باتت أبوظبي مركزاً ناشئاً لصناديق التحوط، حيث جذبت أسماء كبيرة مثل”بريفان هوارد” (Brevan Howard) و”مارشال وايس” (Marshall Wace). الآن، تسعى مجموعة جديدة من الأسماء البارزة للانضمام إلى هذا المشهد المتنامي.
أجرت “هيل هاوس إنفستمنت” (Hillhouse Investment) و”سي بي إي” (CPE)، الشركة الصينية المعروفة سابقاً باسم “سيتيك برايفيت إكويتي” (Citic Private Equity)، محادثات مبكرة بشأن إنشاء مكاتب في أبوظبي، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. ويتوقع ممثل المنطقة المالية الحرة في المدينة، سوق أبوظبي العالمي، أن تنشئ شركتان صينيتان للأسهم الخاصة، مقراً لهما هناك قريباً.
تُظهر هذه التحركات وجود عدد متزايد من مؤسسات الاستثمار الآسيوية التي تتطلع إلى الانضمام إلى نظيراتها الغربية في الإمارات، حيث يساهم وجود صناديق الثروة السيادية الضخمة، والإعفاء الضريبي، والموقع الزمني الملائم، في منافسة مدن مثل أبوظبي ودبي لمراكز مالية عالمية مثل لندن وهونغ كونغ.
الحوافز الضريبية
اعتبر بول مارشال، المؤسس المشارك لـ”مارشال وايس”، في المؤتمر المالي السنوي للمدينة هذا الشهر، أن “أبوظبي تقوم بعمل رائع بالفعل”. وأشاد خلال حديثه بالمزايا الضريبية في المدينة، وكشف عن أحدث مكتب لشركته. وأضاف: “إنها مكان جذاب للغاية”.
كما يشكل رأس المال في الدولة عنصراً مهماً من العناصر الجاذبة. فأبوظبي موطن لصناديق الثروة السيادية التي تسيطر على ما يقرب من 1.7 تريليون دولار، ودبي، التي تبعد 90 دقيقة، تضم مكاتب عائلية تدير أصولاً بـ 1.2 تريليون دولار.
ولكن على الرغم من كل نجاحات الإمارات، لا تزال الصناعة الناشئة تواجه سلسلة من التحديات. من هذه التحديات أن الغالبية العظمى من أموال الشركات توجه إلى الخارج، نظراً لوجود فرص استثمار أقل نسبياً في الشرق الأوسط، مقارنة بالمناطق الأخرى.
البنية الأساسية للقطاع
كما كانت هناك حالة بارزة لم تسر فيها الأمور كما هو مخطط لها. ففي وقت سابق من هذا العام، تأخرت الشراكة بين راي داليو وشركة الذكاء الاصطناعي “جي 42” في أبوظبي بشأن مشروعهما الاستثماري.
اعتبرت هذه الخطوة تباطؤاً في مسيرة أبوظبي، لأن مؤسس شركة “بريدج ووتر أسوشيتس” (Bridgewater Associates) كان يعتبر أحدث مؤشر على نجاح المدينة في جذب أبرز أسماء صناديق التحوط، وقد وصف داليو البلاد في مناسبة أقيمت هذا الشهر، بأنها “دولة النهضة”.
في الوقت نفسه، فإن قسماً كبيراً من البنية الأساسية والموظفين المطلوبين لدعم قطاع صناديق التحوط، لا يزال متركزاً في مراكز مالية تقليدية مثل لندن ونيويورك.
رأى الرئيس التنفيذي لشركة “سيتاديل” (Citadel) كين غريفين في وقت سابق من هذا العام أن الدول غالباً ما تحاول جذب صناديق التحوط الكبرى من خلال أنظمة ضريبية جذابة للغاية، من شأنها تشجيع حفنة من كبار مديري المحافظ، ولكن جذب المحللين والموظفين الذين يدعمون عملهم اليومي في الأسواق، قصة أكثر صعوبة.
أضاف غريفين في ذلك الوقت: “وجود مدير محفظة في منطقة تتمتع بمستويات ضرائب منخفضة، ويتواصل عبر زووم بشكل متقطع مع فريقه في لندن، ليس وصفة للنجاح”.
“سايد هاسل كرو”
مع ذلك، يوجد الآن مجتمع متنامٍ من مديري صناديق التحوط والمستثمرين المؤسسيين في كلا الإمارتين، وبدأت الفعاليات تتزايد في جميع أنحاء البلاد، ما يمكن المتداولين من الالتقاء وتبادل القصص.
في أبوظبي على سبيل المثال، يشارك العديد من المديرين التنفيذيين في لقاء غير رسمي يعقد شهرياً للتعارف والتواصل. يُعرف هذا النادي الذي يضم 350 عضواً باسم “سايد هاسل كرو”، ويمتلك مجموعات فرعية تهتم بمجالات متنوعة من العملات الرقمية وتذوق النبيذ، وصولاً إلى لعب الغولف.
في الوقت نفسه، تخطط “مورجان ستانلي” لتحويل حدثها الأول الذي يستمر لمدة يومين في أبوظبي إلى مناسبة سنوية لصناديق التحوط والمستثمرين المؤسسيين، وذلك بعد أن لقي الحدث الأول اهتماماً كبيراً. كما تخطط كل من “غولدمان ساكس” و”جيه بي مورغان” لتقديم فعاليات خاصة بهما في العام المقبل.
قال بهاسكار داسغوبتا، الذي انتقل إلى أبوظبي بعد عمله في عدة بنوك منها بنك “إتش إس بي سي” في لندن: “أجلس في مقهى هنا وأشاهد أشخاصاً مسؤولين عن إدارة نصف تريليون دولار يمرون بجانبي خلال ساعتين”. ويقوم داسغوبتا حالياً بإدارة مكتبه العائلي من الإمارة.