قال تقرير لوكالة «ستاندر آند بورز» إن مصر أصبحت واحدة من الأسواق الناشئة التى تعزز فيها البنوك الخليجية تواجدها على حساب البنوك الأوروبية، وأضاف التقرير أن تقليص البنوك الأوروبية لأعمالها فى المنطقة جاء لصالح البنوك الخليجية الراغبة فى التوسع فى الأسواق ذات الكثافة السكانية والاختراق البنكى الضعيف.
وقالت الوكالة فى تقريرها إن مصر وتركيا من أبرز الأسواق التى تبحث فيها البنوك الخليجية عن فرص للتوسع، إضافة إلى إندونيسيا.
ونوهت «ستاندرد آند بورز» بأنه على الرغم من أن تلك التوسعات تأتى فى أسواق ذات مخاطر مرتفعة إلا أنها قد لا تؤثر على تصنيفات تلك البنوك بالنظر إلى تمتعها بمعدلات كفاية قوية لرؤوس الأموال، وقدرة مساهميها على مساندتها وقت الحاجة، كما أن عدداً منها مملوك للحكومات الخليجية الثرية.
وتوقعت الوكالة أن يستمر اتجاه البنوك الخليجية لشراء الأصول المالية فى البلدان الناشئة فى المنطقة، مدفوعا بالانخفاض فى الأسعار عن قبل الأزمة المالية، مشيرة إلى أن البنوك تبحث عن فرص النمو ولها رؤية للتعامل مع الشباب فى تركيا ومصر وبعض البلدان الآسيوية مثل اندونيسيا.
وقال التقرير إن ستاندرد آند بورز لخدمات التصنيف لاحظت انتعاشاً حاداً فى عمليات الاستحواذ من قبل البنوك الخليجية فى عام 2012، خاصة فى تركيا ومصر.
كما لوحظ أن سعر حصص الأغلبية أصبح أقل بكثير من سعرها قبل الأزمة المالية، مما سهل الحصول على الاسهم من المؤسسة على المدى البعيد.
وتقيم «ستاندرد آند بورز» كل حالة على حدة والاختلافات فى التقييم تعتمد على بعض العوامل الصعبة مثل مدى رسملة المشترين بعد الحيازة، ومدى تعرضهم لمخاطر الائتمان الناتجة عن تلك التوسعات، وهل ستكون تلك المؤسسة قادرة على الحصول على فوائد من تنويع أصولها.
وقال التقرير إن النمو فى الدول التى لديها نسبة عالية من المخاطرالاقتصادية يمكن أن يعرض البنوك إلى مخاطر زيادة المتطلبات الرأسمالية ويؤدى إلى تخفيض إلى تقييم كفاية رأس المال.
وعلى الرغم من ذلك فإن مساهمى البنوك الخليجية داعمين لرأس المال بالاضافة إلى قدرة تلك البنوك على توفير رؤوس أموال داخلياً، كما أن هذه المعاملات هى فرص للتنويع.
ويمكن أن توفر الأسواق ذات الكثافة السكانية الكبيرة النمو فى الأجل الطويل، ولكن العامل السلبى هو ضعف الإقراض باستثناء البنوك فى دول البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات.
انسحاب البنوك الأوروبية يعطى فرصاً للخليجية
وتعتقد «ستاندرد آند بورز» أن البنوك الأوروبية ستستمر فى بيع الاصول غير الرئيسية خاصة تلك الموجودة خارج اسواقها المحلية، لاعادة بناء قوائمها بعد الأزمة المالية ولتحقيق الاجراءات الملحة.
قبل الاصطدام بالأزمة، كونت البنوك الأوروبية الرئيسية محافظ أسهم كبيرة فى المؤسسات المالية فى الدول الناشئة التى ستسمح لها بالنمو فى المستقبل.
وعلى الرغم من ذلك فإن الأزمة أدت إلى زيادة الخسائر، وتعرضت إلى أزمة الديون السيادية، وهو ما أدى بها فى النهاية لمحاولة توفير السيولة.
وساهم الاتجاه إلى التعديلات الاجرائية الدولية فى تقليص عدد البنوك الغربية. كماأن اجراءات بازل 3 ستساعد على زيادة متطلبات رأس المال والسيولة تدريجيا، هذا بجانب بعض التعديلات الاخرى.
ولأن عددا من المؤسسات الأوروبية قيد الحصول على ارباح والدخول فى اسواق الأوراق المالية «البورصة» فى الحاضر، عليها بالاهتمام واعادة هيكلة القوائم المالية لتقوية الرسملة.
بعض البنوك قامت بالفعل بتنفيذ تلك الهيكلة والبعض الآخر بدأ حديثا. وبناءً عليه نحن نعتقد أن عمليات التقليص ستكون هى النموذج العام فى أوروبا ولسنوات قليلة قادمة.
وبعض البنوك قامت ببيع بعض الاصول غير الرئيسية جغرافيا والتى تحصل على الاصل المباع بالبنوك الأوروبية. وباعطاء هذه العمليات الجارية للبيع فاننا نعتقد أن هذا الاتجاه سيستمر على مدار السنوات القادمة القليلة.
