دعا مسئولو قطاع التأمين الحكومة إلى ضرورة التدخل العاجل لإعادة تشغيل المصانع، التى توقفت خلال الفترة الأخيرة تأثرا بأحداث الفوضى والتعثر فى سداد القروض، التى تشهدها مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، لأن استمرار توقف آلاف المصانع عن الإنتاج يدفع شركات التأمين إلى عدم تجديد تعاقداتها التأمينية، لتلك المصانع، نتيجة تزايد الأخطار التى تتعرض لها، مما يحمل شركات التأمين خسائر فادحة تتمثل فى التعويضات التى تقدمها للشركات المغلقة.
قال حسنى مشرف، رئيس قطاع التأمينات العامة بشركة مصر للتأمين، إن توقف المصانع خلال الفترة الأخيرة أدى إلى تزايد ما يعرف فى الوسط التأمينى بالخطر الصامت “silent risk”، الذى ينطبق على تغطية الأخطار الخاصة بالمصانع، التى تم إنشاؤها، ولم يتم تشغيلها لأسباب تتعلق باستكمال منشآت خاصة بها أو نتيجة توقف المصانع نتيجة التعثر فى سداد قروض للبنوك.
وأضاف أن الخطر المعنوى يتزايد فى حالة توقف تشغيل المصانع بسبب التعثر فى سداد قروض البنوك نتيجة قيام بعض العملاء فى تلك الحالة بالتلاعب لدفع شركات التأمين إلى تحمل تسديد تلك القروض بالنياية عن المصانع ذاتها، وهو ما يزيد فاتورة التعويضات الخاصة بشركات التأمين.
وأوضح مشرف أن المكتتب بشركة التأمين ينبغى أن يكون على دراية تامة بالأساليب، التى تدفع العملاء للتلاعب لتحديد نسبة تحقق الخطر الوارد بالوثيقة.
وأكد وليد مصطفى، نائب مدير عام تأمينات الحريق والسطو بشركة المجموعة العربية المصرية للتأمين “أميج”، أن وثائق تأمينات الحريق تغطى الأخطار، التى تتعرض لها الممتلكات أثناء التشغيل فقط.
وأشار إلى أنه نظرا للاضطرابات، التى تشهدها مصر حاليا، فالاحصائيات تذهب إلى توقف ما يقرب من 2000 مصنع عن العمل كليا أو جزئيا، وهو ما ينعكس على شركات التأمين فى تجديد اتفاقيات التأمين نتيجة تلك الاضطرابات أو التعاقد على توفير تغطيات جديدة لمصانع أخرى نتيجة ما يعرف بـ”silent risk”، حيث يكون الخطر المعنوى “moral hazard” مرتفعا خاصة فى حالة أن تكون تلك المصانع أو الشركات مدينة لجهات كالبنوك وخلافه.
وطالب مصطفى بضرورة استثناء التأمين على تلك الأخطار من السياسة الاكتتابية لشركات التأمين نتيجة صعوبة التحكم فى توفير وسائل أمان بتلك المصانع لعدم تشغيلها أو وجود قروض ومديونيات للبنوك على أصحابها، وذلك لتقليل التعويضات التى تتحملها شركات التأمين فى حالة تعرضها لأخطار السطو أو الحريق، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى التأثير على الملاءة المالية لشركات التأمين فى حالة صرف تعويضات لتلك المصانع.
ولفت إلى أنه يجب على شركات التأمين العاملة بالسوق إجراء المعاينة الدورية، لتلك الأخطار فى حالة تجديد الوثيقة لمعرفة حجم الأخطار، التى قد تتعرض لها وحالة تلك الممتلكات ومدى توافر عناصر الأمن والأمان بداخلها.
وفى السياق نفسه، قال محمد عبدالمولى، مدير عام الشئون الفنية بشركة وثاق للتأمين التكافلى، إنه فى العديد من الحالات يقوم أصحاب الشركات والمصانع بطلب قروض من البنوك بضمان بعض ممتلكات الشركة أو البضائع الموجودة بالمخازن الخاصة بها، وتتولى شركة التأمين اصدار الوثيقة لتأمين تغطية القروض، وبالتالى يتزايد الخطر المعنوى مع تزايد عدم قدرة العملاء على سداد تلك القروض، خاصة فى حالة تعرضهم للدعاوى القضائية من جانب البنوك.
وأضاف أن بعض العملاء قد يلجأون إلى إحراق البضائع الموجودة بالمخازن على سبيل المثال للهرب من السداد، ومن ثم الزام شركات التأمين بالسداد نيابة عنه للبنك، وهذا يترتب عليه خسائر فادحة لشركات التأمين تدفعها فيما بعد لاتخاذ قرار عدم الاقدام على هذه النوعية من التغطيات التأمينية وهذه خسارة أيضا للشركات.
