تبرأ مقاولون واستشاريون من تهمة المسئولية عن سقوط العقارات، وأكدوا أن السبب فى استمرار مسلسل انهيار العقارات فى مختلف المحافظات يرجع إلى فساد المحليات، وعدم وجود رقابة صارمة على العقارات المخالفة وانتشار ظاهرة البناء المخالف فى ظل الغياب الأمنى فضلاً عن المخالفات التى يرتكبها مقاولو بير السلم بحثا عن التربح باستمرار دون التطرق إلى جودة المنتج.
وأشار خبراء فى القطاع العقارى إلى أن تحميل شركات المقاولات والمكاتب الاستشارية للمسئولية كاملة عن هذه الكارثة أمر ليس مبرراً لأن هذه المبانى تتم بعيداً عنهم ولا تتم الاستعانة فيها بشركات مقاولات تتبع اتحاد المقاولين أو مكاتب استشارية معتمدة.
وأكد نواب فى لجنة الإسكان بمجلس الشورى ضرورة فرض رقابة على المكاتب الاستشارية فى مجال البناء لضمان جودة الأداء فى إنشاء المبانى والحفاظ على سلامتها وعدم انهيار العقارات حفاظا على أرواح السكان وحماية للثروة الوطنية من المساكن مطالبين بوضع آلية تحقق سلامة المنشآت المعمارية وتحدد المسئولية الجنائية للقائم بأعمال البناء.
وطالب الخبراء بضرورة قصر تراخيص البناء على المكاتب الاستشارية المعتمدة إضافة إلى ضرورة الاستعانة بشركات مقاولات تتبع الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء ومتابعة أعمال الصيانة للمبانى والكشف عن المبانى المخالفة ومحاسبة المسئولين عنها.
أرجع المهندس ممدوح عزمي، رئيس شعبة العمارة بنقابة المهندسية، سقوط العقارات إلى البناء دون إجراء اختبارات للتربة للتأكد من صلاحيتها للإنشاء ووجود أخطاء فى التصميم الإنشائى والتنفيذي، بالإضافة إلى وجود عيوب فى مواد البناء متمثلة فى الأسمنت والحديد، وأخيراً، استخدام مواد البناء بنسب أقل بكثير من النسب المتعارف عليها معمارياً.
وقال عزمى إنه من الضرورى الإسراع فى سن تشريعات جديدة وإدخال بعض التعديات على القوانين المتعلقة بصيانة العقارات وتحديد الجهات المانحة لتراخيص البناء منعا للتداخل مطالباً بضرورة تعديل مواد من القانون رقم 119 لسنة 2008 لتفعيل مراقبة المكاتب الهندسية على أعمال الإنشاء والتصميم.
وأضاف أن 80% من العقارات المنهارة مقامة على مرافق قديمة ومتهالكة وأن الفترة التالية للثورة شهدت انتشار المبانى العشوائية بشكل كبير دون تخطيط أو دراسة وأن هناك أبراجاً سكنية تم إقامتها خلال شهرين ما يمثل خطورة على المقيمين بها.
من جانبه، أرجع الدكتور محمد عبدالباقي، رئيس مجلس إدارة شركة «الهرم للاستشارات الهندسية»، الانهيارات المتتالية للعقارات إلى فساد المحليات الذى يوجد بكثافة داخل أجهزة الإدارة المحلية، خاصة المسئولة عن إصدار تراخيص البناء.
وأكد أن السماح لأصحاب العقارات بالحصول على تراخيص بالارتفاعات مقابل غرامات مالية شكلت مصدرا من مصادر دخل المحافظة وأن هذا التصرف رفع من زيادة الأحمال على المبنى بنسبة 30% مما هدد المرافق من مياه الشرب والصرف الصحى والكهرباء.
وتابع د. عبدالباقى أن عدم تطوير البنية التحتية يهدد العقار بالانهيار فضلاً عن ارتفاع الزيادة السكانية، التى لا تقابلها زيادة فى الخدمات مما يتسبب فى ضعف كفاءة تلك المبانى.
وطالب بضرورة العمل على وجود عناصر جذب قوية وكافية للعمران داخل المدن الجديدة من أجل استقطاب المواطنين إليها وترك العقارات الآيلة للسقوط، والعمل على تغيير الهيكل التنظيمى والإدارى لأجهزة إصدار التراخيص والقضاء على الفساد والقيام بصيانة دورية للعقار وقال د. عبدالباقى إن وزارة الإسكان مطالبة بإتاحة الفرصة للقطاع الخاص والمتخصصين للمشاركة الجادة فى جهود القضاء على هذه الظاهرة من خلال مشاركتهم فى وضع مخطط التنمية الشاملة لجميع المحافظات.