الهدف مصر وتركيا
بالنظر إلى صغر حجم الأسواق الخليجية التى يقل عدد سكانها مجتمعين عن 50 مليون نسمة ووجود نسبة كبيرة من الأجانب تميل إلى تقليص معاملاتها البنكية، فإن الدول الكبيرة الممتلئة بالشباب مثل مصر تعد عامل اغراء للبنوك الخليجية.
وتركيا والدول الآسيوية مثل اندونسيا ينطبق عليها نفس الشيء. هذه الدول ايضا الاختراق المصرفى بها غير واضح وهذا مؤشر لفرص النمو طويلة المدى.
معدلات الاستحواذ والاندماج فى 2012 فى المنطقة كانت الاعلى منذ 2008، وجاء القطاع المالى بنسبة 30.5% من التعاملات، وهو اعلى من قطاع الاتصالات بـ 26.7%، ومصر وتركيا جذبت اكثر من تلك النشاطات.
وطبقا للتقرير، هناك 142 صفقة اعلنت وتم اغلاقها فى تركيا بقيمة اجمالية 10.1 مليار دولار، وفى مصر وصلت قيمة الصفقات إلى 9.8 مليار دولار من 38 صفقة.
ولا تتوقع ستاندر آند بورز أن تكون البنوك فى المملكة العربية السعودية مشترى نشط للاصول غير المحلية، لأنها تعمل فى دولة متعددة الاجناس وبانخفاض فى نسبة الاختراق المصرفى عن نسبة متوسط الدول الخليجية الاخرى، والذى سيمنح فرصة كبيرة فى النمو خاصة فى قطاع التجزئة.
على الرغم من ذلك لم يمنع هذا شراء 60% بواسطة البنك التجارى الوطنى فى مشاركة متوسطة الحجم فى بنك فى تركيا عام 2008.
ولا تتوقع البنوك الخليجية التوسع فقط فى خدمات التجزئة، بل تبحث أيضا فرص خدمات الشركات.
وهى تبحث عن فرص خارجية ولزيادة التجارة الاجنبية وحجم الاعمال مع تركيا ومنطقة الشرق الاوسط. وللحصول على ميزة التمويل الاجنبى وفرص الاعمال حول العالم، نحن نتوقع أن نرى البنزك الخليجية مستمرة فى فتح مكاتب وفروع اخرى خاصة فى الدول الآسيوية.
انخفاض الاسعار يحفز المشترين
انخفاض الأسعار لحصة البنوك الأوروبية فى الدول الناشئة يعتبر حافزا للشراء من جانب البنوك الخليجية.
تقييم الاصول فى بنوك الدول الناشئة كان مرتفعا للغاية قبل أزمة 2008 والمعروض من الاصول المباعة قليل ووجود عدد قليل من الفئات المهتمة، ولكن الآن انه سوق المشترين، عدد المشترين انخفض لأن البنوك الأوروبية الرئيسية تتجه إلى تلميع اصولها بدلا من المزيد من الشراء وهناك اعداد كبيرة من البائعين.
تركيا ومصر اكبر الدول المستقبلة للاستثمارات فى القطاع المالى فى 2012 من البنوك الخليجية. هناك عمليتا استحواذ فى تركيا بأسعار منخفضة عن قبل أزمة 2008.
فى مصر اكبر معاملة قبل الأزمة هى الاستحواذ على معظم حصص البنك الوطنى من جانب البنك القومى الكويتى بسعر اعلى من قيمته الدفترية، على الرغم من ذلك فإن QNB دفعت سعر مرتين ضعف القيمة الدفترية لسوسيتيه جنرال.
رؤوس الأموال قوية للمستثمرين
رأس المال تقليدىاً مؤشر قوى للبنوك الخليجية وتقول «ستاندرد آند بورز» أنها تثق فى رؤوس الأموال تلك ستظل قوية على المدى المتوسط. هذه البنوك لديها مستوى من رأس المال الذى يزيد عن مثيلتها عالميا.
على سبيل المثال فإن نسبة مخاطر تعديل رأس المال الذى يستخدم لقياس كفاية رأس المال يشير إلى أن متوسط النسبة فى دول الخليج تتراوح بين 12% و13% بناءً على بيانات 31 ديسمبر 2011. البنوك الخليجية ايضا لديها نسبة عالية من السيولة المتاحة.
بالاضافة إلى أن النسبة المهمة لاغلبية البنوك مملوكة للحكومات الخليجية التى لديها القدرة على امداد تلك البنوك برأس المال عند الحاجة. وتعتقد الوكالة أن الوضع الرأسمالى لتلك البنوك يمنحها قدرة عالية على الاستحواذ على المزيد من المؤسسات المالية عبر العالم.
هل الخبرة الضعيفة للتعامل عالمياً أظهرت نتيجة عكسية؟!
لأن تلك البنوك لديها خبرة ضعيفة فى التعامل خارج منطقتها، فإنها تحتاج إلى مهارة إدارة المخاطر الموجودة فى الدول الناشئة. ولديها تعرض محدود نسبيا عبر تلك الدول حتى داخل منطقة الخليج.
