ارتفعت قيمة التبادل التجاري للدول العربية الموقعة على اتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى والبالغ عددها 18 دولة بنسبة %11 خلال عام 2012 لتصل إلى 2.1 تريليون دولار، حسب بيانات صندوق النقد الدولي حول حركة التجارة العالمية. جاء هذا النمو عقب عامين من الارتفاع القوي في حركة التجارة في هذه الدول بمعدلات تجاوزت %20 سنوياً. غير أن تحليلات مجموعة QNB أظهرت أن معظم هذه الزيادة جاءت نتيجة لارتفاع أسعار النفط والغاز وليس زيادة في حجم التجارة.
تتمتع منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى بفائض تجاري مرتفع مقارنة مع بقية مناطق العالم، حيث بلغ إجمالي صادرات المنطقة 1.2 تريليون دولار في عام 2012 وبلغت قيمة وارداتها 0.8 تريليون دولار. وقد بلغ الفائض التجاري في المنطقة 400 مليار دولار في عام 2012، أي ما يمثل %15 من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة. كما أن الفائض شهد ارتفاعات متتالية منذ عام 2009 بعد أن واجه الميزان التجاري للمنطقة عجزاً بقيمة 64 مليار دولار نتيجة لانخفاض متوسط سعر النفط
دخلت اتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى حيز التنفيذ منذ عام 1998، حيث تهدف لتعزيز الجهود الرامية إلى إنشاء سوق عربية مشتركة وتشجيع التجارة البينية والوحدة الاقتصادية في المنطقة. وتعمل الاتفاقية على تحقيق هذه الأهداف من خلال إزالة العوائق أمام التجارة البينية في المنطقة، وذلك من خلال الاتحاد الجمركي وتخفيض الرسوم الجمركية. وحسب الاتفاقية تم تخفيض الرسوم الجمركية بين دول منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى في عام 2005، إلا أن ذلك لم يُطَبَق على كافة البضائع، في حين لا تزال عوائق أخرى غير الرسوم تواجه حركة التجارة البينية. وتشير تحليلات مجموعة QNB إلى أن نسبة التجارة البينية بين دول المنطقة مقارنة مع إجمالي تجارة المنطقة مع بقية دول العالم يعتبر مؤشر أساسي على مدى نجاح جهود تحقيق الوحدة الاقتصادية بين الدول العربية. وقد ارتفعت حصة التجارة البينية في منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى من %9.3 من إجمالي تجارة المنطقة مع العالم في عام 1997 إلى %11.5 في عام 2010. لكن من الصعب اعتبار هذه الزيادة نتيجة لتطبيق اتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى نظراً لأن التجارة البينية بين دول المنطقة كانت ترتفع بالفعل قبل الاتفاقية. لذلك من الممكن أن تكون عوامل أخرى لعبت دوراً في هذه الزيادة مثل تطور البينة التحتية في المنطقة والتنمية الاقتصادية بشكل عام وتوقيع اتفاقيات تجارية أخرى بين دول المنطقة. ومنذ عام 2010 تراجع معدل التجارة البينية في المنطقة مقارنة مع تجارة المنطقة مع بقية دول العالم حتى بلغ %10.7 في عام 2012. وجاء هذا التراجع نتيجة للنمو القوي في صادرات النفط والغاز والتي يذهب معظمها إلى دول خارج منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى.
غير أن اتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى تتمتع بالقدرة على تحقيق الوحدة الاقتصادية في حال تم تطبيقها بالكامل، وبخاصة فيما يتعلق بتخفيض الرسوم الجمركية وإزالة العوائق أمام حركة التجارة. وكان من المنتظر أن يتم التوقيع على اتفاقية جمركية موحدة خلال القمة العربية التي عقدت في الدوحة في شهر مارس 2013، الأمر الذي كان من شأنه فتح الطريق أمام التنفيذ الكامل لإنشاء منطقة للتجارة الحرة بين الدول العربية بحول عام 2015. وقد أعد مجلس جامعة الدول العربية الاقتصادي والاجتماعي مشروع هذه الاتفاقية ولا تحتاج سوى لموافقة القادة العرب. غير أن قضايا أخرى تتعلق بالوضع في المنطقة استحوذت على اهتمام القمة، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تأجيل التطبيق الكامل لاتفاقية التجارة الحرة.
تستحوذ المملكة العربية السعودية على الجزء الأكبر من التجارة البينية في المنطقة، حيث أن ما يقارب من نصف صادرات السعودية إلى بقية دول المنطقة هي صادرات نفطية، بينما جزء كبير من النصف الثاني مرتبط بالصناعات النفطية مثل البتروكيماويات والمنتجات البلاستيكية والمطاط والمواد الكيماوية. كما تعتبر السعودية مصدر مهم للمنتجات الصناعية والأغذية، حيث بلغ إجمالي صادراتها من المواد الغذائية 3 مليارات دولار والتي ذهب معظمها إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
تأتي الإمارات العربية المتحدة في المركز الثاني من حيث الصادرات إلى دول منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى نظراً لدورها المهم كمركز للتجارة العالمية. وتمثل المنتجات غير النفطية %60 تقريباً من صادراتها إلى بقية دول المنطقة. كما أن الإمارات هي أكبر مستورد للبضائع من بقية دول المنطقة، وبخاصة من سلطنة عمان والسعودية والسودان.
غير أن %38 من صادرات الإمارات تدخل في إطار عمليات إعادة التصدير لمنتجات جاءت في الغالب من دول خارج منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى. ولهذا فإن 8 مليارات دولار على الأقل من التجارة البينية في المنطقة جاءت في الواقع من دول خارج المنطقة وعبرت إلى داخل المنطقة من خلال الإمارات. وبالمثل، فإن معظم عمليات إعادة التصدير في السعودية (والتي تقدر بما يقارب 7 مليارات دولار في عام 2012) في الغالب اتجهت إلى دول منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى. وتؤدي عمليات إعادة التصدير إلى تعقيد جهود تقييم التجارة البينية الفعلية في المنطقة.
تستحوذ الإمارات على اثنين من أهم العلاقات التجارية الثنائية في المنطقة، حيث تبلغ تجارتها مع سلطنة عمان 12 مليار دولار (تمثل %6 تقريباً من إجمالي التجارة البينية في المنطقة) وتبلغ تجارتها مع السعودية 7.2 مليار دولار (تمثل %3 تقريباً من إجمالي التجارة البينية في المنطقة).
خلال عام 2012، كان أهم شركاء تجاريين لدولة قطر هما الإمارات (3.5 مليار دولار) والسعودية (2.2 مليار دولار). كما أن %83 من تجارة قطر مع دول منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى كانت مع دول مجلس التعاون الخليجي. أما بالنسبة للدول العربية خارج مجلس التعاون الخليجي، فقد كان أهم الشركاء التجاريين هم لبنان (597 مليون دولار) ومصر (420 مليون دولار).
ومن المتوقع التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة بين دول منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى في المستقبل القريب. كما أن التوصل إلى اتفاق لتخفيض الرسوم الجمركية من شأنه تعزيز التجارة البينية في المنطقة، والتي تتلقى الدعم بالفعل من التنمية الاقتصادية في المنطقة بشكل عام ومن تطوير البنية التحتية للتجارة في دول المنطقة.