فشل قادة الاتحاد الأوروبى فى التوصل لصياغة سياسية تضمن نجاح الخطط الرامية لمواجهة ازمات الديون السيادية فى دول منطقة اليورو والدول التى تعانى من الركود الاقتصادي.
واكتفى القادة الأوروبيون بمتابعة الاجراءات التى اتبعها البنك المركزى الأوروبى والتى تركزت على ضخ مزيد من الأموال فى أرجاء النظام المالى الأوروبى وتشجيع البنوك على الاقراض الرخيص عبر تخفيف السياسات النقدية ووضع أسعار الفائدة الأساسية عند أدنى مستوياتها لفترة طويلة قد تمتد إلى 2017.
لكن هذه الأموال الرخيصة أدت لزيادة التشوهات فى القطاع المالى الاتحاد الأوروبي، ونجحت الشركات فى الدول المعرضة لمخاطر أقل فى الحصول على أكبر قدر منها بينما الشركات فى الدول الطرفية التى تواجه أزمة هى الأصعب منذ تأسيس منطقة اليورو حصلت على قدر محدود من القروض قليلة التكلفة.
قال تقرير لـ«الفاينانشيال تايمز» إن الشركات فى قلب منطقة اليورو تغترف الأموال التى تحتاج إليها بأسعار منخفضة على خلفية تيسير السياسة النقدية، بينما مازالت نظيراتها فى الدول الواقعة على أطراف منطقة اليورو تعانى من صعوبة الحصول على تمويل.
حلل بنك “باركليز” بيانات البنك المركزى الأوروبى وأظهر أن الشركات التى تقع فى قلب منطقة اليورو كانت المستفيد الأكبر من وعد المركزى الأوروبى فى يونيو الماضى لاتخاذ الاجراءات اللازمة لإنقاذ منطقة اليورو.
وبلغ صافى قروض الشركات فى فرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا 37 مليار يورو من القروض الرخيصة للغاية من الأسواق فى النصف الثانى من 2012.
بينما لم تستطع الشركات الإيطالية والإسبانية والبرتغالية واليونانية تدبير سوى 12 مليار يورو، ولم يتمكن من دخول أسواق رأس المال سوى أكبر الشركات مثل “تيليكوم إيطاليا” و”تليفونيكا” للاتصالات.
وفى نفس الوقت واجهت الدول الطرفية فى منطقة اليورو انخفاضا فى صافى الإقراض المصرفى بمقدار 65 مليار دولار حيث قلصت بنوك المنطقة من قروضها فى محاولة منها لتقوية ميزانياتها.
كما تراجع الإقراض المصرفى فى دول القلب أيضا، ولكن زيادة الاقراض فى الأسواق الرأسمالية أعادت لها التوازن.
وصرح جوليان كالو، خبير اقتصادى فى “باركليز”، لجريدة الفاينانشيال تايمز أن الشركات الألمانية والفرنسية لم تستفد بنفس القدر، فبالتأكيد حسّن المركزى الأوروبى الوضع ولكن مازالت هناك دلائل على الانقسامات داخل المنطقة.
وشهدت إسبانيا هبوطاً فى الاقراض المصرفى بمقدار 43 مليار يورو مقابل 1.5 مليار فقط فى صافى الاقتراض من الأسواق، أما الشركات الألمانية والفرنسية فقد اقترضت من الأسواق بقيمة 12 مليار دولار و13 مليار دولار على التوالي.
كما انخفض الإقراض المصرفى لها أيضا ولكن بمقدار أقل من نظرائها فى الاقتصادات الطرفية.
وتفاقم البيانات الأحدث من المركزى الأوروبى المخاوف بشأن “الانقسام المالي” داخل منطقة اليورو حيث انتشرت التباينات الحادة فى الأوضاع المالية فى السبع عشرة دولة خلال العامين الماضيين.
كما أوضحت بيانات المركزى الأوروبى اختلافا فى تكاليف اقتراض الشركات الأصغر أيضا، حيث تقدر أسعار الاقتراض فى ألمانيا وفرنسا للشركات المتوسطة بحوالى 3.7%، بينما تتراوح الأسعار فى إسبانيا وإيطاليا بين 5.2% و5.6%.
وقال ستيوارت كاولي، مدير صندوق فى شركة “أولد موتشوال”، إن الأسواق المالية تتعافى وليس الاقتصاد الحقيقى فى معظم منطقة اليورو، مضيفا أن المنطقة ستظل فى مشكلة إذا استمرت هذه التباينات المالية بين القلب والطرف.
إعداد – رحمة عبد العزيز