3 مليارات جنيه استثمارات « التول » في مصر و7مليارات مبيعات سنوية
550 شركة تصنع لدي الغير و2000 لمستحضرات التجميل
50 ألف جنيه تكلفة تسجيل الدواء بالوزارة وبيعه للشركات الأخري بمبالغ تصل 1.5 مليون جنيه
تجارة « ملفات الدواء » مشروعة وتمارسها شركات كبري في مصر
قدمنا طلباً لـ« الصناعة » لإنشاء شعبة للأدوية والتجميل بالغرف التجارية والوزارة لم ترد
كشف علي عوف، وكيل النقابة العامة لشركات التصنيع لدي الغير « التول »، ورئيس مجلس إدارة شركة ورلد فارما للأدوية، عن توقف 20 مصنعاً محلياً للدواء خلال الفترة الماضية و عرض 40 أخري للبيع نتيجة عدم مساعدة الحكومة للمصانع المتعثرة وارتفاع تكاليف الإنتاج والعملات الأجنبية.
وأشار عوف إلي إتجاه 20 شركة تصنيع لدي الغير و10 مصانع دوائية إلي الاستثمار في دول الخليج العربي وتقليل استثماراتها في مصر بسبب ما تواجهه من ارتفاع تكاليف الإنتاج وحالة الركود الاقتصادي التي تسيطر علي الواقع المحلي.
وقال إن حجم استثمارات شركات « التول » في مجال الدواء 3 مليارات جنيه، ومبيعاتها السنوية تتجاوز الـ 7 مليارات، بما يعادل نحو 35 إلي 40% من حجم مبيعات الدواء المصرية التي تقدر بنحو 23 مليار جنيه.
وأوضح أن هناك نحو 550 شركة دواء مصرية لا تملك مصانع وتقوم بالتصنيع لدي أخري، بالإضافة إلي 2000 لمستحضرات التجميل، لافتا إلي أن عدد المصانع الدوائية المصرية يصل الي 130 فقط.
وتابع أن هناك 30 مصنعاً كبيراً تغطي إنتاج مستحضراتها بالكامل، وأن 100مصنع لا يملك مستحضرات كافية لتغطية تكاليف إنتاجه ويتجه لتصنيع منتجات شركات «التول» مقابل مبالغ معينة تساعد الطرفين علي الاستمرار في الإنتاج.
وأشار إلي أن حجم الصادرات الكلية لشركات التصنيع لدي الغير 25 مليون دولار بما يعادل 10% من صادرات مصر من الدواء التي تقدر بـ250 مليون دولار.
وقال عوف،إن شركات التصنيع لدي الغير تحارب منذ 2008 وحتي الآن من المصانع الجديدة والشركات الكبري التي ترغب في السيطرة علي السوق الدوائي، مستشهداً بالقرار الصادر من وزارة الصحة عام 2010 الذي يقضي بإتاحة الفرصة لـ28 مصنعاً كبيراً فقط بتسجيل مستحضراته من أجل إحكام سيطرة عدد قليل علي الدواء واحتكاره، وأن ضغط المصانع والشركات المتوسطة ووقوفها ضد قرار وزارة الصحة دفع الوزارة الي التراجع.
وأضاف أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي من تبني الاقتصادات في الدول الكبري وليس الكبيرة الموجودة علي الساحة في الفترة الحالية وتهاجم شركات « التول » وترغب في احتكار الدواء.
وفي ذات السياق استنكر اتهام بعض الشركات الكبري والمصانع الجديدة للشركات المصنعة لدي الغير بالاتجار في الأدوية المسجلة بوزارة الصحة وخلق سوق سوداء، قائلا: إن تجارة الملفات بين الشركات مشروعة ومتعارف عليها في جميع دول العالم وتمارسها شركات كبري داخل مصر.
وأوضح أن المصانع الجديدة تحتاج الي شراء ملفات أدوية مسجلة بوزارة الصحة كي تبدأ الإنتاج بعدد كاف من المستحضرات، وذلك في الوقت التي تحتاج بعض الشركات المصنعة لدي الغير وغيرها لبيع بعض ملفاتها للخروج من تعثرها واستكمال تسجيل باقي الملفات التي ترغب في إنتاجها مما يضطرها للبيع.
