دخلت غانا نادى الدول المصدرة للبترول بقوة بفضل اكتشاف احتياطات ضخمة من الخام بلغت حوالى 3 مليارات برميل، وهو ما انعش آمال الانتعاش الاقتصادى مع تدفق العائدات.
ويضع جيران غانا أعينهم عليها لرصد التطورات وقدرتها على تفادى المشكلات التى وقعت فيها نيجيريا اثناء ادارتها لقطاع الطاقة، حيث تبحث دول مثل موزمبيق وتنزانيا وكينيا عن النموذج الامثل لادارة الاكتشافات البترولية التى لفتت أنظار مجموعات الطاقة الكبرى فى العالم.
وتعهد جون درامانى ماهاما، الرئيس الغانى باستخدام إيرادات البترول الضخمة لتحسين البنية التحتية والتعليم وإمدادات الطاقة.
وتكافح غانا والعديد من الدول الأفريقية الأخرى للتوصل إلى طرق الاستفادة من ثرواتها الطبيعية، حيث تعانى من نقص الخبرات اللازمة لوضع استراتيجية يمكن من خلالها استغلال الثروة الجديدة لصالح المجتمع.
وتخشى الدول الأفريقية التى تم اكتشاف البترول بها مؤخرا من أن يكون مصيرها مثل نيجيريا التى أصبح هذا القطاع المكبل فى ظل عدم وجود الكفاءة وتفشى الفساد.
وكلفت الصفقات منخفضة الأسعار بين المسئولين النيجريين وشركات البترول متعددة الجنسيات أكبر منتج للبترول فى أفريقيا حوالى 29 مليار دولار على مدار السنوات العشر الماضية، علاوة على انتشار ظاهرة سرقة البترول فى نيجيريا، وتقدر بـحوالى 250 ألف برميل يوميا أى ما يعادل 10% من إجمالى الإنتاج.
وسوف تحدد سياسات ماهاما مسار قطاع البترول والغاز فى غانا، والنمو الاقتصادى للدولة، فقد ساعدت إيرادات حقل جوبيلى بجانب الإنتاج القوى للكاكاو والذهب على دفع النمو الاقتصادى إلى 14.4% فى 2011، ومع ذلك مازال نصف سكان الدولة يعيشون على أقل من 2 دولار يوميا أى تحت خط الفقر.
وتقدر شركة «وود ماكينزى» الاستشارية، اكتشافات الغاز فى موزمبيق وتنزانيا حتى الآن بأكثر من 100 تريليون قدم مكعب.
وقال مسئول فى وزارة الخارجية الأمريكية إن الدولتين تمتلكان احتياطيات كبيرة بما يكفى ليؤثر على إمدادات الغاز العالمية ويساعد فى تنويع المعروض للدول المستهلكة للطاقة فى أفريقيا وغيرها.
ورغم تدفق شركات التنقيب إلى المنطقة، هناك – أيضا- المؤسسات الاستشارية سواء الخاصة او العامة المتشوقة لتقديم خدمتها لتلك الدول حول كيفية تأسيس قطاع طاقة قوى ومن بين تلك الجهات صندوق النقد الدولى والبنك الدولي.
وقال فاروق القاسم، عالم جيولوجيا عراقى ورئيس مجلس إدارة شركة “بترو تيم” الاستشارية، إن تأسيس قطاع طاقة قوى يرتكز فى الأساس على كيفية إدارة الإيرادات، مضيفا أن الدولة ينبغى أن تعد نظام إدارة جيداً يعزز قطاع البترول ويستخدم الإيرادات بطريقة تحقق استفادة مستديمة للمجتمع.
وأضاف أن الدول الجديدة فى هذا المجال عليها البدء بسياسة بترولية تقوم على تشريعات تدعم إدارة القطاع بكفاءة، وحينها – فقط – يمكن عقد الصفقات، مشيرا إلى أن معظم الدول يتجه مباشرة إلى عقد الصفقات، ومع مرور الوقت يكتشفون أنهم أضروا بمصالحهم.
ومررت غانا بالفعل قانوناً لإدارة الإيرادات البترولية فى 2011، ينص على أن 30% من إجمالى الإيرادات تذهب إلى صناديق لخدمة الأجيال القادمة، كما يلزم وزارة المالية بنشر تقارير مفصلة عن حسابات تلك الإيرادات.
كما أسس القانون هيئة رقابية لرعاية المصالح العامة، وأظهر تقريرها فى مايو الماضى المناطق التى تشوبها بعض العيوب، بما فى ذلك نقص الشفافية فى شركة غانا الوطنية للبترول، كما أوجد القانون لجنة بترول مسئولة عن تنظيم وإدارة الموارد وإعطاء التراخيص وتحرير الشركة الوطنية لتصبح تجارية بشكل أكبر.
ومازال السكان المحليون فى المنطقة ينتابهم القلق، فتسارع وتيرة النمو لا يعنى نهاية فورية للفقر، فقد كانت موزمبيق أسرع الاقتصادات غير البترولية نموا فى أفريقيا جنوب الصحراء على مدار الخمسة عشر عاما الماضية، ورغم أنها حققت متوسط ناتج محلى إجمالى 8% ما بين 1996 و2008، بفضل نمو قطاع الإنشاءات بعد الحرب الأهلية،بينما تعثرت خطوات التقدم نحو تقليل نسبة الفقر.
ويعيش أكثر من نصف الشعب الموزمبيقى تحت خط الفقر بـ 0.50 دولار يوميا،لذلك، فإن المشكلة الأكبر التى تواجه تلك الدول تكمن فى قدرتها على تجنب أخطاء الآخرين وفى نفس الوقت مقابلة توقعات الشعوب.
اعداد – رحمة عبد العزيز