بقلم : عمرو حمزاوى – الوطن
هى ذلك العدد من الناخبات والناخبين الذين أعطوا أصواتهم لحمدين صباحى ولعبدالمنعم أبوالفتوح، ولمرشحين آخرين كخالد على والقليل منهم لعمرو موسى، وتجاوز مجموعهم ١٠ ملايين مواطن من بين حوالى ٢٥ مليوناً شاركوا فى الانتخابات الرئاسية (بمعدل مشاركة اقترب من ٥١ بالمائة).
هى كتلة حاملى أحلام الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية من غير المنتمين تنظيمياً أو حزبياً للإخوان المسلمين، والبعيدين عن الراغبين فى إعادة إنتاج نظام الاستبداد القديم تحت يافطة الأمن والاستقرار أو يافطة مقاومة ما يرونه مداً مستمراً للإسلام السياسى. هى كتلة المتعاطفين مع الثورة العظيمة ومن لم ينقلبوا عليها، بالرغم من صعوبة الأشهر الماضية، كتلة الثورة بأطيافها المختلفة المتجاوزة لحواجز الأيديولوجيا والتصنيف الاقتصادى والاجتماعى، وبين صفوفها اللبيرالى واليسارى والإسلامى المستقل وشرائح اجتماعية متنوعة.
الكتلة الثالثة بدأت فى التبلور أمام صناديق الاقتراع فى استفتاء التعديلات الدستورية، فصوت معظمها بلا (٢٢ بالمائة من الأصوات) والبعض منها بنعم اقتناعاً بمسار «الدستور فيما بعد» الذى اتضح إخفاقه الشديد. ثم استمرت الكتلة هذه فى التشكل فى الانتخابات البرلمانية واقتربت من حاجز ٢٠ بالمائة (تحديداً فى انتخابات مجلس الشعب). وبلغت الآن مع الانتخابات الرئاسية نسبة تتراوح بين ٣٠ و٤٠ بالمائة، ولولا تفتيت الأصوات بين صباحى وأبوالفتوح بالأساس لكان مرشحها طرفاً فى جولة الإعادة الرئاسية.
أمام الكتلة الثالثة اختيارات صعبة ومصر تترقب جولة إعادة بين مرشح الإخوان محمد مرسى بقدرات الحشد والتنظيم والمال السياسى الخاصة بالجماعة، ومرشح نظام الاستبداد السابق بتحالفاته ودولته التقليدية (الحزب الوطنى المنحل والأجهزة التنفيذية والإدارية والمحلية) وامتداداته إلى الباحثين عن الأمن والاستقرار والخائفين من سيطرة الإسلاميين.
فإما تذهب، كما طالب البعض كعلاء الأسوانى، باتجاه تحالف مشروط مع مرشح الإخوان وتأييده لمنع إعادة إنتاج النظام القديم، على أن يكون جوهر المشروطية هو بناء توافق وطنى واسع حول الدستور والدولة وهوية مصر يضمن المدنية والديمقراطية والحريات، ويحول دون سيطرة الإخوان بمفردهم على الدولة والسلطتين التشريعية والتنفيذية. المراد هنا هو إعادة عقارب الساعة المصرية إلى أيام الثورة الثمانية عشرة والتوافق الواسع الذى أنجحها. والمعضلة هى كل ما حدث خلال الأشهر الثمانية عشرة الماضية من ممارسات إخوانية دللت على نزوع لاحتكار الحياة السياسية، إن بعدد من رشح فى الانتخابات البرلمانية أو بترشيح من يمثلهم فى الرئاسة بعد وعود بالامتناع، ومجمل ما دار بشأن الجمعية التأسيسية للدستور، وكذلك بالتخلى عن الدفاع المبدئى عن الحرية وحقوق الإنسان، حين كانت المواءمة السياسية مع المجلس العسكرى تقتضى هذا.
والاختيار الثانى، الذى أميل إليه اليوم فى ضوء المعطيات التى أراها، هو أن تستمر الكتلة الثالثة فى التشكل ككتلة بين الإخوان والنظام السابق حتى وإن خسرت بعض منتسبيها من الإسلاميين المستقلين أو السلفيين الذين قد ينحون إلى تأييد الدكتور مرسى فى جميع الأحوال. ويعنى هذا أننا يمكن أن نبتعد عن المشهد الانتخابى فى جولة الإعادة أو نطالب جماعة الإخوان بأمر وحيد وهو أن تسحب مرشحها من جولة الإعادة وتفتح بذلك الطريق لإعادة بين شفيق وصباحى كممثل غير إسلامى للثورة والديمقراطية والمدنية مؤيداً من الكتلة الثالثة ومن الإخوان. فقط استجابة إخوانية لسحب مرسى هى التى تضمن لنا الحيلولة دون سيطرتهم بمفردهم على الدولة والسلطات وتضع أمام الناخب اختيار الثورة لأحلامها الديمقراطية والمدنية فى مواجهة واضحة مع اختيار إعادة إنتاج النظام القديم.