ارتفع حجم الإنتاج اليومى من الدواجن ليصل إلى 2 مليون طائر ليقترب من معدلات الإنتاج عام 2006 قبل ظهور فيروس أنفلونزا الطيور، والذى أدى إلى تراجع الإنتاجية من 2.2 مليون طائر يوميا ليقل عن مليون طائر الأمر الذى دفع الدولة الى فتح باب الاستيراد لسد الفجوة بين الانتاج والاستهلاك.
وفتح الدكتور نبيل درويش، رئيس اتحاد منتجى الدواجن، فى حواره مع “البورصة” العديد من الملفات والمشكلات التى يتعرض لها قطاع الدواجن، واضعا سيناريوهات للحل، تمتلك القدرة على النهوض بالقطاع والخروج به كبوته الحالية، التى قد تتحول إلى كارثة فى حال تجاهل الحكومة.
وأكد وجود بعض الخطوات التى يتعين على الدولة اخذها فى الاعتبار للنهوض بقطاع الدواجن وجعله قادرا على المنافسة محليا وعالميا، وأن القطاع لا يحتاج دعما ماديا من الدولة، لكنه يحتاج لاجراءات حمائية حتى يعود لسابق عصره.
وطالب رئيس اتحاد منتجى الدواجن بضرورة حظر استيراد الدواجن المجمدة من الخارج مع مراجعة التعريفة الجمركية، لتكون فى حدود 60% لإعطاء دفعة للصناعة للنهوض، وأيضا إلغاء ضريبة المبيعات التى تطبق على بعض خامات الأعلاف، حيث انها موضوعة تحت بند الكيماويات علما بأنه يستخرج لها موافقات استيرادية من وزارة الزراعة ويسدد لها رسم وارد.
وكشف درويش عن تقدمه بمذكرة عاجلة للدكتور صلاح عبد المؤمن وزير الزراعة واستصلاح الأراضى تتضمن حلولا عاجلة لأزمات صناعة الدواجن وتتضمن تفعيل دور قطاع الإنتاج الحيوانى ولجنة الدواجن بوزارة الزراعة لضبط استيراد الجدود الداجنة حسب الأعداد المحددة بدراسات الجدوى لهذه الشركات ولموازنة وتأمين العرض والطلب بالسوق المحلي، ووقف استيراد كتاكيت التسمين عمر يوم بأسرع وقت ممكن.
وأشار إلى أنه من الضرورى أيضا إعفاء خامات أعلاف الدواجن وإضافاتها مثل الڤيتامينات والأملاح المعدنية والأحماض الأمينية والأحماض العضوية ومحفزات النمو الطبيعية وغيرها من ضريبة المبيعات حتى تتمكن الصناعة من منافسة المستورد المدعم من بلاده، مؤكدا أن الدول المستوردة للدواجن تدعم المربين بنسب تصل إلى 50%، لكن بطرق غير مباشرة عن طريق دعم مزارعى الذرة وفول الصويا المدخلات الاساسية فى صناعة الاعلاف.
وقال د. درويش إن الدول المصدرة للدواجن تتميز بأنها منتجة لمكونات الاعلاف، وبالتالى لا تتأثر بصورة كبير بارتفاع أسعار فول الصويا والذرة والمركزات، فضلا عن أنها تحصل على دعم من حكوماتها، وأن قطاع الدواجن بدأ فى التعافى بشكل كبير خلال العام الماضى بعد الانتكاسة التى تعرض لها منذ ظهور فيروس انفلونزا الطيور بمصر عام 2006، التى أدت إلى تراجع الانتاجية لاقل من مليون طائر يوميا مقارنة بـ2.2 مليون طائر قبل الأزمة.
وأضاف أن انتاج مصر من الطيور بلغ فى 2012 حوالى 2 مليون طائر يوميا الامر الذى يؤكد عدم حاجة السوق المحلي للاستيراد فى الوقت الحالى خاصة فى ظل ضعف القدرة الشرائية وحالة الركود التى تعانى منها السوق المحلية، وأن معدلات الشراء تراجعت لاكثر من 50% العام الماضى بسبب التوترات السياسية وسوء الحالة الاقتصادية للبلاد.
وشدد على ان قطاع الدواجن تعرض خلال السنوات الماضية لضربات موجعة اضعفت من قدرته التنافسية، وكان أبرزها، ارتفاع اسعار الاعلاف بصورة كبيرة، حيث شهد العام الماضى وحده 30% زيادة فى اسعار الاعلاف، حيث بلغ سعر الطن 3500 جنيه، الامر الذى ادى الى ارتفاع تكلفة الانتاج، وذلك فى الوقت الذى يعانى فيه السوق من حالة ركود الأمر الذى جعل المربى يتعرض لخسائر يومية بسبب انخفاض الاسعار.