ولفت إلى أن المتهم الأول فى هذه الظاهرة هو عدم صيانة العقارات بشكل دورى وقانوني، وأن المبانى التى انهارت خلال الفترة الأخيرة عمرها تخطى الـ50 عاما دون إجراء أى صيانة لها، لذلك لابد من تفعيل دور اتحاد الملاك فى المشاركة فى عملية صيانة المبانى.
وأكد الدكتور يوسف أبو العينين، رئيس مجلس إدارة شركة «المشرق» للاستشارات الهندسية، أنه من المهم أن تتحرك منظمات المجتمع المدنى ذات العلاقة الوثيقة بمجال الهندسة من نقابة المهندسين والجمعيات ورابطة المطورين العقاريين والاتحاد المصرى للمقاولين وكبار المهندسين والاستشاريين، وذلك للمساهمة فى وضع مسودة قانون لإنشاء محاكم هندسية بالتعاون مع مسئولى وزارة الإسكان وعرضها على لجنة الإسكان بالبرلمان.
وفى سياق متصل قال المهندس محمد لقمة، رئيس مجلس إدارة شركة «ديتيلز» للمقاولات، إن أجهزة الدولة المسئول الرئيسى عن انهيارات المبانى لاسيما الحديثة منها لأن هذه العقارات تم إنشاؤها بدون تراخيص وبشكل مخالف وسمحت الدولة بذلك دون اتخاذ إجراء حاسم مشيراً إلى أن النسبة الأكبر من هذه المخالفات وقعت على مدار سنوات سابقة، وتتطلب إيجاد حلول جذرية لها، وذلك بالكشف على المبانى القائمة للتأكد من صلاحيتها الفنية.
أوضح أن المبانى المخالفة يتم تنفيذها عبر حرفيين ومهنيين بعيداً عن شركات المقاولات مؤكداً عدم تورط أى من الشركات التابعة لاتحاد المقاولين فى هذه الأعمال وذلك رغم تراجع المشروعات المطروحة إلا أنها تفضل التوقف عن التورط فى هذه المخالفات.
وقال عبدالحميد مصطفي، عضو مجلس إدارة اتحاد المقاولين، إن الاتحاد يتخذ إجراءات حاسمة ضد أى شركة يثبت تورطها فى أعمال تخالف المواصفات وأن هذه العقوبات تصل إلى فصل الشركة من عضوية الاتحاد.
وأضاف أن عدد الشركات المقيدة بالاتحاد شهد تراجعاً ملحوظاً من 40 ألف شركة فى 2003 إلى 16 ألف شركة حالياً وذلك بسبب خروج الشركات غير الجادة التى تقدم على مثل هذه الممارسات غير القانونية.
أشار مصطفى إلى أن معظم هذه المبانى لا تتم الاستعانة عند البناء بمهندسين استشاريين بل يكون ذلك من خلال مقاول غير محترف يقوم بتنفيذ المبنى دون تصاريح أو تصميمات هندسية أو إشراف هندسي.
وأكد أن شركات المقاولات تعرضت لهجمة شرسة خلال الآونة الأخيرة بسبب الانهيارات على اعتبار أنها المنفذة للمبانى المنهارة وهذا عار تماما من الصحة وأن البعض يدعى كونه مقاولا دون أن يكون منتميا إلى الاتحاد وأن المسئولية تقع بالأساس على المحليات التى تترك هذه المخالفات حتى الانتهاء من المبنى دون التعرض لها فى مراحل التنفيذ.
ولفت مصطفى إلى أن الجهات الحكومية فقط هى من يشترط شهادة عضوية المقاولات فى الاتحاد فى حين لا يشترط القطاع الخاص ذلك ولذلك لابد أن تلزم الجهات الحكومية الراغبين فى البناء بالتعامل مع شركات مقيدة بالاتحاد فقط.
وأوضح المهندس منتصر عبادي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الاستشارات الهندسية «أورجانيك»، أنه لم يثبت مسئولية أى من المكاتب الاستشارية عن المبانى المنهارة حيث يتم بناؤها بدون استشارى من الأساس ولا يراعى فيها المواصفات الفنية التى تضمن سلامة المنشأ.
وتابع أن المكاتب الاستشارية لا تقبل المشاركة فى الإشراف على مبانى يعرف إنها تمثل خطرا على حياة الأشخاص حتى مع التراجع الحالى فى الأعمال المطروحة وأن أعمال البناء يسبقها اختبارات للتربة وتحديد نوعية التسليح المناسبة بناء على النتائج وهو ما لا يتم العمل به فى المبانى المخالفة، التى تم تنفيذها فى جميع مراحلها بشكل اجتهادى وعشوائي.
كتب – حمادة إسماعيل وبدوى شلبى