ولفت عبدالمولى إلى أن “وثاق” تبتعد عن توفير الحماية، لتلك الأنواع من الأخطار، خاصة التى لا تتمكن الشركة من اجراء المعاينة الفنية للخطر المطلوب التأمين عليه قبل الاصدار، أو تلك الحالات التى لا تتناسب فيها قيمة البضائع الموجودة بالمخازن مع مبلغ التأمين أو فى حالة توقف العميل عن العمل أو تعثره فى سداد اقساط القرض للبنك، لتجنب المشكلات التى قد تحدث بين البنوك وشركات التأمين.
وطالب مدير عام الشئون الفنية بشركة وثاق للتأمين التكافلى شركات التأمين بضرورة الحرص على دراسة حالات التأمين على تلك الأخطار حالة حالة، وذلك للتأكد من تساوى قيمة القروض بقيمة البضائع الموجودة بمخازن المؤمن عليه.
فيما أوضح وائل عبدالمحسن، نائب الرئيس التنفيذى لشركة المشرق العربى للتأمين التكافلى لشئون التسويق والمبيعات، أن حالة الكساد والركود، التى تعرض لها العديد من المصانع زادت وطأتها خلال الفترة الأخيرة، نتيجة غياب الاستقرار السياسى والاقتصادى، مشيرا إلى أن هناك آلاف المصانع اضطرت إلى الاغلاق لأسباب متباينة ترتبط فى مجملها بغياب الاستقرار، وأن غالبية هذه المصانع توجد فى المناطق الصناعية المنتشرة بالمحافظات.
وقال عبدالمحسن، إن غالبية مصانع المناطق الصناعية التى لم تغلق بعد اضطرت لتخفيض طاقتها الانتاجية، فيما اقتصر نشاط بعض هذه المصانع على تصريف البضائع الموجودة بالمخازن، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى زيادة الخطر المعنوى، الذى تتعرض له الشركات خاصة إذا ما كانت هذه المصانع مدينة للبنوك وتعانى عدم القدرة على السداد.
وأضاف أن الخطورة التى تتعرض لها شركات التأمين فى هذه الحالات، تتمثل فى لجوء بعض العملاء إلى التخلص من معدات الشركة أو منتجاتها المخزونة عن عمد سواء بادعاء سرقتها أو نشوب حريق فى مخازنها، لتوفير السيولة اللازمة لتسديد القرض أو معاودة العمل، وهو ما يتسبب فى تكبد شركات التأمين خسائر كبيرة، تتمثل فى التعويضات التى تضطر إلى سدادها، وهذا بدوره يترتب عليه تشدد معيدى التأمين فى قبول عمليات من السوق المصرى، نتيجة سوء النتائج الفنية للشركات فى حالة قبول تلك النوعية من الأخطار.
وطالب نائب الرئيس التنفيذى لشركة المشرق العربى للتأمين التكافلى بضرورة دراسة حالات المصانع، التى توقفت خلال الفترة الأخيرة بالتنسيق بين شركات التأمين والبنوك، لتوفير حلول إعادة تشغيل تلك المصانع، بما يصب فى صالح الاقتصاد ككل وقطاع التأمين من خلال توفيرالتغطيات التأمينية المختلفة.
أما جمال شحاتة، مدير عام الإنتاج والفروع بشركة بيت التأمين المصرى – السعودى، فأوضح أن عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية خلال الفترة الحالية أسهم فى توقف العديد من المصانع، نتيجة أحداث السطو والسرقة أو تزايد الاضرابات العمالية المصحوبة بأعمال شغب.
وأشار إلى أن الظروف غير المستقرة تدفع شركات التأمين إلى التحفظ فى قبول التغطيات التأمينية على تلك المصانع، وخاصة المتوقفة منها، ولا سيما إذا كانت مقترضة من البنوك، حيث يلجأ بعض العملاء إلى التحايل للحصول على التعويض بأسباب مفتعلة، وتضطر شركة التأمين إلى دفع التعويض طالما كانت هناك صلاحية للبنوك.
ونصح شحاتة شركات التأمين بالتريث فى قبول تلك الأخطار، لأنها أصبحت فى حكم الأخطار مؤكدة الحدوث، وبالتالى فإن الاقدام عليها يترتب عليه المزيد من الخسائر لشركات التأمين، مؤكدا أن شركات التأمين ليس لديها أي موانع من توفير الحماية والتغطيات التأمينية للمصانع أو الشركات حال تعرضها لأخطار حقيقية أثناء التشغيل وليس نتيجة أحداث مفتعلة.
وشدد على ضرورة تدخل الجهات المسئولة للقيام بواجبها نحو الحد من استمرار توقف تلك المصانع سواء بتوفير خامات الاستيراد مع تقديم حزمة من التسهيلات، لدعمها لكى تكون قادرة على استعادة نشاطها مرة أخرى، وكذا محاولة إيجاد حلول للمشكلات القائمة مع العمال، لإعادة تشغيلها حفاظا على الاقتصاد بصفة عامة.
كتب – محمد عزب