وأكد د. درويش أن الأسعار الحالية للدواجن تقل عن التكلفة بمتوسط يتراوح ما بين 2 و3 جنيهات للكيلو الواحد بخلاف هامش الربح الذى من المفترض أن يحصل عليه المربي، وأن وقف الاستيراد لن يكون له تأثير كبير على أسعار الدواجن فى السوق المحلية، وأن الزيادة ستكون طفيفة ولخدمة الصناعة الوطنية وضمانة لاستمرارها خاصة ان الاتحاد طالب بالوقف المؤقت لمدة 6 أشهر فقط، وفى حال رصد زيادات كبيرة فى الأسعار لا يوجد ما يمنع استئناف عمليات الاستيراد.
وتعهد رئيس اتحاد منتجى الدواجن بتوفير جميع احتياجات السوق المحلية من الدواجن خلال الفترة المقبلة، وبنفس الأسعار وذلك فى حال حظر الاستيراد أو زيادة الجمارك على واردات الدواجن المجمدة، مؤكدا أن جميع البلدان تلجأ إلى الاستيراد فى مختلف القطاعات لسد فجوة ناتجة عن قلة الانتاج المحلي، وبالتالى ما دام الانتاج الداجنى يكفى الاستهلاك المحلى فلا حاجة للاستيراد.
وأوضح أن عمليات الاستيراد ظهر تاثيرها السلبى بشكل كبير خلال العام الماضي، الذى بلغ فيه اجمالى الواردات نحو 130 ألف طن، وهو رقم كبير فى ظل حالة الركود، التى يعانى منها السوق المحلى بجانب تعافى الانتاج، وكلها عوامل ساهمت فى تكبد المربين خسائر فادحة.
وأشار إلى أن قرار فتح باب الاستيراد كان مؤقتا عام 2006 لمدة 6 أشهر، نظرا لظهور انفلونزا الطيور قبل شهر رمضان، الامر الذى جعل الحكومة تتخوف من ارتفاعات كبيرة فى الاسعار فى ظل النقص الكبير فى الانتاج وقتها، فكان قرار فتح الاستيراد بالمواصفات الخليجية وقتها نظرا لأن الأمر جاء مفاجئاً والمواصفات المصرية قاسية جدا مقارنة بالخليجية، ولو تم العمل بها وقتها لكان من الصعب دخول اى كميات من الدواجن المستوردة للسوق المصري.
وكشف درويش أن الاستيراد مازال يتم بنفس المواصفات، وأنه تم مد العمل بالقرار سنه تلو الأخرى دون مراعاة للمنتج المحلي، الذى يعانى من تدهور البنية التحتية للصناعة، وأن استمرار سياسة الدولة فى التعامل مع قطاع الدواجن يهدد بخروج 22 ألفاً و500 مزرعة من السوق بإجمالى استثمارات قدرها 25 مليار جنيه.
وطالب بضرورة تدخل الدولة لحماية هذه الصناعة، لكونها تعد مصدر البروتين الحيوانى الأقل تكلفة على المواطن مقارنة باللحوم والأسماك، نافيا ما يروج حول تحكم مجموعة قليلة من المربين فى الأسعار، مدللا على ذلك بأن الدواجن من الصناعات غير القابلة للتخزين بما يعنى انه بمجرد وصولها لمرحلة الذبح يقوم المربى ببيعها وفقا للسعر السائد فى الأسواق، نظرا لأن كل يوم تأخير يكلف المربى الكثير لانخفاض وزن الدجاجة.
وشدد على أن أسعار الدواجن تختلف من منطقة لأخرى على الرغم من ثبات أسعارها بالمزارع بما يعنى أن التاجر هو المتحكم الرئيسى فى السعر وليس المربي، وأن كل تاجر يحدد السعر وفقا للعرض والطلب ومستوى المعيشة للسكان فى المنطقة المحيطة به وتكلفة النقل من المزرعة.
وكشف رئيس اتحاد منتجى الدواجن أن الحكومة لم تقدم دعما لمربى الدواجن خلال أزمة انفلونزا الطيور، إلا ان الاتحاد هو من قام بتعويض المربين عن طريق مدخراته الذاتية، حيث بلغ اجمالى التعويضات التى صرفها الاتحاد نحو 150 مليون جنيه، تم صرفها عن طريق وزارة الزراعة.
وأوضح أن الاتحاد لم يطلب دعما ماديا من الدولة، لكنه يطالبها فقط بالعمل على حماية القطاع من اغراق المستورد المدعوم فى بلاده، وأن اقتصاد اى دولة قائم على الانتاج والمنتجين، ولن يقوم ابدا اقتصاد دولة على المستوردين أو التجار، نظرا لأنهم اصحاب اموال ساخنة بمجرد حدوث مشكلة بالسوق يقوم بتجميد اعماله والخروج من السوق بعكس المنتج، الذى يمتلك أصولا لا يمكن التخلص منها بسهولة.
