تظل فكرة موت الحواسيب بعيدة بالرغم من أنها ستحدث يوماً ما، وذلك لن يحدث إلا إن توقفت شركات إنتاج أجهزة الحواسيب عن الابتكار، وتوقفت عن مراعاة طريقة تفكير المستخدمين الذين يشعرون دائماً أنهم بحاجة إلى كل جديد. فهل فعلاً نهاية مايكروسوفت مرتبطة بنهاية عصر الحواسيب؟
عد الإعلان الذي أصدرته شركة (ديل– Dell) لهيئة الأوراق المالية الأمريكية، بأنها تود أن تتحول من شركة مساهمة عامة إلى شركة خاصة، بدلالة منها إلى أن عصر الحواسيب الشخصية قد انتهى أو شارف على الانتهاء. وقد أثار ذلك الكثير من الحوارات والنقاشات حول هذا الأمر. لكن في الحقيقة، لم يكن لهذا الأمر أن تصرح عنه الشركات الكبرى في العلن، إلا بعد أن بدأت (ديل) هذه الشرارة.
من الواضح أن الشركات مدركة تماما أن الحاجة إلى الحواسيب الشخصية لم تعد بمثل ما كانت عليه في السابق، وأن نسبة مبيعاتها وحصتها السوقية قد انخفضت عما كانت عليه من قبل، لكن هل هذا يعني أننا نواجه نهاية حقبة الحواسيب الشخصية، وبداية حقبة الأجهزة اللوحية والأجهزة الذكية؟ الجواب لا!
صحيح أن هذا السوق قد تراجع خلال العامين الماضيين، لصالح الأجهزة اللوحية والذكية التي ظهرت بشكل كبير وطغت على الساحة، لكن من منظور عملي، تشير الإحصاءات التي نشرتها شركة (فورستر ريسيرتش– Forrester Research) إلى أن أكثر من 53% ممن يدخلون على الإنترنت حول العالم، يستخدمون 3 أجهزة مختلفة، 2 من هذه الأجهزة هي حواسيب شخصية (سواء أكانت مكتبية أم محمولة– Laptops). إن هذا الرقم في حد ذاته يشير إلى أن أكثر من 70% من الذين يدخلون على الإنترنت يستخدمون الحواسيب الشخصية.
كما أن العديد من الصناعات، بما فيها صناعات الأجهزة اللوحية والذكية، لا زالت تعتمد بشكل كبير على الحواسيب الشخصية؛ فمثلا عمليات البرمجة والتجربة والتطبيق، لا يمكن إتمامها من خلال الأجهزة اللوحية، فهي تحتاج إلى أجهزة بقدرات أعلى– بقوة الحواسيب الشخصية على أقل تقدير– لإتمام أعمالها بشكل أكبر وأسرع.
(مايكروسوفت) و(فيسبوك) وغيرها من شركات التكنولوجيا والإنترنت، وعت إلى أن هذا الأمر مقبل لا محالة، لذلك بدأت تحول خدماتها وخط إنتاجها تجاه ذلك السوق، لكن في الوقت ذاته لم تتجاهل حقيقة أن عصر الحواسيب الشخصية ما يزال حيا ولن يموت بسهولة. ومثال ذلك أن “ويندوز 8” الذي أصدرته (مايكروسوفت) في بداية العام الحالي، أخذ على محمل الجد بحقيقة أن العديد من المستخدمين بدؤوا باستخدام الأجهزة اللوحية، فحاولت أن تخرج بتصميم يتناسب مع النوعين: الأجهزة اللوحية والحواسيب الشخصية، ومن ذلك نتج لنا “ويندوز 8” أو “واجهة ميترو– Metro”.
لكن مايكروسوفت لم تعلن عن ذلك بشكل صريح، بل بمتابعة سير خط إنتاجها يمكن التنبؤ بمستقبل هذه الاستراتيجية التي تسير عليها؛ فنظام الـ”ويندوز” الخاص بها بدأ يتحول بشكل يتوافق مع الأجهزة اللوحية والأجهزة الذكية، كذلك برمجياتها الرئيسة مثل: “أوفيس”، فقد أوجدت منه نسخا خاصة للهواتف المحمولة وعلى العديد من أنظمة التشغيل المختلفة، حتى أنها قامت بربط جهاز الألعاب الخاص بها “إكس بوكس” بنظام “ويندوز فون” وذلك من أجل التحضير للمستقبل الذي يموت فيه الحاسوب الشخصي.
ولكن على الرغم من ذلك، تظل فكرة موت الحواسيب بعيدة بالرغم من أنها ستحدث يوما ما، وذلك لن يحدث إلا إن توقفت شركات إنتاج أجهزة الحواسيب عن الابتكار، وتوقفت عن مراعاة طريقة تفكير المستخدمين الذين يشعرون دائما أنهم بحاجة إلى كل جديد، وأنه لا يمكن الاستغناء عنه، وإن كان هذا “الجديد” لايناسب أعمالهم أو مهامهم.
خلاصة الأمر، أنه في عصرنا الحالي الذي بدأت فيه بعض الشركات تعده بداية نهاية الحواسيب الشخصية، ما تزال الأجهزة اللوحية لا تقوم بالمهام التي يستطيع الحاسوب القيام بها، وحتى نصل إلى تلك المرحلة التي يكون فيها الجهاز اللوحي قادرا على تغطية هذه المهام كلها، تظل حقيقة أننا ما زلنا في عصر الحواسيب الشخصية هي الأكثر واقعية.
تنشر بالاتفاق مع فوربس الشرق الاوسط
تحرير: هشام محمد