لم يصدق قادة الدول المتقدمة والأسواق الناشئة أعينهم وهم يشاهدون موجة التباطؤ الاقتصادي ترتفع أكثر في نهاية الربع الأخير من 2012، لتنحسر الآمال في إمكانية أن يقدم الربع الأول من عام 2013 شهادة ضمان الاستقرار الاقتصادي للمستثمرين الذين بدا عليهم الإعياء الشديد في معظم الأسواق.
وتعتبر أنشطة تصدير السلع علي رأس القطاعات المتضررة من استمرار الضعف العام للاقتصادات، وهو ما يدفع في كثير من الأحيان البنوك المركزية إلي التلاعب سرا في أسعار الصرف لخفض العملات المحلية بهدف زيادة قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية حيث تنخفض أسعار السلع فيزداد الاقبال عليها.
لكن هذا التلاعب في أسعار الصرف بدأ يأخذ شكلا أكثر علنية وحدة في نفس الوقت بعدما تضاءلت الآمال في حدوث انتعاشة كبري للاقتصاد الدولي علي الاقل في النصف الأول من 2013 كما كان ينتظر البعض وهو ما دفع الصين إلي اصدار تحذير جديد ضد ما يسمي بعمليات الخفض التنافسي لقيمة العملة علي أيدي الدول الغنية قائلة إن الأسواق الناشئة سوف تدفع ثمن ما يطلق عليه الآن حرب العملات.
الغريب أن بنك الشعب وهو البنك المركزي الصيني يتصدر قائمة المتهمين الدوليين خلال العقد الماضي بالتلاعب في أسعار صرف اليوان لزيادة قدرة البلاد علي تصدير السلع التي اغرقت أسواق العالم بسبب انخفاض أسعارها وهو ما اشتكت منه كثيرا الولايات المتحدة كثيرا بصفة خاصة.
يقول تشين ديمينج، وزير التجارة الصيني: فيما يخص الاقتصاد العالمي هذا العام فيساورني القلق بشأن التضخم وخفض القيمة التنافسية للعملة والآثار الجانبية السلبية للاصدارات المفرطة للعملات الرئيسية. وأضاف تشين أن خفض قيمة العملات الرئيسية بشكل متعمد من الممكن أن تكون له آثار وخيمة علي الدول النامية بما في ذلك الصين.
أعربت بكين عن مخاوفها من أن تضر حرب العملات بصادراتها حيث انها سترفع من تكلفة السلع العالمية وتغذي التضخم داخل الصين التي تعتمد بشكل كبير علي استيراد الموارد الطبيعية.
القلق العالمي حيال الخفض التنافسي لقيمة العملة آخذ في الازدياد منذ يناير الماضي عندما اعلن شينزو آبي، رئيس الوزراء الياباني أن اليابان سوف تشتري سندات حكومية غير محدودة لتحفيز الاقتصاد ورفع معدلات التضخم.
أكد البنك المركزي الاوروبي يوم الخميس الماضي التزامه بموقفه النقدي حيث تناضل منطقة اليورو من اجل خفض معدلات البطالة القياسية. هناك مؤشرات علي ازدياد تدفقات رأس المال إلي الصين منذ اواخر العام الماضي عندما بدأ سوق الاوراق المالية الصيني في التعافي وانخفاض قيمة الين.
تمتلك الصين اكثر من 3 تريليونات دولار من احتاطيات النقد الاجنبي، وهي الاكبر في العالم، ما يجعلها معرضة للخسائر الناتجة عن خفض القيمة التنافسية للعملات.
بدأ البنك المركزي الصيني في زيادة معدلات السحب النقدي من الاقتصاد، في محاولة منه لاحباط التأثير التضخمي لتدفقات رأس المال.
وتعد الصين في وضع افضل من غالبية الدول الاخري يمكنها من تحمل آثار التدفقات المالية عبر الحدود حيث انها لا تزال تحتفظ بقبضة محكمة علي ضوابط رأس المال.
ومنذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008 بدأ الحديث عن تلاعب الصين في سعر اليوان أو الرينمينبي للحفاظ عليه منخفضا امام الدولار لزيادة الصادرات إلي الدول المتقدمة ومنها الولايات المتحدة. لكن هذا التلاعب تم الحد منها نسبيا خلال الاشهر الاخيرة حتي مع زيادة التدفقات الخارجية لكن هناك مؤشرات علي عودة بيكن مرة أخري للتلاعب علي نطاق واسع في سعر الصرف. وكان بنك الشعب الصيني قد سمح للرينمينبي بالتداول بحرية أكثر خلال العام الماضي أمام الدولار.
اعداد – ربيع البنا ونهي مكرم