بقلم: اليستاير ليون
بعد أيام من المظاهرات التى نشبت فى ضواحى العاصمة الاردنية احتجاجاً على رفع اسعار الوقود، انضم مؤيدو الإخوان المسلمين إلى الجموع التى احتشدت فى عمان يوم الجمعة الماضى فى مظاهرات فريدة من نوعها ارتكزت على غضب الشعب الاردنى تجاه الملك، أخذ ما يقرب من 3000 شخص يهتفون «الشعب يريد اسقاط النظام» فى اشارة إلى ذلك النظام الملكى الذى تدعمه الولايات المتحدة.
الاردن، الذى يتعرض للانقلاب الدموى فى سوريا، ويعتمد على العراق فى امداده بالبترول كما يعتمد على التمويلات النقدية من قبل المملكة العربية السعودية، فى موقف حرج ايضا حيال القصف الاسرائيلى الحالى لغزة وذلك نظراً لان غالبية سكان الاردن من الفلسطينيين، وقد يكون ذلك سبباً ايضا فى عدم الاستقرار.
ويواجه الاردن الذى يعد واحداً من بين دولتين عربيتين فقط وقعتا اتفاقية سلام مع اسرائيل، امرا ينذر بالقلق بالنسبة لحلفائها من الدول الغربية ودول الخليج العربى، يقول فاليرى يورك، محلل سياسى فى الاردن: ينبغى على دول الخليج القلق حيال اى علامات لانهيار النظام الملكى بالاردن حيث انها ستكون اول نظام ملكى يقع فى سياق دول الربيع العربي.
اعتمدت المملكة الاردنية كثيرا على الدعم الغربى ومساعدات مالية متقطعة من دول الخليج حتى تتمكن من الصمود والبقاء «فى ظل غياب أصول حقيقة للدولة» إلا أن السعودية إلى تعد المانح الرئيسى لعمان، لم تقم بامداد الاردن بأى مساعدات مالية منذ أن ضخت 1.4 مليار دولار فى الاقتصاد الأردنى اواخر عام 2011 لتجنب تعرض المملكة الاردنية لأزمة اقتصادية خطيرة، ما يجعل هذا الامر محيراً هو أن السعودية العام الماضى كأنت تبدو وكأنها تحاول التودد إلى الاردن بشكل اكبر.
والان، ناضل الاردن وحده من اجل معالجة عجز الموازنة، الامر الذى دفعها مؤخرا إلى رفع الدعم عن الوقود، حيث كان قد طلب صندوق النقد الدولى من عمان اتخاذ مثل هذه الخطوة ضمن شروطه لحصول عمان على القرض الذى يقدر بنحو 2 مليار دولار.
وقد اشعل الغضب حيال ارتفاع الاسعار احتجاجات مماثلة لتلك التى وقعت فى عام 1989 عندما قام الملك حسين باحتوائها عن طريق انفتاح سياسى ادى إلى قيام انتخابات حرة جعلت الاخوان المسلمين يستحوذون على الكتلة الاكبر فى البرلمان، وسيرا على خطى والده، وافق الملك عبد الله على القيام بتعديلات دستورية فى اغسطس الماضى والتى آلت بعض صلاحيات الملك إلى البرلمان ومهدت الطريق لرئيس وزراء مختار من قبل البرلمان وليس بواسطة الملك، ولكن بالرغم من كل احاديث الملك عن الاصلاح، لم يكن هناك اى تغيير ملحوظ فى القانون الانتخابى ليتم تطبيقه فى الانتخابات المقبلة فى يناير.
دعم الليبراليون والإسلاميون كثيرا التغيير السلمى فى الاردن دون اللجوء إلى الثورة إلا أن الاضطرابات الأخيرة كانت تحمل شعارات تشير إلى الحكام العرب الذين اعتبرهم شعوبهم فاسدين ومستبدين ودُمى فى ايدى ساسة الغرب، كما انها تعكس غضب الشعب الاردنى الذي يخشى أن يسن الملك قوانين اصلاحية على حسابهم فضلا عن هؤلاء الذين يشعرون بالاستياء حيال اجراءات التقشف التى من شأنها أن تؤثر بالسلب على وظائف الدولة والرعاية الاجتماعية وغيرها من الامتيازات التى كان يمدهم بها القصر فى الماضي.
من الناحية النظرية، يدعم الغرب الاصلاحات الديمقراطية ولكنه ايضا يقدر النظام الملكى الذى حافظ طويلا على استقرار الاردن وسط تلك المنطقة المضطربة حيث تعد بذلك منطقة محايدة لاسرائيل على حدودها الشرقية، فرغبة الغرب فى الاعتماد على حلفاء موثوق بهم فى الشرق الاوسط كالسعودية، عملاق النفط، والبحرين، التى تستضيف الاسطول الامريكى الخامس، تفوق اهتمامهم بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
ساهمت السعودية ودول الخليج فى الحفاظ على استقرار الاردن اقتصاديا فى السنوات الاخيرة ولكن الاختفاء الحالى لارباحها البترولية وضع المملكة الاردنية تحت ضغط كبير.
اعداد – نهى مكرم
المصدر: وكالة رويترز