وكشف عوف أن تكلفة تسجيل دواء واحد بوزارة الصحة تصل إلي 50 ألف جنيه، رغم أن سعر بيع ملف الدواء المسجل بين الشركات تتراوح بين 300 ألف جنيه ومليون ونصف المليون حسب نوع الدواء وسعره المسجل وحجم بيعه في السوق ومكسبه المتوقع.
وأوضح أن شركات مصرية كبري تبيع ملفات أدويتها المسجلة لغيرها ولا يقتصر الأمر علي الشركات المصنعة لدي الغير، مستشهداً بشراء شركة « جلاكسو » للأدوية ملف دواء من نيظرتها « نوفارتس » المتعددة الجنسية وكذلك شركات عالمية كبري تشتري ملفات أدوية تملكها اليابان.
وفي سياق متصل اتهم عوف المصانع الدوائية الكبري بأنها السبب الرئيسي وراء الأدوية المغشوشة في السوق المصري، موضحاً أن بيع هذه الشركات خطوطها الإنتاجية القديمة لتجار الخردة عند تحديث خطوط إنتاجها أدي إلي استغلال بعض التجار شراء الخطوط القديمة وتصنيع أدوية مغشوشة.
وطالب الإدارة المركزية لشئون الصيادلة بوزارة الصحة، بضرورة إحكام الرقابة علي السوق وتكثيف عمليات التفتيش وإعدام الخطوط الإنتاجية القديمة للشركات التي تحدث خطوطها ،وتحويلها لقطع حديد قبل بيعها لتقليل كمية الدواء المغشوش الذي بلغت نسبته 10% من حجم الدواء بما يعادل 2.4 مليار جنيه.
وعن نقص الدواء في السوق المصري قال عوف إن تسعير أحد الأسباب الرئيسية بالإضافة إلي ارتفاع أسعار الدولار وعدم توفره وانخفاض التصنيف الائتماني لمصر، موضحا أن وزارة الصحة تعد طرفاً في أزمة نقص الدواء من خلال إغلاقها الفوري لبعض خطوط الإنتاج لأسباب غير ذي جدوي، وتأخرها في السماح للمصانع التي التي توقفت لنقل إنتاجها إلي مصانع أخري.
وأضاف أن وزارة الصحة حينما طالبت مصانع قطرات الأنف بتعديل مواصفات الجودة لخطوط إنتاجها أدي الي إغلاقها مما تسبب في أزمة كبري شتاء 2012 و2013.
وتوقع عوف ارتفاع عدد الأدوية الناقصة في السوق المحلي الفترة المقبلة إلي 600 مستحضر نتيجة لتوقف الشركات عن إنتاجها لارتفاع تكلفتها عن سعر بيعها للجمهور، وإصرار وزارة الصحة علي عدم تحريك أسعار الدواء التي تكبد الشركات خسائر.
وأشار إلي أن صناعة الدواء تعاني ثلاث مشاكل رئيسية هي التسجيل والتسعير والنقص ووجميها مرتبطة، فالتسعير السبب الرئيسي لنقص الدواء، وتحريكه ضروري حتي لا نلجأ للدواء المستورد بأضعاف سعره.
وأضاف أن التسعير المتدني للدواء المصري يضر بالتنافس مع نظيره الأجنبي، ويدفع الشركات متعددة الجنسية إلي استغلال ذلك وترويج شائعات بين المرضي بعدم فاعليته وانخفاض جودته، رغم أن الدواء المصري يتساوي في الكفاءة والفاعلية مع الأجنبي.
وإستنكر عوف عدم تحريك أسعار الدواء منذ 30 سنة رغم زيادة تكاليف الإنتاج من غاز وكهرباء وسولار ورواتب، بالإضافة إلي الارتفاع المستمر في أسعار العملة الأجنبية، موضحا أن الفترة الماضية شهدت ارتفاعاً في أسعار الخامات الدوائية المستوردة التي تمثل 98% من مكونات الدواء المصري، بالإضافة إلي زيادة أسعار الخامات التكميلية مثل كرتون تغليف العبوات والبلاستيك.
