خبراء: الـ 12 مليار دولار بمثابة جهاز أكسجين لدعم التنفس الاقتصادي مؤقتاً
من جديد حصل الاقتصاد المصري علي دفعة قيمتها 12 مليار دولار في أقل من 72 ساعة أبعدته مؤقتا عن شفير الهاوية، لكنها قد لا تكون كافية وحدها لتجاوز محنته الممتدة منذ عامين ونصف.
وحصل الاقتصاد علي دفعة مماثلة تقريباً علي مدار العام الماضي لم تكن كافية لإخراجه من عنق الزجاجة.
وبعد اختياره مجدداً لوزارة التخطيط والتعاون الدولي قال أشرف العربي ان مصر ليست في حاجة إلي قرض صندوق النقد الدولي في الوقت الحالي، لكن هذا التصريح يبدو سابقا لأوانه إلا إذا كان المقصود منه صعوبة التوصل لاتفاق مع الصندوق لأسباب سياسية داخلية.
ولدي مصر التزامات مباشرة بالعملات الأجنبية بقيمة 10 مليارات دولار علي مدار العام المالي الحالي، تتمثل في أقساط دول نادي باريس واستحقاقات لآجال أذون دولارية.
كما أنها بحاجة لموارد لاستيراد قمح وبترول خام ومشتقاته بقيمة 15 مليار دولار تقريبا «بلغت 14.3 مليار دولار» في العام المالي 2011- 2012، الأمر الذي يجعلها في حاجة إلي 25 مليار دولار خلال العام الحالي للمحافظة علي احتياطي النقد الأجنبي عند مستواه في يونيو الماضي.
كما تبلغ احتياجات الحكومة لاستيراد الذرة والزيوت وهي ما تدخل ضمن نطاق السلع المدعومة 3.2 مليار دولار ما يرفع الاحتياجات الفعلية الي 28 مليار دولار.
قال سعيد زكي، عضو منتدب سابق للبنك المصري الخليجي ان المساعدات التي حصلت عليها مصر خلال الأسبوعين الماضيين مجرد مسكن مؤقت يساهم في دعم الاقتصاد علي مقاومة الهزات الراهنة.
أضاف زكي انه علي الرغم من ارتفاع قيمة المساعدات التي حصلت عليها مصر الا أنها لم تغير كثيرا من نظرة وكالات التصنيف الائتماني العالمية لمصر ومؤسساتها، نظرا لاستمرار حالة الانقسام السياسي في الشارع وضبابية الرؤية لإدارة الدولة وسياساتها وهي نفس الأسباب التي كانت تدفع وكالات التصنيف إلي تخفيض تقييم مصر ومؤسسساتها المالية خلال الثلاثة أعوام الماضية.
كانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد خفضت تصنيف مصر بعد ازاحة الرئيس محمد من مرسي من منصبه علي يد الجيش بالرغم من حالة التفاؤل التي سادت الأسواق.
أكد زكي ضرورة استكمال اجراءات الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي كونه شهادة ثقة للحصول علي تمويلات دولية جديدة تتعدي 14 مليار دولار وتحسين النظرة الاقتصادية الخارجية للسوق المحلي.
وتستورد مصر جزءا كبيرا من المواد الغذائية المهمة مثل زيوت الطعام والذرة بخلاف القمح.
وبالرغم من ذلك هناك عوامل تدعو لبعض التفاؤل فيما يتعلق بالقدرة علي تلبية تلك الالتزامات في مواعيد استحقاقها.
والعشرة مليارات دولار منها 8.5 مليار دولار تخص أذون خزانة بالدولار واليورو لبنوك محلية ولا يمكن اعتبارها التزامات خارجية، ولن تكون هناك مشكلة في مد آجالها سنة اضافية اعتمادا علي اعادة الاصدار بنفس القيمة مجدداً.
