رصد محمد المرشدى، رئيس جمعية مستثمرى العبور ورئيس غرفة الصناعات النسيجية ونائب رئيس الاتحاد المصرى للمستثمرين، الواقع الأليم الذى يعانيه الاقتصاد المصري، والذى يتمثل فى تراجع ملموس فى معدلات أداء مختلف القطاعات بسبب التخبط الحكومى الناتج عن الأيدى المرتعشة فى اتخاذ القرارات، وعدم الاستعانة بالمحايدين خبراء الإدارة والاقتصاد.
ووضع المرشدى فى حوار مع «البورصة» عددا من المقترحات التى يمكن أن تساعد على خروج الاقتصاد من كبوته الحالية، على رأسها ضرورة الإسراع فى إجراءات تشكيل مجموعات عمل من خبراء الاقتصاد المعروف عنهم الحيادية للاتفاق على أنسب الطرق لاقالة الاقتصاد من عثرته.
واقترح نائب رئيس اتحاد المستثمرين ضرورة وضع تشريع واضح ينظم عمليات التظاهرات لما تتركه من آثار سلبية على الاقتصاد، فضلاً عن قيام الحكومة بدورها فى إقرار حوافز لدفع المستثمرين إلى زيادة أعمالهم.
وقال المهندس محمد المرشدي، إن الاقتصاد المصرى يمر بمرحلة صعبة، وأن المرحلة المقبلة تتطلب اتخاذ قرارات شجاعة ومهمة تنقذه من الإفلاس، والذى قد يؤدى إلى فوضي.
وأضاف أن الحكومة لابد أن تصر على اتخاذ القرارات الصعبة والمصيرية دون التفات إلى اعتبارات سياسية أدت إلى تأجيل العديد من القرارات ما تسبب فى تفاقم الأزمة الاقتصادية.
وأوضح أن الحكومة لابد أن تقف إلى جوار القطاع الخاص طالما قررت أن يتحمل هذا القطاع النصيب الأكبر من الإجراءات الاقتصادية الإصلاحية سواء زيادة الضرائب أو الطاقة أو المياه، مطالباً بضرورة اتخاذ إجراءات حمائية للصناعة الوطنية بما يضمن لها منافسة عادلة مع المنتجات المستوردة.
وأشار إلى أن الأزمة الاقتصادية الحالية قد تكون فرصة لكى نستفيق مما أسماه «الغيبوبة الاقتصادية» التى نعيشها منذ عقود وتفاقمت بشكل كبير خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وأكد المرشدى أنه لا يمارس السياسة ولا ينتمى لأى حزب، وأنه كمستثمر ورئيس لغرفة النسيج يرى خطورة كبيرة على موقف الاقتصاد المصرى خاصة بعد تراجع التصنيف الائتمانى السيادى والاحتياطى الأجنبي، مرجعاً ذلك إلى السياسات الاقتصادية «الخاطئة».
وقال المرشدى إن الموقف الحالى غير مطمئن، واستمراره يؤدى إلى الإفلاس، ولم يعد هناك مجال لمواصلة الخلافات السياسية والانقسام وأنه من الضرورى تكاتف جميع القوى السياسية والحكومة لتهدئة الشارع والعمل على حل المشكلات الاقتصادية الحالية.
وطالب نائب رئيس اتحاد المستثمرين الرئيس محمد مرسى والدكتور هشام قنديل رئيس الحكومة بضرورة الاستعانة بالمتخصصين المحايدين، الذين لا ينتمون إلى أى تيار سياسي، حتى لا تصدر قرارات مبتورة أو لخدمة فئة دون أخري، أو لخدمة تيار سياسى دون غيره.
وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت إصدار قرارات ذات أهواء سياسية ولا تراعى المصلحة العامة، حيث كانت تضع نصب أعينها الانتخابات والاستفتاءات.
وقال المرشدي، إن هناك مشكلة حقيقية يعانى منها المنتجون حالياً بسبب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، وأن العديد من المستثمرين خفضوا حجم استثماراتهم أو سحبوا جزءاً كبيراً منها نتيجة المخاوف من الاضطرابات السياسية المستمرة، وذلك على الرغم من التوقعات المتفائلة الكبيرة بخصوص قدرة مصر على جذب الاستثمارات بعد الثورة والتحول نحو الديمقراطية ومكافحة الفساد.