وقال درويش: إن انهيار صناعة الدواجن يعنى وقوع الدولة تحت رحمة الدول المصدرة والمنتجة للدواجن، متسائلا: هل تستطيع الدولة تدبير احتياجات استيراد الدواجن يوميا حال الاعتماد على الاستيراد بشكل كامل خاصة فى ظل النقص الشديد فى الاحتياطى الاجنبي.
وأضاف أن الانتاج المحلى 2 مليون طائر بخلاف الكميات المستوردة، فهل تستطيع الدولة تدبير مبالغ مالية لاستيراد كل هذه الكميات اذا توقف الانتاج المحلي، مؤكدا أن حجم استهلاك السوق المحلية من الدواجن يقدر بنحو 10 مليارات جنيه سنويا، وأن اغلاق المزارع يعنى تدبير هذا المبلغ سنويا للمستوردين.
وكشف أن 85% من الدواجن المستوردة لا تذبح وفقا للشريعة الاسلامية، وبالتالى فإن وقف الاستيراد اصبح ليس مجرد مطالب للمستوردين، ولكنه ضرورة نظرا لانه لا يتوافق مع طبيعة مصر الاسلامية، ولا يمكن أن ينفى أى مستورد وجود قوانين بامريكا واوروبا تمنع ذبح الدواجن بصورة مباشرة، وتجرم ذبحها دون تخدير، وأن عمليات الذبح تتم عن طريق تمرير الطائر على سيور مكهربة وهى مبللة بالمياه حتى تصعق بالكهرباء قبل الذبح، وأنه مهما كتب على الدواجن المستوردة “حلال” فهى “حرام”.
واعترض رئيس اتحاد منتجى الدواجن على مشروع القرية الداجنة التى تعتزم الحكومة اقامته خلال الفترة المقبلة وخصصت له 140 الف فدان بمناطق غرب وشرق المنيا وشرق وغرب بنى سويف والوادى الجديد، مؤكدا أن تلك الفكرة قديمة وتم طرحها منذ تولى امين اباظة حقيبة وزارة الزراعة وتم الاعتراض عليها وقتها.
واشار الى ان الدولة ستقوم ببيع الاراضى للمنتجين بما يعنى المنطقة غير مخططة بحيث تراعى عددا من العوامل الضرورية فى صناعة الدواجن، التى من ابرزها عوامل الأمان الحيوى وعدم تطبيق مواصفات الأمن البيولوجى لمواجهة الأمراض والفيروسات، وأولى مراحل الأمن الحيوية هى المسافات البينية بين كل مزرعة وأخرى وهو ما لا يستطيع هذا المشروع تقديمه حيث ان قرب المزارع من بعضها يؤدى الى انتشار اى مرض فى القطيع بأكمله مرة واحدة.
وشدد على ضرورة التشاور مع اعضاء الاتحاد قبل اتخاذ قرارات مصيرية فى القطاع خاصة انهم من اصحاب الخبرات الطويلة فى ذلك المجال بعكس المسئول الحكومى غير المتخصص، حتى لا يترتب على هذه القرارات المزيد من الخسائر للفاعلين فى القطاع، مطالبا بضرورة انشاء هيئة قومية تضم متخصصين لادارة القرية منذ البداية، بحيث تتولى تقسيم الاراضى وطرحها بالاضافة الى متابعة المشروعات القائمة بها، لتفادى حدوث اى مشكلات فى المستقبل تقضى على الصناعة.
وأكد درويش أن قطاع الانتاج الداجنى لا يحتاج لدخول مستثمرين جدد فى القطاع، ولكن يحتاج الى مساندة المزارع القائمة حتى تكون قادرة على المنافسة، وذلك عن طريق ضخ استثمارات بها لتطوير نظام العمل بها بما يسمح بدخول التكنولوجيا الحديثة، لتكون قادرة على مواجهة الامراض والفيروسات الوبائية.
وأوضح أنه من الصعب دخول مستثمرين اجانب لقطاع الدواجن فى مصر خلال الفترة الحالية خاصة أن مرض انفلونزا الطيور مازال متوطنا فى مصر، ولم يتم القضاء عليه بشكل كامل، وبالتالى فإن الدولة معرضة لتحور المرض وانتشاره مرة أخرى فى أى وقت، وأن الحكومة كان امامها خياران للتعامل مع انفلونزا الطيور، الاول عن طريق اعدام جميع الطيور وتعويض المربي، والثانى اعدام المصاب فقط وتحصين الباقي، لكنها فضلت الخيار الثانى نظرا لضعف القدرات المادية للدولة، التى لا تمكنها من صرف تعويضات للمربين.