والـ 1.5 مليار دولار المتبقية تخص أقساط دول نادي باريس وتدفع علي مرتين احداهما في ديسمبر والأخري في يونيو وأظهرت مصر حرصا علي الالتزام بسداد هذه الأقساط في مواعيدها، لكنها كانت تؤثر علي حجم احتياطي النقد الأجنبي في العامين الأخيرين.
قالت هالة السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ان المساعدات الخارحية مسكنات مؤقتة للاقتصاد المصري لمدة قصيرة الأجل موضحة ان الاقتصاد المصري وصل لمرحلة قبل الانهيار وفترة طويلة من سوء الإدارة مع تزايد اعباء الديون الخارجية والداخلية.
واشارت السعيد إلي ان مصر حاليا ليست بحاجة إلي قرض صندوق النقد الدولي في الوقت الحالي لأن المساعدات تخطت قيمة القرض البالغة 4.8 مليار دولار موضحة ان القيمة المضافة الوحيدة من قرض الصندوق تتمثل في شهادة الثقة وحزم المساعدات من الاتحاد الاوروبي البالغة 18 مليار دولار مرتبطة باتفاقية الصندوق.
واضافت السعيد ان تلك المساعدات الخارجية من الدول العربية ليس لها تأثير ايجابي علي التصنيف الائتماني راجعة السبب في ذلك إلي ان اساسيات وموارد الاقتصاد لم ترتفع ولكن ارتفاع النقد راجع من المساعدات من الدول فقط علي الرغم من انها لا تمثل عبء والتزاماً علي الحكومة. في حين قال فخري الفقي استاذ اقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومساعد المدير التنفيذي الاسبق بصندوق النقد الدولي ان المساعدات الخارجية من الدول العربية والبالغة 12 مليار دولار لا تشكل ديناً عاماً يجب علي الحكومة سدادها مشيرا إلي انها تتكون من 6 مليارات دولار ودائع يلتزم البنك المركزي بردها بالشروط المتفق عليها وبدون فوائد بالاضافة إلي 6 مليارات دولار منحا لا ترد منها نقدية وعينية في شكل مواد بترولية.
اضاف الفقي ان هذه المساعدات لا تشكل عبئا علي الدولة فهي تمثل منحة 100% لملء الفجوة التمويلية البالغة في العامين التاليين للثورة 24 مليار دولار موضحا ان 12 مليار دولار مساعدات خلال العام القادم تستطيع تقليل تلك الفجوة إلي النصف، مختلفا مع سابقه في ان الحكومة المصرية بهذة المساعدات لا تحتاج إلي قرض صندوق النقد الدولي.
أشار الفقي إلي ان صندوق النقد الدولي ليس بإمكانه ارسال بعثة إلي مصر لمدة لا تقل عن 6 شهور من الآن، نظرا إلي ان الصندوق ينتظر أن يعاد بناء مؤسسات الدولة وارساء الديمقراطية في البلاد وانتخاب وتشكيل مجلس الشعب، مؤكداً ان المساعدات الخارجية باستطاعتها ان ترفع حصيلة البنك المركزي من الاحتياطي النقدي ليصل إلي 27 مليار دولار مع خصم الالتزامات المقدرة علي حد قوله 3.5 مليار دولار المتمثلة في عطاءات البنك المركزي من الدولار واقساط الديون البالغة حوالي 175مليار دولار لكي يبلغ الاحتياطي النقدي الاجمالي 23.5 مليار دولار وهو ما يساوي تغطية 5 شهور واردات مشيرا إلي أنه بمجرد ارتفاع مدة تغطية الواردات من 3 إلي 5 شهور سيتحسن وضع سعر الصرف وتقليل تكلفة الواردات.
وتوقع الفقي استقرار التصنيف الائتماني عند CCC ولكن بنظرة مستقبلية جيدة موضحا احتمالية تحسن التصنيف حال الادارة الجيدة للحكومة الجديدة والعمل علي انخفاض معدلات التضخم ومعدل العجز في الموازنة ورفع عائدات السياحة والاستثمار وانخفاض العنف في الشارع.