وأضاف أن الحكومة تأخرت فى اتخاذ القرارات ومعالجة الأوضاع الحالية وأن كل يوم يمر فى ظل هذه الظروف السيئة بثمن وأنه لم يصبح هناك أى مبرر لعدم اتخاذ القرارات، وأن الثورة أنهت ما كان يعرف فى النظام السابق من إصدار القرارات لصالح الكبار، حيث كانت «مافيا» من رجال الأعمال أصحاب النفوذ وقفوا دون إصدار العديد من القرارات الهامة والتى تهدف إلى المصلحة.
وأشار إلى أنه لا يوجد مستثمر، سواء كان أجنبياً أو عربياً، لديه استعداد لاستثمار أمواله، فى ظل السياسات المتخبطة للدولة والانفلات الأمنى والمظاهرات التى لا تنقطع، بالإضافة إلى المخاوف من عدم احترام الدولة لعقودها والتزاماتها، مؤكداً أن مصر فى حاجة ماسة إلى حكومة وقيادة سياسية قوية.
وشدد على ضرورة الإسراع فى إقرار تشريع ينظم التظاهرات والاحتجاجات الفئوية، التى تؤدى إلى حالة من الفوضي، مشيراً إلى أهمية إصدار قانون منظم لها، والتأكيد على أن هذه الاحتجاجات ليست الطريقة الوحيدة للتعبير عن الاعتراض.
وأكد المرشدى أن أداء الحكومة، ووزراء المجموعة الاقتصادية، بشكل خاص غير مرض، لكنه أشار إلى أن هناك قيودا وظروفا اقتصادية وسياسية صعبة تحكم عملهم وأن المستثمرين تسودهم حالة من الإحباط بسبب عدم تحقق آمالهم فى النهضة الاقتصادية وجذب الاستثمارات الخارجية.
وقال نائب رئيس اتحاد المستثمرين، إن الحكومة لابد أن تصارح المواطنين بحقيقة المشكلة الاقتصادية وأسبابها بدلا من إنكارها حتى إذا اقتضى الأمر أن تخبر الحكومة أنه يجب على الناس التقشف خلال الفترة القادمة لعبور الأزمة.
وأضاف أنه من غير المعقول أن تكون تكلفة استيراد الجمبرى والكافيار العام الماضى نصف مليار جنيه، حسب ما أكده وزير المالية فى اجتماعه مع المستثمرين، بالإضافة إلى استيراد المياه المعدنية من فرنسا وغيرها من السلع الاستهلاكية غير الأساسية.
وأكد أنه لا مفر من ترشيد الاستيراد خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة للحفاظ على موارد الدولة وتخفيف الضغط على الميزان التجاري.
وأكد رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، أن أهم مشكلة يعانى منها قطاع الصناعات النسيجية، حالياً، التهريب، والذى تفاقم مع الانفلات الأمني، وأن الدولة يضيع عليها بسبب التهريب فى مجال الصناعات النسيجية فقط حوالى 6 مليارات جنيه متمثلة فى جمارك وضريبة مبيعات وضريبة دخل، حيث يتم استهلاك أقمشة وملابس مهربة تقدر بحوالى 15 مليار جنيه سنوياً.
وأشار إلى أن الدولة لابد أن تتدخل لحماية هذه الصناعة التى يمكن أن تساهم بشكل كبير فى التنمية، وذلك إذا ما توفرت لها المنافسة العادلة وأن التهريب تسبب فى توقف كلى وجزئى لحوالى 40% من مصانع الغزل والنسيج على مستوى الجمهورية.
وقال المرشدى إن رجال الصناعة مستعدون لتحمل زيادة الضريبة بنسبة 5% رغم ما تضيفه من أعباء خاصة فى ظل حالة الركود، إلا أنهم يطالبون فى الوقت نفسه بحماية الصناعة بمساندة الصناعة وحمايتها من التهريب والإغراق، بالإضافة إلى توفير مناخ مناسب للاستثمار وإتاحة الأراضى المرفقة اللازمة للمشروعات، وآليات التمويل الميسر لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة.
ورحب بإعادة تفعيل المجلس الأعلى للصناعات النسيجية والذى يهدف إلى توحيد السياسات الخاصة بتنمية هذه الصناعة.