وأوضح أن اعتماد الدواء علي الخامات المستوردة نابع من ارتفاع تكلفة إنشاء مصانع لإنتاج الخامات الدوائية باستثمارات تقدر بمليارات، كما أن اكتشاف دواء واحد جديد وتسجيل براءة اختراعه يتطلب تجارب ودراسات تصل تكلفتها إلي مليون دولار.
وقال عوف إن علاج أزمة تسعير الدواء يتطلب وضع آلية عادلة تتضمن توفير هامش ربح مناسب للشركات يساعدها علي زيادة استثماراتها وإنتاج مستحضراتها الجديدة مع الالتزام بأن الدواء سلعة استراتيجة لابد من توفيرها بأسعار مناسبة.
وأضاف أن الصناعة الوطنية من الدواء تغطي 85% من احتياجات مصر، وأن الأدوية المستوردة تمثل 15% فقط يصعب تصنيعها وتحتاج لاستثمارات عالية.
وعن قرار تسعير الدواء ورفع هامش ربح الصيدلي، اقترح أن تدفع الشركات 5% من قيمة مبيعاتها سنويا للتأمين الصحي بما يعادل نحو مليار جنيه من حجم مبيعاتها التي تصل إلي 23 مليار سنويا،موضحا أن هذا الاقتراح يضمن وصول دعم الشركات لغير القادرين وليس فقط 55 ألف صيدلي.
وفي السياق متصل قال عوف إن تسجيل الدواء يمثل مشكلة كبري للشركات نتيجة طول فترة التسجيل والتي تصل الي 3 سنوات، لافتا إلي أن كل وزراء الصحة خلال السنوات الماضية أكدوا وضع استراتيجية تضمن تسجيل الدواء في مدة أقصاها 6 شهور ولكن حتي الآن لا يظهر نظام واضح يضمن ذلك.
وكشف عن تقدم النقابة بطلب لوزارة الصناعة والتجارة الخارجية لإنشاء شعبة عامة للأدوية ومستحضرات التجميل والمكملات الغذائية بغرفة القاهرة التجارية، بهدف تنشيط ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتوجيهها للاقتصاد الوطني، إلا أن الوزارة لم ترد علي الطلب حتي الأن رغم إرساله ابريل الماضي، مشيرا إلي أن عدد شركات الدواء ومستحضرات التجميل والمكملات الغذائية المصنعة لدي الغير تصل إلي 2500.
ولفت إلي أن عدم وجود مظلة قوية تمثل شركات «التول» أجبرها في وقت سابق علي الانضمام الي غرفة صناعة الدواء بالمخالفة لقانون إنشاء الغرف الصناعية حتي صدرت فتوي من مجلس الدولة لوزارات الصناعة والتجارة والبترول في 25 ديسمبر 2012 بعدم صحة اشتراك هذه الشركات التي لا تملك مصانع في الغرف الصناعية سواء كانت عضوية عاملة أو منتسبة.
وكشف عوف عن تقدم 100 مستثمر جديد في الفترة الأخيرة بطلبات للحصول علي أراض من هيئة المجتمعات العمرانية لإنشاء مصانع أدوية، مطالبا بضرورة مراجعتها والتنسيق مع لجنة السياسات الدوائية بوزارة الصحة وغرفة صناعة الدواء بما يمثله هذا الأمر من خطر بالغ علي صناعة الدواء .
وأوضح عوف أن هناك 130 مصنع دواء بمصر يعمل منها 40 فقط بكامل طاقته ولا يجد الباقي ما ينتجه، بالإضافة إلي 80 مصنعاً جديداً تحت الإنشاء، مطالبا وزارة الصناعة التنسيق مع غرفة الدواء ووزارة الصحة لتوجيه هذه المصانع لإنتاج مستحضرات معينة يحتاجها المريض المصري.