رصد مسئولو عدد من المكاتب الاستشارية بوادر تحسن فى القطاع بعد عامين من التراجع لاسيما فى مشروعات القطاع الخاص، وعلقوا آمالاً على الاستثمارات التى تسعى الحكومة لاجتذابها من عدد من الدول العربية خاصة قطر والمملكة السعودية.
قال مسئولو المكاتب الاستشارية لـ «البورصة» إن المكاتب واجهت صعوبات كبيرة خلال عامين مضيا تسببت فى تجميد نحو 40% من المكاتب لنشاطها، فيما خرج البعض الآخر للمنافسة على مشروعات خارجية هرباً من الركود المحلى ومحاولة للحفاظ على تواجدها بالسوق.
أوضح الدكتور محمد عبدالغنى، مدير قطاع إدارة المشروعات بشركة المهندسون الاستشاريون العرب «محرم باخوم» أن أعمال الاستشارات الهندسية تراجعت بنسبة كبيرة خلال العامين الماضيين لاسيما مشروعات القطاع العام، وان هذا انعكاس طبيعى لحالة التراجع التى شهدها الاقتصاد، وعدم طرح مشروعات جديدة خلال الفترة المشار إليها.
أشار إلى أن الأعمال المطروحة أمام المكاتب لا تتجاوز 25%، مما كانت تطرح قبل الثورة وأن ذلك ترك آثاراً سلبية على الشركات التى تعمل بنسبة أقل بكثير عن طاقتها، وان عودة العمل مرهونة بالاستقرار السياسى والاقتصادى، وأن جذب استثمارات خارجية يسهم فى إعادة النشاط للسوق.
أكد عبدالغنى أهمية تقديم حوافز ودعم المستثمرين لضخ سيولة جديدة فى السوق واستئناف مشروعاتهم المتوقفة، إضافة إلى تبنى مشروعات قومية تنهض بقطاع التشييد والبناء الذى يعد قاطرة الاقتصاد.
قال المهندس منتصر عبادى، رئيس مجلس إدارة المجموعة الاستشارية «أورجانيك» إن السوق العقارى بدأ يشهد حالة من الرواج النسبى مؤخراً، إلا ان هذا التحسن اقتصر على المشروعات الصغيرة والشخصية للأفراد إضافة إلى أعمال التصميمات الداخلية للمشروعات القائمة.
أضاف ان الفترة الأخيرة شهدت طلباً ملحوظاً على إجراء دراسات جدوى ودراسات استشارية مبدئية لمشروعات جديدة، وانها تأتى لرغبتهم الدخول فى مشروعات بعد استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية، متوقعاً دخولها حيذ التنفيذ قبل نهاية العام الجارى.
من جانب آخر، أوضح ان شركته تعطى أهمية للأسواق الخارجية، وان السعودية أكبر الأسواق وأكثرها فى حجم الأعمال المطروحة، وان شركته تنفذ عدداً من المشروعات وتنافس على عدد آخر فى الخارج.
أكد ان المكاتب الاستشارية تضع أعينها على السوق القطرى لاسيما مع مشروعات المونديال المزمع طرحها خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى اتجاه المكاتب إلى التواجد بها فى انتظار أعمال الطرح.
من جانبه، قال الدكتور سمير ملكى، رئيس مجلس إدارة شركة «ناشيونال ديزاين» للاستشارات والتصميمات الهندسية إن الشركات بدأت فى استئناف تطوير نسبة كبيرة من المشروعات المتوقفة خشية انتهاء مهلة التطوير وتعرض الأرض للسحب منه.
أضاف ان شركته تتولى الإشراف على تنفيذ 7 مشروعات خاصة بالقطاع العام باستثمارات تقدر بنحو 400 مليون جنيه، وتضم مشروعات تعليمية وخدمية وصحية، لكن نقص الاعتمادات المالية أوقف 60% منها لحين استكمال التمويل، وان المكاتب الاستشارية أصبحت لا تعتمد على مشروعات القطاع العام بشكل كبير خاصة فى الظروف الراهنة.
أوضح ملكى ان معظم أعمال شركته خلال 2012 مشروعات سياحية وعقارية ومشروعات صناعية بمحافظات البحر الأحمر والسويس والإسكندرية، وان حجم الاستثمارات التى نفذتها «ناشيونال ديزاين» وجار استكمال الأعمال بها تقدر بنحو 600 مليون جنيه العام السابق، متوقعاً أن يزداد حجم المشروعات خلال العام الجارى إلى 800 مليون جنيه.
أكد ان هناك شركات تطوير عقارى وسياحى أوقفت تنفيذ مشروعاتها لحين استقرار الأوضاع، خاصة فى محافظة جنوب سيناء، لافتاً إلى أن شركته تتولى الإشراف على تنفيذ مشروعين سياحيين بطابا عبارة عن فندقين ومنتجعات سياحية باستثمارات تقدر بنحو 350 مليون جنيه تابعة لشركة «زهرة الخليج» للاستثمار السياحى.
لفت ملكى إلى أن المشروعين تم توقف العمل بهما لحين استقرار الأوضاع، وأن عودة العمل فى هذه المشروعات تتوقف على الأداء الحكومى.
لفت إلى ان المكاتب الاستشارية بحثت خلال الربع الأخير من العام الماضى على أسواق عمل جديدة خاصة فى دول الخليج العربى، والتى تشهد استقراراً اقتصادياً للإشراف على مشروعات استثمارية بها.
