تنفيذ قرار تحريك الأسعار ضروري.. والظروف الحالية تقف ضد مصلحة سوق الأدوية
لا بديل عن مراجعة التكلفة.. ولا مانع من صرف العلاج علي بطاقة التموين لغير القادرين
350 دواءً ناقصاً مرشحة للزيادة لـ2000 بعد ارتفاع الدولار
شركات عالمية عطلت شحن الأدوية للسوق المحلي بسبب تأخر تحويل المستحقات
تهاوي الجنيه زاد تكلفة الأدوية المحلية 30% والمستوردة 100%
أداء المعارضة مشتت .. وعلي « مرسي » لم شمل الوطن
ندرس التوسع بـ « صيدليات العزبي » في بلدان عربية وأفريقية
زيادة الصيدليات الصغيرة مؤشر سلبي.. والدمج يزيد القدرة التنافسية
قال د. أحمد العزبي، رئيس مجلس إدارة شركة مالتي فارما للأدوية ، ومجموعة صيدليات العزبي ، إن صناعة الدواء تعاني خللاً كبيراً وتحتاج إلي عادة تنظيم وأن ما تواجهه شركات القطاع من مشكلات تعرقل نموها واستقرارها، وأن المشكلة الرئيسية للقطاع تكمن في ثبات أسعار الدواء وأنه من الضروري التحريك الفوري لأسعاره حتي يمكن استمراره.
وكشف العزبي في حواره لـ«البورصة»، أن قرار تحريك أسعار الدواء غلبت عليه الصبغة السياسية الأمر الذي يجعل من تنفيذه في الوقت الحالي أمراً صعباً وأنه لا يوجد مسئول قادر علي اتخاذ مثل هذا القرار رغم الخسائر التي تتكبدها الشركات نتيجة استمرار بيع المستحضرات الدوائية بأسعار منخفضة.
وأوضح أن الفكر الاقتصادي لا يمكن أن يتأثر باعتبارات سياسية أو اجتماعية كما يحدث الآن، وأن صناعة الدواء كغيرها تهدف إلي الربح ويجب أن تخرج من عباءة السياسة والمجتمع.
وقال العزبي إنه أكد في اجتماع مع وزير الاستثمار مؤخراً إن السياسة الحالية التي تنتهجها الدولة بشأن الدواء تدمر الصناعة وأن الإصرار علي نظام التسعير الحالي للدواء سيدمر القطاع كما حدث للغزل والنسيج.
وأضاف أن الدولة يمكنها الحفاظ علي السعر المناسب للدواء من خلال دعم غير القادرين وصرفه عبر البطاقات التموينية، فيما تركت تحديد الأسعار لقوي العرض والطلب في السوق التي تتعامل مع عناصر التكلفة الحقيقية لتفادي تعرض الشركات للمزيد من الخسائر.
واقترح العزبي إنشاء صندوق خاص بوزارة الصحة لدعم غير القادرين، وذلك من خلال زيادة رسوم تسجيل الدواء الجديد بنسبة معينة أو خصم نسبة من أرباح الشركات وأنه لا يمكن الاستمرار في تحميل الشركات وحدها عبء إنتاج دواء مدعم.
وكشف عن تعثر مفاوضات وزارة الصحة مع شركات الدواء ونقابة الصيادلة بخصوص تسعير الأدوية، نتيجة إصرار الوزارة علي ربط السعر بالأبعاد السياسية وأن مشكلة قطاع الدواء لن تحل إلا بتطبيق معادلة تحقيق التوازن بين سعر الدواء وتكلفة إنتاجه.
وأشار إلي أن قرار التسعير «499» له مميزات للصيدليات حيث يرفع أرباحها 1% سنويا ولمدة 5 سنوات، مشيراً إلي أن هذا شيء واجب، مضيفاً أن إيجابياته للمصنع والمنتج تتمثل في تحديد سعر الدواء الجديد بناء علي سعر المنتج العالمي بحيث يباع بنسبة 65% من سعر الدواء العالمي.
وقال رئيس شركة «مالتي فارما» للأدوية إن القرار ينطوي أيضا علي العديد من العيوب التي تحتاج إلي «إخلاص نية» أبرزها تحديد الجهة التي تتحمل زيادة ربح الصيدلي علي المنتجات المتداولة فعليا في السوق وليس الجديدة وأن اعتراض الشركات علي تنفيذ القرار جاء لرفضها تحمل هذه الزيادة علي حساب الصناعة.
