي أقل بنحو 20 مرة مقارنةً بمساهمة المهاجرين بتأشيرات العمل الماهرة، وهي الفئة الأكثر شيوعاً بين القادمين للعمل في بريطانيا.
وقال بريان بيل، أستاذ الاقتصاد في “كينجز كوليدج لندن” ورئيس لجنة استشارات الهجرة: “كنا نعلم دائماً أن العمال المهرة سيكونون إيجابيين من حيث مساهمتهم المالية، لكن تحليلنا يُظهر أنهم في سنواتهم الأولى بالمملكة المتحدة مفيدون للغاية للنظام الضريبي”.
وأضاف بيل، أنه بينما قد تبدأ “المساهمة الإيجابية الكبيرة” للمهاجرين المهرة بالتراجع إذا اختاروا قضاء شيخوختهم في بريطانيا، إلا أنهم سيظلون مسهمين ماليين أكبر من متوسط العاملين البريطانيين، لأنهم يدخلون المملكة المتحدة برواتب أعلى من المتوسط.
قدر التقرير أن الأسرة التي تعتمد على مهاجر بتأشيرة عمل ماهر تسهم بما يقارب 12 ألف جنيه إسترليني للخزانة العامة في السنة الأولى، مقارنةً بمساهمة سلبية تبلغ -4,400 جنيه إسترليني من الأسرة البريطانية المتوسطة.
أما بالنسبة للأسر التي يعيلها مهاجر بتأشيرة عمل ماهر باستثناء العاملين في قطاع الصحة والرعاية، فقد بلغت المساهمة الصافية حوالي 26,800 جنيه إسترليني.
طورت لجنة استشارات الهجرة نموذجاً جديداً لقياس التأثير المالي، و أخذت في الاعتبار عائدات الضرائب ونفقات الحكومة على الخدمات العامة، مع الاستفادة من تعليقات مكتب مسؤولية الميزانية.
وتعهد رئيس الوزراء، كير ستارمر، بخفض الهجرة الداخلية بشكل كبير، من خلال تعزيز المهارات المحلية في القطاعات الرئيسية التي كانت تعتمد تاريخياً على العمالة الخارجية.
وأشار التقرير إلى أن الاختلاف الواضح بين إسهامات البريطانيين والقادمين الجدد يعود جزئياً إلى قوانين الهجرة التي تسمح فقط للبالغين الأعلى دخلاً بدخول البلاد، مما يزيد من مساهمتهم الضريبية.
كما أظهر التقرير أن 61% من المهاجرين القادمين بتأشيرات عمل ماهر تتراوح أعمارهم بين 30 و49 عاماً، وهي المرحلة العمرية التي يحقق فيها البالغون أعلى مساهمة مالية.
كما أن غالبية المهاجرين بتأشيرات العمل أو الدراسة غير مسموح لهم بالوصول إلى المساعدات الحكومية أو الدعم.
استندت الدراسة إلى بيانات 330 ألف مهاجر دخلوا بريطانيا بتأشيرات العمل الماهرة خلال عامي 2022-2023 قبل تشديد القوانين من قبل الحكومة السابقة.
وكان المحافظون قد رفعوا الحد الأدنى للأجور المؤهلة للحصول على تأشيرة عمل ماهر ومنع العاملين في قطاع الرعاية الاجتماعية.