وتقول وكالة التصنيف إنه تقليدى فإن القروض الداخلية تمثل جزءا كبيرا من محفظة الأصول ومعظمها يتركز فى عدد محدود من الأسماء، وبناء على ذلك فإن معظم البنوك لم يكن لديها بالضرورة منصة للائتمان أو مهارات الاكتتاب التى تسمح بالتوسع فى القروض غير المحلية ولذلك، فإن تعزيز ورصد المخاطر الناشئة من مختلف البلدان سوف يمثل تحديا.
بالاضافة إلى ذلك تساءلت «ستاندرد آند بورز» عن قدرة البنوك الخليجية على الاستمرار فى خلق العوائد لإدارة المخاطر، فى ظل كونها تتميز بالتنافسية القليلة، والعمالة منخفضة التكلفة وغياب الضرائب.
توسع فى البنوك الخليجية فى الدول الناشئة، له تأثير على مقياس رأس المال باتباع منهجية ستاندر اند بورز. النمو فى الائتمان فى الدول المقيمة ضعيف ستجذب رأس مال اكبر باتباع الاطار البنكى الذى تتبعه المنهجية، بالاضافة إلى ذلك فإن الاسواق المستهدفة مثل مصر لديها مخاطر سياسية كبيرة.
بالرغم من الاعتماد على رأس المال فإن الاستحواذات هى الطريقة الوحيدة للتقييم
وقالت وكالة «ستاندرد آند بورز» إن عمليات الاستحواذ للمؤسسات المالية الخليجية فى الدول عالية المخاطر الاقتصادية تكون ايجابية فى مفهوم التنويع فى الانشطة والاعمال، لكنها على الجانب الآخر تعتبر مؤشراً سلبياً فى تقييمها لرأس المال وموقف المخاطر، ولكن بالنظر إلى البنوك يمكن ألا تؤدى إلى تقييم سلبى.
أن التعرض للاقتراض فى الدول منخفضة التقييم يجعل رسوم رأس المال عالية، ويضعف من التطلع لحساب نسبة كفاية رأس المال.
على الرغم من ذلك فإن هذه البنوك لديها مساهمون اقوياء وبالتالى قدرة عالية على زيادة رأس المال.
لذا فإن السياسة الرأسمالية طويلة الاجل هى محور التركيز والاهتمام.
واذا كان هناك اعتقاد أن رأس المال فى طريقه للانخفاض فإن معايير تقييم رأسمال البنك والارباح ستنخفض.
وتحاول الوكالة رصد ما اذا كانت البنوك تقلل من فكرة «الاسم الواحد» التقليدى والاعتبارات القطاعية على اساس موحد، من خلال التوسع فى التعرض للائتمان المختلف والمتنوع فى البلدان حديثة العمل مع الحفاظ على مستوى مناسب من جودة الأصول وخسائر الائتمان.
وقالت الوكالة إنه لتقييم وضع انشطة الاعمال، فأنها سوف تبحث ما إذا كان يمكن للبنوك تنويع الإيرادات من خلال هذه الصفقات، خاصة أن بعض البنوك المكتسبة تعمل فى البلدان المستوردة للنفط، وهو ما يعتبر تحوطا طبيعيا لدول الخليج المصدرة للنفط.
بالاضافة إلى ذلك فإن التوسع فى اسواق النمو طويل المدى يعزز استدامة الاعمال التجارية لبعض البنوك الخليجية.
مزيد من الفرص
وتوقعت «ستاندرد آند بورز» أن تواصل البنوك الخليجية البحث عن فرص النمو فى الأسواق الخارجية فى السنوات القليلة القادمة. وإن تواصل البنوك الأوروبية التركيز على تعزيز ميزانياتها العمومية وعلى اسواقها المحلية بدلا من البحث فى الخارج.
هناك المزيد من الصفقات فى طور الإعداد لعام 2013. باستثناء البنك المقرض العام الماضى دينز، فإن «كيو أن بى» أعلن أنه سوف يستمر فى البحث عن فرص استحواذ فى تركيا واماكن اخرى.
واخيرا فإن بنك أن دى بى الإماراتى هو بنك خليجى آخر أعلن نيته لزيادة المساهمة فى الارباح من الخارج على مدار السنين القليلة القادمة من خلال النمو الطبيعى أو عبر الاستحواذات.
اعتماداً على حجم عمليات الاستحواذ، وإلى أى مدى سوف تدار هذه الأصول الجديدة خلال السنوات القليلة المقبلة ترى الوكالة زيادة فى مساهمة الايرادات من الخارج لبعض البنوك.
وللتحكم فى العمليات الخارجية يتطلب هذا التغيير فى حوكمة الشركات والمخاطر وثقافة الاكتتاب لتمكين البنوك من تبنى اللامركزية على نحو كاف وتطوير القرارات فى الدول المتخصصة فى الاعمال التجارية، مع التحكم القوى فى عمليات المخاطر.
إعداد ـ رغدة هلال