وقال درويش إن عملية التحصين تمت بطرق خاطئة، وتم تهريب كميات كبيرة من الدواجن المصابة للأسواق، الأمر الذى ساهم فى زيادة انتشار المرض وظهوره فى مناطق عديدة الأمر الذى جعل المرض منتشرا فى مصر حتى اليوم، لذلك لابد من انشاء هيئة أو جهاز يكون معنيا بصناعة الدواجن وحل مشاكلها وتكون لها ميزانية مستقلة تمكنه من القيام بدوره، حتى يمكن تفادى الأمراض الوافدة ومكافحة الأمراض المتوطنة.
وأضاف أنه على الرغم مما تعانيه صناعة الدواجن من أزمات وخسائر عرضت العديد من المربين لخسائر فادحة دفعت بعضهم للخروج مؤقتا من السوق والبعض الآخر خرج بشكل كامل، تأتى الحكومة لتطارد صغار المربين المتعثرين، وتم اصدار أحكام قضائية ضدهم على الرغم من عدم مساعدة الدولة لهم اثناء أزمة انفلونزا الطيور.
وأكد أن عدد المربين المتعثرين يقدر بحوالى 1485 من صغار المربين بديون قدرها 37 مليون جنيه، اصرت الحكومة على مقاضاة أصحابها وحصلت على أحكام بالسجن ضدهم، وذلك على الرغم من أن منتجى الدواجن لديهم مستحقات لدى وزارة الزراعة تقدر بنحو 300 مليون جنيه غير مستغلة موجودة بصندوق مواجهة الأمراض والأوبئة، الذى يقوم بتحصيل 1% على جميع مدخلات صناعة الدواجن، وأن الصرف من هذا الصندوق متوقف منذ عامين، لذلك كان الأولى سداد مستحقات بنك التنمية لدى المربيين المتعثرين من هذا الصندوق.
ولفت رئيس اتحاد منتجى الدواجن إلى أن مسئولى وزارة الزراعة يرفضون التصرف فى هذا المبالغ، لأن اللائحة التنفيذية للصندوق تقول انه لموجهة الامراض والاوبئة، وأن التغير المستمر فى الوزارات كان له تاثير سلبي واصح على صناعة الدواجن، لان الوزراء غير قادرين على اتخاذ قرارات جريئة تنقذ الصناعة.
وأوضح أن الحكومة الحالية لن تقدم حلولاً جذرية لصناعة الدواجن، لأنها مؤقتة وتتسم كغيرها من الحكومات التى تلت الثورة بأنها تدير بنظام “الايادى المرتعشة”، وأنه سبق أن تقدم بهذا الطلب للوزير رضا اسماعيل، ووافق على سداد مستحقات البنك على المربين إلا أن رئيس الصندوق الدكتور حسين سليمان رفض بحجة أن لائحته لا تتضمن سداد مديونيات المتعثرين.
وارجع درويش ضعف دور الاتحاد خلال الفترة الماضية وعدم تجاوز اعضائه 1500 عضو فقط مقابل 22 الف و500 مزرعة تعمل فى القطاع الى ضعف الامكانيات والموارد المادية للاتحاد والتى تجعله مغلول الايدى فى مساعدة المربين حال تعرضهم لازمات الامر الذى دفع النسبة الكبيرة الى العزوف عن عضوية الاتحاد، مشيرا الى انه على الرغم من قيمة العضوية التى لا تتعدى 250 جنيها فى العام ولكن الاعضاء لا يحصلون على خدمات مقابل هذا المبلغ ولذلك لا يقبل عليها.
وكشف أنه تقدم بطلب لوزراء الزراعة السابقين لاقتصار منح تراخيص المزارع وعدم السماح لممارسة المهنة لغير اعضاء الاتحاد حتى تكون هناك مظلة شرعية لممارسي المهنة وتسطيع الدولة مخاطبتهم عن طريق الاتحاد.
وعن بورصة الدواجن التى أسسها الاتحاد، قال نبيل درويش إن محافظة القليوبية حولتها الى مصدر لتحصيل الأموال والجباية من المربين والتجار، وهذا افقدها دورها الاساسي، الذى يتمثل فى كونها مؤشرا لاتجاهات السوق والاسعار.
وأضاف أن أرض البورصة ملك للاتحاد، ولا توجد نية لعودة نشاطها مرة أخرى فى الوقت الحالي، لكن تتم دراسة اساليب حديثة لتنظيم عملية تداول وبيع الدواجن فى السوق المحلي.
كتب – عمر عبدالحميد ورانا فتحى