وأضاف أن السوق يعاني الآن من نقص 350 صنف دواء أساسياً من السوق المصري لمختلف التخصصات وفقا لإحصائية قام بها الشهر الماضي، متوقعا ارتفاع النواقص لأكثر من 2000 صنف حال استمرار زيادة التكلفة الإنتاجية علي الشركات وثبات سعر بيع المنتج النهائي.
وأوضح أن تحريك أسعار أدوية الشركات التابعة للشركة القابضة «ضروري جدا» حرصا علي استمرارها في السوق وأن خسائرها العام الماضي بلغت 128 مليون جنيه، لكن يجب أن تكون الزيادة بشكل متدرج تحقق خسائر للشركات أو أرباحاً ضئيلة وذلك وفق آلية تضمن رفعها علي 4 مرات خلال عام أو 1% كل شهر علي مدار سنة.
ولفت العزبي إلي أن هناك خللاً واضحاً في منظومة تسجيل الدواء نتج عنه ما سمي بتجارة الملفات و«البوكسات» وأن حل هذه الأزمة يتطلب وجود نظام واضح ومحدد كالأنظمة العالمية يحترمه الجميع ولا يتخطاه أحد.
وأشار إلي تجارة ملفات الأدوية – تسجيل إحدي الشركات لملف دواء معين بوزارة الصحة وبيعها لمصنع جديد أو شركة أخري بأسعار مرتفعة عن تكاليف التسجيل – غالباً ما تقوم بها شركات التصنيع لدي الغير « التول » للمصانع الجديدة التي تبحث عن مستحضرات لإنتاجها.
وتابع ان هناك شركات كبيرة تتاجر بملفات الدواء التي لا ترغب في تسويقه محلياً وأن هناك اختلافاً بين الشركات الكبيرة التي تبيع ما يزيد علي حاجاتها من ملفات دواء مسجل وشركات التصنيع لدي الغير التي تتاجر في بيع الملفات.
واستنكر رئيس مجموعة صيدليات « العزبي » ما تردد حول طلب عدد كبير من المستثمرين المصريين الحصول علي أراض من هيئة المجتمعات العمرانية لبناء مصانع دواء، مشيراً إلي أن القطاع الدوائي جاذب جداً ونموه عال، ولكنه يعاني مشكلات كبيرة في الوقت الحالي وإقبال المستثمرين علي المجال يؤكد عدم ادراكهم بالتفاصيل الكاملة للمجال.
وأعرب عن استيائه الشديد من عدم تدبير البنوك العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد الخامات الدوائية والمستحضرات المستوردة، مشيراً إلي أن العديد من الشركات الأجنبية توقف عن شحن الكميات المطلوبة من الأدوية والمستحضرات إذا تأخر البنك في تحويل المستحقات.
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من التوقف في إرسال الخامات والأدوية المستوردة في ظل عدم تدبير البنوك العملة الأجنبية وتحويلها لمستحقيها، موضحاً أن عدداً من الشركات المنتجة للدواء لجأ إلي تقليل إنتاجه بسبب عدم توافر الدولار وارتفاعه المستمر.
وأشار العزبي إلي أن الارتفاع الشديد في سعر الدولار من 6 جنيهات و7 جنيهات أدي إلي رفع التكلفة الإنتاجية الكلية للمصانع بنحو 30% نتيجة ارتفاع أسعار الخامات وثبات أسعار البيع، كما تسبب في رفع تكلفة استيراد الأدوية بنسبة 100%.
وعن اتجاه السعودية وبعض البلاد الخليجية لإعادة تسعير الدواء المصري المصدر لها وفقاً لسعره الحالي في بلد المنشأ، قال العزبي إن تسعير الدواء المصري المصدر للمملكة كان يحكمه اتفاق ودي بين وزيري الصحة في كلا البلدين، يتم بموجبه اعفاء الدواء المصري من سعر بلد المنشأ، لافتاً إلي ضرورة تسعير الدواء المصري رسمياً بأسعار متقاربة من دول المنطقة مع التزام الدولة بدعمه بطريقة غير مباشرة لغير القادرين.
