تنقسم الدول فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى فئتين تجعلان اقتصادهما يتباين بشدة، فبعضها غنى ومصدر للبترول، أما الباقى فهم صافى مستوردين، بينما يشترك جميعها فى الدعم الحكومى.
وفى ظل انخفاض أسعار البترول هذا العام نتيجة تباطؤ النمو العالمى والإمدادات غير المتوقعة من دول غير أعضاء فى منظمة الأوبك، قد تضطر الدول الغنية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الانضمام إلى الدول الفقيرة منها فيما يتعلق بربط الحزام.
وقال صندوق النقد الدولى إن محاولات دول المنطقة لإبقاء على أسعار الغذاء والوقود منخفضة تتكلف ما يزيد على 200 مليار دولار، أو حوالى 6% من الناتج المحلى الإجمالى.
كما تقول وكالة الطاقة الدولية إنه من بين النصف تريليون دولار التى أنفقت على دعم البترول والغاز والفحم فى 2011، 250 مليار دولار كانت فى هذه المنطقة وحدها مسجلة ارتفاعا بنسبة 30% على العام الذى يسبقه.
وصرح جين مايكل صليبة، محلل فى بنك «أوف أمريكا ميريل لينش»، لجريدة الفاينانيشال تايمز بأن الدعم الحكومى غير مستدام، مضيفاً أن مستوردى البترول مثل مصر لديهم أصلا صعوبة فى تمويل عجز الموازنة، بينما الدول المنتجة له ولديها فوائض فى الموازنة تكثر عليها النفقات، كما أصبحت الإيرادات غير كافية فى ظل انخفاض الإنتاج مقارنة بالسنوات الماضية.
ولطالما دعمت الحكومات فى الشرق الأوسط وأفريقيا الغذاء والوقود مقابل الحفاظ على استقرار الأنظمة الاستبدادية، مسترضية الشعوب من خلال تجنب زيادة تكلفة المعيشة بالإضافة إلى تقليل الضغوط لأى إصلاحات سياسية واقتصادية.
وأعلنت الأنظمة التى نجت من احتجاجات الربيع العربى التى بدأت فى 2011، وخاصة دول الخليج الغنية بالبترول، عن مزايا واسعة لرعاياها مثل زيادة الأجور وبدل السكن وغير ذلك لإبقاء الثورات بعيدة عن أراضيها.
وكانت الأردن والمغرب من الدول المستوردة للبترول والتى أفلتت فيها الأسر الحاكمة من الاحتجاجات، وقررت الدولتان مؤخرا تخفيض الدعم مقابل الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي.
وارتفعت تكلفة الدعم فى المغرب إلى الضعف تقريبا ما بين 2010 و2012 إلى 6.3 مليار دولار أى بنسبة 15% من الإنفاق العام، وقد تبدأ الدولة بعض الإصلاحات فى يونيو القادم على نظام الدعم من خلال تقديم مساعدة للمعوزين لتحمل تكاليف الغذاء والوقود، كما سوف تضطر مصر أيضا إلى تخفيض الدعم إذا نجحت فى مفاوضاتها مع صندوق النقد بشأن القرض البالغ 4.8 مليار دولار.
وقالت راشيل زيمبا، محللة فى شركة «روبينى جلوبال إيكونوميكس»، إن مستوردى النفط بدأوا فى تخفيض الدعم كمطلب أساسى لقرض صندوق النقد الدولى مضيفة أن الدعم فى دول الخليج يقوض الإنفاق لأنه يقلل الأموال المتاحة لأشياء أخرى.
ومع ذلك، فإن الوضع بالنسبة للدول الغنية بالبترول مريح أكثر، حيث يشكل مصدرو البترول من المنطقة 80% من إنتاج منظمة الأوبك، كما أنهم جمعوا فوائض جيدة من عائدات البترول خاصة أن أسعار البترول وصلت العام الماضى إلى 112 دولاراً للبرميل وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن يتداول البترول حول 100 دولار للبرميل هذا العام وهو سعر أعلى مما تحتاجه دول المنطقة لتحقيق التوازن فى موازناتها.
وخفضت أوبك من إنتاجها فى ديسمبر الماضى لأدنى مستوى فى 14 شهرا وتتوقع أن تواصل هذا التقليص فى ظل التأثير السلبى لعدم اليقين الاقتصادى على الطلب.
ومن المرجح أن يؤثر ضعف الطلب – بالإضافة إلى زيادة المعروض بعد طفرة الغاز والبترول الصخرى فى الولايات المتحدة – على أسعار البترول، كما ان تراجع أسعار البترول بنسبة 10% سوف يقود إلى هبوط الفائض فى الحساب الجارى لمصدرى البترول فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا مجتمعتين بحوالى 150 مليار دولار، بعدما وصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق فى 2012 عند 400 مليار دولار.
وأوضحت راشيل أنه ليس من السهل خفض الدعم نظرا لتداخل المصالح، فإذا قبلت الشعوب بزيادة الأسعار، سيرغبون فى معرفة ما يأخذون فى المقابل مثل مسار الإصلاح الاقتصادى وخلق فرص العمل وانخفاض مستويات الفساد والمزيد من الحقوق السياسية.
إعداد: رحمة عبد العزيز