بقلم: لى هاميلتون
مع استعداد الكونجرس الأمريكى لتشديد القيود على ايران بفرض عقوبات جديدة عليها، يتعين على قادة امريكا ان يسألوا انفسهم اولا عما هى الانجازات التى حققتها التدابير السابقة وهل ستساهم العقوبات الجديدة ام ستضر بالجهود الرامية إلى منع ايران من امتلاك سلاح نووي.
مشروع قانون تشديد العقوبات ضد ايران الذى ينظر فيه الكونجرس من شأنه ان يضع العديد من القطاعات الصناعية فى ايران على اللائحة السوداء، ومع استمرار ايران فى رفضها الامتثال لمتطلبات الامم المتحدة وتأكيدها للعالم انها لا تسعى لحيازة اسلحة نووية، فان هذا القانون يبدو مبررا بالرغم من تحذير ادارة اوباما من ان تؤدى هذه العقوبات الاضافية إلى تقويض الجهود المبذولة لاختبار فاعلية العقوبات الحالية.
اكدت تلك العقوبات على المعارضة الدولية للسياسات الايرانية، وحدت من التوسع فى برنامج ايران النووي، وأشارت ايضا إلى التزام الولايات المتحدة بمعاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية، كما انها أضعفت الاقتصاد الايراني، واكدت معارضة الولايات المتحدة الشديدة للولايات لدعم ايران لحزب الله وحماس، بالاضافة إلى ذلك فقد اظهرت تلك العقوبات مدى التزام واشنطن بحماية أمن اسرائيل وغيرها من أصدقائها بالمنطقة، واعاقت بشدة ايضا قدرة ايران على تحديث اسلحتها التقليدية.
يبدو ان العقوبات جعلت النظام الايرانى يأخذ على محمل الجد المقترحات التى قد تؤدى إلى تسوية تفاوضية للازمة النووية على الرغم من انها لم تدفع ايران بعد لقبول مطالب مجلس الامن التابع للامم المتحدة بوقف تخصيب اليورانيوم والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لم تخل هذه التدابير من السلبيات، حيث خلقت تلك العقوبات انقسامات داخل التحالف الدولى ضد ايران، زادت من تعقيد سياسة الولايات المتحدة فى ليبيا وسوريا، مكنت الفصائل الاستبدادية من السيطرة على الاقتصاد الايراني، زادت من قوة الاصوات المناهضة للاصلاح وقللت مساحة المعارضة السياسية فى ايران، كما انها حدت من امكانية توفير الادوية والغذاء هناك، فضلا عن ذلك ساهمت فى تقلب اسعار البترول على المستوى العالمي، زرعت العقوبات ايضا بذورا لعداء طويل الاجل بين الشعب الايرانى والولايات المتحدة، والاكثر خطورة من ذلك انها زادت من احتمالية اندلاع صراع بين ايران وامريكا والعنف الاقليمي.
يحتوى نظام العقوبات الامريكى بالفعل على لائحة طويلة من القوانين والاوامر التنفيذية مع عدم وجود اختبار حقيقى لنجاحها، فمن الممكن ان يحد نجاحها من انتهاكات حقوق الانسان وينهى تمويل الجماعات الارهابية، ويضع حداً لبرنامج ايران النووي.
هذه الشبكة العنكبوتية من العقوبات، قيدت من خيارات الرئيس الامريكى باراك اوباما، فهل يتعين عليه ان يقرر تحفيز ايران حتى تتعاون على مائدة المفاوضات، اذا تم تنظيم لقاء ثنائي، ينبغى على المفاوضين الامريكيين اختيار المحفزات التى سيقدمونها لايران فى مقابل ضمان اهداف الولايات المتحدة وتعد اهمها الحد بشكل كبير من برنامج ايران النووى ومزيد من الشفافية حول هذا البرنامج، هذا سيكون بالطبع مقابل تخفيف العقوبات على ايران.
ينبغى على قادة امريكا ايضا استخدام العقوبات كوسيلة لاجبار ايران على الجلوس على طاولة المفاوضات لاختبار ما اذا كانت العقوبات الحالية قامت بمهمتها ام لا، ومن ثم يتعين على الرئيس العمل مع الكونجرس للتوصل إلى المزيج الصحيح من المد والجزر لحمل ايران على التفاوض.
الرئيس اوباما الآن امامه فرصة كبيرة ليثبت ان العقوبات بدأت تؤتى ثمارها، يجب ان يواصل جهوده الرامية إلى جلوس الايرانيين على طاولة المفاوضات للتوصل على الاقل إلى اتفاقية اولية من شأنها ان تحل الازمة، قلق قادة ايران حيال الأضرار البالغة للعقوبات التى طالت جميع جوانب المجتمع، يجعلهم اكثر ترحيبا اليوم بمقترحات الولايات المتحدة عن اى وقت مضي، فقد حان الوقت للتوصل إلى اتفاقية، فهذا ليس هو الوقت المناسب لفرض المزيد من العقوبات.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: وكالة بلومبيرج