تقدم المستشار الدكتور مدحت سعد الدين نائب رئيس محكمة النقض, ووكيل المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود النائب العام “المقال” بمذكرة تكميلية إلى دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض, بالرد على الطعن المقدم من المستشار طلعت عبدالله على الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في مارس الماضي, ببطلان القرار الجمهوري الخاص بتعيينه في منصب النائب العام مع ما يترتب على ذلك من أثار أخصها عودة المستشار عبدالمجيد محمود إلى منصبه كنائب لعموم مصر.
وطالب المستشار سعد الدين في مذكرته, إلى محكمة النقض, برفض الطعن المقدم من المستشار طلعت عبدالله.
وجاءت المذكرة التكميلية من المستشار سعد الدين, للرد على الدفوع التي أبداها المستشار طلعت عبدالله في طعنه على الحكم أمام محكمة النقض من كون حكم الاستئناف قد أخطأ في تطبيق القانون لكون الإعلانات الدستورية من أعمال السيادة التي لا يجوز الطعن عليها, وحمل (الحكم) قصورا في التسبيب وإخلالا بحق الدفاع لعدم احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم.
وأكدت المذكرة أن الإعلانات الدستورية الصادرة في 21 نوفمبر و8 ديسمبر من العام الماضي لم تراع ما أوجبه نص المادة الأولى من القانون رقم 142 لسنة 2006 المعدلة لقانون السلطة القضائية, والذي أوجب موافقة مجلس القضاء الأعلى على مشروعات القوانين المتعلقة بالقضاة قبل صدورها من السلطة المرخص لها بإصدارها, خاصة وأن نص المادة 222 من الدستور القائم قد أوردت أن كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور يبقى نافذا ولا يجوز تعديلها إلا وفقا للإجراءات المقررة في الدستور.
وأوضحت المذكرة أنه في ضوء ما تقدم, فإن ما ذكره المستشار طلعت عبدالله في طعنه, من أن نص الدستور الخاص بتحديد مدة عمل النائب العام ينطبق دون حاجة لصدور قانون أدنى من الدستور في الطعن المطروح, هو قول لا سند له فى واقع الطعن ويتعارض مع نص المادة 222 من الدستور, لأن قانون السلطة القضائية مازال مطبقا ونافذا ولم يتضمن نصا يحدد مدة عمل النائب العام أو تعدل نصوصه وفقا لأحكام الدستور, ومن ثم وجب إعمال مقتضى نص هذه المادة بما يتفق والتفسير السليم للنصوص الدستورية.
وأكدت مذكرة المستشار مدحت سعد الدين وكيل المستشار عبدالمجيد محمود أنه بافتراض المنطق الخاطىء للطاعن بانطباق نص الدستور دون انتظار لصدور تشريع جديد للسلطة القضائية يتوافق مع أحكام الدستور القائم, فقد ورد النص في الدستور القائم في مادته 225 في باب الأحكام الانتقالية, على أن العمل بالدستور يكون من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء, بما يعني انطباقه بأثر فوري وعدم انطباقه بأثر رجعي على المراكز القانونية قبل صدوره.
وأشارت المذكرة إلى أن المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود هو المعين بمنصب النائب العام طبقا للقانون قبل الإعلان الدستوري, وأنه مازال يشغل هذا المنصب وفقا لما أكده الحكم المطعون فيه بعد القضاء ببطلان القرار الجمهوري بتعيين المستشار طلعت عبدالله نائبا عاما, ومن ثم فإن انطباق النص (الخاص بتحديد مدة شغل منصب النائب العام) لن يكون إلا بأثر فوري بعد مضي 4 سنوات من تاريخ صدور الدستور أو خروج عبدالمجيد محمود للمعاش أيهما أقرب طبقا لنص المادة 173 من الدستور القائم.
وأضافت المذكرة أن القول بغير ذلك يعني انطباق الدستور بأثر رجعي بالمخالفة لنص المادة 225 من الدستور, لافتا إلى عدم وجود مصلحة للطاعن “المستشار طلعت عبدالله” في التمسك بتطبيق نصوص الدستور الحالي, ذلك أن هذا الأمر يعني أن تعيينه باطل ومخالف لنصوص الدستور القائم, ويتعين ترشيحه ابتداء من مجلس القضاء الأعلى حتى يستقيم منطقه الخاطىء وتطبيق نص الدستور دون حاجة لصدور تشريع جديد للسلطة القضائية, وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وقالت المذكرة, ردا على الدفع المبدى من المستشار طلعت عبدالله بأن الإعلانات الدستورية من أعمال السيادة التي لا تتعرض لها المحاكم” “إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من السلطات العامة وفقا لنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية, فهي المحاكم التي لها أن تحدد ما إذا كان العمل من أعمال السيادة فلا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه, أو لا يعد كذلك فيكون لها كامل الاختصاص بالنظر في جميع الدعاوى التي ترفع عنه.
وأشارت المذكرة المقدمة من المستشار مدحت سعد الدين وكيل المستشار عبد المجيد محمود إلى أنه وفقا للأحكام القضائية المستقر عليها, فإن خروج القرار الجمهوري عن التفويض التشريعي الممنوح لرئيس الجمهورية بموجب الدستور أو القانون, يجرده من الحصانة المقررة ويغدو مجرد عقبة مادية في سبيل استفادة ذوي الشأن من مراكزهم القانونية المشروعة, ويخضعه لأحكام المحاكم صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات.
وأكدت المذكرة أن الإعلان الدستوري المستفتى عليه من الشعب والصادر في مارس 2011 قد ذكر في نصوصه اقتصار التفويض الممنوح لرئيس الجمهورية في التشريع على القوانين العادية وإصدار تلك القوانين, إما إنشاء النصوص الدستورية وإصدارها فلا يختص بها رئيس الجمهورية, ولها ضوابط أخرى لإصدارها بينها الإعلان الدستوري.
وأوضح أنه يترتب على ذلك أن قيام رئيس الجمهورية, وهو المنوط به احترام الدستور والقانون طبقا للاعلان الدستوري, بإصدار قرارات جمهورية أطلق عليها إعلانات دستورية بالمخالفة لنص المادة 60 من ذات الإعلان الدستوري (مارس 2011) وللقوانين القائمة والنافذة وقتها طبقا لنص المادة 62 من الإعلان, لهو خير دليل على عدم احترام الدستور والقانون, مما يعد خروجا على التفويض التشريعي المقرر له في الدستور والقانون, وانتحاله لاختصاص تشريعي ليس له ويصل به إلى درجة الانعدام لكونه عقبة مادية في سبيل استفادة ذوي الشأن من مراكزهم القانونية المشروعة.
ولفتت المذكرة إلى أنه سبق بيان هذا الأمر المتعلق بالاختصاص الولائي أمام محكمة الاستئناف بالمذكرة المقدمة في 26 يناير, ولم ترد الحكومة ممثلة في هيئة قضايا الدولة على هذا الدفع أو تتحدث فيه أمام محكمة الاستئناف رغم تقديمها مذكرة بالرد على الدفوع والطلبات, بما يعد دفاعا جديدا لا يجوز التمسك به أمام محكمة النقض.