أعرب مصرفيون وخبراء اقتصاديون عن مخاوفهم من اتجاه البنوك الخارجية لتقليص تعاملاتها مع نظيرتها المصرية فى مجال الاعتمادات المستندية بعد أن خفضت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» التقييم الائتمانى لمصر فى الأجل الطويل.
ولم تتأخر توابع خفض التصنيف السيادى لمصر، فقد انخفضت كذلك تصنيفات أكبر ثلاثة بنوك فى السوق وهى الأهلى ومصر والتجارى الدولى، والتى تستحوذ على أقل قليلا من نصف أصول الجهاز المصرفى، بسبب حجم تعرضها للديون الحكومية.
وقال الدكتور عمرو حسنين، رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى «ميريس»، إن تخفيض التصنيف الائتمانى لثلاثة بنوك مصرية كان متوقعاً ورد فعلى طبيعياً للتخفيض الذى قامت به المؤسسة للدولة.
واشار إلى ان تخفيض التصنيف الائتمانى يضغط على قدرة الدولة والمؤسسات على الاقتراض الخارجى ويرفع تكلفة الاقتراض على جميع التعاملات مع البنوك الخارجية.
وتوقع حسنين أن تخفض البنوك المصرية استثماراتها فى ادوات الدين الحكومى فى ظل التقييم المتدنى الذى وصلت اليه مصر.
وأكد أنه فى حالة اتفاق جميع القوى السياسية على خطة مالية وسياسية واضحة سيرتفع التصنيف الائتمانى مرة اخرى.
وقال مسئول بأحد البنوك الخاصة إن البنوك الخارجية قلصت عملياتها مع البنوك المصرية ، متوقعاً أن توقف بعض البنوك العالمية تعاملاتها مع المصارف المصرية فى مجال الاعتمادات المستندية وخطابات الضمان.
وأشار إلى أن كلفة التعاملات مع المؤسسات العالمية ستتضاعف نتيجة انخفاض التصنيف الائتمانى إلى «-B».
وتعد البنوك أكبر مستثمر فى أدوات الدين الحكومية، وبلغت استثمارات البنوك فى أذون الخزانة فى سبتمبر الماضى 66% من إجمالى الأرصدة القائمة من الأذون، وتقدر تلك الاستثمارات بـ 249 مليار جنيه تمثل 17.7% من إجمالى أصول الجهاز المصرفى.
وتوقع محمد مدبولى، عضو مجلس ادارة البنك الاهلى سوسيتيه جنرال ارتفاع تكلفة تعاملات البنوك المصرية مع المصارف الخارجية فيما يخص الاعتمادات المستندية وغيرها من العمليات المصرفية المعتادة.
وأضاف أن الأسواق المالية حساسة جداً وتهتم بأخذ الاحتياطات اللازمة مع الدول التى تشهد أزمات اقتصادية تزول فور عودة الهدوء من جديد.
واستبعد مدبولى إمكانية تقليص البنوك العاملة فى السوق المحلى استثماراتها فى أدوات الدين الحكومى بعد ان انخفض التصنيف السيادى للدولى إلى «-B»، مشيرا إلى ان البنوك ستظل توظف فوائض السيولة فى الأذون والسندات الحكومية لعدم وجود قنوات توظيف بديلة.
من جانبه، توقع حسام ناصر، نائب رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى السابق نتائج كارثية لتخفيض التصنيف الائتمانى لمصر للدرجة نفسها لدولة اليونان وقال إن البنوك ستعانى بشكل كبير نتيجة ذلك.
اضاف ان البنوك الخارجية قد تقلص قبولها للاعتمادات المستندية المصدرة من البنوك المصرية وقد تطلب تغطيتها بنسبة 100% حتى يتم قبولها وهو ما سوف يؤثر على اسعار السلع.
واشار إلى أن البنوك المصرية ستواجه مشكلة فى الحصول على قروض خارجية بسبب التصنيف الائتمانى المتدنى الذى وصلت اليه وقد تضطر المؤسسات المالية العالمية لعدم قبول خطابات الضمان المصرية.
ونبه إلى أن عدم التحرك السريع لمعالجة الازمة الاقتصادية قد يتسبب فى كوارث تستمر سنوات طويلة دون أن تجد حلولاً.
أضاف أنه لايمكن تحقيق استقرار اقتصادى دون استقرار سياسى ملحوظ الذى سيكون اساسيا لموافقة صندوق النقد الدولى علي تقديم تمويل بقيمة 4.8 مليار دولار.
قال: «الحقيقة أن هناك شكوكاً حول قدرتنا على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى بشأن القرض فى ظل الأوضاع الحالية وعدم التوافق السياسى».
وفيما يتعلق بإمكانية تغيير البنوك لاستراتيجياتها المتعلقة بتمويل عجز الموازنة العامة للدولة قال ناصر انه من غير المتوقع ان يحدث تغيير فى هذا الشأن نظراً للسيولة غير المستغلة وعدم وجود بدائل وقنوات توظيف جديدة يمكن توجيه الموارد المتاحة اليها.
وأعرب تامر مصطفى، نائب رئيس قطاع الخزانة ببنك التنمية الصناعية عن تخوفه من ان يؤدى تخفيض التصنيف الائتمانى إلى تأثر الاعمال التجارية والاعتمادات المعززة فى الخارج.. واضاف ان بعض المؤسسات الخارجية سترفض تعزيز الاعتمادات المستندية للبنوك المصرية بعد خفض التصنيف الائتمانى، مشيرا إلى ان البنوك التى ستقبل تعزيز الاعتمادات المستندية لمصر ستضطر إلى رفع العائد.
وقال ان خفض التصنيف السيادى للدولة سيدفع العائد على ادوات الدين الحكومى للارتفاع مرة اخرى بعد انخفاض لم يستمر طويلاً ولكن لن تغير البنوك استراتيجياتها الاستثمارية فى ادوات الدين الحكومى نتيجة هذا التخفيض.
كتب – ناصر يوسف