عشر سنوات وسيشهد العالم إثيوبيا كأسرع دولة أفريقية مضت في مسار التغيير
خصصت الحكومة 10% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً لمشروعات البنية التحتية
في عام 1987 قمت بزيارة أولي إلي شنغهاي وشعرت بينما أمشي في الشوارع أنني أشاهد فيلماً تدور أحداثه في الصين في فترة الثلاثينيات، حيث ينتشر الباعة الجائلون الذين يطهون الطعام علي الأرصفة، ولم يكن هناك الكثير الذي يمكن أن تشتريه من أصناف الطعام أو البضائع الرخيصة.
وفي هذه الزيارة نزلت في فندق متواضع جري بناؤه في العشرينيات من القرن الماضي من الطوب الأحمر وكان أثاث الحجرات بسيطاً، وقد شاهدت في ذلك الوقت الخطة المستقبلية التي وضعت لشنغهاي وأعتقد أن خيال من وضعها واسع كثيراً، لكنه مفعم بالأمل لكن عقلي لم يتصور ما هو واقع الآن.
وبعد سبع سنوات عدت في زيارة ثانية إلي شنغهاي لأجدها مدينة مختلفة لم أراها في أي مكان آخر فحتي التكنولوجيا الحديثة لا يمكنها أن تحدث هذا التغيير في سنوات معدودة، لكن الخطة التي شاهدتها في الزيارة الأولي أصبحت جزءاً من الحقيقة علي الأرض.
وعندما شاهدت أديس أبابا عاصمة إثيوبيا تذكرت ما كانت عليه شنغهاي في القرن الماضي فإذا خرج أي شخص إلي التلال حول المدينة ونظر إلي قلب العاصمة وما يجري فيها فسوف يعلم أن هذه البلد سيكون مختلفاً خلال أقل من عشر سنوات مثل مدن أفريقية أخري كثيرة.
وترتفع أديس أبابا ثمانية آلاف قدم فوق مستوي سطح البحر وهي ثالث أعلي عاصمة في العالم لكن في أوقات ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة يصعب أن تري المدينة من فوق التلال مثل ميكسوسيتي عاصمة المكسيك ومدينة لوس أنجلوس الأمريكية في بعض أيام الصيف شديدة القيظ.
هناك أوجه شبه كثيرة بين الصين في عام 1987 وبين دولة إثيوبيا في 2013 علي الرغم أنه من الصعب علي الأمريكيين عقد هذه المقارنة، فمستوي المعيشة للمواطنين يرتفع وهناك انفتاح بطيئ وحذر في المناقشات العلنية بين الناس «خوفاً من بطش الشرطة».
وبالمعايير الأمريكية فإن المتحكم السياسي يعتمد علي القبضة الحديدية للسلطة وهي مسألة مفهومة في إطار ما مرت به البلاد خلال الماضي القريب.
وقد عاشت الصين اضطرابات الثورة الشيوعية في الثمانينيات وكذلك إثيوبيا عانت فترة قمع رهيبة في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وتراجعتا الدولتان بشدة قبل أن تبدأ في العودة إلي التحرك للأمام.
لا يمكن لأحد أن يرسم توقعاته دون أن تكون لديه خبرات مماثلة لهذا النوع من التجارب التي عاشتها الشعوب، ويستطيع الأمريكيون النظر إلي الحرب الأهلية وتأثيرها علي الأمة الأمريكية ومتابعة كيف استمر تأثير ذكريات المصابين الذين نجوا من الموت علي الولايات المتحدة والذي استمر لأكثر من 150 عاماً.
عشر سنوات وسيشهد العالم إثيوبيا كأسرع دولة أفريقية مضت في مسار التغيير وقد بدأت الاستثمار في بناء أكبر شبكة كهرباء قومية في القارة السمراء علي الإطلاق.
وتمثل هذه الشبكة العملاقة فرصة للشركات الأمريكية الكبيرة والصغيرة علي حد سواء العاملة في هذا المجال، وقد بدأت الصين بالفعل وكذلك اليابان بوتيرة أقل بناء البنية التحتية للطرق والسكك الحديدية.
وتستثمر حكومة إثيوبيا 5 مليارات دولار حالياً في تشييد مشروع خط سكة حديد يربط بين العاصمة أديس أبابا وجيبوتي من أجل أن تحصل علي خدمات ميناء جيبوتي علي البحر الأحمر، حيث تعاني إثيوبيا من كونها دولة قارية لا تطل علي أي سواحل بحرية.
وقد خصصت الحكومة 10% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً للاستثمار في مشروعات البنية التحتية وهي النسبة الأعلي في القارة السمراء، ومن بينها تم تخصيص 1.2 مليار دولار لإنشاء خط ربط كهرباء مع كينيا مازال تحت التأسيس.
ويمثل التعداد السكاني البالغ 90 مليون نسمة تحدياً للحكومة خصوصاً في دولة تتمتع بواحدة من أعلي معدلات الخصوبة والإنجاب في العالم، وهو ما يعني انخفاض متوسط عمر السكان الذي يغلب عليه الشباب الذي يطمح في الحصول علي فرصة عمل وسكن، كل ذلك لم يكن يختلف عما كانت تعانيه شنغهاي والمناطق المحيطة بها في الثمانينيات من القرن الماضي.
بقلم: ستيفن هاييس
المصدر ـ يو إس نيوز