وأكد ممدوح عزمى، رئيس مجلس إدارة شركة «آمار كونسلت» للاستشارات والتصميمات الهندسية، ان شركته حققت خلال العام الماضى خسائر قدرها 60% من إجمالى حجم الأعمال، وأنها تعاقدت مطلع العام الجارى على 5 مشروعات استثمارية لتصميم الرسومات الهندسية والإشراف على التنفيذ باستثمارات تقدر بنحو 500 مليون جنيه تابعة للقطاع الخاص.
قال عزمى إن السوق المصرى يسجل ارتفاعاً ملحوظاً فى إجمالى الاستثمارات المنفذة به بنسبة تصل إلى 15% مقارنة بالفترة السابقة، وانه على الرغم من التداعيات السياسية والاقتصادية فإن السوق المصرى مازال جاذباً للاستثمار.
أضاف ان مشروعات القطاع العام توقفت تدريجياً خلال الآونة الأخيرة بسبب نقص الاعتماد المالى، وان القطاع يضع أولويات للمشروعات تبعاً لاعتماداتها المتوفرة، وان مكتبه يشارك بالإشراف على تنفيذ 4 مشروعات تابعة للقطاع العام باستثمارات 600 مليون جنيه.
كشف عزمى عن ان المشروعات العقارية فرس الرهان خلال العام الجارى، حيث إن شركته ستتولى الإشراف على تنفيذ 3 مشروعات عقارية لمستثمرين خليجيين بمدنتى 6 أكتوبر والشيخ زايد باستثمارات تقدر بنحو 300 مليون جنيه، وان المستثمر يبحث عن المناطق المستقرة، التى يتوافر بها إقبال كبير على العقارات.
أشار إلى ان الجداول الزمنية التى وضعتها شركات الاستثمار السياحى لإنجاز مراحل مشروعاتها دفعتها لعدم التوقف فى أعمال التنفيذ، فضلاً عن رغبة الشركات فى الانتهاء من المشروعات لحين استقرار الأوضاع، وذلك على أمل عودة الحركة للسوق.
قال المهندس رأفت سليمان، رئيس مجلس إدارة أورجينال للاستشارات والتصميمات الهندسية، إن الرؤية لم تتضح بعد، وان الشركات بدأت فى ضخ استثمارات فى القطاعين العقارى والسياحى وذلك مع عودة الاستقرار إلى الشارع بشكل نسبى.
لفت سليمان إلى ان ارتفاع أسعار مواد البناء خلال العام الجارى خاصة الحديد والأسمنت لعب دوراً فى توقف بعض المشروعات لإعادة هيكلة التكلفة الاستثمارية للمشروعات السياحية، وان بعض الشركات فضل التوقف لحين استقرار أوضاع السوق المصرى.
قال سليمان إن المشروعات السياحية نجحت خلال العام الحالى بفضل التسويق الجيد للمشروعات، حيث بلغت نسب الحجز فى بعض المشروعات 40% على الماكيت، وان السوق السياحى مازال يحظى بثقة المستثمر رغم ما يتعرض له خلال الفترة الماضية من اهتزازات متتالية.
أضاف ان شركته تقوم على تنفيذ عدد من المشروعات الاستثمارية ما بين قرى وفنادق سياحية ومشروعات عقارية باستثمارات تقدر بنحو 800 مليون جنيه لشركات استثمار محلية وخليجية، وانه سيتم الانتهاء من تنفيذ هذه المشروعات خلال الـ 4 سنوات المقبلة.
فيما أوضح المهندس صلاح حجاب، رئيس مجلس إدارة شركة «صالح وحجاب» للاستشارات الهندسية وبيوت الخبرة ان قوة السوق العقارى المصرى مازالت موجودة، وانها مازالت قادرة على قيادة قاطرة النمو فى الاقتصاد المصرى، وذلك على الرغم من المعوقات، مؤكداً تفاؤله بمستقبل السوقين العقارى والسياحى وان المؤشرات تذهب إلى انه سيحقق طفرة خلال العام الجارى.
أكد ان ضخ الاستثمارات الخارجية يعزز موقف السوق المصرى ويدفع المستثمرين إلى العودة إلى ضخ المزيد من رؤوس الأموال الجديدة بعد سحب 50% من المستثمرين لمشروعاتهم خلال عام 2011-2012 لتخبط الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
توقع حجاب ان تصل نسبة الاستثمارات خلال العام الحالى إلى 65% بالمشروعات العقارية والصناعية والسياحية، معللاً ذلك بالهدوء الذى يشهده الشارع المصرى بعد وضع الدستورى وقرب الانتهاء من المرحلة الانتقالية.
أما الدكتور حازم البرعى، رئيس مجلس إدارة شركة النور للاستشارات الهندسية، فقال: إن نحو 40% من المكاتب الاستشارية جمدت نشاطها أو اتجهت للعمل خارجياً مع عدم طرح مشروعات جديدة، وان هذه المكاتب واجهت صعوبات كبيرة خلال العامين الماضيين.
أضاف ان الشركات التى صمدت خلال تلك الفترة هى التى لديها تعاقدات سابقة أو لديها فروع فى دول أخرى وأعمال ساعدتها على البقاء فى السوق، حيث تمثل هذه الأعمال المصدر الوحيد لتمويلها، متوقعاً خروج مزيد من المكاتب إن لم يتحسن الوضع الراهن.
أوضح البرعى ان النقص المحلى فى الأعمال دفع الشركات إلى التوجه خارجياً وبكثرة، الأمر الذى زاد من حدة المنافسة على المشروعات المطروحة، لاسيما فى الدول العربية وفى مقدمتها السعودية، موضحاً انعكاس ذلك على قيمة التعاقدات التى انخفضت بشكل كبير.
كتب – حمادة إسماعيل وبدوى شلبى