وأضاف أن المصانع المحلية غير المرخصة والدواء المهرب من الصين والهند هي المصدر الرئيسي للدواء المغشوش الذي يمثل نسبة 10% من حجم الدواء المصري بما يعادل 2.4 مليار جنيه، حسب تصريحات مسئولي غرفة الدواء، وأن هذا الأمر خطر للغاية وأنه علي الدولة ضرورة تشديد الرقابة للتصدي لأخطاره البالغة.
وأكد العزبي، صاحب سلسلة صيدليات « العزبي » أن الصيدليات المصرية تعاني مشكلات عديدة تتمثل في زيادة تكاليف التشغيل من زيادة رواتب العمالة والكهرباء والإيجارات، لذلك لابد من العمل علي رفع هامش الربح للصيدلي بقيمة 5% كما نص قرار التسعير حتي يتمكن الصيدلي من مواجهة أعبائه المعيشية.
وانتقد زيادة عدد الصيدليات الصغيرة في مصر، حيث تذهب الإحصائيات إلي أنه يوجد صيدلية لكل 1200 مواطن مصري في مقابل توافر صيدلية واحدة لكل 8000 مواطن في جميع أنحاء العالم، مشدداً علي ضرورة الدمج بين الصيدليات الصغيرة وتكوين شراكات بين كل 5 صيدليات وخلق كيانات متوسطة تستطيع منافسة الصيدليات الكبري.
وأوضح أن كثرة عدد الصيدليات في كيانات صغيرة يضيع علي أصحابها استثمارات كبيرة ويؤثر علي ربحيتها ويحد من قدرتها التنافسية، وأنه يفكر في فتح فروع صيدليات جديدة خارج مصر وتحديداً في دول عربية وأفريقية.
وقال العزبي إن قرار عدم ترشحه لعضوية مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء التي سبق وتولي منصب نائب الرئيس في مجلس إدارتها خلال الدورة الانتخابية الجديدة، جاء نتيجة توليه المنصب لدورتين متتاليتين ورغبته في إفساح المجال لترشح شريكه في مصنع مالتي أيبكس الدكتور مجدي علبة، والذي توقع منافسته بقوة خلال الانتخابات المقبلة، علي رئاسة الغرفة في دورتها الجديدة.
وانتقد ترشح 6 شخصيات من الشركات التابعة للقابضة للأدوية، لعضوية مجلس إدارة غرفة الدواء، واصفاً هذا الترشح بـ« غير الموفق » وأنه لحسابات انتخابية تستهدف تفتيت الأصوات، وتهدد بعدم نجاحهم، خاصة أن الشركات متعددة الجنسية غالباً ما ستتفق علي دعم مجموعة معينة من المرشحين لعضوية مجلس الإدارة لتدير الغرقة في المرحلة المقبلة.
ونفي العزبي كل الشائعات التي ترددت مؤخراً عن انتمائه إلي جماعة الإخوان المسلمين، مؤكداً أن انتمائه لكل المصريين بمختلف انتماءاتهم، وأن اشتراكه في جمعية « ابدأ » وارتباطه برجل الأعمال الإخواني حسن مالك أعطي انطباعاً للناس بانتمائه لجماعة الإخوان، قائلاً: إنه لا ينتمي لأي حزب أو جماعة.
وفي السياق ذاته، قال رئيس « مالتي فارما » إن مصر تحتاج في الوقت الحالي إلي جبهة معارضة واحدة وجبهة حكم واحدة وقبول الطرفين لتبادل المواقع حسب رغبة الشارع، مستنكراً تشتت المعارضة علي 50 حزباً وعدم توحدها.
وطالب العزبي الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية بضرورة التحرك الفوري باتخاذ عدد من القرارات ما تكفل لم شمل الجميع بصفته رئيس الدولة، لافتاً إلي عدم أهمية إجراء تعديل أو تغيير الوزارة الحالية قدر أهمية علاج التقسيم والتشتت المجتمعي، وأن تضافر الجهود من الجميع هو المنقذ الوحيد للخروج من الوضع الحالي.
وأوضح أن الدكتور محمد البرادعي كان الأنسب لتولي رئاسة الوزراء في التعديل الوزاري الأخير، منتقداً عدم اتخاذ القرار بتكليفه بهذه المهمة باعتباره الأنسب للمرحلة داخلياً وخارجياً.