وعن مصانع الغزل والنسيج التابعة للقطاع العام، قال رئيس غرفة الصناعات النسيجية إن الدولة هى السبب الرئيسى فى تدمير هذه الصناعة، بسبب السياسات الخاطئة فى التشغيل وعدم تحديث خطوط الإنتاج، وفرض برنامج الخصخصة على المصانع، على الرغم من أهمية هذا القطاع فى توفير فرص عمل.
وأضاف أن شركات قطاع الأعمال العام لا تستطيع، حالياً تحقيق الإيرادات اللازمة لسداد مرتبات عامليها، وأن الدولة هى التى تدعم هذه الشركات لصرف مرتبات العاملين، وأن كل ما يحتاجه هذا القطاع، هو جرأة من الدولة بإعادة ضخ الاستثمارات به، وإعادة تشغيل الشركات بقوتها، مؤكداً توافر الموارد البشرية المدربة والقادرة على النهوض بهذا القطاع والارتقاء به، من خلال الإدارة السليمة.
وأكد المرشدى أن الصناعة المحلية قادرة على المنافسة مع المنتجات المستوردة بطريقة شرعية، والتى تنطبق عليها المواصفات المصرية، وأنه ليس من العدل المطالبة بمنافسة منتجات مهربة من الصين تستخدم أصباغا كيماوية غير مطابقة للمواصفات، قد تؤدى إلى أمراض سرطانية، ما يجعل سعرها متدنيا للغاية.
وبالنسبة لاتفاقية الكويز قال المرشدى إنه على الرغم من أنه لا يعمل وفق هذا النظام إلا أنه بالفعل ساهم فى زيادة صادرات الملابس الجاهزة والمنسوجات وأنه لولا اتفاقية الكويز لما تمكنت الصادرات المصرية من دخول الأسواق الأمريكية بدون جمارك، والتى تصل إلى 34% على بعض المنتجات النسيجية.
ووصف نائب رئيس الاتحاد المصرى للمستثمرين قانون التأمينات والمعاشات بأنه من أسوأ القوانين فى مصر، حيث تعد مصر رابع أعلى دولة عالمياً فى نسبة التأمينات الاجتماعية بنسبة تبلغ 40% والتى تشكل عبئا كبيراً على القطاع الخاص، مطالباً بتخفيض نسبة التأمين إلى 15% يتحمل صاحب العمل 10% والعامل 5% بدلاً من 26% لصاحب العمل و14% للعامل، بما يسهم فى زيادة أعداد المعينين ورفع الأجور الأساسية.
وحول مشكلات منطقة العبور الصناعية، قال رئيس جمعية مستثمرى العبور إن نقص الأراضى المرفقة يمثل أزمة كبيرة حيث ان هناك إقبالا كبيرا على المنطقة الصناعية ورغبة فى إقامة توسعات بالمصانع، مطالباً بإدراج المنطقة فى التوسعات الجديدة التى ستطرحها هيئة التنمية الصناعية خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف أن مدينة العبور كاملة العدد ولم يعد بها أى أراض شاغرة لإقامة مشروعات جديدة.
وعن قضية حذر البنوك فى تمويل قطاع النسيج، أوضج أن قضية التمويل والتخوف من جانب البنوك لها فى ذلك كل الحق فجميع السياسات الاقتصادية للدولة لا تحمى المصانع المنتجة ورفعت يدها عن حماية هذه الصناعة وترك باب التهريب مفتوحا على مصراعيه الذى
يؤدى إلى تآكل حجم إنتاج المصانع من السوق المحلى بسبب غياب الحماية المشروعة وعدم وجود منافسة عادلة ولفت إلى أنه علاوة على كل ذلك تعانى المصانع صعوبات بالغة فى تصريف المنتجات وهو ما يؤدى إلى تعثر فى سداد الأقساط المستحقة للبنوك، والبنوك تعلم آليات السوق جيداً وتعلم أن صناعة الغزل والنسيج بالسوق المصرى قد تؤدى لخسارة البنوك أموالها فى ظل الظروف التى شرحتها وبالتالى يكون الإعراض عن التمويل.
وأكد أن البنوك لديها فائض من العملة المحلية وكانت تسعى لضخها فى الأسواق لكن المشكلة مشكلة مجتمع من حيث الحماية وتهيئة البيئة المحيطة بالمنتج أن يعمل فى ظل قرارات وسياسات تتيح له المنافسة فى سوق قدره 80 مليون مواطن وهو سوق كبير ومفتوح.
كتب – أحمد سلامة ومروة مفرح